(إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
قال بعض المفسرين ما يلي : أي في ذهاب عن طريق الصواب الذي هو العدل بيننا في المحبة ، وقيل معناه : أنه في خطأ من الرأي في أمور الأولاد والتدبير الدنيوي ، ونحن أقوم بأمور مواشيه وأمواله وسائر أعماله ، ولم يريدوا به الضلال عن الدين لأنهم لو أرادوا ذلك لكانوا كفارا ، وذلك خلاف الإجماع (١)
ويبدو ان الضلال المقصود انما هو الضلال عن الطريق القويم في معاملة أبنائه.
[٩] وإذا كان الأب في ضلال فلا بد أن يعارضوه ويقاطعوه ، ولكنهم كادوا ليوسف ـ أخيهم البريء ـ وتآمروا على أن يقتلوه ، أو ينفوه في ارض بعيدة يموت فيها.
والسبب : ان منطلقهم الفكري كان (العنصرية) التي اوحت إليهم بأنهم ما داموا عصبة فهم أفضل من غيرهم ، وهذا هو منطق القوة الذي يتكلم به كل الطغاة ، وإذا كان اخوة يوسف يقيّمون أنفسهم وفق المقاييس الرسالية لعرفوا بأن صفات يوسف الرسالية أحسن من صفاتهم ، فهو أحقّ بحب والدهم منهم لذلك قالوا :
(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ)
ان اخوة يوسف حاولوا الجمع بين الدين والدنيا ، بين الحق والباطل ، فمن جهة أثارهم حسدهم ونظرتهم العنصرية الى أنفسهم. نحو قتل أخيهم البريء ، ومن جهة
__________________
(١) مجمع البيان الجزء الخامس / ص ٢١٢