وكذلك رواية إسحاق بن عمّار المتقدّمة أنفاً (١) ، وموثّقة أبي بصير تدلّ على صلاة الاحتياط مع الشكّ بين الثلاث والأربع ، وغلبة الظنّ بالثّلاثة (٢) ، وهي مهجورة.
فائدة :
قال الشهيد الثاني رحمهالله : يجب على الشاكّ التروّي ، فإن ترجّح عنده أحد الطرفين عمل عليه ، وإلّا لزمه حكم الشاكّ (٣). وردّه بعض المتأخرين بأنّ الروايات لا تعطي ذلك ، وجعل مراعاة ذلك احتياطاً (٤).
أقول : ولعلّ نظره إلى ما رواه الشيخ في الصّحيح ، عن حمزة بن حمران وهو ممّن قد يروي عنه صفوان بن يحيى عن الصادق عليهالسلام ، قال ما أعادها فقيه قط ، يحتال لها ويدبّرها حتّى لا يعيدها (٥). والجملة الخبرية ظاهرة في الوجوب.
وفقه الحديث : أنّ كلّ ما يقبل الاحتيال والتدبير من واردات الشكّ والوسواس ، فالفقيه لا بدّ أنّ يدفعه من نفسه حتّى لا يعيد الصلاة ، فإنّ الإعادة في أمثال ذلك من متابعة الشيطان ، فمن جملة ذلك كثير من الشكوك الحاصلة في العبادات.
ولذلك يجب على كثير الشكّ الإعراض عنه والبناء على الصحّة ، وعلى أهل الوسواس الإعراض عنه وترك المتابعة ، وهذا المعنى يحصل غالباً في نيّة الصلاة ، ويعيد المصلّي صلاته لأجل التشكيك فيها وفي بطلان الصلاة بخروج الريح ونحو ذلك.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٨٣ ح ٧٣٠ ، الوسائل ٥ : ٣١٧ أبواب الخلل ب ٧ ح ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٨٥ ح ٧٣٥ ، الوسائل ٥ : ٣٢٢ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٧.
(٣) روض الجنان : ٣٤٠ ، المسالك ١ : ٢٩٥.
(٤) المدارك ٤ : ٢٦٤.
(٥) الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩٣ ، التهذيب ٢ : ٣٥١ ح ١٤٥٥ ، الوسائل ٥ : ٣٤٤ أبواب الخلل ب ٢٩ ح ١.