على ما تقدّم (١) في جلد الميتة ، وقد عرفت أنّ قول الصدوق في المقنع (٢) لجوازه شاذّ ضعيف محجوج عليه بعموم المنع نصّاً وفتوى ، لاندراجه في إطلاق معقد إجماع الشيخ في المبسوط (٣) على حرمة بيع الخنزير وإجارته واقتنائه والانتفاع به.
وأمّا شعره فاختلف الأصحاب في جواز استعماله والانتفاع به وعدمه ، إلّا أنّه قد يجعل الخلاف في أقوال ثلاث : الجواز مطلقاً ، والمنع كذلك ، والتفصيل بين ذي الدسم فالمنع وغيره فالجواز ، ولكنّ التتبّع لا يساعد عليه ، بل الظاهر كون الخلاف في الجواز مطلقاً من غير استثناء عزي إلى جماعة منهم العلّامة في المختلف (٤) والمنع إلّا فيما لا دسم فيه إن اضطرّ إليه فاستعمله وغسل يده ، فلا يجوز استعمال ما فيه دسم اختياراً واضطراراً ولا ما لا دسم فيه اختياراً ، وقد جعله في المسالك (٥) مشهوراً ، ووصفه في الرياض بالشهرة العظيمة.
وبالجملة الّذي يظهر من عبارة الشرائع (٦) والنافع (٧) والمسالك (٨) والرياض وغيرها (٩) كون الخلاف في قولين : الجواز مطلقاً ، والجواز فيما لا دسم فيه بشرط الاضطرار والمنع في غيره ، ولذا ذكر في الرياض «أنّ القول بالمنع في صورة الدسم خاصّة والجواز في غيرها مطلقاً ولو اختياراً لم يوجد به قائل أصلاً» (١٠).
ومن مشايخنا من ناقش في تقييد الجواز فيما لا دسم فيه بالاضطرار بعد التعبير عنه بالضرورة ، بأنّه «إن اريد بها ما يسوّغ معها تناول المحرّم فهو مع خلوّ النصوص قطعاً عنها ينبغي عدم الفرق معها بين ذي الدسم وغيره ولا بين شعر الخنزير وغيره ، وإن اريد بها مطلق الحاجة فهي إنّما توافق القول بالجواز مطلقاً ، ضرورة عدم صلاحية ذلك عنواناً للحرمة لعدم انضباطه» (١١).
ويمكن دفعها : بإثبات الواسطة وهو أن يراد بالاضطرار توقّف تماميّة شغل الصانع
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ٥٦.
(٢) المقنع : ١٨.
(٣) المبسوط ٢ : ١٦٦.
(٤) المختلف ٨ : ٣٢٣.
(٥) المسالك ٢ : ٢٤٧.
(٦) الشرائع ٣ : ٢٢٧. (٧) النافع : ٢٥٤.
(٨) المسالك ٢ : ٢٤٧.
(٩) كما في المهذّب ٢ : ٤٤٣ ، القواعد ٢ : ١٥٩ ، الدروس ٣ : ١٥ ، الروضة ٧ : ٣٤٠.
(١٠) الرياض ١٣ : ٤٦٨.
(١١) الجواهر ٣٦ : ٤٠١.