الثاني : هل بيع الغاصب مع علم المشتري بالغصب صحيح ، فللمالك تتبّع العقود والإجازة أم ليس بصحيح؟» (١).
أقول : أمّا التكلّم في المقام الأوّل فله محلّ آخر يأتي في مسألة رجوع المشتري على البائع الفضولي بما اغترم وبثمنه على تقدير ردّ المالك العقد ورجوعه على المشتري بعينه ، فإنّهم تكلّموا في رجوع المشتري العالم بالغصب وعدم رجوعه في هذه المسألة.
وأمّا التكلّم في المقام الثاني فقد مضى عند البحث في معمّمات عقد الفضولي ، وقد ذكرنا ثمّة أنّه لا فرق في صحّة عقد الفضولي مع الإجازة بين ما لو باع الفضولي للمالك أو لنفسه ، كما لو اعتقد المال لنفسه جهلاً أو كان غاصباً ، ونقلنا القول ببطلان بيع الغاصب مطلقاً ، أو مع علم المشتري بالغصب ، ونقلنا أدلّته ودفعناها فلا حاجة إلى الإعادة هنا.
غير أنّه نزيد هنا دفع ما عرفت عن الشهيد من دليل عدم صحّة هذا البيع مع علم المشتري «وهو أنّ ما دفعه المشتري إلى الغاصب من الثمن كالمأذون له في إتلافه فلا يكون ثمناً فلا تؤثّر الإجازة في جعله ثمناً فلا تؤثّر أيضاً في صحّة المبيع لاستحالة المبيع بلا ثمن» (٢) فإنّه على إطلاقه غير جيّد ، لأنّ لبيع الغاصب مع علم المشتري بالغصب صورتين :
إحداهما : أن يبيع الغاصب ويشتري العالم مع علمها بالفساد وعدم ترقّبهما لإجازة المالك وبنائهما على عدم الاعتناء بشأنه ، ومرجعه إلى أنّ الغاصب يجعل البيع الصوري وسيلة للتوصّل إلى الثمن والمشتري يجعله وسيلة للتوصّل إلى العين المغصوبة ، وهذا ممّا لا يستريب أحد في بطلانه ، وحينئذٍ فالمشتري يصير غاصباً والعين مضمونة عليه حتّى يؤدّيها إلى مالكها ، فإذا رجع المالك عليه بالعين فإن كان الثمن في يد الغاصب تالفاً فهو لا يتسلّط على الرجوع عليه بغرامته لأنّه سلّطه على إتلافه مجّاناً ، وإن كان باقياً في يده فلا ريب أنّه باقٍ على ملك المشتري ، وتسليطه الغاصب على إتلافه مع أنّ المفروض عدم إتلافه له لم يخرجه عن ملكه. وتوهّم أنّه يخرجه عن ملك مالكه وإن لم يدخله في ملك الغاصب أيضاً ، يدفعه استحالة الملك بلا مالك ، وقضيّة الملك أن
__________________
(١) مفتاح الكرامة ١٢ : ٦١٤ ـ ٦١٥.
(٢) الحواشي النجّاريّة : ٥٧.