أيضاً كما تقرّر في الباب ، ويلزم من ذلك شمولها لمعاطاة الفضولي أيضاً بناءً على المختار من كونها بيعاً مفيداً للملك ، مضافاً إلى عموم رواية عروة البارقي من جهة ترك الاستفصال ، بل قد يدّعي ظهورها في وقوع المعاملة بالمعاطاة ، وكذلك ترك الاستفصال في صحيحة محمّد بن قيس في بيع الوليدة وسائر ما تقدّم.
لا يقال : إنّ الإقباض الّذي يحصل به التمليك في المعاطاة محرّم لكونه تصرّفاً في مال الغير بدون إذنه كما هو حكم الفضولي في التصرّف في المال قبل الإجازة فلا يترتّب عليه الأثر. لأنّ المعاملة المعاطاتيّة قد لا تحتاج إلى إقباض المال كما لو باع الكلّي في الذمّة أو اشترى شيئاً بما في الذمّة ، مضافاً إلى أنّها قد يقارنها العلم برضى المالك في الإقباض بناءً على أنّها بمقارنة رضاه لا تخرج عن الفضوليّة ، وإلى منع اقتضاء النهي للفساد لتعلّقه بأمر خارج وهو وصف كونه بلا إذن ، وبأنّ المقصود ترتّب الأثر على الإقباض على أن يكون سبباً مستقلّاً وعدم ترتّب ذلك الأثر لا ينافي ترتّبه عليه على أنّه جزء للسبب.
فإن قلت : إنّ المعاطاة منوطة بالتراضي وقصد إنشاء التمليك ، وهما من وظائف المالك ولا يتصوّر صدورهما من غيره ، ولذا ذكر الشهيد الثاني «أنّ المكره والفضولي قاصدان للّفظ دون المدلول ، وأنّ قصد المدلول لا يتحقّق من غير المالك» (١).
قلت أوّلاً : أنّه منقوض بالبيع بالصيغة ، فإنّ التراضي والقصد معتبران فيه أيضاً ، وهما من وظائف المالك على ما ذكرت.
وثانياً : أنّ القصد يتأتّى من غير المالك أيضاً بالضرورة ، وعليه مبنيّ صحّة الفضولي بعد الإجازة فإنّها إمضاء له ، والمعاطاة عقد فعلي ، وكما أنّ البائع بالصيغة يقصد بقوله إنشاء التمليك فكذلك في المعاطاة يقصد بفعله (٢) إنشاء التمليك. وأمّا التراضي فالمفروض حصوله مقارناً من الأصيل ، وأمّا من طرف غيره ، فإن اريد بكونه من وظائف المالك أنّ رضا الفضولي غير معتبر هنا بل المعتبر هو رضا المالك ، فهو حقّ لا سترة عليه ، ولكن مبنى تصحيح المعاطاة الفضوليّة ليس على الاكتفاء برضا الفضولي
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٥٦.
(٢) في الأصل : بقوله.