الأوّل : أنّه كما أنّ الجواز في العقود اللازمة خلاف الأصل فيها فلا يلتزم به إلّا حيث ساعد عليه دليل ، فكذلك اللزوم في العقود الجائزة خلاف الأصل فيها فلا يلتزم به إلّا حيث ساعد عليه دليل ، والسقوط بالامور المذكورة الّذي مرجعه إلى اللزوم ممّا لا دليل عليه. ويضعّفه أنّ الدليل أعمّ من الخاصّ والعامّ وقاعدة أنّ الحقوق يسقط بالإسقاط وتقبل الصلح وتسقط بالشرط في ضمن العقد اللازم دليل عامّ.
الثاني : أنّ الحقوق على حسب اختلاف مفاد الأدلّة المثبتة لها على قسمين : أحدهما : حقّ يثبت بدليله على طريقة القضيّة المطلقة الغير المقيّدة بالدوام ، وثانيهما : حقّ يثبت بدليله على طريقة المشروطة العامّة ، وجواز الرجوع في المعاطاة من هذا القبيل لأنّ الدليل المثبت له إنّما أثبته ما دامت العين باقية ، فثبوته وسقوطه يدور على بقاء الوصف العنواني وزواله ، والمراد بالوصف العنواني هنا بقاء العين.
الثالث : منع كون كلّ سلطنة حقّاً فإنّ الحقّ وإن كان نوعاً من السلطنة ـ كحقّ الخيار وحقّ الشفعة وحقّ الرجوع في الطلاق ـ وليس كلّ سلطنة حقّاً كسلطنة الملّاك على أموالهم وأملاكهم ، وهذا من قبيل الحكم بناءً على أنّه أعمّ من التكليفي والوضعي ولذا لا يسقط السلطنة المذكورة بإسقاط ولا صلح ولا شرط في ضمن عقد ، كما أنّ ولاية أولياء الصغير لا تسقط بشيء من ذلك ، وجواز الرجوع في المعاطاة وفي الهبة أيضاً من قبيل هذه السلطنة فهو سلطنة ليس بحقّ ليسقط بالامور المذكورة. والمائز أنّ كلّ سلطنة تكون من توابع المال فهي ليست من قبيل الحقّ ، وكلّ سلطنة تكون من خصائص الشخص فهو حقّ ، وهذا أوجه. وبالتأمّل في ذلك يظهر أنّه لا ينتقل بالموت إلى الورثة فإنّ الانتقال بالإرث من خصائص ملك الأعيان أو المنافع أو الحقوق ، وجواز الرجوع ليس ملكاً ولا حقّاً بل حكم أثبته الدليل على خلاف الأصل في العقود للمالك الأصلي ، وانتقاله إلى غيره يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه فالأصل عدمه. وتوهّم : بقاء الجواز بحكم الاستصحاب ، يبطله أنّ الاستصحاب مع عدم بقاء موضوع المستصحب ممّا لا معنى له.
لا يقال : إنّ الموضوع على ما ذكرت سابقاً من أنّ جواز الرجوع من لواحق الملك لا من عوارض العقد باقٍ ، لأنّ الكلام على تقدير بقاء المالين إلى ما بعد الموت لأنّ