المبسوط و «على هذه الرواية يكون جميع ما فتحت بعد النبيّ إلّا ما فتحت في زمان الوصيّ من مال الإمام عليهالسلام وعلى هذا فلو شكّ في أرض فتحت عنوة في كون فتحها بإذن الإمام وعدمه فالأصل يقتضي العدم مضافاً إلى أصالة عدم تملّك المسلمين إيّاها.
الشرط الثالث : كون المفتوحة عنوة بإذن الإمام عامرة أي محياة في وقت الفتح ليدخل في ملك المسلمين بعد إخراج خمسه لكونها حينئذٍ من الغنائم ، فإنّها إن كانت غامرة أي مواتاً حال الفتح كانت للإمام لكونها من الأنفال على المشهور المصرّح به في كلامهم من غير خلاف يظهر ، وقيل بل المتّفق عليه المصرّح به كما عن الكفاية (١) ومحكيّ التذكرة (٢) ، وعلى هذا فلو شكّ في حياتها حال الفتح كان أصالة عدم ملك المسلمين مقتضياً للعدم ، مضافاً إلى أصالة تأخّر الحادث فإنّ الحياة أمر حادث يشكّ في بدو زمان حدوثها هل هو قبل الفتح أو بعده.
فقد ظهر بجميع ما قرّرناه في ذكر الشروط الثلاث أنّ الاشتباه في كون الأرض خراجيّة ليترتّب عليها الأحكام المتقدّمة قد يحصل للشكّ في كونها فتحت عنوة أو صلحاً ، وقد يحصل بعد ثبوت الفتح عنوة للشكّ في كون فتحها بإذن الإمام أو لا ، وقد يحصل بعد ثبوت الأمرين للشكّ في كونها حال الفتح معمورة أو خربة ، وقد عرفت أنّ الأصل في جميع هذه المراتب يقتضي العدم والبناء على عدم كونها خراجيّة ، ولا يخرج عن الأصل فيها إلّا بما يوجب علماً عقليّاً أو شرعيّاً ، ومن العلم الشرعي جملة من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة في بعض مصاديق هذا العنوان الّتي منها مكّة المعظّمة ، ففي خبر صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر قال عليهالسلام : «إنّ أهل الطائف أسلموا وجعلوا عليهم العشر ونصف العشر ، وأنّ مكّة دخلها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عنوة ، وكانوا اسراء في يده فأعتقهم ، وقال : اذهبوا فأنتم طلقاء» (٣).
والرواية وإن ضعف سندها بجهالة بعض رجاله ، غير أنّ الظاهر عدم الإشكال لأحد في هذا الموضوع ، ولذا ذكر في مفتاح الكرامة «أنّ كون مكّة مفتوحة عنوة هو الظاهر من المذهب كما قاله الشيخ في المبسوط (٤) وجماعة (٥) وفي
__________________
(١) الكفاية : ٢٣٩.
(٢) التذكرة ٢ : ٤٠٢.
(٣) البحار ١٩ : ١٨٠ / ٢٩.
(٤) المبسوط ٢ : ٣٣.
(٥) كما في التذكرة ٩ : ١٨٨ ، المسالك ٣ : ٥٤.