حراماً كان الظاهر أن يكون الاشتراء منه حراماً أيضاً لكونه إعانة على الفعل المحرّم ، وحيث ثبت أنّ التصرّف بنحو البيع والشراء جائز ظهر أنّ أصل التصرّف فيه ليس بحرام. وإذا قيل : إنّ بعض أنحاء التصرّفات كالإعطاء من غير عوض لمستحقّ له حرام كان محتاجاً إلى دليل لأنّ الأصل خلافه ، وإذا كان ذلك حراماً فإمّا أن يكون الواجب ضبطه وحفظه في الخزائن وهو بعيد جدّاً ، وإمّا أن يكون الواجب الردّ إلى من اخذ منه ، وذلك يقتضي تحريم بيعه والاشتراء لأنّ الواجب ردّ العين مع التمكّن لا القيمة مع أنّ الظاهر عدم القائل بالفرق بين الاشتراء وغيره» (١) انتهى.
وربّما استظهر ذلك من عبارة المسالك في باب الأرضين قائلاً : «وذكر الأصحاب بأنّه لا يجوز لأحد جحدها ولا منعها ولا التصرّف فيها بغير إذنه ، بل ادّعى بعضهم الاتّفاق عليه» (٢).
وقد يتوهّم أيضاً من عبارة المحقّق الكركي عن رسالته قائلاً : «ما زلنا نسمع من كثير ممّن عاصرناهم لا سيّما شيخنا الأعظم الشيخ عليّ بن هلال رحمهالله أنّه لا يجوز لمن عليه الخراج سرقته ولا جحوده ولا منعه ولا شيء منه لأنّ ذلك حقّ واجب عليه» (٣).
وتوهّم أيضاً من عبارة الدروس «ولا فرق بين قبض الجائر إيّاها أو وكيله وعدم القبض ، فلو أحاله بها وقبل الثلاثة أو وكّله في قبضها أو باعها وهي في يد البائع أو في ذمّته جاز التناول ويحرم على المالك المنع ... إلى أن قال : ولا يحلّ تناولها بغير ذلك» (٤).
وفيه : أنّ كلام المسالك مفروض في صورة استيلاء الجائر على تلك الأراضي وعدم تمكّن السلطان العادل من التصرّف فيها وأخذ ما على مستعمليها من الخراج والمقاسمة ، فإنّ هذه الأراضي ملك للمسلمين فلا بدّ لها من اجرة على مستعمليها تصرف في مصالحهم ، ولا تسقط من مستعمليها في أزمنة الغيبة ولا غيرها من أزمنة استيلاء الجائر عليها ، فلا يحلّ لأحد الاستقلال بالتصرّف فيها من دون إذن العادل أو الجائر ، ولا تناولها من دون إذن أحدهما بل يجب على مريد التناول الاستئذان فيه إمّا
__________________
(١) الكفاية : ٧٨.
(٢) المسالك ٣ : ٥٥ ـ ٥٦.
(٣) رسائل المحقّق الكركي ١ : ٢٨٥.
(٤) الدروس ٣ : ١٧٠.