سعد عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن أبي أيّوب عن عمّار بن مروان قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : كلّ شيء غُلّ من الإمام فهو سحت ، والسحت أنواع كثيرة ، منها : ما اصيب من أعمال الولاة الظلمة ، ومنها : اجور القضاة ، واجور الفواجر ، وثمن الخمر والنبيذ المسكر ، والربى بعد البيّنة ، فأمّا الرشاء ـ يا عمّار ـ في الأحكام فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله» (١).
وقد يستدلّ عليه بالكتاب ، وكأنّ النظر فيه إلى قوله تعالى : «وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (٢) بناءً على بعض التفاسير في «وَتُدْلُوا» عطفاً على المنهيّ ، والإدلاء هو الإلقاء وإعطاء الأموال إلى الحكّام رشوةً لأجل أحكامهم المتوسّل بها إلى أكل طائفة من أموال الناس مأخوذة بسبب هذه الأحكام بغير حقّ.
قيل : الآية تدلّ على النهي عن شيئين :
أحدهما : عن أكل الأموال بسبب باطل غير مشروع ، كالقمار والسرقة والخيانة والغصب والعقود الفاسدة.
والآخر : عن إدلاء الأموال إلى الحكّام أي لا تعطوا الحكّام أموالكم ليحكموا لكم ، وهذا مستعار من قول العرب : «وأدلى دلوه أي أرسله» وهو إرسال الرشوة إلى الحكّام للتوصّل إلى حكمهم ، كمن أرسل دلوه إلى البئر للتوصّل إلى الماء.
وأمّا الموضوع : فنقول : قد ظهر ممّا سبق في أخذ الاجرة على الواجبات أنّ عنوان الاجرة على القضاء هو الاجرة على الواجب ، وتحريم أخذها عليه إنّما هو من حيث وجوبه على القاضي ، فإن اريد به خصوص الحكم الإنشائي إذا تعيّن لأحد المتخاصمين بعد إعمال موازين القضاء فهو حقّ فيكون واجباً ، وقضيّة ذلك كون الحكم للآخر باطلاً فيكون محرّماً. فالقاضي إن أخذ مالاً على الحقّ وهو الحكم لمن له الحكم فهو أخذ للُاجرة على القضاء الواجب ، وإن أخذ مالاً على الباطل أي ليحكم للطرف
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٩٥ / ٢ ، ب ٥ ما يكتسب به ، الخصال ١ : ٣٢٩ / ٢٦.
(٢) البقرة : ١٨٨.