علّة قديمة لذاتها كذات الباري تعالى ، أو قدمها باعتبار الزمان على معنى أنّها وإن كانت معلولة غير أنّها قديمة زماناً لقدم علّتها ، والاعتقاد بالقدم بكلّ من معنييه كفر ومعتقده كافر ، لكونه مخالف لما علم ضرورة من دين الإسلام بل جميع الأديان من حدوث العالم ، وإنكاراً لما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما دلّت عليه الآيات المتكاثرة والروايات المتظافرة المتواترة من كون الفلكيّات والأرضين والسموات مخلوقة لله عزوجل وقد خلقها في ستّة أيّام ، مضافاً إلى كونه من كفر التشريك مع الله عزوجل المنافي للتوحيد الّذي من مراتبه التوحيد في الصفات الذاتيّة الّتي منها القدم ذاتاً وزماناً.
وعلى الثاني : فإمّا تكون في حدوثها متّصفة بصفة الحياة والعلوم والإدراكات والإرادات ، أو متّصفة بالعلوم والإدراكات والإرادات من دون حياة ، أو تكون كسائر الجمادات من دون أن يكون لها حياة ولا علوم وإدراكات وإرادات ، وهذه وجوه ثلاث صحيحها الموافق لدين الإسلام بل جميع الأديان ثالثها ، بل في كلام المجلسي في البحار والسيّد علي ما عن الغرر والدرر دعوى الضرورة وإجماع المسلمين على بطلان ما عداه ـ قال المجلسي في تأويل الرواية الدالّة على أنّ الله عزوجل بعث المشتري إلى الأرض في صورة رجل فأخذ رجلاً من العجم فعلّمه النجوم ... الحديث : «لعلّ المراد ـ على تقدير صحّة الخبر ـ أنّ الله تعالى جعله في هذا الوقت ذا روح وحياة وعلّم وبعثه إلى الأرض لئلّا ينافي ما سيأتي من إجماع المسلمين على عدم حياة الأجسام الفلكيّة وشعورها ...» (١) إلى آخر ما ذكره. وقال السيّد في جملة كلام له في إبطال علم النجوم : «وأقوى من ذلك في نفي كون الفلك وما فيه من شمس وقمر وكوكب أحياء السمع والإجماع ، وأنّه لا خلاف بين المسلمين في ارتفاع الحياة عن الفلك وما يشتمل عليه من الكواكب ، وأنّها مسخّرة مدبّرة مصرّفة ، وذلك معلوم من دين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ضرورة» وإذا قطعنا على نفي الحياة والقدرة فكيف تكون فاعلة فينا؟ ...» (٢) إلى آخر ما ذكره ـ مع ما في ثانيها من بطلانه في نفسه لامتناع العلم والإدراك والإرادة من دون حياة ، لكون هذه الصفات من لوازم الحياة أو ما به الحياة وهو الروح المتعلّق بالبدن.
__________________
(١) البحار ٥٥ : ٢٧٨.
(٢) الغرر والدرر (أمالي المرتضى) ٣ : ٣٨٤ ـ ٣٩١.