المحرّمة الّتي منها الأعيان النجسة وهي حرمة بيعها والتكسّب بها.
الثالث : أن يقال : إنّ تحريم المال المأخوذ بالعقد الفاسد يتصوّر من وجهين :
أحدهما : حرمة التصرّف فيه باعتبار أنّه مال الغير وهو حرام.
وثانيهما : حرمته باعتبار كونه ثمناً للعين المحرّمة وعوضاً عنه ، وكونه ثمناً وعوضاً عنها وجه ، واعتبار وجهة مفسدة في نظر الشارع تعرض المال وأوجبت فيه الحرمة الشرعيّة ، ولا ريب أنّ الحرمة من هذه الجهة غير الحرمة من الجهة الاولى. ويظهر فائدة الفرق بينهما فيما لو أذن المالك بعد المعاملة الفاسدة للبائع في التصرّف في الثمن وأباح له جميع التصرّفات ، ارتفعت الحرمة من الجهة الاولى وبقيت الجهة الثانية إذ لا مدخليّة لإذن المالك في رفعها باعتبار كونها حرمة تعبّديّة صرفة ، ولا يدور ثبوتها مدار إذن المالك ورضاه وعدمهما ، وله نظائر كثيرة :
منها : الرشوة المحرّمة ، وهي المال المأخوذ رشاءً ، فإنّ الرشائيّة جهة مفسدة إذا عرضت المال صار محرّماً وإن بذله صاحبه بطيب نفسه ورضاه.
ومنها : المال المأخوذ قماراً ، فإنّ القماريّة جهة مفسدة في نظر الشارع ، إذا عرضت المال أوجبت تحريم الشارع إيّاه على الآخذ وإن أعطاه صاحبه برضاه وطيب نفسه.
ومنها : المال الّذي يأخذه الإنسان عند الترافع إلى الجبت والطاغوت وحاكم الجور بل كلّ من لا يصلح للحكومة الشرعيّة استناداً إلى حكمه ، فإنّه عند الشارع جهة مفسدة في أخذ المال توجب تحريمه تعبّداً من الشارع وإن كان حقّه ثابتاً دَيناً كان أو عيناً. وقد ذكر عليهالسلام في مقبولة عمر بن حنظلة «أنّه يأكل سحتاً» وإن كان حقّه ثابتاً.
والمال المأخوذ ثمناً وعوضاً عمّا حرّمه الله تعالى من حيث عروض جهة الثمنيّة والعوضيّة عنه لذلك المال من قبيل هذه النظائر.
والرواية لمكان قوله عليهالسلام : «حرّم ثمنه» باعتبار إضافة الثمن إلى ما حرّمه الله ظاهرة في التحريم من هذه الجهة لا من الجهة الاولى ، نظراً إلى انفهام حيث الثمنيّة ، فيكون تقدير الرواية في حاصل المعنى «أنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه من حيث إنّه ثمنه»