السمّان وأنا حاضر عن الزيت والسمن والعسل تقع فيه الفارة فتموت كيف يصنع به؟ قال : أمّا الزيت فلا تبعه إلّا لمن تبيّن له فيبتاع للسراج ، وأمّا الأكل فلا ، وأمّا السمن فإن كان ذائباً فهو كذلك ، وإن كان جامداً والفارة في أعلاه فيؤخذ ما تحتها وما حولها ثمّ لا بأس به ، والعسل كذلك إن كان جامداً» (١).
وحيث إنّ هذه الروايات تضمّن أكثرها السمن مع الزيت ظهر بذلك ضعف القول باختصاص الجواز بالزيت ، ولا ينافيه إجماع الغنية ، لأنّه لا ينفي الجواز عن غير الزيت إلّا على القول بمفهوم اللقب وهو باطل. وأمّا تعميم الحكم بالقياس إلى سائر الأدهان مع أنّ نصوص الباب مقصورة على السمن والزيت فلعلّ وجهه الإجماع المركّب وعدم القول بالفصل.
وحيث إنّ النصوص الآمرة بالاستصباح أو البيع له مطلقة وليس فيها لتقييد الاستصباح بكونه تحت السماء أثر ، فقضيّة إطلاقها إطلاق الجواز حتّى تحت الظلال ، وهو الأصحّ وفاقاً لمن تقدّم من الجماعة وكثير من المتأخّرين ، مضافاً إلى أصالة الجواز واستصحاب الحالة السابقة والقاعدة المستنبطة من عمومات الصحّة ، خصوصاً مع ملاحظة أنّ الاستصباح تحت الظلال على ما تقدّم تحقيقه منفعة مقصودة للعقلاء دلّ الدليل على إباحتها ، فمطلق الاستصباح منفعة محلّلة مقصودة للعقلاء فيجوز البيع فيها للأصل والعموم.
وأمّا التقييد بكونه تحت السماء وإن كان مشهوراً على ما صرّح به في المسالك (٢) والرياض (٣) بل عن الحلّي نفي الخلاف عن محظوريّة الاستصباح تحت الظلال قائلاً : «إنّ الاستصباح به تحت الظلال محظور بغير خلاف» (٤) غير أنّ الشهرة ونفي الخلاف لا ينهضان للصرف عن الاصول ولا تخصيص العموم ولا تقييد النصوص المطلقة ، لكون نفي الخلاف موهوناً بمخالفة الجماعة وكثير من المتأخّرين. واحتمال ابتناء الشهرة على الأخذ بالقدر المقطوع به من النصّ والإجماع بتوهّم نحو إجمال فيهما أو
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٩٨ / ٥ ، ب ٦ ما يكتسب به ، قرب الإسناد : ٦٠.
(٢) المسالك ٣ : ١١٩.
(٣) الرياض ٨ : ١٣٨.
(٤) السرائر ٣ : ١٢١ ـ ١٢٢.