وفي باب حسن المعاشرة ، بإسناده عنه ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام والبيت غاصّ بأهله ، فيه الخراساني ، والشامي ، ومن أهل الآفاق ، فلم أجد موضعا اقعد فيه ، فجلس أبو عبد الله عليهالسلام وكان متّكئا ، ثم قال : يا شيعة آل محمّد اعلموا أنّه ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه ومن لم يحسن صحبة من صحبه (ومخالقة من خالقه) (١) ومرافقة من رافقه ومجاورة من جاوره وممالحة من مالحه ، يا شيعة آل محمّد اتّقوا لله ما استطعتم ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله (٢).
وامّا استفادة الذم من الحديث الذي أشار إليه فعجيب [فيه] (٣) بإسناده عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قال لي : ويحك يا أبا الربيع لا تطلبن الرئاسة ، ولا تك ذنبا ، ولا تأكل بنا الناس فيفقرك الله ، ولا تقل فينا ما لا نقول في أنفسنا ، فإنّك موقوف ومسئول لا محالة ، فإن كنت صادقا صدقناك ، وإن كنت كاذبا كذّبناك (٤) ، وهذا لا يفيد ذمّا ، ففي التنزيل : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (٥) (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) (٦) ، ولو كان ذمّا لم يروه ولم ينقله ، ولو كان ذمّا ونقله فلعلّ نقله له يشعر بتنبّهه من الغفلة وندمه على الزلّة ، فما كلّ ما يوعظه به الرجل وينهى عنه يكون فيه ، وقد نهى
__________________
(١) في الأصل : ومخالفة من خالفه ، بالفاء الموحدة ، والصحيح ما أثبتناه ـ بالقاف المثناة ـ وهو الموافق لما في المصدر. والمخالقة : المعاشرة بالأخلاق الحسنة ، وخالقه ، عاشره ، يقال : خالق الناس ، إذا عاشرهم على أخلاقهم. لسان العرب : خلق.
(٢) أصول الكافي ٢ : ٤٦٥ / ٢.
(٣) اللفظ ما بين معقوفين قريب من المطموس من الحك في الأصل ، وهو من استظهارنا لمشابهته له وموافقته المعنى.
(٤) أصول الكافي ٢ : ٢٢٦ / ٦.
(٥) الاسراء : ١٧ / ٣٦.
(٦) القصص : ٢٨ / ٨٨.