للناس اماما (١).
وإذا كان هذا حال من لا يعرفهم ولا يعاديهم ، فمن عرفهم وتولاّهم ، ولكن تولّى وليجة دونهم من غير تكذيب لهم ، فهو أقرب الى العفو والرحمة.
ومن هنا يعلم : ان الذين قتلوا مع أمير المؤمنين عليهالسلام في الحروب الثلاثة كانوا شهداء وفيهم كثير ممّن كانوا يتولّونهما (٢).
ثم نقول ثالثا : أن الذي يظهر من مطاوي الأخبار ، أنّ الجنّة محرّمة على المشركين والكفّار الجاحدين ، واما من هو في حكمهم في بعض الآثار ، فلا يظهر من تلك الاخبار شمولها له مع انّ عدم الدخول في الجنّة المعهودة غير مستلزم للدخول في النار ، فان لله تعالى ان يعفو عن بعضهم ويخلق لهم ما يتنعمون فيه غير الجنّة.
وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : أن مؤمنا كان في مملكة جبّار فولع به ، فهرب منه الى دار الشرك ، فنزل برجل من أهل الشرك فأظلّه ، وأرفقه ، واضافه ، فلمّا حضره الموت اوحى الله عزّ وجلّ اليه : (وعزّتي وجلالي لو كان لك في جنّتي مسكن لأسكنتك فيها ولكنّها محرمة على من مات بي مشركا ، ولكن : يا نار هيديه (٣) ولا تؤذيه) ويؤتي برزقه طرفي النهار ، قلت : من الجنّة ، قال : من حيث يشاء الله عزّ وجلّ (٤).
وفي ثواب الأعمال بإسناده عن علي بن يقطين ، قال : قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام : انه كان في بني إسرائيل رجل مؤمن ، وكان له جار كافر ، وكان يرفق بالمؤمن ويولّيه المعروف في الدنيا ، فلما أن مات الكافر ،
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٢٦٠.
(٢) أي : ممن كانوا يتولون الخليفتين : الأول ، والثاني كما يظهر من السياق المتقدم.
(٣) يقال : هاده ، اي : اقلقه وأزعجه ، وهيديه هنا. بمعنى : « ازعجيه وخوفيه ، ولا تؤذيه بحرق ».
(٤) أصول الكافي ٢ : ١٥١ / ٣.