يقول : « أيّها الناس ، سعّرت النار ، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، إنّكم ـ والله ـ لا تتعلّقون على غد بشيء ، ألا وإنّي قد تركت الثقلين ، فمن اعتصم بهما فقد نجا ، ومن خالفهما هلك » ، فقال عمر بن بن الخطّاب : ما الثقلان يا رسول الله؟ فقال : « أحدهما أعظم من الآخر طرف منه بيد الله وطرف بأيديكم ، وعترتي أهل بيتي ، فتمسّكوا بهما لا تضلّوا ولا تذلّوا أبداً ، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، وإنّي ساءلت الله ذلك فأعطانيه ، ألا فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تقصّروا عنهم فتضلّوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم بالكتاب ، أيّها الناس ، احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي ، وافهموا عنّي حتّى ... (١) كيلا ترجعوا بعدي كفّاراً ، يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإن أنتم فعلتم ذلك وستفعلون لتجدنّ من يضرب وجوهكم بالسيف » ثمّ التفت عن يمينه ، ثمّ قال : « ألا وعلي بن أبي طالب ألا وإنّي قد تركته فيكم ، ألا هل بلّغت؟ » فقال الناس : نعم ، فقال : « اللهمّ اشهد » ثمّ قال : « ألا وإنّه سيرد عليّ الحوض منكم رجال فيدفعون عنّي ، فأقول : ياربّ أصحابي أصحابي ، فيقول : يا محمّد ، إنّهم أحدثوا بعدك وغيّروا سنّتك ، فأقول : سحقاً سحقاً » ثمّ قام ودخل منزله (٢).
الثاني : قال الراوي في إدامة الحديث السابق : ثمّ قام ودخل منزله ، فلبث أيّاماً يجد الوجع ، والناس يأتونه ويخرج إلى الصلاة ، فلمّا كان آخر ذلك ثقل ، فأتاه بلال ليوذنه بالصلاة ، وهو ملف ثوبه على وجهه قد تغطّا به ، فقال : الصلاة يارسول الله ، فكشف الثوب وقال : « قد بلّغت يا بلال ، فمن شاء
____________
١ ـ كلمة غير مقروءة في المخطوطة.
٢ ـ المصابيح من أخبار المصطفى والمرتضى والأئمة : ١٠٦ ، وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ).