حصل ضرورة لزم حرج ، فذلك هو المبيح لا الآية ، والا فلا وجه لذلك (١) انتهى كلامه زيد إكرامه.
والأصح عندي أيضاً ما هو الأصح عنده وعند القاضي البيضاوي وقد عرفته ويؤيده ما رواه في جامع الاخبار عن النبي المختار صلىاللهعليهوآله الأخيار أنه قال : من اطلع في بيت جاره ، فنظر الى عورة رجل ، أو شعر امرأة ، أو شيئاً من جسدها ، كان حقيقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين الذين كانوا يتجسسون عورات المسلمين في الدنيا ، ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ، ويبدي عوراته للناظرين في الآخرة (٢).
اعلم أن أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم قد استثنوا من هذه القاعدة مواضع وعللوها بأن الحاجة قد تقوم سبباً مبيحاً في المحرم لولاها كالمشقة.
منها : النظر إلى المخطوبة ، ومحله : الوجه والكفان والجسد من وراء الثياب.
ومنها النظر إلى الإماء ، فينظر الى ما يرى من العبيد. وقيل : ينظر الى ما يبدئ حال الغيبة. وقيل : يقتصر على الوجه والكفين كالحرة.
ومنها : النظر إلى المرأة للشهادة عليها والمعاملة إذا احتاج الى معرفتها ، ويقتصر الى الوجه ، قالوا : والفرق بينه وبين النظر المباح على الإطلاق من وجهين ، أحدهما : تحريم التكرار في ذلك بخلافه هنا ، فإنه ينظر حتى عرفت ويحرم الزائد. والثاني : أن ذلك قد يصدر من غير قصد ، حتى قيل بتحريمه مع القصد بخلافه هنا ، فلو خاف الفتنة حرم مطلقاً.
ومنها : نظر الطبيب والفاصد الى ما يحتاج اليه ، بحيث لا يعد المنكشف
__________________
(١) كنز العرفان ٢ / ٢٢٢.
(٢) جامع الاخبار ص ٩٣.