فان من البعيد أن يأكل كتف شاة وجنباً مشوياً منها ولم يغسل يده منه ، مع نظافته ونزاهته المشهورة ومبالغته في غسل الايدي والافواه من الزهومة ، وسيما حال الصلاة ومناجاة رب العزة.
فقول بعض الفقهاء أنه أراد به وضوء الصلاة حق ، ولكن ذهابهم اليه بعد نسخه بفعله ، فانه كقوله حجة لقوله : صلوا كما رأيتموني أصلي (١). وقد صلى بعد أكل ما غيرته النار من غير وضوء باطل ، ولعلهم عثروا على المنسوخ ولم يعثروا على الناسخ ، أو لم يتفطنوا أنه ناسخ له كغيرهم ، فأبقوه الان على ما عليه كان ، وهذا خطأ منهم ، وهم فيه معذورون لو كان الامر كما سبق ، فتأمل.
ومنه يعلم وجه قول السائل في مقام السؤال ، ومذهبكم أن مس ما غيرته النار لا يوجب وضوءاً ، فان الامامية وأكثر أهل السنة لا يوجبون ذلك مطلقاً لا وجوباً ولا استحباباً ، كما يفيده تنكير الوضوء الواقع في سياق النفي : اما لكونه منسوخاً ، أو لما ذكرناه ، أو ذكره السيد السند وابن الاثير ، مع أصالة عدم وجوب الوضوء بل استحبابه بذلك.
وهذا ـ أي : جواب من استدل به على وجوب وضوء الصلاة ، أو استحبابه مما غيرته النار بكونه منسوخاً ـ هو الاولى ، لا ما أجاب به عنه السيد تبعاً للاخرين فانه كما عرفته مشتمل على تكلفات مستغن عنها بما ذكرناه ، فتأمل.
وتم استنساخ وتصحيح هذه الرسالة في (١٤) محرم الحرام سنة (١٤١١) هـ ق في مشهد مولانا الرضا عليهالسلام على يد العبد السيد مهدي الرجائي عفي عنه.
__________________
(١) عوالي اللئالي ١ / ١٩٨ ، ح ٨.