ونظير ذلك في لغة العرب كثير ، قال تعالى : ( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ ) والاستعاذة قبل.
والبُلُوغُ : الوصول أيضا ، قال تعالى : ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَ ) [ ٢ / ٢٣٢ ] وقوله : ( هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ ) [ ٥ / ٩٥ ] أي واصلها.
قوله : ( وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ ) [ ٢٤ / ٥٩ ] الآية ، هو من قوله بَلَغَ الصبي بُلُوغاً من باب قعد : احتلم ولزمه التكليف ، فهو بالغ والجارية بالغ بغير هاء ، وربما أنث مع ذكر الموصوف.
قال بعض الأفاضل : ويعلم البلوغ بإنبات الشعر الخشن على العانة أو خروج المنى الذي منه الولد ، وهذان الوصفان للذكور والإناث ، أو السن وهو بلوغ خمسة عشر سنة ، وفي رواية من ثلاثة عشر إلى أربعة عشر ، وفي أخرى ببلوغ عشر ، وأما الأنثى فببلوغ تسع ، ويعلم بلوغ الخنثى بخمسة عشر سنة وبالمني من الفرجين والحيض من فرج النساء مع المنى من فرج الرجال والإنبات.
وَفِي حَدِيثِ عِيسَى عليه السلام « رُحْ مِنَ الدُّنْيَا بِبُلْغَةٍ » أَيُّ بِكِفَايَةٍ « وَلْيَكْفِكَ الْخَشِنُ الْجَشِبُ ».
وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَطْلُبُوا مِنْ الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنْ الْبَلَاغُ (١) ».
هو ما كفى وبلغ مدة الحياة.
وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغاً إِلَى حِينَ ». أي نتوصل به إلى حين وزمان.
وبَالَغَ في الأمر يُبَالِغُ مُبَالِغَةً وبَلَاغاً : إذا اجتهد فيه ولم يقصر.
وَفِي خَبَرِ عَائِشَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَقَدْ قَالَتْ لِعَلِيٍّ عليه السلام « قَدْ بَلَغْتَ مِنَّا البِلَغَيْنِ ». البِلَغَيْنِ بكسر الباء وضمها مع فتح اللام الداهية ، وهو مثل ، ومعناه بلغت منا كل مبلغ ، مثل « لقيت منه البرحين » أي كل الدواهي.
والبُلُوغُ والبَلَاغُ : الانتهاء إلى أقصى الحقيقة ، ومنه البَلَاغَةُ ، والأصل فيه أن يجمع الكلام ثلاثة أوصاف : صوابا في
__________________
(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٩٢.