الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ) [ ٦٦ / ٨ ]
فإن قلت قوله تعالى ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [ ٢ / ٢١ ] لا يجوز أن يحمل على رجاء تقواهم لأن الرجاء لا يجوز على عالم الغيب والشهادة.
وحمله على أن يخلقهم راجين للتقوى ليس بسديد أيضا.
قلت « لعل » واقعة في الآية موقع المجاز لأن الله تعالى خلق عباده ليتعبدهم بالتكليف وركب فيهم العقول والشهوات.
وأزاح العلة في أقدارهم وتمكينهم.
وهداهم النجدين.
ووضع في أيديهم زمام الاختيار.
وأراد منهم الخير والتقوى.
فهم في صورة المرجو منهم التقوى ـ انتهى.
ويقال لَعَلِّي أفعل كذا ، ولَعَلَّنِي كذا.
( عمل )
قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَالْعامِلِينَ ) [ ٩ / ٦١ ] هُمْ كَمَا فَسَّرَهُ الْعَالِمُ عليه السلام : السُّعَاةُ وَالْجُبَاةُ فِي أَخْذِهَا وَجَمْعِهَا وَحِفْظِهَا حَتَّى يُؤَدُّوهَا إِلَى مَنْ يَقْسِمُهَا.
قوله ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) [ ١١ / ٤٦ ] تعليل لانتفاء كونه من أهله.
قال المفسر : وفيه إيذان بأن قرابة الدين عامرة لقرابة النسب وجعل ذاته عملا غير صالح مبالغة في ذمه كقول الخنساء :
فإنما هي إقبال وإدبار.
وقرئ فإنه عملُ غيرِ صالحٍ.
وقرئ فلا تسألني بالنون والياء.
وَفِي الْحَدِيثِ « لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ شَيْءٌ » يَعْنِي زَكَاةٌ « إِنَّمَا الزَّكَاةُ عَلَى السَّائِمَةِ ».
والعوامل جمع عَامِلَةٍ وهي التي يستقى عليها ويحرث وتستعمل في الأشغال.
وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ ».
ومعنى استعاذته صلى الله عليه واله مما لم يعمل على وجهين : ( أحدهما ) أن لا يبتلي به في مستقبل عمره.
و ( الثاني ) أن لا يتداخله العجب في ترك ذلك ولا يراه من قوة به وصبر