وَقَدِ ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا مَرَّتَيْنِ وَعَلَى اللهِ الثَّالِثَةُ ، وَتَمَامُ الثَّالِثَةِ فِي الرَّجْعَةِ.
وَفِي الْخَبَرِ « الْبَصْرَةُ إِحْدَى الْمُؤْتَفِكَاتِ ».
يعني أنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها.
والإِفْكُ : أسوأ الكذب وأبلغه.
وقيل هو البهتان.
والمشهور فيه كسر الهمزة وإسكان الفاء.
وجاء فتحها والجمع أَفَائِكُ.
وأَفَكَ كضرب وعلم.
ورجل أَفَّاكٌ بالتشديد : كذاب.
ومنه قوله ( تَنَزَّلُ عَلى كُلِ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) [ ٢٦ / ٢٢٢ ] أي كذاب صاحب الإثم الكبير.
والمراد بهم الكهنة كشق وسطيح (١) ونحوهم كان الشياطين قبل أن يحجبوا بالرجم يسمعون إلى الملإ فيختطفون بعض ما يتكلمون به مما اطلعوا عليه من الغيوب ثم يلقون ما يسمعونه أي يوحون به إليهم.
قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ جاؤُا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ) [ ٢٤ / ١١ ] الآية.
قَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللهُ : إِنَّ الْعَامَّةِ رَوَتْ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَائِشَةَ وَمَارِيَةَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلَقِ مِنْ خُزَاعَةَ.
وَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَإِنَّهُمْ رَوَوْا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ وَمَا رَمَتْهَا بِهِ عَائِشَةَ.
رُوِيَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ : لَمَّا هَلَكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله حَزِنَ عَلَيْهِ حُزْناً شَدِيداً.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ : مَا الَّذِي يَحْزُنُكَ عَلَيْهِ فَمَا هُوَ إِلَّا ابْنُ جَرِيحٍ! فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله عَلِيّاً وَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِ فَذَهَبَ عَلِيٌّ عليه السلام إِلَيْهِ وَمَعَهُ السَّيْفُ.
وَكَانَ جَرِيحٌ الْقِبْطِيُّ فِي حَائِطٍ فَضَرَبَ عَلِيٌّ عليه السلام بَابَ الْبُسْتَانِ فَأَقْبَلَ جَرِيحٌ لِيَفْتَحَ الْبَابَ فَلَمَّا رَأَى عَلِيّاً عَرَفَ فِي وَجْهِهِ الشَّرَّ فَأَدْبَرَ رَاجِعاً وَلَمْ يَفْتَحْ بَابَ الْبُسْتَانِ فَاتَّبَعَهُ فَوَلَّى جَرِيحٌ مُدْبِراً.
__________________
(١) يأتي الكلام عنهما في الجزء السّادس ص ٣٠٥.