على طفل مع شيخوخته ، لذلك راح يتضرع الى الله ويدعو ويصلي في محرابه لطلب الولد.
ولم يمضي وقت طويل حتى اجاب الله دعاء زكريا ، فبينما كان يعبد الله في محرابه ، نادته الملائكة وقالت : ان الله يبشرك بمولود اسمه ـ يحيى ـ وسوف يؤمن بالمسيح عيسى ويشد ازره ، وسيصبح من حيث العلم والعمل قائدا للناس وسيدا وحصورا ، اي يضع نفسه في المحاصرة والمراقبة ويمتنع عن الشهوات المادية ، وسيكون ايضا من الانبياء والصالحين.
فلما سمع زكريا قول الملائكة ، استولى عليه العجب والحيرة ، فقال لدى سماعه بشارة الملائكة ، كيف يمكن ان يولد لي ولد وانا في هذا السن من الشيخوخة ، ثم ان زوجتي عاقرا لا تلد.
فجاءه الجواب : ان الله يفعل ما يشاء وبيده كل شيء.
كم هو جميل ورائع ان يستجيب الله دعاء عبده بهذه الصورة ، ويبشره على تحقيق مراده ، ويعطيه مولودا ذكرا في مقابل طلب الولد ، ويسميه ايضا بنفسه تعالى ، ولم يسبقه احد بهذا الاسم : « لم نجعل له من قبل سميا ».
وكان قبل هذا قد طلب زكريا ايضا من الله ان يجعل له آية وامارة وعلامة وكان يريد ان يمتليء قلبه بالايمان : ( قال رب اجعل لي آية قال آيتك الا تكلم الناس ثلاثة ايام الا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والابكار ) (١).
اجاب الله طلب زكريا هذا ايضا ، وعين له علامة ، وهي ان يكف لسانه عن الكلام ثلاثة ايام ، فلم يقدر على المحادثة العادية ، ولكن لسانه كان ينطق بذكر الله والتسبيح فقط ، ويستطيع ان يخاطب الناس بالايماء في الامور الضرورية.
__________________
١ ـ آل عمران : ٤١.