الكافي - ج ٢

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٢

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-386-8
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٤٤

٩١١ / ٢١. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَزَّاز (١) ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَقُلْتُ لَهُ : أَنْتَ صَاحِبُ هذَا الْأَمْرِ؟ فَقَالَ : « لَا ». فَقُلْتُ : فَوَلَدُكَ (٢)؟ فَقَالَ (٣) : « لَا ». فَقُلْتُ : فَوَلَدُ ولَدِكَ هُوَ؟ قَالَ (٤) : « لَا ». فَقُلْتُ (٥) : فَوَلَدُ ولَدِ ولَدِكَ؟ فَقَالَ : « لَا ». قُلْتُ (٦) : مَنْ (٧) هُوَ؟

قَالَ (٨) : « الَّذِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وجَوْراً (٩) عَلى (١٠) فَتْرَةٍ (١١) مِنَ الْأَئِمَّةِ ، كَمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بُعِثَ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ». (١٢)

٩١٢ / ٢٢. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الرَّبِيعِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ (١٣) ، عَنْ أُمِّ هَانِىً ، قَالَتْ :

__________________

للنعماني ، ص ١٧١ ، ح ٥ ؛ والغيبة للطوسي ، ص ٦١ ، ح ٦٠ ؛ وص ١٦١ ، ح ١٢٠ الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١٤ ، ح ٩٢١.

(١) في « بر » : « عن ابن الوليد الخزّاز ». ثمّ إنّ محمّد بن الوليد هو محمّد بن الوليد البجلي الخزّاز. فما ورد في « ب ، و، بح ، بس ، بف » من « الخرّاز » ، سهو. راجع : رجال النجاشي ، ص ١٤٣ ، الرقم ٣٧١ ، وص ٣٤٥ ، الرقم ٩٣١.

(٢) في « ض » : « وولدك ».

(٣) في « ب » والوافي : « قال ».

(٤) في « ب ، ج » والغيبة : « فقال ».

(٥) في « ض ، بف » والغيبة : « قلت ».

(٦) في « ب ، ف » : « فقلت ».

(٧) في « ف » والغيبة : « فمن ».

(٨) في « ه‍ » : + « إنّ ».

(٩) « الجَوْرُ » : الميل عن الطريق والضَلال عنه. يقال : جار عن الطريق يجور ، أي مال عنه وضلّ. وقد يكون بمعنى الظلم. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٣ ( جور ).

(١٠) في « ه‍ » والغيبة : « لعلى ».

(١١) « الفَتْرَةُ » : ما بين الرسولين من رسل الله تعالى من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة. وقال المجلسي : « والمراد بفترة من الأئمّة : خفاؤهم وعدم ظهورهم في مدّة طويلة ، أو عدم إمام قادر قاهر. فتشمل أزمنة سائر الأئمّة سوى أمير المؤمنين عليه‌السلام. والأوّل أظهر ». راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ ( فتر ).

(١٢) الغيبة للنعماني ، ص ١٨٦ ، ح ٣٨ ، عن الكليني الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٧٥ ، ح ٩٨٧.

(١٣) هكذا في النسخ. وفي المطبوع : + « عن اسيد بن ثعلبة ». والخبر رواه النعماني في كتابه الغيبة ، ص ١٥٠ ،

١٦١

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالى : ( فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ ) (١) قَالَتْ : فَقَالَ : « إِمَامٌ يَخْنِسُ (٢) سَنَةَ سِتِّينَ ومِائَتَيْنِ ، ثُمَّ يَظْهَرُ كَالشِّهَابِ ، يَتَوَقَّدُ فِي اللَّيْلَةِ (٣) الظَّلْمَاءِ ، فَإِنْ أَدْرَكْتِ زَمَانَهُ قَرَّتْ عَيْنُكِ ». (٤)

٩١٣ / ٢٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ (٥) عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ (٦) الْهَمْدَانِيِّ (٧) ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ‌

__________________

ذيل ح ٦ ، نقلاً من المصنّف وفيه : « الحسن بن أبي الربيع الهمداني ، قال : حدّثنا محمّد بن إسحاق ، عن اسيد بن ثعلبة ، عن امّ هانئ » لكنّه ورد في تأويل الآيات ، ص ٧٤٤ ـ باختلاف في الألفاظ ـ نقلاً من محمّد بن العبّاس بسنده عن وهب بن شاذان ، عن الحسن بن الربيع ، عن محمّد بن إسحاق ، قال : حدّثتني امّ هانئ ». وفي نقل تأويل الآيات ـ كما ترى ـ لم يتوسّط اسيد بن ثعلبة بين محمّد بن إسحاق وامّ هانئ. فلذا لا تطمئنّ النفس بنقل النعماني الخبر من بعض نسخ الكافي ، أو عدم تصحيحه اجتهاداً متّكئاً على السند الآتي المشابه لبعض أجزاء هذا السند.

يؤيّد ذلك اختلاف بعض العبارات الواردة في سند النعماني لِسَندِنا هذا ومطابقتها مع عبارات السند الآتي ؛ فإنّ في هذا السند « الحسن بن أبي الربيع عن محمّد بن إسحاق ». وفي النعماني : « قال : حدّثنا محمّد بن إسحاق ». كما أنّه لم يرد قيد « الهمداني » في أيّة نسخة من نسخ الكافي لكنّه مذكور في نقل النعماني.

(١) التكوير (٨١) : ١٥ ـ ١٦.

(٢) « يَخْنِسُ » ، و « يَخْنُسُ » : ينقبض ويتأخّر عن الناس ويغيب ؛ من الخُنُوس بمعنى الانقباض والاختفاء. راجع : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٧١ ( خنس ).

(٣) في الوافي : « الليل ».

(٤) الغيبة للنعماني ، ص ١٤٩ ، ذيل ح ٦ ، عن الكليني الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١٧ ، ح ٩٢٨.

(٥) هكذا في حاشية « بع » ونقله العلاّمة الخبير السيّد موسى الشبيري ـ دام ظلّه ـ من نسخة عتيقة من الكتاب. وفي النسخ التي بأيدينا والمطبوع : « أحمد بن الحسن عن عمر بن يزيد ».

والصواب ما أثبتناه ؛ فإنّ الخبر رواه الشيخ الصدوق في كمال الدين ، ص ٣٢٤ ، ح ١ ، بسنده عن سعد بن عبدالله وعبد الله بن جعفر الحميري ، قالا : حدّثنا أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد ، عن الحسين بن الربيع المدائني. ووردت أيضاً رواية سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد في الغيبة للطوسي ، ص ٢٠٨ ، ح ١٧٧.

وأحمد بن الحسين هذا ، روى محمّد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن أبي زاهر كتابه ، وهما في طبقة سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ، تقريباً. راجع : رجال النجاشي ، ص ٨٣ ، الرقم ٢٠٠.

(٦) في « ف » : « أبي الحسن بن الربيع » وفي حاشيتها : « الحسن بن أبي الربيع » ، والرجل مجهول لم نعرفه.

(٧) في « ألف ، بس » : « الهمذاني ».

١٦٢

ثَعْلَبَةَ ، عَنْ أُمِّ هَانِىً ، قَالَتْ :

لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما‌السلام ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هذِهِ الْآيَةِ : ( فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ ) قَالَ : « الْخُنَّسُ إِمَامٌ يَخْنِسُ فِي زَمَانِهِ عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنْ عِلْمِهِ عِنْدَ النَّاسِ سَنَةَ سِتِّينَ ومِائَتَيْنِ ، ثُمَّ يَبْدُو كَالشِّهَابِ الْوَاقِدِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ ، فَإِنْ (١) أَدْرَكْتِ ذلِكَ (٢) ، قَرَّتْ عَيْنُكِ ». (٣)

٩١٤ / ٢٤. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ عليه‌السلام (٤) ، قَالَ : « إِذَا رُفِعَ عَلَمُكُمْ (٥) مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ ، فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِكُمْ ». (٦)

٩١٥ / ٢٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام : إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَ هذَا الْأَمْرِ ، وأَنْ يَسُوقَهُ‌ اللهُ إِلَيْكَ (٧) بِغَيْرِ سَيْفٍ ؛ فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ.

__________________

(١) في حاشية « ج ، بس » والغيبة للنعماني ، ص ١٥٠ : « فإذا ». وفي حاشية « بح » : « وإذا ».

(٢) في حاشية « ج » : « زمانه ».

(٣) الغيبة للنعماني ، ص ١٥٠ ، ح ٧ ، عن الكليني. وفيه ، ص ١٤٩ ، ح ٦ ، بسنده عن محمّد بن إسحاق ؛ كمال الدين ، ج ١ ، ص ٣٢٤ ، ح ١ ، بسنده عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد ، عن الحسين بن الربيع المدائني ، عن محمّد بن إسحاق ؛ الغيبة للطوسي ، ص ١٥٩ ، ح ١١٦ ، عن سعد بن عبد الله ، عن الحسين بن عمرو بن يزيد ، عن أبي الحسن بن أبي الربيع المدائني ، عن محمّد بن إسحاق ، وفي الثلاثة الأخيرة مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١٧ ، ح ٩٢٩.

(٤) في « ف ، ه‍ » والغيبة : + « أنّه ».

(٥) يجوز في الكلمة التحريك ، وكسر العين مع سكون اللام ، اختار الأوّل في مرآة العقول ؛ حيث قال : « بالتحريك ، أي إمامكم الهادي لكم إلى طريق الحقّ ، وربّما يقرأ بالكسر ». ومفهوم الرفع يقتضي التحريك في الكلمة.

(٦) الغيبة للنعماني ، ص ١٨٧ ، ح ٣٩ ، عن الكليني. كمال الدين ، ص ٣٨١ ، ح ٤ ، بسنده عن أيّوب بن نوح ، مع زيادة في أوّله الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١٦ ، ح ٩٢٧.

(٧) في الغيبة : + « عفواً ».

١٦٣

فَقَالَ : « مَا مِنَّا أَحَدٌ اخْتَلَفَتْ (١) إِلَيْهِ الْكُتُبُ ، وأُشِيرَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ ، وسُئِلَ عَنِ الْمَسَائِلِ ، وحُمِلَتْ إِلَيْهِ الْأَمْوَالُ إِلاَّ اغْتِيلَ (٢) أَوْ مَاتَ عَلى فِرَاشِهِ ، حَتّى يَبْعَثَ اللهُ لِهذَا الْأَمْرِ غُلَاماً مِنَّا (٣) ، خَفِيَّ الْوِلَادَةِ (٤) والْمَنْشَا ، غَيْرَ خَفِيٍّ فِي نَسَبِهِ ». (٥)

٩١٦ / ٢٦. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وغَيْرُهُ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ هِلَالٍ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَطَاءٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرَةٌ (٦) ، واللهِ مَا فِي أَهْلِ بَيْتِكَ مِثْلُكَ ، فَكَيْفَ لَاتَخْرُجُ؟!

قَالَ (٧) : فَقَالَ : « يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَطَاءٍ ، قَدْ أَخَذْتَ تَفْرُشُ أُذُنَيْكَ (٨) لِلنَّوْكى (٩) ، إِي واللهِ ، مَا أَنَا بِصَاحِبِكُمْ ».

قَالَ : قُلْتُ لَهُ : فَمَنْ صَاحِبُنَا؟

قَالَ : « انْظُرُوا مَنْ عَمِيَ (١٠) عَلَى النَّاسِ ولَادَتُهُ ، فَذَاكَ صَاحِبُكُمْ ؛ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ‌

__________________

(١) في « ب ، بر ، بف » : « اختلف ».

(٢) « اغْتِيلَ » ، أي قُتِلَ غِيلَةً ، وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فإذا صار إليه قتله. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٨٧ ( غيل ).

(٣) في « ف » وكمال الدين : ـ « منّا ».

(٤) في كمال الدين والغيبة : « المولد ».

(٥) الغيبة للنعماني ، ص ١٦٨ ، ح ٩ ، عن الكليني. كمال الدين ، ص ٣٧٠ ، باب ما روي عن الرضا عليّ بن موسى عليه‌السلام ... ، ح ١ ، بسنده عن أيّوب بن نوح الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٩٣ ، ح ٨٨٦.

(٦) في « ض ، ه‍ ، بح ، بر ، بف » : « كثير ». وفي « ج ، ض ، ه‍ ، و، بح ، بر ، بس ، بف » والغيبة ، ح ٧ : + « و ».

(٧) في « ف » وكمال الدين والغيبة ، ح ٧ : ـ « قال ».

(٨) في « ج » : « رجليك ».

(٩) « النَوْكَى » جمع الأنوك. وهذا مثل يضرب لمن يسمع كلام كلّ أحد ويقبله وإن كان أحمق لا يعقل شيئاً. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٥٠١ ( نوك ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ٢٤٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٥٨.

(١٠) في « ج ، بس » : « غمى ». وفي كمال الدين : « تخفى ». وفي الغيبة ، ح ٧ : « من غيّب عن الناس » بدل « من عمي‌على الناس ».

١٦٤

يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ (١) ، ويُمْضَغُ بِالْأَلْسُنِ إِلاَّ مَاتَ غَيْظاً ، أَوْ رَغِمَ (٢) أَنْفُهُ ». (٣)

٩١٧ / ٢٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « يَقُومُ الْقَائِمُ ولَيْسَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ عَهْدٌ ولَاعَقْدٌ ولَا بَيْعَةٌ ». (٤)

٩١٨ / ٢٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَطَّارِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ (٥) ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

__________________

(١) هكذا في « ب ، ج ، ف ، ه‍ ، بس » وحاشية « ض ، بر ، بف » والغيبة ، ح ٧. وفي سائر النسخ والمطبوع : « بالإصبع ».

(٢) في « بح » : « أرغم ». وفي الغيبة ، ح ٧ : « حتف ». وقال ابن الأثير : « يقال : رَغِمَ يَرْغَمُ ، ورَغَمَ يَرْغَمُ رَغْماً ورِغْماً ورُغْماً ، وأرغم الله أنفه ، أي ألصقه بالرَغام ، وهو التراب. هذا هو الأصل ، ثمّ استعمل في الذُلّ والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره ». ولعلّ المراد هنا القتل. ويحتمل كون الترديد من الراوي. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٣٨ ( رغم ).

(٣) الغيبة للنعماني ، ص ١٦٧ ، ح ٧ ، عن الكليني ، وأيضاً بسند آخر عن عبد الله بن عطاء. كمال الدين ، ص ٣٢٥ ، ح ٢ ، بسنده عن العبّاس بن عامر القصباني ، عن موسى بن هلال الضبي ، عن عبد الله بن عطاء ، إلى قوله : « فذاك صاحبكم » ؛ الغيبة للنعماني ، ص ١٦٨ ، ح ٨ ، بسنده عن العبّاس بن عامر ، عن موسى بن هلال ، مع اختلاف الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٩٤ ، ح ٨٨٧.

(٤) الغيبة للنعماني ، ص ١٧١ ، ح ٤ ؛ وص ١٩١ ، ح ٤٦ ، عن الكليني. كمال الدين ، ص ٤٨٠ ، ح ٣ ، بسنده عن محمّد بن أبي عمير. الغيبة للنعماني ، ص ١٩١ ، ح ٤٥ ؛ وص ١٧١ ، ح ٣ ، بسند آخر عن أبي جعفر عليه‌السلام ؛ كمال الدين ، ص ٣٠٣ ، ح ١٤ ، بسند آخر عن محمّد بن عليّ ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، مع زيادة في أوّله وآخره ؛ وفيه ، ص ٣٢٢ ، ح ٦ ، بسند آخر عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام ؛ وفيه أيضاً ، ص ٤٧٩ ، ح ٢ ، بسند آخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وفي كلّها مع اختلاف يسير. راجع : كمال الدين ، ص ٣١٥ ، ح ٢ ؛ وكفاية الأثر ، ص ٢٢٤ الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٧٦ ، ح ٩٨٩.

(٥) روى النعماني في الغيبة ، ص ١٥٨ ، ح ٣ ، مضمون الخبر بسنده عن عبد الله بن جبلة ، عن محمّد بن منصور الصيقل ، عن أبيه منصور ، قال : قال : أبو عبد الله عليه‌السلام ، ثمّ أورد في ذيله مثله نقلاً من الكليني بعين سند الكافي. لكن هذا الذيل أورده المجلسي في البحار ، ج ٥٢ ، ص ١٣٣ ، ذيل ح ٣٢ وفيه : « محمّد بن منصور » بدل

١٦٥

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ (١) : إِذَا أَصْبَحْتُ وأَمْسَيْتُ لَا أَرى (٢) إِمَاماً أَئْتَمُّ بِهِ (٣) ، مَا أَصْنَعُ؟

قَالَ : « فَأَحِبَّ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ (٤) ، وأَبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ (٥) حَتّى يُظْهِرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ». (٦)

٩١٩ / ٢٩. الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ (٧) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عِيسى ، عَنْ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « لَا بُدَّ لِلْغُلَامِ مِنْ غَيْبَةٍ (٨) ». قُلْتُ : ولِمَ؟ قَالَ : « يَخَافُ ـ وأَوْمَأَ (٩)

__________________

« منصور » ، كما أنّ في الطبعة القديمة من الغيبة أيضاً : « محمّد بن منصور ».

فعليه يحتمل كون الصواب في ما نحن فيه أيضاً هو « محمّد بن منصور ». يؤيّد ذلك ما أشرنا إليه ممّا ورد في الغيبة ، ص ١٥٨ ، ح ٣ ، وكذا ما ورد في كمال الدين ، ص ٣٤٨ ، ح ٣٧ ؛ فقد ورد فيه « جعفر بن محمّد بن منصور ». وهذا العنوان وإن كان فيه تحريف ، لكنّ الظاهر أنّ التحريفَ بوقوع السقط ، والساقط هو « عن محمّد » قبل « بن منصور ». وأنّ الأصل كان هكذا « جعفر بن محمّد عن محمّد بن منصور » فجاز نظر الناسخ من « محمّد » الأوّل إلى « محمّد » الثاني ، فوقع السقط.

ثمّ إنَّ في سند كمال الدين بعض الاختلالات الاخر ، ليس هذا موضع ذكره.

(١) في « ج ، ف » : + « له ».

(٢) في « ه‍ » : « لا نرى ».

(٣) في « ه‍ » : « نأتمّ به ».

(٤) في « ف ، ه‍ » والوافي ومرآة العقول : « تحبّه ».

(٥) في « ف » : « تبغضه ».

(٦) الغيبة للنعماني ، ص ١٥٨ ح ٣ ، عن الكليني ، وأيضاً بسند آخر عن منصور ، مع اختلاف يسير. كمال الدين ، ص ٣٤٨ ، ح ٣٧ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن جعفر بن محمّد بن منصور ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام. وراجع : كمال الدين ، ص ٣٥١ ، ح ٤٧ الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١٨ ، ح ٩٣٢.

(٧) في « ج » وحاشية « ض » : « محمّد ». وهو سهو. والحسين هذا ، هو الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب‌المالكي ، روى عن أحمد بن هلال في بعض الأسناد والطرق. راجع : الغيبة للنعماني ، ص ١٦٧ ، ذيل ح ٢ ؛ تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ١١٢ ؛ التهذيب ، ج ١ ، ص ١١٧ ، ح ٣٠٨ ؛ رجال النجاشي ، ص ٣٧١ ، الرقم ١٠٤١ ، وص ٤١٩ ، الرقم ١١٢٠ ؛ الفهرست للطوسي ، ص ٢٧٠ ، الرقم ٣٨٩.

(٨) في « ض ، بف » : « غيبته ».

(٩) في « ه‍ » : « فأومى ».

١٦٦

بِيَدِهِ إِلى بَطْنِهِ ـ وهُوَ الْمُنْتَظَرُ ، وهُوَ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولَادَتِهِ ، فَمِنْهُمْ (١) مَنْ يَقُولُ : حَمْلٌ (٢) ؛ ومِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : مَاتَ أَبُوهُ ولَمْ يُخَلِّفْ ؛ ومِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : ولِدَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ بِسَنَتَيْنِ ».

قَالَ زُرَارَةُ : فَقُلْتُ (٣) : ومَا (٤) تَأْمُرُنِي لَوْ أَدْرَكْتُ ذلِكَ الزَّمَانَ؟

قَالَ : « ادْعُ اللهَ بِهذَا الدُّعَاءِ : اللهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ ، لَمْ أَعْرِفْكَ (٥) ؛ اللهُمَّ عَرِّفْنِي نَبِيَّكَ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَبِيَّكَ ، لَمْ أَعْرِفْهُ (٦) قَطُّ ؛ اللهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ، ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي ».

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ (٧) : سَمِعْتُ هذَا الْحَدِيثَ مُنْذُ سِتٍّ وخَمْسِينَ سَنَةً. (٨)

٩٢٠ / ٣٠. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (٩) ، عَنْ‌

__________________

(١) في « ب » : « منهم ».

(٢) في « بح ، بر » : « خمل ».

(٣) في حاشية « ض » : « قلت ».

(٤) في « بر » : « فما ».

(٥) في « بح » : « فلم أعرفك ». وفي حاشية « ج » : + « قطّ ».

(٦) في « ف » : « لم أعرف حجّتك ».

(٧) هكذا في « ألف ، ب ، ج ، ض ، ف ، و، بر ، بس ». وفي « بح ، بف » والمطبوع : « الهلال ».

(٨) الغيبة للنعماني ، ص ١٦٦ ، ح ٦ ، عن الكليني ، وأيضاً بسند آخر عن زرارة ؛ الكافي ، كتاب الحجّة ، باب في الغيبة ، ح ٨٩٥ ، بسنده عن زرارة ، وفيهما مع اختلاف يسير. وفي كمال الدين ، ص ٣٤٢ ، ح ٢٤ ؛ وص ٣٤٦ ، ح ٣٢ ؛ والغيبة للطوسي ، ص ٣٣٣ ، ح ٢٧٩ ، بسند آخر عن عثمان بن عيسى ، مع اختلاف يسير. راجع : كمال الدين ، ص ٥١٢ ، ح ٤٣ الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٠٧ ، ح ٩١٠.

(٩) لم نجد مع الفحص الأكيد رواية محمّد بن عليّ ـ وهو أبو سمينة الكوفي ـ عن عبد الله بن القاسم مباشرة ، في‌غير هذا المورد ونقل النعماني في الغيبة ، ص ١٨٧ ، ح ٤٠ الخبر عن الكليني بعين سند الكافي ، والواسطة بينهما في الأكثر هو موسى بن سعدان [ الحنّاط ] ، كما في الكافي ، ح ٥٧٤٤ و ٩٣٤٠ و ١٤٧١٣ ؛ والمحاسن ، ص ٨٧ ، ح ٢٨ ؛ والخصال ، ص ٢٦٤ ، ح ١٤٦ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ١٤٣ ، ح ١ ، ص ١٦٦ ، ح ١ ؛ وثواب الأعمال ، ص ٢٨٠ ، ح ٦.

١٦٧

عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ : ( فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ ) (١) قَالَ : « إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُظَفَّراً (٢) مُسْتَتِراً ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ إِظْهَارَ أَمْرِهِ ، نَكَتَ (٣) فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً ، فَظَهَرَ ، فَقَامَ بِأَمْرِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالى ». (٤)

٩٢١ / ٣١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ ، قَالَ :

كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام : « إِذَا غَضِبَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وتَعَالى ـ عَلى خَلْقِهِ ، نَحَّانَا عَنْ جِوَارِهِمْ ». (٥)

__________________

وفي بعض الأسناد توسّط بينهما أبو عبد الله الخيّاط ( الحنّاط خ ل ) ، كما في الأمالي الصدوق ، ص ٤١٣ ، المجلس السابع والسبعون ، ح ٦ ؛ وقصص الأنبياء للراوندي ، ص ٢١٨ ، ح ٢٨٦. ولا يبعد اتّحاد أبي عبد الله هذا مع موسى بن سعدان.

ثمّ إنّ الخبر رواه الصدوق في كمال الدين ، ص ٣٤٩ ، ح ٤٢ ؛ والشيخ الطوسي في الغيبة ، ص ١٦٤ ، ح ١٢٦ ـ مع زيادة في صدره ـ بسنديهما عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، فلا يبعد وقوع السقط في ما نحن فيه وما نقل النعماني من الكتاب.

نبّه على ذلك الاستاد السيّد محمّد جواد الشبيري ـ دام توفيقه ـ في تعليقته على السند.

(١) المدّثّر (٧٤) : ٨.

(٢) في كمال الدين والغيبة للنعماني والطوسي : ـ « مظفّراً ».

(٣) النكْتُ : هو أن تَنْكُتَ في الأرض بقضيب ، أي تضرب بقضيب فتؤثّر فيها. والنكتة : كالنقطة. ويقال للأثر القليل شبه الوَسَخ في المرآة ونحوها ، ونقطة سوداء في شي‌ء صاف. والمعنى : أثّر في قلبه أثراً. راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ١٠٠ ـ ١٠١ ( نكت ).

(٤) الغيبة للنعماني ، ص ١٨٧ ، ح ٤٠ ، عن الكليني. وفي كمال الدين ، ص ٣٤٩ ، ح ٤٢ ؛ والغيبة للطوسي ، ص ١٦٤ ، ح ١٢٦ ، بسندهما عن عبد الله بن القاسم ، عن المفضّل بن عمر ؛ رجال الكشّي ، ص ١٩٢ ، ح ٣٣٨ ، بسنده عن عليّ بن حسّان ، عن المفضّل بن عمر الجعفي ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١٨ ، ح ٩٣٠.

(٥) راجع : الكافي ، كتاب الحجّة ، باب نادر في حال الغيبة ، ح ٨٨٨ ؛ والغيبة للنعماني ، ص ١٦١ ـ ١٦٢ ، ح ١ و ٢ ؛ والغيبة للطوسي ، ص ٤٥٧ ، ح ٤٦٨ ؛ وكمال الدين ، ص ٣٣٧ ، ح ١٠ الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١٩ ، ح ٩٣٣.

١٦٨

٨١ ـ بَابُ مَا يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ (١) دَعْوَى (٢) الْمُحِقِّ والْمُبْطِلِ فِي أَمْرِ الْإِمَامَةِ‌

٩٢٢ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ سَلَامِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛

وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛

وَأَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ جَمِيعاً (٣) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ سَلَامِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيِّ ـ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ : وقَدْ سَمِعْتُهُ (٤) مِنْهُ (٥) ـ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « بَعَثَ طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ رَجُلاً مِنْ عَبْدِالْقَيْسِ ـ يُقَالُ لَهُ : خِدَاشٌ ـ إِلى أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ، وقَالَا لَهُ : إِنَّا (٦) نَبْعَثُكَ إِلى رَجُلٍ طَالَ مَا (٧) كُنَّا نَعْرِفُهُ وأَهْلَ بَيْتِهِ بِالسِّحْرِ (٨) والْكِهَانَةِ (٩) ، وأَنْتَ أَوْثَقُ مَنْ بِحَضْرَتِنَا‌

__________________

(١) في « بح ، بف » : ـ « بين ».

(٢) في « ب » : « دعوتي ».

(٣) في السند تحويل. وللمصنّف إلى سلام بن عبد الله ثلاثة طرق : الأوّل : عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن محبوب. الثاني : محمّد بن الحسن ، وعليّ بن محمّد عن سهل بن زياد عن محمّد بن عليّ عن عليّ بن أسباط. وهذا الطريق ينحلّ إلى طريقين ، كما لا يخفى. الثالث : أبو عليّ الأشعري عن محمّد بن حسّان عن محمّد بن عليّ عن عليّ بن أسباط.

(٤) في حاشية « ض ، بح ، بر » : « سمعت ».

(٥) الضمير راجع إلى سلام بن عبد الله الهاشمي. والمراد أنّ محمّد بن عليّ كما روى الخبر عن سلام بن عبد الله بتوسّط عليّ بن أسباط ، سمع الخبر من سلام بن عبد الله نفسه أيضاً ، بلا واسطة. فعليه تصبح الطرق الأربعة ، سبعة طرق.

(٦) في « ف » : ـ « إنّا ».

(٧) في حاشية « بر » : « طالما ». وذهب في مرآة العقول إلى كون « ما » مصدريّة والمصدر فاعل « طال ».

(٨) « السِحْرُ » : الاخْذَةُ التي تأخذ العين حتّى يظنّ أنّ الأمر كما يُرى وليس الأصل على ما يُرى. وقيل : هو صرف الشي‌ء عن وجهه. وقيل : كلّ ما لطف مأخذه ودقّ فهو سحْرٌ. وفي عرف الشرع مختصّ بكلّ أمر يخفى سببه ويتخيّل على غير حقيقته ويجري مجرى الخداع. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣٤٨ ؛ المصباح المنير ، ص ٢٦٨ ( سحر ).

(٩) قال ابن الأثير : « الكاهِنُ : الذي يتعاطى الخبرَ عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدّعي معرفة الأسرار.

١٦٩

مِنْ (١) أَنْفُسِنَا مِنْ أَنْ تَمْتَنِعَ (٢) مِنْ (٣) ذلِكَ (٤) ، وأَنْ تُحَاجَّهُ لَنَا حَتّى تَقِفَهُ (٥) عَلى أَمْرٍ مَعْلُومٍ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ دَعْوًى ، فَلَا يَكْسِرَنَّكَ (٦) ذلِكَ عَنْهُ ؛ ومِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي يَخْدَعُ النَّاسَ بِهَا الطَّعَامُ والشَّرَابُ والْعَسَلُ والدُّهْنُ ، وأَنْ يُخَالِيَ الرَّجُلَ (٧) ؛ فَلَا تَأْكُلْ (٨) لَهُ طَعَاماً ، ولَاتَشْرَبْ لَهُ شَرَاباً ، ولَاتَمَسَّ لَهُ عَسَلاً ولَادُهْناً ، ولَاتَخْلُ مَعَهُ ، واحْذَرْ هذَا كُلَّهُ مِنْهُ ، وانْطَلِقْ عَلى بَرَكَةِ اللهِ ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ فَاقْرَأْ آيَةَ السُّخْرَةِ (٩) ، وتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ كَيْدِهِ وَكَيْدِ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا جَلَسْتَ إِلَيْهِ فَلَا تُمَكِّنْهُ مِنْ بَصَرِكَ كُلِّهِ ، ولَاتَسْتَأْنِسْ بِهِ.

ثُمَّ قُلْ لَهُ : إِنَّ أَخَوَيْكَ فِي الدِّينِ ، وابْنَيْ عَمِّكَ (١٠) فِي الْقَرَابَةِ (١١) يُنَاشِدَانِكَ‌

__________________

وقد كان في العرب كَهَنَةٌ ، كشِقّ وسَطِيح وغيرهما. فمنهم من كان يزعم أنّ له تابعاً من الجنّ ورَئيّاً يُلقي إليه الأخبار. ومنهم من كان يزعم أنّه يعرف الامور بمقدّمات أسباب يَستدلُّ بها على مواقعها من كلام من يسأله ، أو فعله ، أو حاله. وهذا يخصّونه باسم العرّاف ، كالذي يدّعي معرفة الشي‌ء المسروق ومكان الضالّة ونحوهما ». النهاية ، ج ٤ ، ص ٢١٤ ( كهن ).

(١) في « ف ، ه‍ » : « في ». وقال في مرآة العقول : « كأنّه أظهر ».

(٢) في الوافي : « أن تُمنع ».

(٣) في حاشية « ج » : « عن ».

(٤) في « ه‍ » : + « عنه ». وفي البحار : + « منه ».

(٥) في « بس » : « تقف ». وفي « بف » والبحار ـ خ ل ـ : « تفقه ». و « تَفِقَهُ » ، من الوقف بمعنى الاطّلاع ، أي تطّلعه ؛ عند المازندراني. أو بمعنى الإيقاف ، أي تقيمه ؛ عند الفيض. أو بمعنى الحبس ، أي تحبسه وتوقفه ؛ عند المجلسي. ثمّ قال المجلسي : « في بعض النسخ بتقديم الفاء على القاف فهو من الفقه بمعنى العلم ، وتعديته بـ « على » لتضمين معنى الاطّلاع. أو يقرأ على بناء التفعيل بحذف إحدى التاءين ». راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ٢٥٣ ؛ الوافي ، ج ٢ ، ص ١٤٠ ؛ مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٦٤ ؛ لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٣٥٩ ـ ٣٦١ ( وقف ).

(٦) في « ج » : « فلا يكسّرنّك ». وفي حاشية « ف » : « فلا يكبرنّك ».

(٧) في الشروح : « يخالي الرجل » ، أي يخلو به ، أي يسأله الاجتماع معه في خلوة. وفي اللغة : خاليتُ فلاناً إذاصارعتَه ، وكذلك المخالاة في كلّ أمر ، كأنّه إذا صارعه خلا به فلم يستعن واحد منهما بأحد ، وكلّ واحد منهما يخلو بصاحبه. راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٤١ ( خلا ).

(٨) في « ه‍ » : « ولا تأكل ».

(٩) « آية السُّخْرَة » هي الآية ٥٤ من سورة الأعراف (٧) وقال الشيخ البهائي : هي الآية ٥٤ ـ ٥٦ منها ، فإطلاق الآيةعليها على إرادة الجنس ؛ من قرأها حفظ من شياطين الجنّ والإنس. راجع : مفتاح الفلاح ، ص ٥٦.

(١٠) في البحار : « عميك ».

(١١) في البحار : ـ « في القرابة ».

١٧٠

الْقَطِيعَةَ (١) ، ويَقُولَانِ لَكَ : أَمَا تَعْلَمُ أَنَّا تَرَكْنَا النَّاسَ لَكَ (٢) ، وخَالَفْنَا عَشَائِرَنَا فِيكَ مُنْذُ قَبَضَ اللهُ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَلَمَّا نِلْتَ أَدْنى مَنَالٍ (٣) ، ضَيَّعْتَ حُرْمَتَنَا ، وقَطَعْتَ رَجَاءَنَا ، ثُمَّ قَدْ رَأَيْتَ أَفْعَالَنَا فِيكَ ، وقُدْرَتَنَا عَلَى النَّأْيِ (٤) عَنْكَ (٥) ، وسَعَةِ الْبِلَادِ دُونَكَ ، وَأَنَّ مَنْ كَانَ يَصْرِفُكَ عَنَّا وعَنْ صِلَتِنَا ، كَانَ أَقَلَّ لَكَ نَفْعاً ، وأَضْعَفَ عَنْكَ دَفْعاً مِنَّا ، وقَدْ وَضَحَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ ، وقَدْ بَلَغَنَا عَنْكَ انْتِهَاكٌ لَنَا ، ودُعَاءٌ عَلَيْنَا ، فَمَا الَّذِي يَحْمِلُكَ عَلى ذلِكَ؟ فَقَدْ كُنَّا نَرى أَنَّكَ أَشْجَعُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ ، أَتَتَّخِذُ اللَّعْنَ لَنَا دِيناً ، وتَرى (٦) أَنَّ ذلِكَ يَكْسِرُنَا (٧) عَنْكَ؟

فَلَمَّا أَتى خِدَاشٌ (٨) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ، صَنَعَ مَا أَمَرَاهُ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ عليه‌السلام ـ وهُوَ يُنَاجِي نَفْسَهُ ـ ضَحِكَ وقَالَ : « هَاهُنَا يَا أَخَا (٩) عَبْدِ قَيْسٍ » وأَشَارَ لَهُ (١٠) إِلى مَجْلِسٍ قَرِيبٍ مِنْهُ ؛ فَقَالَ : مَا أَوْسَعَ الْمَكَانَ! أُرِيدُ أَنْ أُؤَدِّيَ إِلَيْكَ رِسَالَةً ، قَالَ : « بَلْ تَطْعَمُ وَتَشْرَبُ وتَحُلُّ (١١) ثِيَابَكَ وتَدَّهِنُ ، ثُمَّ تُؤَدِّي رِسَالَتَكَ (١٢) ، قُمْ يَا قَنْبَرُ ، فَأَنْزِلْهُ ».

قَالَ : مَا بِي (١٣) إِلى شَيْ‌ءٍ مِمَّا ذَكَرْتَ حَاجَةٌ ، قَالَ : « فَأَخْلُو بِكَ؟ » قَالَ (١٤) : كُلُّ سِرٍّ لِي‌

__________________

(١) « يناشدانك القطيعةَ » ، أي يسألانك بقطيعة الرحم ويقسمان عليك بعظم أمرها ويطلبان إليك بحقّها. أويناشدانك بالله فيها ، أي أن لا تقطع رحمهما. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٥٣ ( نشد ).

(٢) في « بح » : ـ « لك ».

(٣) « المَنال » : محلّ النَوْل ، وهو العطيّة والخراج. وقد يطلق عليه مجازاً ، أي أدركت أدنى مرتبة تنال به المطالب. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٣٦ ( نول ).

(٤) في « ف » : « النائي ». و « النَأْي » مصدر بمعنى البُعد. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٩٩ ( نأى ).

(٥) في حاشية « بر » : « منك ».

(٦) في « ف » : « فترى ».

(٧) في « ج ، بر » : « يكسّرنا ».

(٨) في « ج » : + « إلى ».

(٩) في البحار : « يا أبا ».

(١٠) في « بر » : « إليه ». وفي « بس » وشرح المازندراني : ـ « له ».

(١١) في البحار : « تخلي ».

(١٢) في « ف » : + « ثمّ قال ».

(١٣) في « ف » : « ما لي ».

(١٤) في « بف » : « فقال ».

١٧١

عَلَانِيَةٌ ، قَالَ : « فَأَنْشُدُكَ بِاللهِ (١) الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ ، الْحَائِلِ (٢) بَيْنَكَ وبَيْنَ قَلْبِكَ ، الَّذِي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ومَا تُخْفِي الصُّدُورُ ، أَتَقَدَّمَ إِلَيْكَ (٣) الزُّبَيْرُ بِمَا عَرَضْتُ عَلَيْكَ؟ » قَالَ : اللهُمَّ نَعَمْ (٤) ، قَالَ : « لَوْ كَتَمْتَ بَعْدَ مَا سَأَلْتُكَ ، مَا ارْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (٥) ؛ فَأَنْشُدُكَ اللهَ (٦) ، هَلْ عَلَّمَكَ كَلَاماً تَقُولُهُ إِذَا أَتَيْتَنِي؟ » قَالَ : اللهُمَّ نَعَمْ (٧) ، قَالَ عَلِيٌّ عليه‌السلام : « آيَةَ السُّخْرَةِ »؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَاقْرَأْهَا » ، فَقَرَأَهَا ، وجَعَلَ (٨) عَلِيٌّ عليه‌السلام يُكَرِّرُهَا (٩) ، ويُرَدِّدُهَا (١٠) ، وَيَفْتَحُ عَلَيْهِ إِذَا أَخْطَأَ ، حَتّى إِذَا قَرَأَهَا سَبْعِينَ مَرَّةً ، قَالَ الرَّجُلُ : مَا يَرى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام أَمْرَهُ بِتَرَدُّدِهَا (١١) سَبْعِينَ مَرَّةً (١٢)؟ ثُمَّ (١٣) قَالَ (١٤) لَهُ : « أَتَجِدُ قَلْبَكَ اطْمَأَنَّ؟ » ‌قَالَ : إِي والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.

قَالَ : « فَمَا قَالَا لَكَ؟ » فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ (١٥) : « قُلْ لَهُمَا : كَفى بِمَنْطِقِكُمَا حُجَّةً عَلَيْكُمَا ، وَلكِنَّ اللهَ لَايَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، زَعَمْتُمَا أَنَّكُمَا أَخَوَايَ فِي الدِّينِ ، وابْنَا عَمِّي

__________________

(١) في البحار : « الله ».

(٢) يجوز فيه الرفع أيضاً ، خبراً ثانياً لـ « هو ».

(٣) في البحار : « لك ». وقوله : « تقدّم إليك » ، أي أوصى وأمر. يقال : تقدّم إليه في كذا ، أي أمره وأوصاه به ، فالباءفي « بما » بمعنى « في ». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥١١ ( قدم ).

(٤) في الوافي : « نعم اللهمّ ».

(٥) « الطَرْفُ » : جَفْنُ العين وغطاؤها. والمراد بارتداد الطَرْف إغضاؤه ، وعدم ارتداده كناية عن الموت الدفعي ؛ فإنّ الميّت تبقى عينه مفتوحة. راجع : المفردات للراغب ، ص ٥١٧ ( طرف ).

(٦) في « بح » : ـ « الله ».

(٧) في « ب ، ج ، ف ، ه‍ ، بح ، بس ، بف » : « نعم اللهمّ ».

(٨) في « بر » : « فجعل ».

(٩) في « ف ، ه‍ ، بح » وحاشية « ب ، ج » والبحار : + « عليه ». وقوله : « يكرّرها » ، أي يأمره بتكريرها وترديدها ويبيّن غلطه إذا أخطأ.

(١٠) في « ض » : + « عليه ».

(١١) في مرآة العقول عن بعض النسخ : « يردّدها ». بصيغة المضارع.

(١٢) في « ف » : + « إلاّ وهو يرى أنّه لا يجاوز سحر على من يردّدها سبعين مرّة ». وعليه فـ « ما » في قوله : « ما يرى » نافية.

(١٣) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بس ، بف » والوافي والبحار : ـ « ثمّ ».

(١٤) في « بس » : « فقال ».

(١٥) في « ض » : « وقال ».

١٧٢

فِي النَّسَبِ ؛ فَأَمَّا (١) النَّسَبُ فَلَا أُنْكِرُهُ ، وإِنْ كَانَ النَّسَبُ مَقْطُوعاً (٢) إِلاَّ مَا وصَلَهُ اللهُ بِالْإِسْلَامِ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمَا : إِنَّكُمَا أَخَوَايَ فِي الدِّينِ (٣) ، فَإِنْ كُنْتُمَا صَادِقَيْنِ ، فَقَدْ فَارَقْتُمَا كِتَابَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، وعَصَيْتُمَا أَمْرَهُ بِأَفْعَالِكُمَا فِي أَخِيكُمَا فِي الدِّينِ ، وإِلاَّ فَقَدْ كَذَبْتُمَا وَافْتَرَيْتُمَا بِادِّعَائِكُمَا أَنَّكُمَا أَخَوَايَ فِي الدِّينِ.

وَأَمَّا مُفَارَقَتُكُمَا النَّاسَ مُنْذُ قَبَضَ اللهُ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَإِنْ كُنْتُمَا فَارَقْتُمَاهُمْ (٤) بِحَقٍّ ، فَقَدْ نَقَضْتُمَا ذلِكَ الْحَقَّ بِفِرَاقِكُمَا إِيَّايَ أَخِيراً ، وإِنْ (٥) فَارَقْتُمَاهُمْ بِبَاطِلٍ ، فَقَدْ وقَعَ إِثْمُ ذلِكَ الْبَاطِلِ عَلَيْكُمَا مَعَ الْحَدَثِ الَّذِي أَحْدَثْتُمَا ، مَعَ أَنَّ صِفَتَكُمَا (٦) بِمُفَارَقَتِكُمَا النَّاسَ لَمْ تَكُنْ (٧) إِلاَّ لِطَمَعِ (٨) الدُّنْيَا زَعَمْتُمَا ، وذلِكَ قَوْلُكُمَا : « فَقَطَعْتَ (٩) رَجَاءَنَا » لَاتَعِيبَانِ بِحَمْدِ اللهِ (١٠) مِنْ دِينِي شَيْئاً.

وَأَمَّا الَّذِي صَرَفَنِي عَنْ صِلَتِكُمَا ، فَالَّذِي صَرَفَكُمَا عَنِ الْحَقِّ ، وحَمَلَكُمَا عَلى خَلْعِهِ مِنْ رِقَابِكُمَا ، كَمَا يَخْلَعُ الْحَرُونُ (١١) لِجَامَهُ ، وهُوَ اللهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، فَلَا تَقُولَا (١٢) :

__________________

(١) في البحار : « أمّا ».

(٢) في « بر » : « منقطعاً ».

(٣) في البحار : ـ « في الدين ».

(٤) في « بف » : « قد فارقتماهم ».

(٥) في « بف » : « فإن ».

(٦) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول. وفي « ه‍ » وحاشية « بس ، بف » : « صفقكما ». وفي المطبوع : « صفقتكما ».

(٧) في « ب ، ج ، ض ، ه‍ ، و، بح ، بس » والبحار : « لم يكن ».

(٨) في « ب » : « بطمع ».

(٩) في البحار : « قطعت ».

(١٠) في البحار : + « عليّ ».

(١١) « فرس حَرونٌ » ، أي لا ينقاد ، وإذا اشتدّ به الجري وقف. أو هي التي إذا اسْتُدِرَّ جريُها وقفت ، وإنّما ذلك في‌ذوات الحوافر خاصّة. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٩٧ ؛ لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ١١٠ ( حرن ).

(١٢) في البحار : + « هو ».

١٧٣

أَقَلُّ نَفْعاً وأَضْعَفُ (١) دَفْعاً ؛ فَتَسْتَحِقَّا اسْمَ (٢) الشِّرْكِ مَعَ النِّفَاقِ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمَا : إِنِّي أَشْجَعُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ ، وهَرَبُكُمَا مِنْ لَعْنِي ودُعَائِي (٣) ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ مَوْقِفٍ عَمَلاً إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَسِنَّةُ (٤) ، ومَاجَتْ (٥) لُبُودُ (٦) الْخَيْلِ ، ومَلَأَ سَحَرَاكُمَا (٧) أَجْوَافَكُمَا ، فَثَمَّ يَكْفِينِيَ اللهُ بِكَمَالِ الْقَلْبِ ؛ وأَمَّا إِذَا أَبَيْتُمَا بِأَنِّي (٨) أَدْعُو اللهَ ، فَلَا تَجْزَعَا مِنْ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْكُمَا رَجُلٌ سَاحِرٌ مِنْ قَوْمٍ سَحَرَةٍ زَعَمْتُمَا (٩) ، اللهُمَّ أَقْعِصِ (١٠) الزُّبَيْرَ بِشَرِّ (١١) قِتْلَةٍ ، وَاسْفِكْ دَمَهُ عَلى ضَلَالَةٍ (١٢) ، وعَرِّفْ طَلْحَةَ الْمَذَلَّةَ (١٣) ، وادَّخِرْ (١٤) لَهُمَا فِي الْآخِرَةِ شَرّاً (١٥) مِنْ ذلِكَ إِنْ كَانَا ظَلَمَانِي ، وافْتَرَيَا عَلَيَّ ، و (١٦) كَتَمَا شَهَادَتَهُمَا ، وعَصَيَاكَ (١٧) وعَصَيَا رَسُولَكَ فِيَّ ، قُلْ : آمِينَ » ، قَالَ خِدَاشٌ : آمِينَ!

__________________

(١) ظاهر المازندراني في شرحه هو رفع « أقلّ » و « أضعف » ، حيث قال : « فلا تقولا بعد ما عرفتما أنّه الصارف : هو أقلّ نفعاً وأضعف دفعاً ». ويجوز نصبه بتقدير « كان » بقرينة ما مرّ في كلامهما.

(٢) في « ه‍ » : « إثم ».

(٣) في الوافي : « ودعائي عليكما ».

(٤) « الأسنّة » : « جمع السِنان ، وهو نَصْلُ الرمح. واختلاف الأسنّة : ذهاب بعضها ومجي‌ء البعض ». راجع : لسان‌العرب ، ج ٩ ، ص ٨٢ ( خلف ) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٨٧ ( سنن ).

(٥) « ماجَتْ » ، أي اضطربت. يقال : ماج البحر يموج وتموّج ، أي اضطربت أمواجه ، وماج الناس ، أي دخل بعضهم في بعض ، وموج كلّ شي‌ء اضطرابه. راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٧٠ ( موج ).

(٦) « اللُّبُود » : جمع اللِبْد. وهو كلّ شعر أو صوف مُلْتَبِد بعضُه على بعض ، أي متداخل. راجع : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣٨٦ ( لبد ).

(٧) « السَحَرُ » و « السَحْرُ » و « السُحْرُ » : الرِئَةُ. ويقال : انفتخ سَحْرُهُ ، للجبان الذي ملأ الخوفُ جوفَه فانتفخ السَحْرُ حتّى رفع القلبَ إلى الحلقوم. والمراد : انتفاخهما من الخوف. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣٥١ ( سحر ).

(٨) في « ف » : « بأن أنّي ». وفي « بح » : « بأن ».

(٩) في البحار : + « ثمّ قال ».

(١٠) « أَقْعِصْ » ، من القَعْص ، وهو أن يُضْرَبَ الإنسان فيموت مكانَه. يقال : قَعَصْتُهُ وأقَعَصْتُهُ ، إذا قتلتَهُ قتلاً سريعاً. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٨٨ ( قعص ).

(١١) في البحار : « شرّ ».

(١٢) في مرآة العقول : « ضلاله ». وقال : « وفي بعض النسخ : على ضلالة ، بالتاء ».

(١٣) في الوافي : « المضلّة » وقال : « من الضلال ، يعني عرّفه أنّه في ضلال ».

(١٤) في « ب ، ه‍ » : « واذّخر ».

(١٥) في « بس » : « أشرّ ».

(١٦) في شرح المازندراني : ـ « و ».

(١٧) في البحار : « عصياني ».

١٧٤

ثُمَّ قَالَ خِدَاشٌ لِنَفْسِهِ : واللهِ ، مَا رَأَيْتُ لِحْيَةً (١) قَطُّ أَبْيَنَ خَطَأً مِنْكَ ، حَامِلَ حُجَّةٍ يَنْقُضُ بَعْضُهَا بَعْضاً ، لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهَا (٢) مِسَاكاً (٣) ، أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللهِ مِنْهُمَا.

قَالَ (٤) عَلِيٌّ عليه‌السلام : « ارْجِعْ إِلَيْهِمَا ، وأَعْلِمْهُمَا (٥) مَا قُلْتُ ».

قَالَ : لَاوَ اللهِ حَتّى تَسْأَلَ اللهَ أَنْ يَرُدَّنِي إِلَيْكَ عَاجِلاً ، وأَنْ يُوَفِّقَنِي لِرِضَاهُ فِيكَ ؛ فَفَعَلَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنِ (٦) انْصَرَفَ وقُتِلَ مَعَهُ يَوْمَ الْجَمَلِ ؛ رَحِمَهُ اللهُ ». (٧)

٩٢٣ / ٢. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ومُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَأَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ جَمِيعاً ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ (٨) ، عَنْ جَرَّاحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ (٩) ، عَنْ رَافِعِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ :

كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ (١٠) ـ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ ، فَبَيْنَا (١١) عَلِيٌّ عليه‌السلام

__________________

(١) في الوافي : « لحيةً ، أي ذا لحية ؛ فإنّ العرب كثيراً ما يعبّر عن الرجل باللحية ».

(٢) في « ب ، ف ، ه‍ » : « لهما ».

(٣) قوله : « مساكاً » ، أي ما يتمسّك به من الخير. يقال : ما فيه مساك ، أي ما فيه خير يرجع إليه. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٦٢ ( مسك ).

(٤) في « ف » : « وقال ». وفي البحار : « ثمّ قال ».

(٥) في « ف » : « فأعلمهما ».

(٦) في « ف » : ـ « أن ».

(٧) الوافي ، ج ٢ ، ص ١٣٧ ، ح ٦١٢ ؛ البحار ، ج ٣٢ ، ص ١٢٨ ، ح ١٠٥.

(٨) هكذا في « ألف ، ب ، ف ، بس ، جر ». وفي « ج ، و » : « عمر بن سعيد ». وفي « بح ، بف » : « عمرو بن سعد ». وفي « بر » والمطبوع : « عمرو بن سعيد ».

والصواب ما أثبتناه ؛ فقد أكثر نصر بن مزاحم من الرواية عن عمر بن سعد ، والظاهر أنّه عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي. انظر على سبيل المثال : وقعة صفّين ، ص ٣ ، ص ٩٢ ، ص ١٩٦ ؛ الغارات ، ص ١٥ ، ص ١٩ ، ص ٢٠ ؛ شواهد التنزيل ، ص ١٧٩ ، ح ٨١١ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٢ ، ص ٦٤ ، ص ١٩٣ ؛ وج ٣ ، ص ٢٠٦ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ١١٠ ، المجلس ٢٧ ، ح ١ ، وص ١١٣ ، المجلس ٢٧ ، ح ٦ ، وص ١٢٠ ، المجلس ٢٩ ، ح ٢ ، وص ٣٣٨ ، المجلس ٦٤ ، ح ١٦ ؛ الخصال ، ص ٤٠٠ ، ح ١٠٩.

(٩) في « ف » : « عبيد الله ».

(١٠) في « ج ، ف ، بح ، بر » : « عليه‌السلام ». وفي حاشية « ج » : + « وآله ».

(١١) في « بح ، بر » : « فبينما ».

١٧٥

جَالِسٌ إِذْ جَاءَ فَارِسٌ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَلِيُّ ، فَقَالَ لَهُ (١) عَلِيٌّ عليه‌السلام : « وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ، مَا لَكَ ـ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ـ لَمْ تُسَلِّمْ عَلَيَّ بِإِمْرَةِ (٢) الْمُؤْمِنِينَ؟ ».

قَالَ بَلى سَأُخْبِرُكَ عَنْ ذلِكَ ، كُنْتُ (٣) إِذْ كُنْتَ عَلَى الْحَقِّ بِصِفِّينَ ، فَلَمَّا حَكَّمْتَ الْحَكَمَيْنِ بَرِئْتُ مِنْكَ ، وسَمَّيْتُكَ مُشْرِكاً ، فَأَصْبَحْتُ لَا أَدْرِي إِلى أَيْنَ أَصْرِفُ ولَايَتِي ، وَاللهِ لَأَنْ أَعْرِفَ هُدَاكَ مِنْ (٤) ضَلَالَتِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا ومَا فِيهَا.

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه‌السلام : « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ، قِفْ مِنِّي قَرِيباً أُرِكَ (٥) عَلَامَاتِ الْهُدى مِنْ عَلَامَاتِ الضَّلَالَةِ ».

فَوَقَفَ الرَّجُلُ قَرِيباً مِنْهُ ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذلِكَ إِذْ أَقْبَلَ فَارِسٌ يَرْكُضُ (٦) حَتّى أَتى عَلِيّاً عليه‌السلام ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَبْشِرْ بِالْفَتْحِ أَقَرَّ اللهُ عَيْنَكَ ، قَدْ واللهِ قُتِلَ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ ، فَقَالَ لَهُ : « مِنْ دُونِ النَّهَرِ (٧) أَوْ مِنْ خَلْفِهِ؟ » قَالَ : (٨) بَلْ مِنْ دُونِهِ ، فَقَالَ (٩) : « كَذَبْتَ ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ (١٠) النَّسَمَةَ (١١) لَايَعْبُرُونَ (١٢) أَبَداً حَتّى يُقْتَلُوا ».

__________________

(١) في « بح » : ـ « له ».

(٢) « الإمْرَةُ » : اسم من أَمَرَ ، أَمُرَ ، أَمِرَ علينا أَمْراً ، أي ولِيَ. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٩٣ ( أمر ).

(٣) أي كنتُ قائلاً بإمارتك إذ كنتَ على الحقّ. وفي « ف » : ـ « كنتُ ». واحتمل المازندراني كون الفعل الثاني‌للتكلّم كالأوّل. واحتمل المجلسي كون الأوّل بصيغة الخطاب واستبعد كون الثاني للتكلّم.

(٤) في « بر » : « عن ».

(٥) هكذا في « ه‍ » وحاشية « بح ، بر » وهو مقتضى القاعدة. وفي المطبوع وباقي النسخ : « اريَك ».

(٦) « الرَكْضُ » : تحريك الرِجْل حَثّاً للفرس على العَدْو. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٧٩ ( ركض ).

(٧) في « ج ، ف » : « النهروان ».

(٨) في « بر » : « فقال ».

(٩) في « ب » : + « له ».

(١٠) « برأ » ، أي خلق ، ومنه البارئ ، وهو الذي خلق الخلق لا عن مثال. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١١١ ( برأ ).

(١١) قال الجوهري : « النَسَمَةُ : الإنسان ». وقال ابن الأثير : « النَسَمَةُ : النفس والروح وكلّ دابّة فيها روح فهي نَسَمَة ». فبرأ النسمة ، أي خلق ذات الروح. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٤٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٤٩ ( نسم ).

(١٢) في « ب » وحاشية « بح » : + « النهر ».

١٧٦

فَقَالَ الرَّجُلُ : فَازْدَدْتُ فِيهِ بَصِيرَةً ، فَجَاءَ آخَرُ يَرْكُضُ عَلى فَرَسٍ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ (١) مِثْلَ ذلِكَ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام مِثْلَ الَّذِي رَدَّ عَلى صَاحِبِهِ.

قَالَ الرَّجُلُ الشَّاكُّ : وهَمَمْتُ (٢) أَنْ أَحْمِلَ عَلى عَلِيٍّ عليه‌السلام ، فَأَفْلَقَ هَامَتَهُ (٣) بِالسَّيْفِ ، ثُمَّ جَاءَ فَارِسَانِ يَرْكُضَانِ قَدْ أَعْرَقَا فَرَسَيْهِمَا ، فَقَالَا : أَقَرَّ اللهُ عَيْنَكَ (٤) يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَبْشِرْ بِالْفَتْحِ ، قَدْ واللهِ ، قُتِلَ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه‌السلام : « أَمِنْ خَلْفِ النَّهَرِ (٥) أَوْ مِنْ دُونِهِ؟ » قَالَا (٦) : لَا ، بَلْ مِنْ خَلْفِهِ ؛ إِنَّهُمْ لَمَّا اقْتَحَمُوا (٧) خَيْلَهُمُ (٨) النَّهْرَوَانَ ، وضَرَبَ الْمَاءُ لَبَّاتِ (٩) خُيُولِهِمْ ، رَجَعُوا فَأُصِيبُوا ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام : « صَدَقْتُمَا » فَنَزَلَ الرَّجُلُ عَنْ فَرَسِهِ ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام وبِرِجْلِهِ فَقَبَّلَهُمَا ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه‌السلام : « هذِهِ لَكَ آيَةٌ ». (١٠)

٩٢٤ / ٣. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ‌

__________________

(١) في « بس ، بف » : ـ « له ».

(٢) « هَمَمْتُ » ، أي قصدتُ وأردتُ. تقول : هَمَمْتُ بالشي‌ء هَمّاً من باب قَتَلَ ، إذا أردتَه ولم تفعله. راجع : المصباح‌المنير ، ص ٦٤١ ( همم ).

(٣) قال الجوهري : « الهامَةُ : الرأس ، والجمع : هامٌ ». الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٦٣ ( هيم ).

(٤) في « بح » : « عينيك ».

(٥) في « ج ، ف » : « النهروان ».

(٦) في الوافي : « فقالا ».

(٧) في حاشية « ج ، ف ، بس ، بف » : « امتحنوا ». وفي حاشية « ف » أيضاً : « أقحموا ». وفي شرح المازندراني : « فلمّا اقتحموا » بدل « إنّهم لمّا اقتحموا » وكذا في مرآة العقول. ثمّ نقل المازندراني عن بعض النسخ : « فلمّا امتحنوا ». وأمّا « الاقتحام » فهو مصدر اقتحم الإنسانُ الأمرَ العظيمَ ، إذا رمى نفسه فيه من غير رويّة وتثبّت ، فالمعنى : رموا وأدخلوا خيلَهم في النهروان من غير رويّة وتثبّت. ولكنّ المجلسي قال : « الظاهر : أقحموا ، وعلى ما في الكتاب يحتمل أن يكون خيلهم مرفوعاً بدلاً من الضمير ، أي اقتحم فرسانُهم ». وراجع أيضاً : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٠٦ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ١٨ ( قحم ).

(٨) في حاشية « ج ، ف ، بر » : « خيولهم ».

(٩) في « ج ، ف ، بح ، بس » وحاشية « ض » : « لباب ». و « لِباب » و « لَبّات » : جمع لَبَّة ، وهي الهَزْمَةُ والوَهْدَة التي فوق الصدر وتحت العنق ، وفيها تُنْحَر الإبل. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٢٣ ( لبب ).

(١٠) راجع : خصائص الأئمّة عليهم‌السلام ، ص ٦٠ الوافي ، ج ٢ ، ص ١٤١ ، ح ٦١٣.

١٧٧

أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعِجْلِيِّ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْمَعْرُوفِ بِكُرْدٍ (١) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُدَاهِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ ، عَنْ حَبَابَةَ الْوَالِبِيَّةِ ، قَالَتْ :

رَأَيْتُ (٢) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام فِي شُرْطَةِ (٣) الْخَمِيسِ (٤) ومَعَهُ دِرَّةٌ (٥) ، لَهَا سَبَابَتَانِ (٦) ، يَضْرِبُ بِهَا بَيَّاعِي (٧) الْجِرِّيِّ (٨) والْمَارْمَاهِي (٩) والزِّمَّارِ (١٠) ، ويَقُولُ لَهُمْ : « يَا بَيَّاعِي مُسُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وجُنْدِ بَنِي مَرْوَانَ ».

فَقَامَ إِلَيْهِ فُرَاتُ بْنُ أَحْنَفَ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، ومَا جُنْدُ بَنِي مَرْوَانَ؟

__________________

(١) في « بس » وحاشية « بف » : « بكرز ». وفي كمال الدين : « ببرد ».

(٢) في « ب » : « أتيت ».

(٣) قال ابن الأثير : « الشُرْطَةُ : أوّل طائفة من الجيش تشهد الوَقْعَة ». النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٦٠ ( شرط ).

(٤) قال ابن الأثير : « الخميس : الجيش ، سمّي به ؛ لأنّه مقسوم بخمسة أقسام : المقدّمة ، والساقة ، والميمنة ، والميسرة ، والقلب. وقيل : لأنّه تُخَمَّس فيه الغنائم ». النهاية ، ج ٢ ، ص ٧٩ ( خمس ).

(٥) « الدِرَّةُ » : التي يُضْرَب بها ، أو هي السَوْط. والجمع : دِرَرٌ. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٥٦ ؛ المصباح المنير ، ص ١٩٢ ( درر ).

(٦) في « ج ، ض ، ف ، ه‍ ، بر » : « سبّابتان ». و « السَبابة » عند المازندراني والفيض : الشُقّة ، وعند المجلسي : رأس السَوْط. ولكنّ الموجود في اللغة : السَّبّابة ، وهي التي تلي الإبهام من الأصابع. و « السِبّ » و « السَبِيبَة » بمعنى الشُقَّة من الثياب أيّ نوع كان ، أو من الكَتّان. ولعلّ ما في المتن : سبّابتان ، والمراد : طرفان. راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ٢٦٤ ؛ الوافي ، ج ٢ ، ص ١٤٤ ؛ مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٧٩ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ( سبب ).

(٧) في « ج ، ف ، ه‍ » : « بيّاع ».

(٨) قال الجوهري : « الجِرِّيُّ : ضرب من السمك ». وقال ابن الأثير : « نوع من السَمَك يُشبه الحَيَّة ، ويسمّى بالفارسيّة : مارماهي » وعليه فالعطف للتفسير. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦١١ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٢٦٠ ( جرر ).

(٩) قرأ المجلسي في مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٧٩ بفتح الراء.

(١٠) في كمال الدين : + « والطافي ». وقال المجلسي : « وكذا الزمّار بكسر الزاى وتشديد الميم » ، أي هو نوع من السمك لا فلوس له مثل الجرّيّ والمارماهي ، ولكن لم نجده في اللغة ، نعم في القاموس والتاج : زِمِّير ، كسِكِّيت : نوع من السمك له شَوْك ناتئ وسط ظهره ، وله صَخَبٌ وقت صيد الصيّاد إيّاه وقبضه عليه. راجع : مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٧٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٦ ؛ تاج العروس ، ج ٦ ، ص ٤٧ ( زمر ).

١٧٨

قَالَتْ : فَقَالَ لَهُ : « أَقْوَامٌ حَلَقُوا اللِّحى ، وفَتَلُوا الشَّوَارِبَ (١) ، فَمُسِخُوا (٢) ».

فَلَمْ أَرَ نَاطِقاً أَحْسَنَ نُطْقاً مِنْهُ ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ ، فَلَمْ أَزَلْ أَقْفُو أَثَرَهُ (٣) حَتّى قَعَدَ فِي رَحَبَةِ (٤) الْمَسْجِدِ ، فَقُلْتُ لَهُ (٥) : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا دَلَالَةُ الْإِمَامَةِ يَرْحَمُكَ اللهُ؟

قَالَتْ (٦) : فَقَالَ : « ائْتِينِي (٧) بِتِلْكَ الْحَصَاةِ » وأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى حَصَاةٍ ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا ، فَطَبَعَ (٨) لِي فِيهَا بِخَاتَمِهِ ، ثُمَّ قَالَ لِي : « يَا حَبَابَةُ (٩) إِذَا ادَّعى مُدَّعٍ (١٠) الْإِمَامَةَ ، فَقَدَرَ أَنْ يَطْبَعَ كَمَا رَأَيْتِ ، فَاعْلَمِي أَنَّهُ إِمَامٌ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ ؛ والْإِمَامُ لَايَعْزُبُ (١١) عَنْهُ شَيْ‌ءٌ يُرِيدُهُ ».

قَالَتْ : ثُمَّ انْصَرَفْتُ حَتّى قُبِضَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام ، فَجِئْتُ إِلَى الْحَسَنِ عليه‌السلام (١٢) وَهُوَ فِي مَجْلِسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام والنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ ، فَقَالَ (١٣) : « يَا حَبَابَةُ (١٤) الْوَالِبِيَّةُ » فَقُلْتُ (١٥) : نَعَمْ يَا مَوْلَايَ ، فَقَالَ (١٦) : « هَاتِي مَا مَعَكِ ». قَالَتْ (١٧) : فَأَعْطَيْتُهُ فَطَبَعَ فِيهَا كَمَا طَبَعَ‌

__________________

(١) « فَتَلُوا الشوارب » ، أي لَوَوْها ، من الفَتْل ، وهو لَيُّ الشي‌ء كَلَيِّكَ الحبل وكفَتْل الفتيلة. راجع : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥١٤ ( فتل ).

(٢) « مُسِخُوا » ، من المَسْخ ، وهو تحويل صورة إلى صورة أقبح منها. وقيل : تحويل خُلْق إلى صورة اخرى. راجع : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٥٥ ( مسخ ).

(٣) « أَقْفُوا أثره » ، أي أتبعه. راجع : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٩٤ ( قفا ).

(٤) رَحَبَة المسجد والدار : ساحتهما ومُتَّسعهما. وسمّيت الرَحْبَة رَحبَةً لسعتها بما رَحُبَتْ ، أي بما اتّسعت. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤١٤ ( رحب ).

(٥) في « ب » : ـ « له ».

(٦) في « ف » : ـ « قالت ».

(٧) في « ه‍ » : « ائتني ».

(٨) « الطَبْعُ » : الخَتْم ، وهو التأثير في الطين ونحوه. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٥٢ ( طبع ).

(٩) في « ب » : « حبّابة ».

(١٠) في « ف ، بف » : « مدّعي ».

(١١) « لا يَعْزُبُ » : لا يغيب. يقال : عَزَبَ عنّي فلان يَعْزُبُ ويَعْزِبُ ، أي بَعُدَ وغاب. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٨١ ( عزب ).

(١٢) في « ف » : « الحسن بن عليّ عليهما‌السلام ».

(١٣) في « ف » وكمال الدين : + « لي ».

(١٤) في « ب ، ه‍ ، بح » : « حبّابة ».

(١٥) في « بح ، بس » وشرح المازندراني : « فقالت ».

(١٦) في « ف » : « قال ».

(١٧) هكذا في النسخ التي قوبلت ، وهو مقتضى السياق. وفي المطبوع : « قال ».

١٧٩

أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام.

قَالَتْ : ثُمَّ (١) أَتَيْتُ الْحُسَيْنَ عليه‌السلام وهُوَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَقَرَّبَ ورَحَّبَ (٣) ، ثُمَّ قَالَ لِي : « إِنَّ فِي الدَّلَالَةِ دَلِيلاً عَلى مَا تُرِيدِينَ (٤) ، أَفَتُرِيدِينَ (٥) دَلَالَةَ الْإِمَامَةِ؟ » فَقُلْتُ : نَعَمْ يَا سَيِّدِي ، فَقَالَ : « هَاتِي (٦) مَا مَعَكِ » فَنَاوَلْتُهُ الْحَصَاةَ فَطَبَعَ (٧) لِي فِيهَا.

قَالَتْ : ثُمَّ أَتَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام وقَدْ (٨) بَلَغَ بِيَ الْكِبَرُ إِلى أَنْ أُرْعِشْتُ (٩) ـ وأَنَا أَعُدُّ يَوْمَئِذٍ مِائَةً وثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ـ فَرَأَيْتُهُ رَاكِعاً وسَاجِداً ومَشْغُولاً بِالْعِبَادَةِ ، فَيَئِسْتُ مِنَ الدَّلَالَةِ ، فَأَوْمَأَ (١٠) إِلَيَّ بِالسَّبَّابَةِ ، فَعَادَ إِلَيَّ شَبَابِي ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا (١١) سَيِّدِي ، كَمْ مَضى مِنَ الدُّنْيَا؟ وكَمْ بَقِيَ (١٢)؟ فَقَالَ : « أَمَّا مَا مَضى ، فَنَعَمْ ؛ وأَمَّا مَا بَقِيَ ، فَلَا » (١٣) قَالَتْ : ثُمَّ قَالَ لِي : « هَاتِي مَا مَعَكِ » فَأَعْطَيْتُهُ الْحَصَاةَ فَطَبَعَ لِي (١٤) فِيهَا.

__________________

(١) في « ب » : « ثمّ قالت ».

(٢) في « ف » وكمال الدين : « الرسول ».

(٣) « فَقَرَّبَ » ، أي أدناني من نفسه ، ودعاني إلى مكان قريب. و « رحّب » ، أي رحّب بها ، أي قال بها : مرحباً ، أو دعاه إلى الرَحْب والسعة. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤١٤ ( رحب ).

(٤) في « ف » : « يريدون ». وذكر المجلسي هاهنا وجوهاً ، ثالثها أن يكون المعنى أنّ في دلالتي على ما في ضميرك‌دلالةً على الإمامة ؛ حيث أقول : إنّك تريدين دلالتها ، ونقل رابعها عن بعض الأفاضل ، وهو أنّ « فيّ » بتشديد الياء خبرُ « إنّ » ، و « الدلالة » اسمها ، و « دليلاً » بدلُه ، و « على ما تريدين » صفة « دليلاً » ، كقوله تعالى : ( بِالنّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ ) [ العلق (٩٦) : ١٥ ـ / ١٦ ]. راجع : مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٨١.

(٥) في « ف » : « أفتريدون ».

(٦) في « ض ، بح ، بر » : « هات ».

(٧) في « بح » : « وطبع ».

(٨) في مرآة العقول : « فقد ».

(٩) في كمال الدين : « أعييت ». وقوله : « ارعشت » من رَعِشَ يَرْعَشُ رَعَشاً وارتعش ، أي ارتعد ، أي اضطرب. لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٣٠٤ ( رعش ).

(١٠) في « بر » : « وأومأ ».

(١١) في « ه‍ » : ـ « يا ».

(١٢) في « ج » والوافي : + « منها ».

(١٣) في مرآة العقول : « أمّا ما مضى فنعم ، أي لنا سبيل إلى معرفته ، أو السؤال عنه موجّه ، أو اخبرك بأن يكون عليه‌السلام أخبرها ولم تذكر للراوي ، أو ذكره ولم يذكره الراوي ، وقس عليه قوله : أمّا ما بقي فلا ، والامتناع من الإخبار إمّا لاختصاص علمه بالله تعالى ، أو لعدم المصلحة في الإخبار ».

(١٤) في « ب ، ج ، ض ، ه‍ ، و، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي : ـ « لي ».

١٨٠