الكافي - ج ٢

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٢

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-386-8
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٤٤

الْحَالِ (١) ، مَاتَ مِيتَةَ كُفْرٍ ونِفَاقٍ.

وَاعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ ، أَنَّ أَئِمَّةَ الْجَوْرِ وأَتْبَاعَهُمْ لَمَعْزُولُونَ عَنْ دِينِ اللهِ ، قَدْ ضَلُّوا وَأَضَلُّوا ، فَأَعْمَالُهُمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا ( كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ ) (٢) ( لا يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُوا عَلى شَيْ‌ءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ ) (٣) ». (٤)

٩٧٥ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : إِنِّي أُخَالِطُ النَّاسَ ، فَيَكْثُرُ عَجَبِي مِنْ أَقْوَامٍ لَايَتَوَلَّوْنَكُمْ ، وَيَتَوَلَّوْنَ فُلَاناً وفُلَاناً ، لَهُمْ أَمَانَةٌ وصِدْقٌ وو فَاءٌ ، وأَقْوَامٍ يَتَوَلَّوْنَكُمْ ، لَيْسَ (٥) لَهُمْ تِلْكَ الْأَمَانَةُ ولَا الْوَفَاءُ والصِّدْقُ (٦)؟

قَالَ : فَاسْتَوى أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام جَالِساً ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ كَالْغَضْبَانِ (٧) ، ثُمَّ قَالَ : « لَا دِينَ لِمَنْ دَانَ اللهَ (٨) بِوَلَايَةِ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللهِ ، ولَاعَتْبَ (٩) عَلى مَنْ دَانَ (١٠) بِوَلَايَةِ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ اللهِ ».

__________________

(١) في « بر » والكافي ، ح ٤٧٦ : « الحالة ».

(٢) قال الجوهري : يومٌ عاصفٌ ، أي تَعْصِفُ وتشتدّ فيه الريح. وهو فاعل بمعنى مفعول فيه ، مثل قولهم : ليلٌ نائمٌ‌وهَمٌّ ناصبٌ. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٠٤ ( عصف ).

(٣) إبراهيم (١٤) : ١٨.

(٤) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب معرفة الإمام والردّ إليه ، ح ٤٧٦. وفي المحاسن ، ص ٩٢ ـ ٩٣ ، كتاب عقاب الأعمال ، ح ٤٧ و ٤٨ ، بسنده عن العلاء بن رزين ؛ الغيبة للنعماني ، ص ١٢٧ ، ح ٢ ، بأسانيد مختلفة عن محمّد بن مسلم الوافي ، ج ٢ ، ص ١١٨ ، ح ٥٨٠ ؛ الوسائل ، ج ١ ، ص ١١٨ ، ح ٢٩٧ ؛ وج ٢٨ ، ص ٣٥٠ ، ذيل ح ٣٤٩٤٠.

(٥) في « ف » : « ليست ».

(٦) في الغيبة : « ولا الصدق ».

(٧) في الغيبة : « كالمغضب ».

(٨) في الغيبة : ـ « الله ».

(٩) « العَتْبُ » : المَوْجِدَةُ ، أي الغضب والملامةُ. والعَتَبُ : الشدّةُ والأمر الكريه. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٩٦ ( عتب ).

(١٠) في « بف » والوافي : + « الله ».

٢٦١

قُلْتُ : لَا (١) دِينَ لِأُولئِكَ ، ولَاعَتْبَ عَلى هؤُلَاءِ؟!

قَالَ : « نَعَمْ ، لَادِينَ لِأُولئِكَ ، ولَاعَتْبَ عَلى هؤُلَاءِ » ثُمَّ قَالَ : « أَلَا (٢) تَسْمَعُ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ : ( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ) يَعْنِي (٣) ظُلُمَاتِ الذُّنُوبِ (٤) إِلى نُورِ التَّوْبَةِ والْمَغْفِرَةِ ؛ لِوَلَايَتِهِمْ كُلَّ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ اللهِ ، وقَالَ (٥) : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ ) (٦) إِنَّمَا عَنى (٧) بِهذَا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلى نُورِ الْإِسْلَامِ ، فَلَمَّا أَنْ تَوَلَّوْا كُلَّ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ (٨) مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ خَرَجُوا بِوَلَايَتِهِمْ إِيَّاهُ (٩) مِنْ نُورِ الْإِسْلَامِ إِلى ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ ، فَأَوْجَبَ اللهُ لَهُمُ النَّارَ مَعَ الْكُفَّارِ (١٠) فـ ( أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (١١) ». (١٢)

٩٧٦ / ٤. وعَنْهُ (١٣) ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ حَبِيبٍ السِّجِسْتَانِيِّ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالى : لَأُعَذِّبَنَّ كُلَّ رَعِيَّةٍ فِي الْإِسْلَامِ دَانَتْ بِوَلَايَةِ كُلِّ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللهِ ، وإِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي أَعْمَالِهَا (١٤) بَرَّةً تَقِيَّةً ؛

__________________

(١) في « ف » : « فلا ».

(٢) في الغيبة : « أما ».

(٣) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : + « [ من ] ».

(٤) في البحار : « الكفر ».

(٥) في الغيبة : « ثمّ قال ».

(٦) في الغيبة : + « فأيّ نور يكون للكافر فيخرج منه ».

(٧) في « ب » : « يعني ».

(٨) في حاشية « ف » : + « له ».

(٩) في « ج ، ف ، بح ، بف » وشرح المازندراني والوافي والبحار : ـ « إيّاه ».

(١٠) في « بف » : « الكفر ».

(١١) البقرة (٢) : ٢٥٧.

(١٢) الغيبة للنعماني ، ص ١٣٢ ، ح ١٤ ، عن الكليني. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ١٣٨ ، ح ٤٦٠ ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، مع اختلاف يسير. وراجع : الزهد ، ص ٧٩ ، ح ٤٢ الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٠ ، ح ٥٨١ ؛ البحار ، ج ٦٧ ، ص ٢٣ وفيه من قوله : « يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلى النُّورِ ».

(١٣) الضمير راجع إلى ابن محبوب المذكور في السند المتقدّم ؛ فقد أكثر [ الحسن ] بن محبوب من الرواية عن هشام بن سالم. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٩٢ ـ ٩٤ ؛ وج ٢٣ ، ص ١٩ ـ ٢١.

(١٤) في « ف » : « أعمالهم ».

٢٦٢

وَلَأَعْفُوَنَّ عَنْ كُلِّ رَعِيَّةٍ فِي الْإِسْلَامِ دَانَتْ بِوَلَايَةِ كُلِّ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ اللهِ ، وإِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي أَنْفُسِهَا ظَالِمَةً (١) مُسِيئَةً ». (٢)

٩٧٧ / ٥. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ (٣) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ : « إِنَّ اللهَ لَايَسْتَحْيِي (٤) أَنْ يُعَذِّبَ أُمَّةً دَانَتْ بِإِمَامٍ لَيْسَ مِنَ اللهِ ، وإِنْ كَانَتْ فِي أَعْمَالِهَا (٥) بَرَّةً تَقِيَّةً ؛ وإِنَّ اللهَ لَيَسْتَحْيِي (٦) أَنْ يُعَذِّبَ أُمَّةً دَانَتْ بِإِمَامٍ مِنَ اللهِ ، وإِنْ كَانَتْ فِي أَعْمَالِهَا (٧) ظَالِمَةً مُسِيئَةً ». (٨)

__________________

(١) في « ف » : ـ « ظالمة ».

(٢) الغيبة للنعماني ، ص ١٣٢ ، ح ١٣ ، عن الكليني. وفي المحاسن ، ص ٩٤ ، كتاب عقاب الأعمال ، ح ٥١ ؛ وثواب الأعمال ، ص ٢٤٥ ، ح ١ ؛ والاختصاص ، ص ٢٥٩ بسندهم عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ؛ فضائل الشيعة ، ص ١٣ ، ح ١٢ بسنده عن هشام بن سالم ؛ الأمالي للطوسي ، ص ٦٣٤ ، المجلس ٣١ ، ح ١٠ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ... عن أبي جعفر ، عن آبائه ، عن رسول الله ، عن جبرئيل ، عن الله ، مع زيادة في آخره. كفاية الأثر ، ص ١٥٦ ، بسند آخر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع اختلاف يسير وزيادة في آخره. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ١٣٩ ، ح ٤٦٢ ، عن مهزم الأسدي ، عن الصادق عليه‌السلام ، مع زيادة في آخره الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢١ ، ح ٥٨٢.

(٣) روى صفوان [ بن يحيى ] عن [ عبدالله ] بن سنان في أسنادٍ عديدة. ولم نجد توسّط ابن مسكان بينهما في موضع. ولم يُعهَد التعاطف بين ابن مسكان وابن سنان في ما روى عنهما صفوان إلاّفي ما ورد في المحاسن ، ص ٤١٦ ، ح ١٧٢ ، من رواية صفوان بن يحيى ، عن عبدالله بن سنان أو ابن مسكان ، عن محمّد الحلبى. فلايبعد القول بزيادة « عن ابن مسكان » أو « عن عبدالله بن سنان » في ما نحن فيه ، ولعلّ القول بزيادة « عن عبدالله بن سنان » أولى ؛ فإنّ المراد من والد ابن جمهور في سندنا ، هو محمّد بن جمهور ، وقد روى هو عن صفوان عن [ عبدالله ] بن مسكان في الكافي ، ح ٩٦٨ و ١١٠٣ ؛ وتأويل الآيات ، ص ٧٩١. وأمّا رواية محمّد بن جمهور عن صفوان [ بن يحيى ] عن [ عبدالله ] بن سنان ، فلم نعثر عليها في موضع.

(٤) في « ف » : « لا يستحي ».

(٥) في حاشية « ف » : « أعمالهم ».

(٦) في الغيبة : « يستحيي ».

(٧) في « ف » : « في أعمالهم ». وفي « بر » : « بأعمالها ».

(٨) الغيبة للنعماني ، ص ١٣٣ ، ح ١٥ ، عن الكليني الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢١ ، ح ٥٨٣.

٢٦٣

٨٧ ـ بَابُ مَنْ مَاتَ ولَيْسَ لَهُ إِمَامٌ (١) مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدى

وَهُوَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ‌

٩٧٨ / ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ :

ابْتَدَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَوْماً ، وقَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ مَاتَ ولَيْسَ عَلَيْهِ (٢) إِمَامٌ ، فَمِيتَتُهُ مِيتَةُ جَاهِلِيَّةٍ (٣) ».

فَقُلْتُ : قَالَ ذلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

فَقَالَ : « إِي واللهِ قَدْ قَالَ ». قُلْتُ : فَكُلُّ مَنْ مَاتَ ولَيْسَ لَهُ إِمَامٌ ، فَمِيتَتُهُ مِيتَةُ جَاهِلِيَّةٍ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». (٤)

٩٧٩ / ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي (٥) عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مَنْ مَاتَ ولَيْسَ لَهُ إِمَامٌ ، فَمِيتَتُهُ‌

__________________

(١) في « ف » : + « من الله ».

(٢) في « ف ، بر ، بف » وحاشية « ض ، بح » والوافي : « له ».

(٣) في مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٢١٩ : « والميتة ، بكسر الميم : مصدر نوعيّ من باب نصر. وهي مع « الجاهليّة » مركّب إضافي ، أو توصيفي ».

(٤) راجع : الكافي ، كتاب الحجّة ، باب أنّه من عرف إمامه لم يضرّه ... ، ح ٩٥٨ ؛ وباب ما يجب على الناس عند مضيّ الإمام ، ح ٩٨٧ ؛ وكتاب الإيمان والكفر ، باب دعائم الإسلام ، ح ١٤٩٨ ؛ وكتاب الروضة ، ح ١٤٩٣٨ ؛ والمحاسن ، ص ١٥٥ ، كتاب الصفوة ، ح ٨٥ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ٢٥٩ ، ح ٥ ؛ وص ٥٠٩ و ٥١٠ ، ح ١١ و ١٥ ؛ والغيبة للنعماني ، ص ٣٣٠ ، ح ٥ ؛ وعيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٥٨ ، ح ٢١٤ ؛ وكمال الدين ، ص ٤٠٩ ، ح ٩ ؛ وص ٤١٢ ، ح ١٠ ؛ والاختصاص ، ص ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ؛ وتفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ، ح ١٧٥ ؛ وج ٢ ، ص ٣٠٣ ، ح ١١٩ ؛ وقرب الإسناد ، ص ٣٤٨ ، ح ١٢٦٠ ؛ وكفاية الأثر ، ص ٢٩٦ الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٥٨٦.

(٥) في « ف » : « حدَّثنا ».

٢٦٤

مِيتَةُ جَاهِلِيَّةٍ ». قَالَ : فَقُلْتُ (١) : مِيتَةُ كُفْرٍ؟ قَالَ (٢) : « مِيتَةُ ضَلَالٍ (٣) ». قُلْتُ (٤) : فَمَنْ مَاتَ الْيَوْمَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ ، فَمِيتَتُهُ مِيتَةُ جَاهِلِيَّةٍ؟ فَقَالَ : « نَعَمْ ». (٥)

٩٨٠ / ٣. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنِ الْفُضَيْلِ (٦) ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَنْ مَاتَ لَايَعْرِفُ (٧) إِمَامَهُ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً؟ قَالَ : « نَعَمْ ». قُلْتُ : جَاهِلِيَّةً جَهْلَاءَ (٨) ، أَوْ جَاهِلِيَّةً لَايَعْرِفُ (٩) إِمَامَهُ؟ قَالَ : « جَاهِلِيَّةَ كُفْرٍ ونِفَاقٍ وضَلَالٍ ». (١٠)

__________________

(١) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي ومرآة العقول. وفي المطبوع : « قلت ».

(٢) في المحاسن : + « لا ».

(٣) في « ج » : + « قال ».

(٤) في « بف » : « قال ».

(٥) المحاسن ، ص ١٥٤ ، كتاب الصفوة ، ح ٨٠ ، بسند آخر ، وفيه إلى قوله : « ميتة ضلال » الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٥٨٧.

(٦) في « بف » : « الفضل ». ثمّ إنّ الظاهر أنّ الفضيل هذا ، هو الفضيل بن عثمان الأعور ؛ لما روى عنه صفوان [ بن‌يحيى ] في بعض الأسناد ، ولم يثبت رواية صفوان عمّن يسمّى بالفضل غيره. راجع : الكافي ، ج ١ ، ح ٣١٦ و ١٥٨٥ ؛ المحاسن ، ص ٣٩٤ ، ح ٥٠ ؛ التوحيد ، ص ٣١٤ ، ح ٢ ؛ وص ٤٥٧ ، ح ١٥ ؛ الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤٣٦ ؛ رجال الكشّي ، ص ٢٣٥ ، الرقم ٤٢٨.

إذا تبيّن ذلك ، فنقول : إنّ الفضيل بن عثمان كان يقال له « الفضل » أيضاً. راجع : رجال النجاشي ، ص ٣٠٨ ، الرقم ٨٤١ ؛ رجال الطوسي ، ص ٢٦٨ ، الرقم ٣٨٥٤ ؛ وص ٢٦٩ ، الرقم ٣٨٧٧.

(٧) في الوسائل : « ولا يعرف ».

(٨) قال الجوهري : « قولهم : كان ذلك في الجاهليّة الجَهْلاء ، هو توكيد للأوّل ، يشتقّ له من اسمه ما يؤكّد به ، كمايقال : وتِدٌ واتد ، وهمج هامج ، وليلة ليلاء ، ويوم أيوم ». الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٦٤ ( جهل ).

(٩) في « ب ، ض ، بف » : « ولا يعرف ». وفي « ف » : « وليس يعرف ».

(١٠) المحاسن ، ص ١٥٥ ، كتاب الصفوة ، ح ٨٢ ، بسنده عن الحارث بن المغيرة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن عليّ عليه‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٥٨٨ ؛ الوسائل ، ج ٢٨ ، ص ٣٥٣ ، ح ٣٤٩٥٠ ؛ البحار ، ج ٨ ، ص ٣٦٢ ، ح ٣٩.

٢٦٥

٩٨١ / ٤. بَعْضُ أَصْحَابِنَا (١) ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحَسَنِيِّ ، عَنْ مَالِكَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ زَائِدَةَ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « مَنْ دَانَ اللهَ (٢) بِغَيْرِ سَمَاعٍ عَنْ صَادِقٍ (٣) ، أَلْزَمَهُ اللهُ (٤) أَلْبَتَّةَ (٥) إِلَى (٦) الْعَنَاءِ (٧) ، ومَنِ ادَّعى سَمَاعاً مِنْ غَيْرِ الْبَابِ الَّذِي فَتَحَهُ اللهُ ، فَهُوَ مُشْرِكٌ ، وذلِكَ الْبَابُ الْمَأْمُونُ (٨) عَلى سِرِّ اللهِ الْمَكْنُونِ ». (٩)

٨٨ ـ بَابٌ فِيمَنْ عَرَفَ الْحَقَّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ ومَنْ أَنْكَرَ (١٠)

٩٨٢ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ الرِّضَا عليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللهِ (١١) بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ‌

__________________

(١) في « بس » : « عدّة من أصحابنا ».

(٢) في الغيبة ، ذيل ح ١٨ : ـ « الله ».

(٣) في الغيبة ، ذيل ح ١٨ : « من صادق ». وفيه ح ١٨ : « عن عالم ».

(٤) في « بح ، بس » : ـ « الله ».

(٥) في « ض » والغيبة للنعماني والوسائل : « التِيهَ ». وفي مرآة العقول عن بعض النسخ : « البتّةَ » ، أي قطعاً.

(٦) في « بس » : ـ « إلى ».

(٧) « العناء » : التعب والمشقّة. يقال : عني الإنسان عَناءً ، أي تعب ونصب. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٤٠ ( عنا ).

(٨) في الغيبة : « وذلك الباب هو الأمين المأمون ».

(٩) الغيبة للنعماني ، ص ١٣٤ ، ذيل ح ١٨ ، عن الكليني. وفيه ، ح ١٨ ، بسنده عن المفضّل بن زائدة. بصائر الدرجات ، ص ١٣ ، ح ١ ، بسند آخر عن أبي جعفر عليه‌السلام ، إلى قوله : « إلى العناء » ؛ عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٩ ، ح ٢٢ ، بسند آخر عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام عن آبائه ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيهما مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢١ ، ح ٥٨٤ ؛ الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ١٢٨ ، ح ٣٣٣٩٣.

(١٠) في « ب » : « أنكره ».

(١١) كذا في النسخ والمطبوع. والظاهر أنّ الصواب هو عبيدالله. وعليّ هذا هو علي بن عبيدالله الأعرج ابن‌الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب المذكور في كتب الأنساب والرجال. يؤيّد ذلك ما ورد في

٢٦٦

الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِىِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم‌السلام وامْرَأَتَهُ وبَنِيهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ». ثُمَّ قَالَ : « مَنْ عَرَفَ هذَا الْأَمْرَ مِنْ ولْدِ عَلِيٍّ وفَاطِمَةَ عليهما‌السلام ، لَمْ يَكُنْ كَالنَّاسِ (١) ». (٢)

٩٨٣ / ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْوَشَّاءُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْحَلاَّلُ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام : أَخْبِرْنِي عَمَّنْ عَانَدَكَ ولَمْ يَعْرِفْ حَقَّكَ مِنْ ولْدِ فَاطِمَةَ عليها‌السلام ، هُوَ وسَائِرُ النَّاسِ سَوَاءٌ فِي الْعِقَابِ؟

فَقَالَ (٣) : « كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه‌السلام يَقُولُ : عَلَيْهِمْ ضِعْفَا (٤) الْعِقَابِ ». (٥)

٩٨٤ / ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِيثَمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي (٦) رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : الْمُنْكِرُ لِهذَا الْأَمْرِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وغَيْرِهِمْ سَوَاءٌ (٧)؟

__________________

رجال الكشّي ، ص ٥٩٣ ، الرقم ١١٠٩ ، من نقل خبر طويل عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن سليمان بن جعفر ، يشتمل على مضمون خبرنا هذا في ذيل عنوان عليّ بن عبيدالله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب. راجع : رجال النجاشي ، ص ٢٥٦ ، الرقم ٦٧١ ؛ تهذيب الأنساب ، ص ٢٢٢ ؛ الفخري في أنساب الطالبيّين ، ص ٥٧ ـ / ٥٨.

(١) في الوافي : « وذلك لأنّ أسباب البغض والحسد في ذوي القربى أكثر وأحكم وأشدّ ، فمن نفى عن نفسه ذلك منهم مع ذلك ، فقد أكمل الفتوّة والمروّة والرجوليّة ».

(٢) الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٥ ، ح ٥٨٩ ؛ البحار ، ج ٤٩ ، ص ٢٣٢ ، ح ١٨ وفيه إلى قوله : « من أهل الجنّة ».

(٣) في الوافي : « قال ».

(٤) ضِعْفُ الشي‌ء : مِثْلُهُ ، وضِعفاه : مثلاه. وقيل : الضِعْفُ : المِثْلُ فما زاد ، وليس بمقصور على مِثْلين ، فأقلّ الضعف محصور في الواحد ، وأكثره غير محصور. النهاية ، ج ٣ ، ص ٨٩ ( ضعف ). وفي الوافي : « وإنّما ضوعف عليهم العقاب لأنّ ضرر جحودهم أكثر ؛ لإفضائه إلى ضلال الناس بهم أكثر من ضلالهم بغيرهم.

(٥) الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٥ ، ح ٥٩٠.

(٦) هكذا في « ألف ، ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف ، جر ». وفي « و » والمطبوع : « حدّثنا ».

(٧) في « ف » والوافي : + « قال ».

٢٦٧

فَقَالَ لِي : « لَا تَقُلِ : الْمُنْكِرُ ، ولكِنْ قُلِ : الْجَاحِدُ (١) مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وغَيْرِهِمْ ».

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (٢) : فَتَفَكَّرْتُ (٣) فِيهِ (٤) ، فَذَكَرْتُ (٥) قَوْلَ اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ فِي إِخْوَةِ يُوسُفَ : ( فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ) (٦) (٧)

٩٨٥ / ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ الرِّضَا عليه‌السلام ، قُلْتُ (٨) لَهُ : الْجَاحِدُ مِنْكُمْ ومِنْ غَيْرِكُمْ سَوَاءٌ؟

فَقَالَ : « الْجَاحِدُ مِنَّا لَهُ ذَنْبَانِ ، والْمُحْسِنُ (٩) لَهُ حَسَنَتَانِ ». (١٠)

٨٩ ـ بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ عِنْدَ مُضِيِّ الْإِمَامِ‌

٩٨٦ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : إِذَا حَدَثَ عَلَى الْإِمَامِ حَدَثٌ ، كَيْفَ يَصْنَعُ النَّاسُ؟

__________________

(١) « الجاحد » : من الجُحود ، وهو الإنكار مع العلم. والإنكار من النَكِرَة ، وهو ضدّ المعرفة ، أو الإنكار أعمّ كما قال المازندراني. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٥١ ( جحد ) ، وص ٨٣٦ ( نكر ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ٣٣٦.

(٢) أبوالحسن كنية لرجلين من الرجال المذكورين في السند ، وهما معلى بن محمّد ؛ كما في رجال النجاشي ، ص ٤١٨ ، الرقم ١١١٧ ، وعلى بن إسماعيل الميثمي ، كما من الكتاب المذكور ، ص ٢٥١ ، الرقم ٦٦١. لكن الغالب في كنية المسمّينَ بعليّ هو أبوالحسن ، ولعلّ هذا الأمر يرجّح كون المراد من أبي الحسن هو عليّ بن إسماعيل الميثمي. أضف إلى ذلك أنّ عليّ بن إسماعيل كان متكلّماً صنّف كتاباً في الإمامة. راجع : الفهرست للطوسي ، ص ٢٦٣ ، الرقم ٣٧٤.

(٣) في حاشية « ف » : « ففكرت ».

(٤) في « ف ، بح » والوافي : ـ « فيه ».

(٥) في « ج » : « فذكّرت ».

(٦) يوسف (١٢) : ٥٨.

(٧) الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٦ ، ح ٥٩١.

(٨) في « ج » : « فقلت ». وفي « ف » : « وقلت ».

(٩) في « بس » : + « منّا ».

(١٠) قرب الإسناد ، ص ٣٥٧ ، ح ١٢٧٦ ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، مع زيادة واختلاف يسير الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٦ ، ح ٥٩٢.

٢٦٨

قَالَ : « أَيْنَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١) » قَالَ : « هُمْ فِي عُذْرٍ مَا دَامُوا فِي الطَّلَبِ ، وَهؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُمْ فِي عُذْرٍ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُهُمْ ». (٢)

٩٨٧ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، قَالَ :

حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (٣) ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلى ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام عَنْ قَوْلِ الْعَامَّةِ (٤) : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قَالَ : « مَنْ مَاتَ ولَيْسَ لَهُ إِمَامٌ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (٥) ».

فَقَالَ : « الْحَقُّ واللهِ ».

قُلْتُ : فَإِنَّ إِمَاماً هَلَكَ ورَجُلٌ بِخُرَاسَانَ لَايَعْلَمُ مَنْ وصِيُّهُ لَمْ (٦) يَسَعْهُ ذلِكَ؟

قَالَ : « لَا يَسَعُهُ ؛ إِنَّ الْإِمَامَ إِذَا هَلَكَ ، وقَعَتْ حُجَّةُ وصِيِّهِ (٧) عَلى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ ، وحَقَّ النَّفْرُ عَلى مَنْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ إِذَا بَلَغَهُمْ ؛ إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ يَقُولُ : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) ».

قُلْتُ : فَنَفَرَ قَوْمٌ ، فَهَلَكَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ ، فَيَعْلَمَ؟

قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ يَقُولُ : ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ

__________________

(١) التوبة (٩) : ١٢٢.

(٢) علل الشرائع ، ص ٥٩١ ، ح ٤١ ، بسنده عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب ، مع اختلاف يسير. تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ١١٧ ، ح ١٥٨ ، عن يعقوب بن شعيب ، إلى قوله : « قال هم في عذر ماداموا في الطلب » ، مع اختلاف يسير. وراجع : تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٣٠٧ الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢ ، ح ٥٩٣.

(٣) في الكافي ، ح ٨٠٠ : ـ « قال : حدّثنا حمّاد ». وهو سهو كما قدّمناه تفصيلاً ، فلاحظ.

(٤) في حاشية « ف » : + « قالوا ».

(٥) يجوز فيه التركيب الإضافي أيضاً.

(٦) في « ف » : « ولم ». وقوله : « لم يسعه ذلك » استفهام بتقدير أداته. أي لم يجز له المقام على الجهالة. راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ٣٣٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٢٢٩.

(٧) في « ب » : « وصيّته ».

٢٦٩

يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ) (١) ».

قُلْتُ : فَبَلَغَ الْبَلَدَ بَعْضُهُمْ ، فَوَجَدَكَ مُغْلَقاً عَلَيْكَ بَابُكَ ، ومُرْخًى (٢) عَلَيْكَ سِتْرُكَ لَا تَدْعُوهُمْ إِلى نَفْسِكَ ، ولَايَكُونُ مَنْ يَدُلُّهُمْ عَلَيْكَ ، فَبِمَا (٣) يَعْرِفُونَ ذلِكَ؟

قَالَ : « بِكِتَابِ اللهِ الْمُنْزَلِ ».

قُلْتُ : فَبِقَوْلِ اللهُ (٤) جَلَّ وعَزَّ ، كَيْفَ؟

قَالَ : « أَرَاكَ قَدْ تَكَلَّمْتَ فِي هذَا قَبْلَ الْيَوْمِ ». قُلْتُ : أَجَلْ ، قَالَ : « فَذَكِّرْ مَا أَنْزَلَ اللهُ فِي عَلِيٍّ عليه‌السلام ، ومَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فِي حَسَنٍ وحُسَيْنٍ عليهما‌السلام ، ومَا خَصَّ اللهُ بِهِ عَلِيّاً عليه‌السلام ، وَمَا قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مِنْ وصِيَّتِهِ إِلَيْهِ ، ونَصْبِهِ إِيَّاهُ ، ومَا يُصِيبُهُمْ ، وإِقْرَارِ الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ بِذلِكَ ، وو صِيَّتِهِ إِلَى الْحَسَنِ ، وتَسْلِيمِ الْحُسَيْنِ لَهُ ؛ يَقوُلُ (٥) اللهُ : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) » (٦)

قُلْتُ : فَإِنَّ النَّاسَ تَكَلَّمُوا فِي أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، ويَقُولُونَ : كَيْفَ تَخَطَّتْ (٧) مِنْ ولْدِ أَبِيهِ مَنْ لَهُ مِثْلُ قَرَابَتِهِ ومَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ ، وقَصُرَتْ (٨) عَمَّنْ هُوَ أَصْغَرُ (٩) مِنْهُ؟

فَقَالَ : « يُعْرَفُ صَاحِبُ هذَا الْأَمْرِ بِثَلَاثِ خِصَالٍ لَاتَكُونُ فِي غَيْرِهِ : هُوَ أَوْلَى النَّاسِ‌

__________________

(١) النساء (٤) : ١٠٠.

(٢) « مرخىً » على صيغة اسم المفعول ، من الإرخاء بمعنى الإرسال. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٤ ( رخا ).

(٣) في حاشية « بح ، بر » : « فبم ».

(٤) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بر ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « فيقول الله ». وفي حاشية الميرزا رفيعا : أنّ « كيف » مفعول لقول الله.

(٥) هكذا في « ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي. وفي بعض النسخ والمطبوع : « بقول ».

(٦) الأحزاب (٣٣) : ٦.

(٧) « تخطَّت » ، أي تجاوزت الإمامةُ. من قولك : تَخَطَّيتُه ، إذا تجاوزته. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٢٨ ( خطا ).

(٨) في شرح المازندراني : « قصرت ، على صيغة المجهول. يقال : قصرت الشي‌ء على كذا ، أي حبسته عليه ولم أتجاوز به إلى غيره ، فـ « عن » بمعنى « على ».

(٩) في « ف » : « أضعف ».

٢٧٠

بِالَّذِي قَبْلَهُ وهُوَ وصِيُّهُ ، وعِنْدَهُ سِلَاحُ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وو صِيَّتُهُ ، وذلِكَ عِنْدِي لَا أُنَازَعُ (١) فِيهِ ».

قُلْتُ : إِنَّ ذلِكَ مَسْتُورٌ مَخَافَةَ السُّلْطَانِ؟

قَالَ : « لَا يَكُونُ فِي سِتْرٍ (٢) إِلاَّ ولَهُ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ ؛ إِنَّ أَبِي اسْتَوْدَعَنِي مَا هُنَاكَ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، قَالَ : ادْعُ لِي شُهُوداً ، فَدَعَوْتُ أَرْبَعَةً مِنْ قُرَيْشٍ ، فِيهِمْ نَافِعٌ مَوْلى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : اكْتُبْ : هذَا مَا أَوْصى بِهِ يَعْقُوبُ بَنِيهِ : ( يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (٣) ، وأَوْصى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى ابْنِهِ (٤) جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِي بُرْدِهِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ الْجُمَعَ (٥) ، وأَنْ يُعَمِّمَهُ بِعِمَامَتِهِ ، وأَنْ يُرَبِّعَ قَبْرَهُ ، ويَرْفَعَهُ (٦) أَرْبَعَ (٧) أَصَابِعَ ، ثُمَّ يُخَلِّيَ عَنْهُ » ، فَقَالَ : « اطْوُوهُ (٨) ». ثُمَّ قَالَ لِلشُّهُودِ : « انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللهُ ».

فَقُلْتُ بَعْدَ مَا انْصَرَفُوا : « مَا كَانَ فِي (٩) هذَا يَا أَبَتِ (١٠) ، أَنْ (١١) تُشْهِدَ عَلَيْهِ؟ » ‌

فَقَالَ : « إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ تُغْلَبَ ، وأَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ لَمْ يُوصَ (١٢) ، فَأَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ (١٣) لَكَ حُجَّةٌ ، فَهُوَ الَّذِي إِذَا قَدِمَ الرَّجُلُ الْبَلَدَ ، قَالَ : مَنْ وصِيُّ فُلَانٍ؟ قِيلَ (١٤) : فُلَانٌ ».

__________________

(١) في « بح » : « ولا انازع ».

(٢) في حاشية « ف ، بس ، بف » : « سرّ ».

(٣) البقرة (٢) : ١٣٢.

(٤) في « ج ، بح ، بر ، بس ، بف » والكافي ، ح ٨٠٠ ، والوافي والإرشاد : ـ « ابنه ».

(٥) في الكافي ، ح ٨٠٠ : « الجمعة ».

(٦) في « ف » : « وأن يرفعه ».

(٧) في « بح » : « أربعة ». والإصبع ممّا يذكّر ويؤنّث.

(٨) في الكافي ، ح ٨٠٠ : « وأن يحلّ عنه أطماره عند دفنه » بدل « ثمّ يخلّي عنه ، فقال : اطووه ».

(٩) في مرآة العقول : ـ « في ». وقال : « وبعض النسخ : « في هذا ». والكلام يحتمل النفي والاستفهام ».

(١٠) في « ب ، ج ، بح » والوافي : « يا أبه ».

(١١) في « ف » : « أنت ».

(١٢) في « ف » : + « إليك ». وفي الكافي ، ح ٨٠٠ : + « إليه ». وقوله : « لم يوص » يجوز فيه كسر الصاد وفتحها.

(١٣) في « ض ، بح » : « يكون ». وفي الكافي ، ح ٨٠٠ : « الحجّة » بدل « حجّة ».

(١٤) « قيل » جواب « إذا ». وقوله : « قال » عطف على « قدم » بحذف العاطف.

٢٧١

قُلْتُ : فَإِنْ أَشْرَكَ (١) فِي الْوَصِيَّةِ؟ قَالَ : « تَسْأَلُونَهُ (٢) ؛ فَإِنَّهُ سَيُبَيِّنُ (٣) لَكُمْ ». (٤)

٩٨٨ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : أَصْلَحَكَ اللهُ ، بَلَغَنَا شَكْوَاكَ (٥) وأَشْفَقْنَا (٦) ، فَلَوْ أَعْلَمْتَنَا أَوْ عَلَّمْتَنَا (٧) مَنْ؟

فَقَالَ (٨) : « إِنَّ عَلِيّاً عليه‌السلام كَانَ عَالِماً ، والْعِلْمُ يُتَوَارَثُ ، فَلَا يَهْلِكُ عَالِمٌ إِلاَّ بَقِيَ (٩) مِنْ بَعْدِهِ مَنْ يَعْلَمُ مِثْلَ عِلْمِهِ ، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ ».

قُلْتُ : أَفَيَسَعُ النَّاسَ إِذَا مَاتَ الْعَالِمُ أَلاَّ يَعْرِفُوا الَّذِي بَعْدَهُ؟

__________________

(١) يجوز فيه المبنيّ للفاعل والمبنيّ للمفعول. وفي « بس » : « اشترك ».

(٢) في « بس » : « يسألونه ». وفي « بف » : « لا تسألونه ». فالتعليل للنفي لا المنفيّ.

(٣) يمكن أن يكون على صيغة المجهول أو المعلوم من التفعيل ، وعلى المجرّد المعلوم.

(٤) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب الإشارة والنصّ على أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق صلوات الله عليه ، ح ٨٠٠. وفي الإرشاد ، ج ٢ ، ص ١٨١ ، ... ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الأعلى ، وفيهما من قوله : « إنّ أبي استودعني ما هناك » إلى قوله : « فأردت أن تكون له حجّة ». بصائر الدرجات ، ص ١٨٢ ، ح ٢٨ ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عبد الأعلى ، من قوله : « قلت : فإنّ الناس تكلّموا في أبي جعفر عليه‌السلام » إلى قوله : « وذلك عندي لا انازع فيه ». وفي علل الشرائع ، ص ٥٩١ ، ح ٤٢ ، بسنده عن عبد الأعلى ، إلى قوله : « فَقَدْ وقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللهِ » ، مع اختلاف. الكافي ، كتاب الحجّة ، باب من مات وليس له إمام ... ، ح ٩٧٨ ، بسند آخر عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلى قوله : « مات ميتة جاهليّة » مع اختلاف يسير وزيادة في آخره. راجع : الكافي ، كتاب الحجّة ، باب الامور التي توجب حجّة الإمام عليه‌السلام ، ح ٧٤٨ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ١٨٠ ، ح ٢٢ ؛ والخصال ، ص ١١٧ ، باب الثلاثة ، ح ٩٩ ؛ وتفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٤٩ ، ح ١٦٣ ؛ وج ٢ ، ص ١١٨ ، ح ١٦١ الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٨ ، ح ٥٩٥.

(٥) الشَكْوى والشكاة والشِكاية : المرض. النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٩٧ ( شكا ).

(٦) في الوافي : « أشفقنا : خفنا أن تجيب داعي الله وتختار الآخرة على الدنيا ، فنبقى في حيرة من أمرنا ».

(٧) في مرآة العقول والوافي : « علمنا ». قال في المرآة : « وفي بعض النسخ : أو علّمتنا ».

(٨) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي. وفي المطبوع : « قال ».

(٩) في « ف » : « قد بقي ».

٢٧٢

فَقَالَ : « أَمَّا أَهْلُ هذِهِ الْبَلْدَةِ ، فَلَا ـ يَعْنِي الْمَدِينَةَ ـ وأَمَّا غَيْرُهَا مِنَ (١) الْبُلْدَانِ ، فَبِقَدْرِ مَسِيرِهِمْ ؛ إِنَّ اللهَ يَقُولُ : ( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (٢) ».

قَالَ (٣) : قُلْتُ : أَرَأَيْتَ مَنْ مَاتَ فِي ذلِكَ؟

فَقَالَ : « هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ ورَسُولِهِ ، ثُمَّ يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ ، فَقَدْ وقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ » (٤)

قَالَ : قُلْتُ : فَإِذَا قَدِمُوا بِأَيِّ شَيْ‌ءٍ يَعْرِفُونَ صَاحِبَهُمْ؟

قَالَ : « يُعْطَى السَّكِينَةَ والْوَقَارَ والْهَيْبَةَ (٥) ». (٦)

٩٠ ـ بَابٌ فِي أَنَّ الْإِمَامَ مَتى يَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ (٧) صَارَ إِلَيْهِ‌

٩٨٩ / ١. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ أَبِي جَرِيرٍ الْقُمِّيِّ ، قَالَ :

__________________

(١) في « ب » : « في ».

(٢) التوبة (٩) : ١٢٢.

(٣) في « ف » : ـ « قال ».

(٤) إشارة إلى الآية ١٠٠ من سورة النساء (٤)

(٥) « الهيبة » : المخافة والتقيّة ، كالمُهابة. وهابَه يَهابُه هَيْباً ومَهابة : خافه. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٣٩ ( هيب ).

(٦) علل الشرائع ، ص ٥٩١ ، ح ٤٠ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى. وفي الكافي ، كتاب الحجّة ، باب أنّ الأئمّة عليهم‌السلام ورثة العلم ... ، ح ٥٩٤ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ١١٨ ، ح ٢ ، بسندهما عن النضر بن سويد ، من قوله : « إنّ عليّاً كان عالماً » إلى قوله : « أو ما شاء الله ». راجع : الكافي ، كتاب الحجّة ، نفس الباب ، ح ٥٩٥ و ٥٩٩ ؛ والمحاسن ، ص ٢٣٥ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٩٦ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ١١٤ ـ ١١٦ ، ح ١ و ٤ و ٨ و ١٠ ؛ وص ١١٧ ـ ١١٨ ، ح ١ و ٣ و ٤ ؛ وص ٥١١ ، ح ٢٠ ؛ وكمال الدين ، ص ٢٢٣ ، ح ١٣ الوافي ، ج ٢ ، ص ١٢٧ ، ح ٥٩٤.

(٧) في « ب » : ـ « قد ».

٢٧٣

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، قَدْ عَرَفْتَ انْقِطَاعِي إِلى أَبِيكَ ، ثُمَّ إِلَيْكَ ، ثُمَّ حَلَفْتُ لَهُ ـ وحَقِّ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحَقِّ فُلَانٍ وفُلَانٍ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ ـ بِأَنَّهُ (١) لَايَخْرُجُ مِنِّي (٢) مَا تُخْبِرُنِي (٣) بِهِ إِلى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ، وسَأَلْتُهُ عَنْ أَبِيهِ : أَحَيٌّ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ (٤)؟ فَقَالَ : « قَدْ واللهِ مَاتَ ».

فَقُلْتُ (٥) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ شِيعَتَكَ يَرْوُونَ أَنَّ فِيهِ سُنَّةَ أَرْبَعَةِ أَنْبِيَاءَ (٦)؟ قَالَ : « قَدْ وَاللهِ ـ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ـ هَلَكَ ».

قُلْتُ : هَلَاكَ غَيْبَةٍ ، أَوْ هَلَاكَ مَوْتٍ؟ قَالَ : « هَلَاكَ مَوْتٍ ». فَقُلْتُ : لَعَلَّكَ مِنِّي فِي تَقِيَّةٍ؟ فَقَالَ : « سُبْحَانَ اللهِ! ». قُلْتُ : فَأَوْصى إِلَيْكَ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». قُلْتُ : فَأَشْرَكَ مَعَكَ فِيهَا أَحَداً؟ قَالَ : « لَا ». قُلْتُ : فَعَلَيْكَ مِنْ إِخْوَتِكَ إِمَامٌ؟ قَالَ : « لَا ». قُلْتُ : فَأَنْتَ الْإِمَامُ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». (٧)

٩٩٠ / ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِلرِّضَا عليه‌السلام : إِنَّ رَجُلاً عَنى (٨) أَخَاكَ إِبْرَاهِيمَ ، فَذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَاكَ فِي الْحَيَاةِ ، وأَنَّكَ (٩)

__________________

(١) في الوسائل : « أنّه ».

(٢) في الوسائل : ـ « منّي ».

(٣) في « ب ، ج ، بس ، بف » : « يخبرني » ، أي الإمام.

(٤) في « ف ، بح » : « أم ميّت ».

(٥) في الوافي : « قلت ».

(٦) إنّ ذلك مرويّ في القائم عليه‌السلام ، لا الكاظم عليه‌السلام ، إلاّرؤساء الواقفيّة لبّسوا الأمر على أصحابهم بأمثال هذه التحريفات لأغراضهم الدنيويّة.

وقوله : « فيه سنّة أربعة أنبياء » يعني سنّة موسى وعيسى ويوسف ومحمّد عليهم‌السلام. فأمّا سنّة موسى : فخائف مترقّب ؛ وأمّا سنّة عيسى : فيقال : إنّه مات ولم يمت ؛ وأمّا سنّة يوسف : فالسجن والغيبة ؛ وأمّا سنّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فالسيف والجهاد عند ظهور دولته. راجع : الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٧٤ ؛ شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ٣٦٦.

(٧) الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٧٤ ، ح ١٢٧٩ ؛ الوسائل ، ج ٢٣ ، ص ٢٦١ ، ح ٢٩٥٢٤.

(٨) في « ج ، ض ، بر » والوافي : « عنّى » بتشديد النون ، أي أوقعه في التعب والعناء. وفي حاشية « بر » : « غرّ ».

(٩) في البحار ، ج ٤٨ : « وأنت ».

٢٧٤

تَعْلَمُ مِنْ ذلِكَ (١) مَا يَعْلَمُ (٢)؟

فَقَالَ : « سُبْحَانَ اللهِ! يَمُوتُ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولَايَمُوتُ مُوسى؟! قَدْ واللهِ مَضى كَمَا مَضى رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولكِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وتَعَالى ـ لَمْ يَزَلْ مُنْذُ قَبَضَ نَبِيَّهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ هَلُمَّ جَرّاً ـ يَمُنُّ بِهذَا الدِّينِ عَلى أَوْلَادِ الْأَعَاجِمِ ، ويَصْرِفُهُ عَنْ قَرَابَةِ نَبِيِّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ هَلُمَّ جَرّاً ـ فَيُعْطِي هؤُلَاءِ ، ويَمْنَعُ هؤُلَاءِ ، لَقَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ فِي هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ أَلْفَ دِينَارٍ بَعْدَ أَنْ أَشْفى (٣) عَلى طَلَاقِ نِسَائِهِ وعِتْقِ مَمَالِيكِهِ ، ولكِنْ قَدْ (٤) سَمِعْتُ مَا لَقِيَ يُوسُفُ مِنْ (٥) إِخْوَتِهِ ». (٦) ‌١ / ٣٨١‌

٩٩١ / ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ (٧) عليه‌السلام : إِنَّهُمْ رَوَوْا عَنْكَ فِي مَوْتِ أَبِي الْحَسَنِ (٨) عليه‌السلام أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَكَ (٩) : عَلِمْتَ ذلِكَ بِقَوْلِ سَعِيدٍ (١٠)؟

فَقَالَ : « جَاءَ سَعِيدٌ بَعْدَ مَا عَلِمْتُ بِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِ ».

قَالَ (١١) : وسَمِعْتُهُ يَقُولُ : « طَلَّقْتُ أُمَّ فَرْوَةَ بِنْتَ (١٢) إِسْحَاقَ فِي رَجَبٍ بَعْدَ مَوْتِ‌

__________________

(١) في « ج » : + « مثل ».

(٢) في « ب ، ض ، بح ، بر » وشرح المازندراني ومرآة العقول والبحار : « ما لا يعلم » بدل « ما يعلم » ، أي لا يعلم الرجل مكانه وموضعَ غيبته.

(٣) « أشفى على الشي » أي أشرف عليه. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٩٤ ( شفى ).

(٤) في شرح المازندراني : ـ « قد ».

(٥) في الوافي : « عن ».

(٦) الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٧٣ ، ح ١٢٧٨ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ٣٠٣ ؛ وج ٤٩ ، ص ٢٣٢ ، ح ١٨.

(٧) في حاشية « ج » : + « الرضا ».

(٨) في حاشية « ج » : + « موسى ».

(٩) في « ف » : + « إنّك ».

(١٠) احتمل المازندراني في الكلام الاستفهام والإخبار ، وقال : « يحتمل الاستفهام والإخبار وأن يكون القائل واقفياً في صدد الإنكار والتمسّك بأنّ قول سعيد لايفيد العلم. وسعيد قيل : هو خادم أبي الحسن عليه‌السلام ». وفي الوافي : « سعيد هذا هو الناعي بموته إلى المدينة من بغداد ».

(١١) في « ب » : « وقال ».

(١٢) في « ف » : « ابنة ». وفي الوافي : « امّ فروة هي إحدى نساء الكاظم عليه‌السلام. ولعلّ الرضا عليه‌السلام كان وكيلاً في طلاقها من

٢٧٥

أَبِي الْحَسَنِ بِيَوْمٍ ». قُلْتُ : طَلَّقْتَهَا (١) وقَدْ عَلِمْتَ بِمَوْتِ أَبِي الْحَسَنِ؟ قَالَ : « نَعَمْ (٢) ». قُلْتُ : قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْكَ سَعِيدٌ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». (٣)

٩٩٢ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِلرِّضَا عليه‌السلام : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِمَامِ ، مَتى يَعْلَمُ أَنَّهُ إِمَامٌ ، حِينَ يَبْلُغُهُ أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ مَضى ، أَوْ حِينَ يَمْضِي ، مِثْلَ (٤) أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام قُبِضَ بِبَغْدَادَ وأَنْتَ هَاهُنَا؟

قَالَ : « يَعْلَمُ ذلِكَ حِينَ يَمْضِي صَاحِبُهُ ». قُلْتُ : بِأَيِّ شَيْ‌ءٍ؟ قَالَ : « يُلْهِمُهُ اللهُ (٥) ». (٦)

٩٩٣ / ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الشَّهْبَانِيِّ (٧) ، عَنْ‌

__________________

قبل أبيه عليه‌السلام. وقد مضى أنّه فوّض أمر نسائه إليه صلوات الله عليه ، وإنّما جاز له عليه‌السلام طلاقها بعدُ موت أبيه ؛ لأنّ أحكام الشريعة تجري على ظاهر الأمر ، دون باطنه ، وموت أبيه عليه‌السلام كان لم يتحقّق بعد للناس في ظاهر الأمر هناك ، وإنّما علمه عليه‌السلام بنحو آخر غير النعي المعهود. إن قيل : ما فائدة مثل هذا الطلاق الذي يجي‌ء بعده ما يكشف عن عدم صحّته؟ قلنا : أمرهم عليهم‌السلام أرفع من أن تناله عقولنا ، فلعلّهم رأوا فيه مصلحة لانعلمها ».

(١) في مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٢٤٠ : « وربّما يقرأ : « طلّعتها » بالعين المهملة على بناء التفعيل ، أي أطلعتهاوأخبرتها. وهذا مخالف للمضبوط في النسخ ».

(٢) في « ف » : + « قال ».

(٣) بصائر الدرجات ، ص ٤٦٧ ، ح ٤ ، من قوله : « طلّقت امّ فروة بنت إسحاق » ؛ وفيه ، ح ٦ ، إلى قوله : « علمت به قبل مجيئه » وفيهما بسند آخر ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٦٢ ، ح ١٢٦٥ ؛ البحار ، ج ٢٧ ، ص ٢٩٣ ، ح ٦.

(٤) في مرآة العقول : « ومثل ، مرفوع خبر مبتدأ محذوف ، أي موضع المسألة مثل هذه الواقعة ، أو منصوب بنيابة المفعول المطلق ، أي مثل مضيّ أبي الحسن ».

(٥) في البصائر : + « ذلك ».

(٦) بصائر الدرجات ، ص ٤٦٦ ، ح ١ ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٦٢ ، ح ١٢٦٤ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ٢٤٧ ، ح ٥٥.

(٧) في « ألف ، ب ، ج ، بح ، بس ، بف » : « الميشائي ». وفي « ض » : « المنشائي ». وفي « ف » « النشائي ». وفي « و » : « الميشاني ». وفي « بر » وحاشية « و، بر ، بس ، بف » كما في المتن.

ولم نجد مِن هذه الألقاب ـ حسب تتبّعنا في الأسناد وكتب الأنساب والألقاب ـ إلاّ « النشائي ». راجع : الأنساب للسمعاني ، ج ٥ ، ص ٤٨٩ ؛ توضيح المشتبه ، ج ٥ ، ص ١٨ ؛ وج ٩ ، ص ٧١.

فعليه يحتمل إمّا صحّة « النشائي » ، وإمّا أن يكون الصواب هو « المَيساني » ، وهذا وإن لم يرد في النسخ لكنّه

٢٧٦

هَارُونَ بْنِ الْفَضْلِ ، قَالَ :

رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ عليه‌السلام فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، فَقَالَ : ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (١) مَضى أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام ». فَقِيلَ لَهُ : وكَيْفَ عَرَفْتَ؟ قَالَ : « لِأَنَّهُ تَدَاخَلَنِي (٢) ذِلَّةٌ لِلّهِ لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهَا ». (٣)

٩٩٤ / ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُسَافِرٍ ، قَالَ :

أَمَرَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‌السلام ـ حِينَ أُخْرِجَ بِهِ ـ أَبَا الْحَسَنِ (٤) عليه‌السلام أَنْ يَنَامَ عَلى بَابِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ أَبَداً مَا كَانَ (٥) حَيّاً إِلى أَنْ يَأْتِيَهُ خَبَرُهُ (٦) ، قَالَ : فَكُنَّا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ نَفْرُشُ لِأَبِي الْحَسَنِ فِي الدِّهْلِيزِ (٧) ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ (٨) فَيَنَامُ ، فَإِذَا أَصْبَحَ انْصَرَفَ إِلى مَنْزِلِهِ ، قَالَ : فَمَكَثَ عَلى هذِهِ الْحَالِ أَرْبَعَ سِنِينَ ، فَلَمَّا كَانَ (٩) لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي ، أَبْطَأَ عَنَّا وفُرِشَ لَهُ ، فَلَمْ يَأْتِ كَمَا كَانَ يَأْتِي ، فَاسْتَوْحَشَ الْعِيَالُ وذُعِرُوا (١٠) ، ودَخَلَنَا أَمْرٌ عَظِيمٌ مِنْ إِبْطَائِهِ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، أَتَى الدَّارَ ، ودَخَلَ إِلَى (١١) الْعِيَالِ ، وقَصَدَ إِلى أُمِّ أَحْمَدَ ، فَقَالَ‌

__________________

مذكور في كتب الأنساب والألقاب. وتصحيف المَيساني بالميشاني والمنشائي والميشايي ـ كما عليها أكثر النسخ ـ سهل جدّاً. راجع : الأنساب للسمعاني ، ج ٥ ، ص ٤٣١ ؛ اللباب في تهذيب الأنساب ، ج ٣ ، ص ٢٨٢.

وأمّا ما ورد في بصائر الدرجات ، ص ٤٦٧ ، ح ٣ من « الشيباني » ، فالظاهر أنّه غير معتمد عليه ، ناشٍ من تكرّر « أبي المفضّل الشيباني » في الأسناد ، كما يدلّ عليه البحار ، ج ٥٠ ، ص ١٣٥ ، ح ١٦ نقلاً من البصائر.

(١) البقرة (٢) : ١٥٦.

(٢) أي دخلني ، من تداخل الامور ، وهو دخول بعضها في بعض. راجع : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٢٤٣ ( دخل ).

(٣) بصائر الدرجات ، ص ٤٦٧ ، ح ٥ ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي الفضل ، عن هارون بن الفضل ؛ وفيه ، ح ٣ ، بسنده عن أبي الفضل الشيباني ، عن هارون بن الفضل الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٦٤ ، ح ١٢٦٧ ؛ البحار ، ج ٥٠ ، ص ١٤ ، ح ١٥.

(٤) في « ب » : + « عليّ بن موسى ».

(٥) في « بر » : « مادام ».

(٦) في « ب » : « خبر ».

(٧) في « ف » : « الدهاليز ». و « الدِهليز » : ما بين الدار والباب. فارسي معرّب. الصحاح ، ج ٣ ، ص ٨٧٨ ( دهلز ).

(٨) في « بح » : « يأتي العشاء ».

(٩) في حاشية « ف » : « كانت ».

(١٠) يجوز فيه المبنيّ للفاعل أيضاً. وهو من الذُعر بمعنى الخوف.

(١١) في حاشية « بح » : « على ».

٢٧٧

لَهَا : « هَاتِ (١) الَّتِي (٢) أَوْدَعَكِ أَبِي ». فَصَرَخَتْ (٣) ، ولَطَمَتْ وجْهَهَا ، وشَقَّتْ جَيْبَهَا (٤) ، وقَالَتْ : مَاتَ واللهِ سَيِّدِي ، فَكَفَّهَا ، وقَالَ لَهَا : « لَا تَكَلَّمِي (٥) بِشَيْ‌ءٍ ، ولَاتُظْهِرِيهِ (٦) حَتّى يَجِي‌ءَ الْخَبَرُ إِلَى الْوَالِي ».

فَأَخْرَجَتْ إِلَيْهِ سَفَطاً (٧) ، وأَلْفَيْ دِينَارٍ ، أَوْ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ ، فَدَفَعَتْ ذلِكَ أَجْمَعَ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ ، وقَالَتْ : إِنَّهُ قَالَ لِي فِيمَا بَيْنِي وبَيْنَهُ ـ وكَانَتْ أَثِيرَةً (٨) عِنْدَهُ ـ : « احْتَفِظِي بِهذِهِ (٩) الْوَدِيعَةِ عِنْدَكِ ، لَا (١٠) تُطْلِعِي عَلَيْهَا أَحَداً حَتّى أَمُوتَ ، فَإِذَا مَضَيْتُ ، فَمَنْ أَتَاكِ مِنْ وُلْدِي فَطَلَبَهَا مِنْكِ ، فَادْفَعِيهَا إِلَيْهِ ، واعْلَمِي أَنِّي قَدْ مِتُّ (١١) ». وقَدْ جَاءَنِي (١٢) واللهِ عَلَامَةُ سَيِّدِي.

فَقَبَضَ ذلِكَ مِنْهَا ، وأَمَرَهُمْ (١٣) بِالْإِمْسَاكِ جَمِيعاً إِلى أَنْ ورَدَ الْخَبَرُ ، وانْصَرَفَ فَلَمْ يَعُدْ (١٤) لِشَيْ‌ءٍ (١٥) مِنَ الْمَبِيتِ ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ ، فَمَا لَبِثْنَا إِلاَّ أَيَّاماً يَسِيرَةً حَتّى جَاءَتِ‌

__________________

(١) في البحار : « هاتي ».

(٢) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر » والوافي والبحار : « الذي ».

(٣) « فَصَرَخَتْ » ، أي صاحت صيحةً شديدةً. راجع : القاموس المحيط ، ج ٥ ، ص ٣٧٨ ( صرخ ).

(٤) في « ج » : « زِيقها ». والزِيق من الثوب ما أحاط منه بالعنق ، وما كفّ من جانب الجيب.

(٥) في « بح » : « لا تكلّمني ».

(٦) في « بح » : « لا تظهر به ».

(٧) « السَفَطُ » : واحد الأسفاط ، وهو ما يُعَبَّى ويُصانُ فيه الطيب وما أشبهه من آلات النساء ، ويستعار للتابوت‌الصغير. وقال الفيض : « وسَفَط ، معرّب سَبَد ». المغرب ، ص ٢٢٦ ( سفط ).

(٨) في « ف ، بر ، بف » وحاشية « بح » : « أميره ». وقوله : « كانت أثيرة عنده » ، معترضة من كلام مسافر. و « عنده » أي‌عند الكاظم عليه‌السلام. و « الأثيرة » : المكينة والمُكْرَمة. يقال : رجل أثير ، أي مكين مُكْرَم ، والجمع اثَراء ، والانثى أثيرة. مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ٢٤١ ؛ لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٧ ( أثر ).

(٩) في « بح » : « هذه ».

(١٠) في « ف » : « ولا ».

(١١) في « بر » : « مُتّ » بضمّ الميم وجاء جمع المخاطب في القرآن بضمّ الميم وكسرها كما في آل عمران في‌الآيتين : ١٥٧ و ١٥٨ وفي سورة المؤمنون في الآية : ٣٥.

(١٢) في « ض ، ف ، بح ، بر » والوافي والبحار : « جاءتني ».

(١٣) في « ف » : « فأمرهم ».

(١٤) في « بح » : « ولم يعد ».

(١٥) في « ف » والبحار : « بشي‌ء ».

٢٧٨

الْخَرِيطَةُ (١) بِنَعْيِهِ (٢) ، فَعَدَدْنَا (٣) الْأَيَّامَ ، وتَفَقَّدْنَا الْوَقْتَ (٤) ، فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي فَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام مَا فَعَلَ مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنِ الْمَبِيتِ وقَبْضِهِ لِمَا قَبَضَ. (٥)

٩١ ـ بَابُ حَالَاتِ الْأَئِمَّةِ عليهم‌السلام فِي السِّنِّ‌

٩٩٥ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ يَزِيدَ (٦) الْكُنَاسِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه‌السلام : أَكَانَ (٧) عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه‌السلام ـ حِينَ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ ـ حُجَّةَ اللهِ (٨) عَلى أَهْلِ زَمَانِهِ؟

فَقَالَ : « كَانَ يَوْمَئِذٍ نَبِيّاً حُجَّةَ اللهِ (٩) غَيْرَ مُرْسَلٍ ؛ أَمَا تَسْمَعُ (١٠) لِقَوْلِهِ حِينَ قَالَ : ( إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ) (١١) ».

__________________

(١) الخَريطَةُ : هَنَةٌ مثل الكيس تكون من الخِرَق والأَدَم تُشْرَج على ما فيها ، أي يُداخَلُ بين أشراجها وعراها ويُشَدُّفاه. قال الفيض : « الخريطة : شدّة البكاء ». فكأنّه أخذه من استخرط الرجل في البكاء ، أي لجّ فيه واشتدّ. راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ( خرط ) ؛ الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٦٥.

(٢) النَعْيُ : خبر الموت. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥١٢ ( نعا ).

(٣) في الوافي : « فعدّدنا ».

(٤) تفقّدنا الوقت ، أي طلبنا وقت فوته عليه‌السلام. والتفقّد : طلب الشي‌ء عند غيبته. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٢٠ ( فقد ).

(٥) الوافي ، ج ٣ ، ص ٦٦٣ ، ح ١٢٦٦ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ٢٤٦ ، ح ٥٣.

(٦) في « ب ، ض ، و » : « بريد ». وهو سهو. ويزيد هذا ، هو يزيد أبو خالد الكناسي ، روى عنه هشام بن سالم في بعض الأسناد. راجع : رجال البرقي ، ص ١٢ ؛ رجال الطوسي ، ص ١٤٩ ، الرقم ١٦٥٥ ، وص ٣٢٣ ، الرقم ٤٨٣٣ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٩ ، ص ٤٢٧. ويأتي البحث عن ذلك تفصيلاً في الكافي ، ذيل ح ١١٠٧٣ ، فلاحظ.

(٧) في « ب » والبحار ، ج ١٤ : « كان » بدون الهمزة.

(٨) في « ج ، بس ، بف » وحاشية « بر » والبحار ، ج ١٨ : « لله ».

(٩) في « ج ، بس ، بف » وحاشية « بر » والبحار ، ج ١٨ : « لله ».

(١٠) في « ف » : ـ « أما تسمع ».

(١١) مريم (١٩) : ٣٠ ـ ٣١.

٢٧٩

قُلْتُ (١) : فَكَانَ يَوْمَئِذٍ حُجَّةً لِلّهِ (٢) عَلى زَكَرِيَّا فِي تِلْكَ الْحَالِ وهُوَ فِي الْمَهْدِ؟

فَقَالَ : « كَانَ عِيسى فِي تِلْكَ الْحَالِ آيَةً لِلنَّاسِ ، ورَحْمَةً مِنَ اللهِ لِمَرْيَمَ حِينَ (٣) تَكَلَّمَ ، فَعَبَّرَ (٤) عَنْهَا ، وكَانَ نَبِيّاً حُجَّةً عَلى مَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ ، ثُمَّ صَمَتَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ حَتّى مَضَتْ لَهُ سَنَتَانِ ، وكَانَ (٥) زَكَرِيَّا الْحُجَّةَ لِلّهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ عَلَى النَّاسِ بَعْدَ صَمْتِ عِيسى بِسَنَتَيْنِ (٦) ، ثُمَّ مَاتَ زَكَرِيَّا ، فَوَرِثَهُ ابْنُهُ يَحْيَى الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ وهُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ ؛ أَمَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ : ( يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٧)

فَلَمَّا بَلَغَ عِيسى عليه‌السلام سَبْعَ سِنِينَ ، تَكَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ والرِّسَالَةِ حِينَ أَوْحَى اللهُ تَعَالى إِلَيْهِ ، فَكَانَ عِيسَى الْحُجَّةَ عَلى يَحْيى وعَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ ، ولَيْسَ تَبْقَى الْأَرْضُ ـ يَا أَبَا خَالِدٍ ـ يَوْماً واحِداً بِغَيْرِ حُجَّةٍ لِلّهِ (٨) عَلَى النَّاسِ مُنْذُ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ آدَمَ عليه‌السلام ، وأَسْكَنَهُ الْأَرْضَ ».

فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَكَانَ (٩) عَلِيٌّ عليه‌السلام حُجَّةً مِنَ اللهِ ورَسُولِهِ عَلى هذِهِ الْأُمَّةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

فَقَالَ : « نَعَمْ ، يَوْمَ أَقَامَهُ لِلنَّاسِ (١٠) ، ونَصَبَهُ عَلَماً ، ودَعَاهُمْ إِلى ولَايَتِهِ ، وأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ ».

قُلْتُ : وكَانَتْ (١١) طَاعَةُ عَلِيٍّ عليه‌السلام واجِبَةً عَلَى النَّاسِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبَعْدَ وَفَاتِهِ؟

__________________

(١) في « ج » : ـ « قلت ».

(٢) في « بح » والبحار ، ج ١٤ : « الله ».

(٣) في حاشية « بر » : « حتّى ».

(٤) في « بف » : « فغيّر ». وفي مرآة العقول : « وفي بعض النسخ : فغيّر بالغين المعجمة والياء ، أي غيّر وأزال التهمةعنها ، ولعلّه تصحيف ».

(٥) في « ب » : « فكان ».

(٦) في « بر » : « سنتين ».

(٧) مريم (١٩) : ١٢.

(٨) في « بس » : « الله ».

(٩) في « بح » ومرآة العقول : « كان » بدون الهمزة.

(١٠) في « ب ، ج » : + « حجّة ».

(١١) في « ف ، بح ، بس ، بف » والوافي : « فكانت ».

٢٨٠