الكافي - ج ٢

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٢

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-386-8
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٤٤

صِدِّيقَةً ، لَمْ تُدْرَكْ (١) فِي آلِ الْحَسَنِ امْرَأَةٌ مِثْلُهَا ». (٢)

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ ، مِثْلَهُ.

١٢٧٦ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ (٣) ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكَانَ رَجُلاً مُنْقَطِعاً إِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، وكَانَ (٤) يَقْعُدُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهُوَ مُعْتَجِرٌ (٥) بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ ، وكَانَ يُنَادِي : يَا بَاقِرَ الْعِلْمِ ، يَا بَاقِرَ الْعِلْمِ (٦) ، فَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ : جَابِرٌ يَهْجُرُ (٧) ، فَكَانَ يَقُولُ : لَاوَ اللهِ ، مَا أَهْجُرُ ، ولكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يَقُولُ : إِنَّكَ سَتُدْرِكُ رَجُلاً مِنِّي اسْمُهُ اسْمِي ، وشَمَائِلُهُ (٨) شَمَائِلِي ،

__________________

(١) في « ب ، بس » : « لم يدرك ».

(٢) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٦٨ ، ح ١٣٩٢ ؛ البحار ، ج ٤٦ ، ص ٣٦ ، ح ٧.

(٣) الخبر أورده الكشّي في رجاله ، ص ٤١ ، الرقم ٨٨ ، بسنده عن محمّد بن سنان ، عن حريز ، عن أبان بن تغلب ، وهو الظاهر ؛ فقد مات محمّد بن سنان سنة عشرين ومائتين ، وأبان بن تغلب مات في حياة أبي عبد الله عليه‌السلام ، سنة إحدى وأربعين ومائة ، أو أربعين ومائة ، فلا تستقيم رواية محمّد بن سنان عن أبان هذا مباشرةً. راجع : رجال النجاشي ، ص ١٠ ـ ١٣ ، الرقم ٧ ، وص ٣٢٨ ، الرقم ٨٨٨ ؛ الفهرست للطوسي ، ص ٤٤ ـ ٤٦ ، الرقم ٦١ ؛ رجال الطوسي ، ص ١٠٩ ، الرقم ١٠٦٦ ؛ تهذيب الكمال ، ج ٢ ، ص ٦ ـ ٨ ، الرقم ١٣٥ ؛ تاريخ الإسلام للذهبي ، ج ٩ ، ص ٥٥.

(٤) في « ض ، ف ، بس ، بف » : « فكان ».

(٥) في حاشية « ج ، بح ، بف » والاختصاص ورجال الكشّي : « معتمّ ». والاعتجار بالعمامة : هو أن يَلُفَّها على رأسه‌ويَرُدَّ طرفها على وجهه ، ولا يعمل منها شيئاً تحت ذقنه. النهاية ، ج ٣ ، ص ١٨٥ ( عجر ).

(٦) في الوافي : ـ « يا باقر العلم » الثاني.

(٧) في « ض » : « هجر ». ويقال : أهجر في منطقه يُهجر إهجاراً ، إذا أفحش ، وكذلك إذا أكثر الكلام في ما لا ينبغي. والاسم الهُجْر. وهَجَرَ يَهْجُرُ هَجْراً ، إذا خلط في كلامه وإذا هذى. وكلاهما جائز هاهنا. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٤٥ ( هجر ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٣٥.

(٨) « الشَمائلُ » : جمع الشِمال ، وهو الطبع والخُلُق. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٣٦٥ ( شمل ).

٥٢١

يَبْقُرُ (١) الْعِلْمَ بَقْراً ، فَذَاكَ الَّذِي دَعَانِي إِلى مَا أَقُولُ ».

قَالَ (٢) : « فَبَيْنَا جَابِرٌ يَتَرَدَّدُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ إِذْ مَرَّ بِطَرِيقٍ ، وفِي (٣) ذَاكَ (٤) الطَّرِيقِ كُتَّابٌ (٥) فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عليهما‌السلام ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ ، قَالَ : يَا غُلَامُ ، أَقْبِلْ ، فَأَقْبَلَ ؛ ثُمَّ قَالَ لَهُ (٦) : أَدْبِرْ ، فَأَدْبَرَ ؛ ثُمَّ قَالَ (٧) : شَمَائِلُ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ؛ يَا غُلَامُ ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ : اسْمِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ يُقَبِّلُ (٨) رَأْسَهُ ويَقُولُ : بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي ، أَبُوكَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، ويَقُولُ ذلِكَ ».

قَالَ : « فَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِلى أَبِيهِ وهُوَ ذَعِرٌ (٩) ، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ لَهُ : يَا بُنَيَّ ، وقَدْ فَعَلَهَا جَابِرٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : الْزَمْ بَيْتَكَ يَا بُنَيَّ ؛ فَكَانَ (١٠) جَابِرٌ يَأْتِيهِ طَرَفَيِ النَّهَارِ ، وكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ : وا عَجَبَاهْ (١١) لِجَابِرٍ يَأْتِي هذَا الْغُلَامَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وهُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (١٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَضى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام ، فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَأْتِيهِ عَلى وجْهِ الْكَرَامَةِ لِصُحْبَتِهِ‌

__________________

(١) « يبقر العلم » ، أي يشقّه ويفتحه ويسعه ، من البقر ، وهو في الأصل : الشقّ والفتح والتوسعة. والتبقّر : التوسّع في العلم والمال. قال ابن منظور : « وكان يقال لمحمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ : الباقر ، رضوان الله عليهم ؛ لأنّه بقر العلم وعرف أصله واستنبط فرعه وتبقّر في العلم ». راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٧٤ ( بقر ).

(٢) في « بح » : ـ « قال ».

(٣) هكذا في « ض ، بر ، بف » وحاشية « ج » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « في » بدون الواو.

(٤) في الوافي : « ذلك ».

(٥) « الكتّاب » : المَكْتَبُ ، وهو موضع تعليم الكُتّاب. والجمع : الكتاتيب ، قاله الجوهري وابن منظور. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٠٨ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٦٩٩ ( كتب ).

(٦) في الوافي : ـ « له ».

(٧) في حاشية « ف » : + « هذا ».

(٨) في « ف » : « فقبّل ».

(٩) « ذعر » : خائف ؛ من الذُعْر ، وهو الخوف والفزع ، وهو الاسم. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣٠٦ ( ذعر ).

(١٠) في « بر ، بف » والوافي والاختصاص : « وكان ».

(١١) في « ب » : « وا عجبا ».

(١٢) في « ب ، ج ، ف ، بح ، بر ، بف » : « من أصحاب محمّد ».

٥٢٢

لِرَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

قَالَ : « فَجَلَسَ عليه‌السلام يُحَدِّثُهُمْ عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالى ، فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ : مَا رَأَيْنَا أَحَداً أَجْرَأَ (١) مِنْ هذَا ، فَلَمَّا رَأى مَا يَقُولُونَ حَدَّثَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ : مَا رَأَيْنَا أَحَداً قَطُّ (٢) أَكْذَبَ مِنْ هذَا ، يُحَدِّثُنَا (٣) عَمَّنْ لَمْ يَرَهُ ، فَلَمَّا رَأى مَا يَقُولُونَ حَدَّثَهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ (٤) ». قَالَ : « فَصَدَّقُوهُ (٥) ، وكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَأْتِيهِ ، فَيَتَعَلَّمُ (٦) مِنْهُ ». (٧)

١٢٧٧ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، فَقُلْتُ لَهُ : أَنْتُمْ (٨) ورَثَةُ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قَالَ : « نَعَمْ ».

قُلْتُ : رَسُولُ اللهِ (٩) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وارِثُ الْأَنْبِيَاءِ ، عَلِمَ كُلَّ مَا عَلِمُوا؟ قَالَ (١٠) : « نَعَمْ ».

قُلْتُ : فَأَنْتُمْ (١١) تَقْدِرُونَ عَلى أَنْ تُحْيُوا الْمَوْتى ، وتُبْرِئُوا الْأَكْمَهَ (١٢) والْأَبْرَصَ؟

__________________

(١) في « ف ، بس ، بف » : « أجرى » بقلب الهمزة ياءً.

(٢) في الوافي : ـ « قطّ ».

(٣) في « ب » : « حدّثنا ».

(٤) في الاختصاص : + « عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

(٥) في « بس » : « صدّقوه ».

(٦) في « ب » : « يتعلّم ». وفي الوافي والاختصاص : « ويتعلّم ».

(٧) الاختصاص ، ص ٦٢ ، بسنده عن أبان بن تغلب ؛ رجال الكشّي ، ص ٤١ ، ح ٨٨ ، بسنده عن محمّد بن سنان ، عن حريز ، عن أبان بن تغلب. وراجع : الكافي ، كتاب الحجّة ، باب الإشارة والنصّ على عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، ح ٧٨٨ ؛ والأمالي للصدوق ، ص ٣٥٣ ، المجلس ٥٦ ، ح ٩ ؛ وعلل الشرائع ، ص ٢٣٣ ، ح ١ ؛ والإرشاد ، ج ٢ ، ص ١٥٨ ـ ١٥٩ الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٦٨ ، ح ١٣٩٣.

(٨) في البصائر : « دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وأبي جعفر عليه‌السلام وقلت لهما : أنتما » بدل « دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فقلت له : أنتم ».

(٩) في البصائر : « فرسول الله ».

(١٠) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي. وفي المطبوع : + « لي ».

(١١) في « بر » : « وأنتم ».

(١٢) « الأكْمه » : هو الذي يولَد مطموس العين ، أي الذاهب البصر. وقد يقال لمن تذهب عينه. المفردات للراغب ، ص ٧٢٦ ( كمه ).

٥٢٣

قَالَ (١) : « نَعَمْ بِإِذْنِ اللهِ ».

ثُمَّ قَالَ لِيَ (٢) : « ادْنُ مِنِّي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ » فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَمَسَحَ عَلى وجْهِي وعَلى عَيْنَيَّ ، فَأَبْصَرْتُ الشَّمْسَ والسَّمَاءَ والْأَرْضَ والْبُيُوتَ وكُلَّ شَيْ‌ءٍ (٣) فِي الْبَلَدِ (٤) ، ثُمَّ قَالَ لِي : « أَتُحِبُّ أَنْ تَكُونَ هكَذَا ولَكَ مَا لِلنَّاسِ وعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَوْ تَعُودَ كَمَا كُنْتَ ولَكَ الْجَنَّةُ خَالِصاً؟ » ‌

قُلْتُ : أَعُودُ كَمَا كُنْتُ ، فَمَسَحَ عَلى عَيْنَيَّ ، فَعُدْتُ كَمَا كُنْتُ.

قَالَ (٥) : فَحَدَّثْتُ ابْنَ (٦) أَبِي عُمَيْرٍ بِهذَا ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ هذَا حَقٌّ كَمَا أَنَّ النَّهَارَ حَقٌّ. (٧)

١٢٧٨ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (٨) ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَهُ يَوْماً إِذْ وقَعَ زَوْجُ (٩) ورَشَانَ (١٠) عَلَى الْحَائِطِ‌

__________________

(١) في « ج ، ف ، بر ، بف » والوافي والبصائر : « فقال ». وفي « ب ، ج ، ض ، ف ، بس ، بف » : + « لي ».

(٢) في الوافي والبصائر : ـ « لي ».

(٣) في « بف » : + « كان ».

(٤) في حاشية « ج ، ض ، بح ، بس » والبصائر : « الدار ».

(٥) الضمير المستتر في « قال » راجع إلى عليّ بن الحكم ، كما صرّح به في بصائر الدرجات ، ص ٢٦٩ ، ح ١. فيكون السند معلّقاً على السند المذكور في صدر الخبر. وفي « ب ، ض ، بس » : ـ « قال ».

(٦) في « ف » : « بابن ».

(٧) بصائر الدرجات ، ص ٢٦٩ ، ح ١ ، عن أحمد بن محمّد ؛ رجال الكشّي ، ص ١٧٤ ، ح ٢٩٨ ، بسنده عن عليّ بن الحكم ، إلى قوله : « فعُدت كما كنت » الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٧٠ ، ح ١٣٩٤.

(٨) لم نجد رواية محمّد بن عليّ ـ وهو أبو سمينة الصيرفي ـ عن عاصم بن حميد في موضع ، بل روى محمّد بن عليّ بتوسّط ابن أبي نجران وصفوان بن يحيى ـ وكلاهما من رواة عاصم بن حميد ـ عن عاصم [ بن حميد ] في المحاسن ، ص ٩١ ، ح ٤٣ ، وص ١٠٥ ، ح ٨ ، كما روى عنه بواسطتين في الكافي ، ح ٩٤٦٧. فلا يبعد صحّة ما ورد في بصائر الدرجات ، ص ٣٤٢ ، ح ٥ من توسّط عليّ بن محمّد الحنّاط بينهما.

(٩) « الزوج » هنا مقابل الفرد ، مركّب من الذكر والانثى.

(١٠) « الوَرَشان » : طائر شبه الحمامة ، جمعه ورْشان ، وهو ساقُ حُرّ ، أي الذكر من القَماريّ ، سمّي بصوته. راجع : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٣٧٢ ( ورش ) ؛ وج ١٠ ، ص ١٧٠ ( سوق ).

٥٢٤

وَهَدَلَا هَدِيلَهُمَا (١) ، فَرَدَّ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام عَلَيْهِمَا (٢) كَلَامَهُمَا سَاعَةً ، ثُمَّ نَهَضَا ، فَلَمَّا طَارَا (٣) عَلَى الْحَائِطِ ، هَدَلَ (٤) الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثى سَاعَةً ، ثُمَّ نَهَضَا ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا هذَا (٥) الطَّيْرُ (٦)؟

قَالَ : « يَا ابْنَ مُسْلِمٍ ، كُلُّ شَيْ‌ءٍ خَلَقَهُ اللهُ ـ مِنْ طَيْرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ شَيْ‌ءٍ فِيهِ رُوحٌ ـ فَهُوَ أَسْمَعُ لَنَا وأَطْوَعُ مِنِ ابْنِ (٧) آدَمَ ، إِنَّ هذَا الْوَرَشَانَ ظَنَّ بِامْرَأَتِهِ (٨) ، فَحَلَفَتْ لَهُ : مَا فَعَلْتُ ، فَقَالَتْ (٩) : تَرْضى بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ؟ فَرَضِيَا بِي ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ لَهَا ظَالِمٌ ، فَصَدَّقَهَا ». (١٠)

١٢٧٩ / ٥. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ ، قَالَ :

لَمَّا حُمِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام إِلَى الشَّامِ إِلى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وصَارَ (١١) بِبَابِهِ ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ ومَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ (١٢) : إِذَا رَأَيْتُمُونِي قَدْ وبَّخْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ، ثُمَّ رَأَيْتُمُونِي قَدْ سَكَتُّ ، فَلْيُقْبِلْ عَلَيْهِ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ فَلْيُوَبِّخْهُ ، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ.

__________________

(١) « الهَديلُ » : صوت الحمام. وخصّ بعضهم به وحشيّها كالدَباسيّ والقَماريّ ونحوها. يقال : هَدَلَ القُمريّ‌يَهْدِلُ هَدِيلاً. وقال المازندراني : « ولعلّ هديلهما كان من بعد نزولهما من الحائط إلى مجلس أبي جعفر عليه‌السلام بقرينة قوله : فلمّا طارا على الحائط ، مع احتمال أن يراد بهذا الحائط حائط آخر ». وأمّا المجلسيّ فإنّه بعد ما استظهر ما في البصائر من كون « فهدلا » بدلَ « على الحائط وهدلا » ، قال : « وقيل : وقع ، أي على الأرض ، وقوله : على الحائط ظرف مستقرّ نعت زوج ، أي كان على الحائط. وفي الثاني ظرف لغو متعلّق بطارا بتضمين معنى وقعا ». راجع : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦٩١ ( هدل ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٣٧ ؛ مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ٢٠.

(٢) في « بس » : ـ « عليهما ».

(٣) في البصائر : « صارا ».

(٤) في البصائر : « هدد ».

(٥) في البصائر : « ما حال ».

(٦) في « ب ، ف ، بر » والوافي : « الطائر ».

(٧) في « بر ، بف » : « بني ».

(٨) في البصائر : « أساءه ظنّ السوء » بدل « ظنّ بامرأته ».

(٩) في « ج » : « فقال ».

(١٠) بصائر الدرجات ، ص ٣٤٢ ، ح ٥ ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن محمّد الحنّاط ، عن عاصم ، عن محمّد بن مسلم الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٧٠ ، ح ١٣٩٥.

(١١) في « ج » : « فصار ».

(١٢) في « ض » : + « وغيرهم ».

٥٢٥

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ (١) عليه‌السلام ، قَالَ بِيَدِهِ : « السَّلَامُ عَلَيْكُمْ » فَعَمَّهُمْ جَمِيعاً بِالسَّلَامِ ، ثُمَّ جَلَسَ ، فَازْدَادَ هِشَامٌ عَلَيْهِ حَنَقاً (٢) بِتَرْكِهِ السَّلَامَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ ، وجُلُوسِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ ، فَأَقْبَلَ يُوَبِّخُهُ ، ويَقُولُ ـ فِيمَا يَقُولُ لَهُ (٣) ـ : يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ، لَايَزَالُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ قَدْ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ (٤) ، ودَعَا إِلى نَفْسِهِ ، وزَعَمَ أَنَّهُ الْإِمَامُ سَفَهاً وقِلَّةَ عِلْمٍ ، وَوبَّخَهُ بِمَا أَرَادَ أَنْ يُوَبِّخَهُ ، فَلَمَّا سَكَتَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ رَجُلٌ بَعْدَ رَجُلٍ يُوَبِّخُهُ حَتَّى انْقَضى آخِرُهُمْ ، فَلَمَّا سَكَتَ الْقَوْمُ نَهَضَ عليه‌السلام قَائِماً ، ثُمَّ قَالَ : « أَيُّهَا النَّاسُ ، أَيْنَ تَذْهَبُونَ؟ وَأَيْنَ يُرَادُ بِكُمْ؟ بِنَا هَدَى اللهُ أَوَّلَكُمْ ، وبِنَا يَخْتِمُ آخِرَكُمْ ، فَإِنْ يَكُنْ لَكُمْ مُلْكٌ مُعَجَّلٌ ، فَإِنَّ لَنَا مُلْكاً مُؤَجَّلاً ، ولَيْسَ بَعْدَ مُلْكِنَا مُلْكٌ ؛ لِأَنَّا أَهْلُ الْعَاقِبَةِ ؛ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ : ( وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٥) ».

فَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى (٦) الْحَبْسِ تَكَلَّمَ ، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْحَبْسِ رَجُلٌ إِلاَّ تَرَشَّفَهُ (٧) وحَنَّ إِلَيْهِ (٨) ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَبْسِ إِلى هِشَامٍ ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي خَائِفٌ عَلَيْكَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنْ يَحُولُوا (٩) بَيْنَكَ وبَيْنَ مَجْلِسِكَ هذَا ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ ،

__________________

(١) في « ف » : ـ « أبو جعفر ».

(٢) « الحَنَق » : الغيظ أو شدّته. والجمع : حِناق. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٦٥ ( حنق ).

(٣) في « ج » : ـ « له ».

(٤) « قد شقّ عصا المسلمين » : فرّق جماعتهم وأوقع الخلاف بينهم وشوّش ائتلافهم والتيامهم واجتماعهم‌ومنعهم منها. وأصل العصا الاجتماع والائتلاف. وقد يراد بالعصا الجماعة ؛ لأنّ المسلمين بمنزلة العصا للإسلام ، فالإضافة بيانيّة. راجع : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٦٦ ( عصا ).

(٥) الأعراف (٧) : ١٢٨ ؛ القصص (٢٨) : ٨٣.

(٦) في « ب ، بف » : « في ».

(٧) في « بح » : « يرشفه ». و « تَرَشَّفَهُ » : أي مصّه. هذا في اللغة. وأمّا المراد هنا ، فالمعنى : مسّه تبرّكاً ، أو قبّل يديه‌ورجليه ، قاله المازندراني. أو هو كناية عن المبالغة في أخذ العلم عنه عليه‌السلام ؛ قاله المجلسي. أو هو كناية عن شدّة الحبّ لو كان بمعنى المصّ بحيث يدخل الريق في الفم ؛ وقال الفيض : « وظنّي أنّه بالسين المهملة ؛ يعني مشى إليه مشي المقيّد يتحامل برجله مع القيد ». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٨٤ ( رشف ).

(٨) « حنّ إليه » ، أي ترع واشتاق. وأصل الحنين : ترجيع الناقة صوتها إثْر ولدها. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٥٢ ( حنن ).

(٩) في « بح » : « أن يكونوا ».

٥٢٦

فَأَمَرَ بِهِ ، فَحُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ (١) هُوَ وأَصْحَابُهُ لِيُرَدُّوا إِلَى الْمَدِينَةِ ، وأَمَرَ أَنْ لَايُخْرَجَ (٢) لَهُمُ الْأَسْوَاقُ ، وحَالَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ الطَّعَامِ والشَّرَابِ (٣) ، فَسَارُوا ثَلَاثاً لَايَجِدُونَ طَعَاماً وَلَاشَرَاباً حَتّى انْتَهَوْا إِلى مَدْيَنَ ، فَأُغْلِقَ (٤) بَابُ الْمَدِينَةِ دُونَهُمْ ، فَشَكَا أَصْحَابُهُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ.

قَالَ : فَصَعِدَ جَبَلاً لِيُشْرِفَ (٥) عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ ـ بِأَعْلى صَوْتِهِ ـ : « يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا ، أَنَا بَقِيَّةُ اللهِ ، يَقُولُ اللهُ : ( بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ) (٦) ».

قَالَ : وكَانَ فِيهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ ، فَأَتَاهُمْ ، فَقَالَ لَهُمْ : يَا قَوْمِ ، هذِهِ ـ واللهِ ـ دَعْوَةُ شُعَيْبٍ النَّبِيِّ ، واللهِ ، لَئِنْ لَمْ تُخْرِجُوا إِلى هذَا الرَّجُلِ بِالْأَسْوَاقِ ، لَتُؤْخَذُنَّ مِنْ فَوْقِكُمْ ، وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ، فَصَدِّقُونِي فِي هذِهِ الْمَرَّةِ وأَطِيعُونِي ، وكَذِّبُونِي فِيمَا تَسْتَأْنِفُونَ ؛ فَإِنِّي نَاصِحٌ لَكُمْ (٧)

قَالَ : فَبَادَرُوا ، فَأَخْرَجُوا إِلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وأَصْحَابِهِ بِالْأَسْوَاقِ ، فَبَلَغَ (٨) هِشَامَ بْنَ‌ عَبْدِ الْمَلِكِ خَبَرُ الشَّيْخِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَحَمَلَهُ ، فَلَمْ يُدْرَ (٩) مَا صَنَعَ (١٠) بِهِ. (١١)

١٢٨٠ / ٦. سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ والْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ أَخِيهِ

__________________

(١) قال ابن الأثير : « البريد كلمة فارسيّة يراد بها في الأصل البغل ، وأصلها « بُرِيدَه دُمْ » ، أي محذوفة الذَنَب ؛ لأنّ‌بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها ، فاعربت وخفّفت. ثمّ سمّي الرسول الذي يركبه بريداً ، والمسافة التي بين السكّتين بريداً ». النهاية ، ج ١ ، ص ١١٦ ( برد ).

(٢) في « ب ، بف » : « لا تخرج ».

(٣) في « بح » : « الشراب والطعام ».

(٤) في « ج » : « واغلق ».

(٥) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس » والوافي : « يشرف ».

(٦) هود (١١) : ٨٦.

(٧) هكذا في « ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « لكم ناصح ».

(٨) في « ب ، بر ، بف » والوافي : « فأخبر ».

(٩) في « ب ، ج » : « ولم يدر ».

(١٠) يجوز فيه المبنيّ للمفعول. وفي « ف » : « صنعوا ».

(١١) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٧١ ، ح ١٣٩٦.

٥٢٧

عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قُبِضَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ عليه‌السلام وهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي عَامِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ (١) ومِائَةٍ ؛ عَاشَ (٢) بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وشَهْرَيْنِ ». (٣)

١١٩ ـ بَابُ (٤) مَوْلِدِ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (٥) عليه‌السلام

وُلِدَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام سَنَةَ ثَلَاثٍ وثَمَانِينَ ؛ ومَضى (٦) فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ ، ولَهُ خَمْسٌ وسِتُّونَ سَنَةً ؛ ودُفِنَ بِالْبَقِيعِ فِي الْقَبْرِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ وجَدُّهُ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهم‌السلام (٧) ؛ وأُمُّهُ أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، وأُمُّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ (٨) (٩)

١٢٨١ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ (١٠) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي وهَيْبُ (١١) بْنُ حَفْصٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ ، قَالَ :

__________________

(١) في البحار : « أربعة عشر ».

(٢) في « ب ، ف ، بح » : « وعاش ».

(٣) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٨٨ ، ح ١٤٠٠ ؛ البحار ، ج ٤٦ ، ص ٢١ ، ح ١٨.

(٤) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » : ـ « باب ».

(٥) في « ف » : + « الصادق ».

(٦) في « ف » : « وقبض ».

(٧) في البحار : ـ « في القبر ـ إلى ـ والحسن بن عليّ عليهم‌السلام ».

(٨) في « ج » : ـ « وامّها ـ إلى ـ أبي بكر ».

(٩) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٩٦ ؛ البحار ، ج ٤٧ ، ص ١ ، ح ١.

(١٠) لم يثبت رواية أحمد بن محمّد ـ وهو ابن عيسى بقرينة رواية محمّد بن يحيى عنه ـ عن عبد الله بن أحمد ، بل‌ورد في الكافي ، ح ١٢٧٥ و ١٢٩٠ ، رواية محمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد ، عن عبد الله بن أحمد.

والظاهر أنّ عبد الله هذا ، هو عبد الله بن أحمد الرازي الذي استثنى ابن الوليد رواياته من رجال نوادر الحكمة. راجع : التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٩١ ، ح ٨٠٦ ؛ رجال النجاشي ، ص ٣٤٨ ، الرقم ٩٣٩ ؛ الفهرست للطوسي ، ص ٤١٠ ، الرقم ٦٢٣. فعليه لا يبعد وقوع التحريف في ما نحن فيه ، وأن يكون الصواب « محمّد بن أحمد ».

(١١) هكذا في « بح ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « وهب ». والصواب ما أثبتناه. راجع : رجال النجاشي ،

٥٢٨

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ والْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وأَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ مِنْ ثِقَاتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام ». ثُمَّ (١) قَالَ : « وَكَانَتْ أُمِّي مِمَّنْ آمَنَتْ (٢) وَاتَّقَتْ وأَحْسَنَتْ ( وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (٣)

قَالَ : « وَقَالَتْ أُمِّي : قَالَ أَبِي : يَا أُمَّ فَرْوَةَ ، إِنِّي لَأَدْعُو اللهَ لِمُذْنِبِي شِيعَتِنَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ مَرَّةٍ ؛ لِأَنَّا نَحْنُ فِيمَا يَنُوبُنَا (٤) مِنَ الرَّزَايَا (٥) نَصْبِرُ عَلى مَا نَعْلَمُ مِنَ الثَّوَابِ ، وَهُمْ يَصْبِرُونَ عَلى مَا لَايَعْلَمُونَ ». (٦)

١٢٨٢ / ٢. بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ :

وَجَّهَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ ـ وهُوَ والِيهِ عَلَى الْحَرَمَيْنِ : أَنْ أَحْرِقْ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ دَارَهُ ، فَأَلْقَى النَّارَ فِي دَارِ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَأَخَذَتِ النَّارُ فِي الْبَابِ وَالدِّهْلِيزِ ، فَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَتَخَطَّى النَّارَ (٧) ويَمْشِي فِيهَا ، ويَقُولُ : « أَنَا ابْنُ أَعْرَاقِ الثَّرى (٨) ، أَنَا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ‌

__________________

ص ٤٣١ ، الرقم ١١٥٩ ؛ الفهرست للطوسي ، ص ٤٨٩ ، الرقم ٧٨٠ ؛ رجال الطوسي ، ص ٣١٧ ، الرقم ٤٧٣٢.

(١) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : ـ « ثمّ ».

(٢) في « ف » : + « بالله ».

(٣) آل عمران (٣) : ١٣٤ و ١٤٨ ؛ المائدة (٥) : ٩٣.

(٤) « ينوبنا » ، أي ينزل بنا. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٢٣ ( نوب ).

(٥) « الرَزايا » : جمع الرَزِيّة ، وهي المصيبة. وأصلها الهمز ، يقال : رَزَأْتُهُ. المصباح المنير ، ص ٢٢٦ ( رزى ).

(٦) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٨٩ ، ح ١٤٠١ ؛ البحار ، ج ٤٧ ، ص ٧ ، ح ٢١ ، وفيه إلى قوله : « والله يحبّ المحسنين ».

(٧) « يتخطّى النارَ » ، أي يخطو ويمشي فيها خطوةً خطوةً ، وهو ما بين القدمين ، أو يركبها ويجاوزها. راجع : لسان‌العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٣٢ ( خطا ).

(٨) « الأعراق » : جمع العِرْق ، وعِرْق كلّ شي‌ء : أصله. والثَرى : التراب النديّ ، أو هو التراب الذي إذا بُلَّ لم يصرطيناً لازباً. والمراد منه هاهنا الأرض. فـ « أعراق الثرى » ، أي اصول الأرض ، أي الأنبياء عليهم‌السلام. وقيل : « أعراق الثرى » لقب إسماعيل عليه‌السلام. ولكن لقبه عليه‌السلام : عِرْق الثرى ، كما في اللسان. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٢٤١

٥٢٩

خَلِيلِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ». (٢)

١٢٨٣ / ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلى يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ (٣) ، قَالَ :

سَخِطَ عَلَيَّ ابْنُ هُبَيْرَةَ ، وحَلَفَ عَلَيَّ لَيَقْتُلُنِي (٤) ، فَهَرَبْتُ مِنْهُ ، وعُذْتُ بِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَأَعْلَمْتُهُ خَبَرِي ، فَقَالَ لِيَ : « انْصَرِفْ إِلَيْهِ (٥) ، وأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ ، وقُلْ لَهُ : إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ (٦) عَلَيْكَ مَوْلَاكَ رُفَيْداً ، فَلَا تَهِجْهُ (٧) بِسُوءٍ ».

فَقُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، شَامِيٌّ ، خَبِيثُ الرَّأْيِ ، فَقَالَ : « اذْهَبْ إِلَيْهِ كَمَا أَقُولُ لَكَ ».فَأَقْبَلْتُ ، فَلَمَّا كُنْتُ فِي بَعْضِ الْبَوَادِي ، اسْتَقْبَلَنِي أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : أَيْنَ تَذْهَبُ؟ إِنِّي أَرى‌

__________________

و ٢٤٣ ( عرق ) ؛ وج ١٤ ، ص ١١١ ( ثرى ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٤١ ؛ الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٩٠ ؛ مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ٢٨.

(١) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ». وفي « بف » : « صلّى الله عليه ». وفي « ف ، بح » : « صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ». وفي المطبوع : « عليه‌السلام ».

(٢) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٨٩ ، ح ١٤٠٢.

(٣) هكذا في « ب ، بف ». وفي « ج ، ض ، ف ، بح ، بس » : « رفيد مولى ابن يزيد بن عمر بن هبيرة ». وفي « بر » والمطبوع : « رفيد مولى يزيد بن عمرو بن هبيرة ».والصواب ما أثبتناه ؛ فإنّ ابن هبيرة هذا ، هو يزيد بن عُمَرَ بن هبيرة الأمير ، كما يظهر من الخبر نفسه. وورد في تهذيب الكمال ، ج ٨ ، ص ١٩٩ ، الرقم ١٦٦٤ ، في ترجمة خالد بن يزيد بن عمر بن هبيرة ؛ أنّ أباه وجدّه من الامراء المشهورين بالعراق. لاحظ أيضاً : الأغاني ، ج ٢ ، ص ٦١٤ ـ ٦١٥ ؛ وج ١٠ ، ص ٣٠٠ ؛ وج ١٧ ، ص ٢١٢ ؛ وج ٢١ ، ص ٧٦ ؛ وفيات الأعيان ، ج ٦ ، ص ٣١٣ ـ ٣٢١ ؛ تاريخ الإسلام للذهبي ، ج ٨ ، ص ٥٦٧ ؛ سير أعلام النبلاء ، ج ٦ ، ص ٢٠٧ ، الرقم ١٠٣.

(٤) في « ف » : « أن يقتلني ». وفي مرآة العقول : « ليقتلني ، بفتح اللام وكسرها ».

(٥) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : ـ « إليه ».

(٦) هكذا في « ض ، ف ، بر » ومرآة العقول. وهو الصحيح ، أصله من « الجوار ». وفي المطبوع : « آجرت » من « أجر ».

(٧) في مرآة العقول : « لا تهجه ، من باب ضرب ، أو باب الإفعال ». ويقال : هاج الشي‌ء يَهيجُ ، واهتاج وتهيّج : ثار لمشقّة أو ضرر. وهاجه غيره وهيّجه يتعدّى ولا يتعدّى. لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٩٤ ( هيج ).

٥٣٠

وَجْهَ مَقْتُولٍ ، ثُمَّ قَالَ لِي (١) : أَخْرِجْ يَدَكَ (٢) ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ : يَدُ مَقْتُولٍ ؛ ثُمَّ (٣) قَالَ لِي (٤) : أَبْرِزْ رِجْلَكَ ، فَأَبْرَزْتُ رِجْلِي ، فَقَالَ : رِجْلُ مَقْتُولٍ ؛ ثُمَّ قَالَ لِي (٥) ، أَبْرِزْ جَسَدَكَ ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ : جَسَدُ مَقْتُولٍ ؛ ثُمَّ قَالَ لِي (٦) : أَخْرِجْ لِسَانَكَ ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ لِيَ (٧) : امْضِ ؛ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ ؛ فَإِنَّ فِي لِسَانِكَ رِسَالَةً لَوْ أَتَيْتَ بِهَا الْجِبَالَ الرَّوَاسِيَ (٨) لَانْقَادَتْ لَكَ (٩)

قَالَ (١٠) : فَجِئْتُ حَتّى وقَفْتُ عَلى بَابِ ابْنِ هُبَيْرَةَ ، فَاسْتَأْذَنْتُ ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ : أَتَتْكَ بِخَائِنٍ (١١) رِجْلَاهُ ؛ يَا غُلَامُ ، النَّطْعَ (١٢) والسَّيْفَ. ثُمَّ أَمَرَ بِي ، فَكُتِّفْتُ (١٣) ، وَشُدَّ (١٤) رَأْسِي ، وقَامَ عَلَيَّ السَّيَّافُ لِيَضْرِبَ عُنُقِي.

فَقُلْتُ : أَيُّهَا الْأَمِيرُ ، لَمْ تَظْفَرْ بِي عَنْوَةً (١٥) ، وإِنَّمَا جِئْتُكَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِي ، وهَاهُنَا‌

__________________

(١) في « ف » : ـ « لي ».

(٢) في « ف » : « يديك ».

(٣) في « بس » : ـ « ثمّ ».

(٤) في « ج » : ـ « قال لي ». وفي « بس » : « فقال لي ». وفي « بف » والوافي : ـ « لي ».

(٥) في « ج » : ـ « قال لي ». وفي « ض ، ف ، بف » والوافي : ـ « لي ».

(٦) في « بف » والوافي : ـ « لي ».

(٧) في « ب ، ج ، بح » : ـ « لي ».

(٨) « الرواسي » : الثوابت. من رسا الشي‌ءُ يرسو ، أي ثبت. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٦ ( رسا ).

(٩) في « بر » : « إليك ».

(١٠) في « ب » : ـ « قال ».

(١١) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني والوافي. وفي بعض النسخ والمطبوع : « بحائن » بالحاء المهملة : وهو مَثَل منقول بالحاء المهملة والمعجمة كلتيهما. و « الحائن » بالمهملة ، من قرب أجله ، والباء للتعديّه ، و « رجلاه » فاعل « أتت ». وفي مرآة العقول : « وهو مثل يضرب لمن أعان على نفسه بعد خيانته ».

(١٢) « النطع » بالكسر والفتح وبالتحريك ، وكعنب : بساط من الأديم ، وهو الجلد المدبوغ. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٢٦.

(١٣) في حاشية « بس » : « فكشفت ». وقوله : « فكتفت » من الكَتْف ، وهو شدّ اليدين من خلف بالكِتاف ، والكِتاف : حبل يشدّ به. هكذا في اللغة والشروح. راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٢٩٥ ( كتف ).

(١٤) في « ب » : « فشدّ ».

(١٥) « عَنْوَةً » ، أي قهراً وغلبةً. وهو من عنا يعنو ، إذا ذلّ وخضع. والعنوة : المرّة الواحدة منه ، كأنّ المأخوذ بهايخضع ويذلّ. النهاية ، ج ٣ ، ص ٣١٥ ( عنا ).

٥٣١

أَمْرٌ أَذْكُرُهُ لَكَ ، ثُمَّ أَنْتَ وشَأْنَكَ ، فَقَالَ : قُلْ ، فَقُلْتُ (١) : أَخْلِنِي (٢) ، فَأَمَرَ مَنْ حَضَرَ ، فَخَرَجُوا.

فَقُلْتُ لَهُ (٣) : جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، ويَقُولُ لَكَ : « قَدْ أَجَرْتُ (٤) عَلَيْكَ مَوْلَاكَ رُفَيْداً فَلَا تَهِجْهُ بِسُوءٍ ».

فَقَالَ : واللهِ (٥) ، لَقَدْ قَالَ لَكَ جَعْفَرٌ (٦) هذِهِ الْمَقَالَةَ ، وأَقْرَأَنِي السَّلَامَ؟! فَحَلَفْتُ لَهُ (٧) ، فَرَدَّهَا عَلَيَّ ثَلَاثاً ، ثُمَّ حَلَّ أَكْتَافِي ، ثُمَّ قَالَ : لَايُقْنِعُنِي مِنْكَ حَتّى تَفْعَلَ بِي (٨) مَا فَعَلْتُ بِكَ ، قُلْتُ : مَا تَنْطَلِقُ (٩) يَدِي بِذَاكَ ، ولَاتَطِيبُ بِهِ (١٠) نَفْسِي ، فَقَالَ : واللهِ ، مَا يُقْنِعُنِي إِلاَّ ذَاكَ (١١) ، فَفَعَلْتُ بِهِ كَمَا (١٢) فَعَلَ بِي ، وأَطْلَقْتُهُ (١٣) ، فَنَاوَلَنِي خَاتَمَهُ ، وقَالَ : أُمُورِي فِي يَدِكَ ، فَدَبِّرْ فِيهَا مَا شِئْتَ. (١٤)

١٢٨٤ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنِ الْخَيْبَرِيِّ (١٥) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ ومُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ وأَبِي سَلَمَةَ السَّرَّاجِ والْحُسَيْنِ بْنِ‌

__________________

(١) في « ض ، ف ، بس ، بف » : « قلت ».

(٢) « أخلني » ، أي اجتمعْ بي في خلوة ؛ من الإخلاء. راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٣٨ ( خلو ).

(٣) في « ج » : + « مولاك ». وفي « ف » : + « إنّ ».

(٤) ما أثبتناه هو الصحيح ، وهو من الجوار. وفي المطبوع : « آجرتُ » من أجر.

(٥) في « ب ، ض ، ف ، بس ، بف » : « الله » بدون الواو. وفي « بح ، بر » والوافي : « الله أكبر » بدل « والله ».

(٦) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : + « [ بن محمّد ] ».

(٧) في « بح ، بس » : ـ « له ».

(٨) هكذا في « ب ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف ». وفي المطبوع : « لي ».

(٩) في « بح » : « ما ينطلق ».

(١٠) في « ج » : ـ « به ».

(١١) في « ب » : « ذلك ».

(١٢) في « ج » : « ما ».

(١٣) في « ج » : « فأطلقته ».

(١٤) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٩٠ ، ح ١٤٠٣.

(١٥) ورد الخبر في بصائر الدرجات ، ص ٣٧٤ ، ح ١ ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن الحميري ، وفي الاختصاص ، ص ٢٦٩ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن رجل ، عن الحسين

٥٣٢

ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ ، قَالُوا :

كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَقَالَ : « عِنْدَنَا (١) خَزَائِنُ الْأَرْضِ ومَفَاتِيحُهَا ، ولَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ (٢) بِإِحْدى رِجْلَيَّ : أَخْرِجِي مَا فِيكِ مِنَ الذَّهَبِ ، لَأَخْرَجَتْ ». قَالَ : ثُمَّ قَالَ بِإِحْدى رِجْلَيْهِ ، فَخَطَّهَا فِي الْأَرْضِ خَطّاً ، فَانْفَرَجَتِ (٣) الْأَرْضُ ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ ، فَأَخْرَجَ سَبِيكَةَ ذَهَبٍ قَدْرَ شِبْرٍ (٤) ، ثُمَّ قَالَ : « انْظُرُوا حَسَناً ». فَنَظَرْنَا (٥) فَإِذَا سَبَائِكِ (٦) كَثِيرَةٌ بَعْضُهَا عَلى بَعْضٍ يَتَلَأْلَأُ (٧) ، فَقَالَ لَهُ (٨) بَعْضُنَا : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أُعْطِيتُمْ مَا أُعْطِيتُمْ (٩) وشِيعَتُكُمْ مُحْتَاجُونَ (١٠)؟ قَالَ (١١) : فَقَالَ : « إِنَّ اللهَ سَيَجْمَعُ لَنَا ولِشِيعَتِنَا الدُّنْيَا والْآخِرَةَ ، ويُدْخِلُهُمْ جَنَّاتِ‌

__________________

بن أحمد الخيبري.

والصواب في العنوان هو الخيبري ، وهو خيبري بن عليّ الطحّان الذي روى عن الحسين بن ثوير ، وكان يصحب يونس بن ظبيان ويكثر الرواية عنه. راجع : رجال النجاشي ، ص ١٥٤ ، الرقم ٤٠٨ ؛ الرجال لابن الغضائري ، ص ٥٦ ، الرقم ٤٣.

ثمّ إنّ عمر بن عبدالعزيز يلقّب بزُحَل فلا يبعد أن يكون « عمر بن عبدالعزيز عن رجل » في سند الاختصاص محرّفاً من « عمر بن عبدالعزيز زحل ». راجع : الفهرست للطوسي ، ص ٣٢٩ ، الرقم ٥١٣ ؛ رجال الطوسي ، ص ٤٣٤ ، الرقم ٦٢٢٠.

(١) في البصائر والاختصاص : « لنا ».

(٢) « أن أقول » ، أي أن أضرب ، أو اومئ. قال ابن الأثير : « العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه‌على غير الكلام واللسان فتقول : قال بيده ، أي أخذ. وقال برجله ، أي مشى. وقال بالماء على يده ، أي قلب. وقال بثوبه ، أي رفعه. ويقال : قال بمعنى أقبل ، وبمعنى مال واستراح وضرب وغير ذلك. وكلّ ذلك على المجاز والاتّساع ». راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٢٤ ( قول ).

(٣) في « ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي والبصائر : « فانفجرت ».

(٤) في « ج » : ـ « قدر شبر ». وفي البصائر والاختصاص : + « فتناولها ».

(٥) في « ب » : « فنظر ». وفي « ج » : ـ « فنظرنا ». وفي البصائر والاختصاص : « انظروا فيها حسناً حسناً لا تشكّوا. [ في الاختصاص : حتّى لا تشكّون ] ثمّ قال : انظروا في الأرض » بدل « انظروا حسناً فنظرنا ».

(٦) في البصائر : + « في الأرض ».

(٧) في « ب ، ض ، بف » والاختصاص : « تتلألأ ».

(٨) في الوافي : ـ « له ».

(٩) في البصائر : « كلّ هذا » بدل « ما اعطيتم ».

(١٠) في « ف » : « تحتاجون ».

(١١) في « بح » والبصائر والاختصاص : ـ « قال ».

٥٣٣

النَّعِيمِ ، ويُدْخِلُ عَدُوَّنَا الْجَحِيمَ ». (١)

١٢٨٥ / ٥. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

كَانَ لِي جَارٌ يَتَّبِعُ (٢) السُّلْطَانَ ، فَأَصَابَ مَالاً ، فَأَعَدَّ قِيَاناً (٣) ، وكَانَ (٤) يَجْمَعُ (٥) الْجَمِيعَ (٦) إِلَيْهِ ، ويَشْرَبُ الْمُسْكِرَ ، ويُؤْذِينِي ، فَشَكَوْتُهُ إِلى نَفْسِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ ، فَلَمْ يَنْتَهِ (٧) ، فَلَمَّا أَنْ (٨) أَلْحَحْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ (٩) لِي : يَا هذَا ، أَنَا رَجُلٌ مُبْتَلًى ، وأَنْتَ رَجُلٌ مُعَافًى ، فَلَوْ عَرَضْتَنِي (١٠) لِصَاحِبِكَ رَجَوْتُ أَنْ يُنْقِذَنِيَ اللهُ بِكَ ، فَوَقَعَ ذلِكَ لَهُ (١١) فِي قَلْبِي ، فَلَمَّا صِرْتُ إِلى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ذَكَرْتُ لَهُ حَالَهُ ، فَقَالَ لِي : « إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْكُوفَةِ سَيَأْتِيكَ ، فَقُلْ لَهُ : يَقُولُ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : دَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ ، وأَضْمَنُ (١٢) لَكَ عَلَى اللهِ الْجَنَّةَ ».

فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الْكُوفَةِ ، أَتَانِي فِيمَنْ أَتى ، فَاحْتَبَسْتُهُ عِنْدِي (١٣) حَتّى خَلَا مَنْزِلِي ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : يَا هذَا ، إِنِّي ذَكَرْتُكَ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (١٤) عليهما‌السلام ، فَقَالَ لِي : « إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْكُوفَةِ سَيَأْتِيكَ ، فَقُلْ لَهُ : يَقُولُ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : دَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ ، وَأَضْمَنُ لَكَ عَلَى اللهِ الْجَنَّةَ ».

__________________

(١) بصائر الدرجات ، ص ٣٧٤ ، ح ١ ، عن أحمد بن محمّد ؛ الاختصاص ، ص ٢٦٩ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن رجل ، عن الحسين بن أحمد الخيبري الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٩١ ، ح ١٤٠٤.

(٢) يجوز في الكلمة المجرّد والافتعال.

(٣) في حاشية « ج » : « فتياناً ». وفي حاشية « ض » : « فتاةً ». وقوله : « القِيانُ » : جمع القَيْنَة ، وهي الأمة غنّت أو لم تُغَنّ ، والماشطة. وكثيراً ما تطلق على المغنّية من الإماء. النهاية ، ج ٤ ، ص ١٣٥ ( قين ).

(٤) في « ف » والوافي : « فكان ».

(٥) في « ض » : « يجمّع ».

(٦) في « ب ، ف ، بح ، بر » وحاشية « ج ، ض » والوافي : « الجموع ».

(٧) في « ف » : « فلم يتنبّه ».

(٨) في « بح » : ـ « أن ».

(٩) في « ب ، ج ، ف ، بس » : « قال ».

(١٠) في « ب ، ج » : « عرّضتني » بالتضعيف.

(١١) في « ف » : ـ « له ».

(١٢) يجوز فيه النصب أيضاً.

(١٣) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بس » : ـ « عندي ».

(١٤) في « ض ، بر ، بس ، بف » والوافي : ـ « الصادق ».

٥٣٤

قَالَ : فَبَكى ، ثُمَّ قَالَ لِيَ : اللهِ (١) ، لَقَدْ قَالَ لَكَ أَبُو عَبْدِ اللهِ هذَا؟! قَالَ (٢) : فَحَلَفْتُ لَهُ أَنَّهُ قَدْ قَالَ لِي مَا قُلْتُ (٣) ، فَقَالَ لِي (٤) : حَسْبُكَ (٥) ، ومَضى ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ بَعَثَ إِلَيَّ ، فَدَعَانِي وإِذَا (٦) هُوَ خَلْفَ دَارِهِ عُرْيَانٌ ، فَقَالَ لِي : يَا أَبَا بَصِيرٍ ، لَاوَ اللهِ ، مَا بَقِيَ فِي مَنْزِلِي شَيْ‌ءٌ إِلاَّ وقَدْ أَخْرَجْتُهُ ، وأَنَا (٧) كَمَا تَرى (٨)

قَالَ : فَمَضَيْتُ إِلى إِخْوَانِنَا ، فَجَمَعْتُ لَهُ مَا كَسَوْتُهُ بِهِ ، ثُمَّ لَمْ تَأْتِ (٩) عَلَيْهِ أَيَّامٌ يَسِيرَةٌ حَتّى بَعَثَ إِلَيَّ : أَنِّي عَلِيلٌ فَأْتِنِي ، فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ (١٠) وأُعَالِجُهُ حَتّى نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ ، فَكُنْتُ عِنْدَهُ جَالِساً وهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ (١١) ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ غَشْيَةً ، ثُمَّ أَفَاقَ ، فَقَالَ لِي : يَا أَبَا بَصِيرٍ ، قَدْ وفى صَاحِبُكَ لَنَا ، ثُمَّ قُبِضَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ (١٢)

فَلَمَّا حَجَجْتُ أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَ لِيَ ابْتِدَاءً مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ ـ وإِحْدى رِجْلَيَّ فِي الصَّحْنِ (١٣) ، والْأُخْرى فِي دِهْلِيزِ دَارِهِ ـ : « يَا أَبَا بَصِيرٍ ، قَدْ وفَيْنَا لِصَاحِبِكَ ». (١٤)

__________________

(١) في الوافي : « والله ». وفي مرآة العقول : « الله ، بالجرّ بتقدير حرف القسم. وقيل منصوب بتقدير : أذكر ».

(٢) في « ف » : ـ « قال ».

(٣) في « ف » : + « لك ».

(٤) في « ب » : + « ما ».

(٥) استظهر المازندراني ما في المتن ، أي فتح الحاء وسكون السين خبراً لمبتدأ محذوف ، بعد ما جوّز أن يقرأ بفتح الحاء والسين بمعنى الفعال الحسن ، فاعلاً لفعل محذوف ، أو خبراً لمبتدأ محذوف. أو يقرأ بكسر الحاء وفتح السين جمع الحِسْبَة وهو الأجر ، مبتدأ خبره محذوف. راجع : شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٤٤.

(٦) في « ج » : « فإذا ».

(٧) في حاشية « ف » : « وإنّي ».

(٨) في « ف » : + « عريان ».

(٩) في « ف ، بس » : « لم يأت ».

(١٠) في « ج » : « عليه ».

(١١) « يجود بنفسه » ، أي يُخرجها ويَدفعها كما يدفع الإنسان ما له يَجُودُ به ، والجُود : الكرم. يريد أنّه كان في النزع‌وسياق الموت. النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٢ ( جود ).

(١٢) في « ف » : + « قال ». وفي الوافي : ـ « عليه ».

(١٣) في « ب » : « الصخر ».

(١٤) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٩٢ ، ح ١٤٠٥.

٥٣٥

١٢٨٦ / ٦. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ ، قَالَ :

قَالَ لِي (١) : أَتَدْرِي (٢) مَا كَانَ سَبَبُ دُخُولِنَا فِي هذَا الْأَمْرِ ومَعْرِفَتِنَا بِهِ ، ومَا كَانَ عِنْدَنَا مِنْهُ ذِكْرٌ ولَامَعْرِفَةُ شَيْ‌ءٍ مِمَّا عِنْدَ النَّاسِ؟

قَالَ : قُلْتُ لَهُ : مَا (٣) ذَاكَ؟

قَالَ : إِنَّ (٤) أَبَا جَعْفَرٍ ـ يَعْنِي أَبَا الدَّوَانِيقِ (٥) ـ قَالَ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ : يَا مُحَمَّدُ ، ابْغِ لِي رَجُلاً لَهُ عَقْلٌ يُؤَدِّي عَنِّي ، فَقَالَ لَهُ (٦) أَبِي (٧) : قَدْ أَصَبْتُهُ (٨) لَكَ ، هذَا فُلَانُ بْنُ مُهَاجِرٍ خَالِي ، قَالَ : فَأْتِنِي بِهِ ، قَالَ : فَأَتَيْتُهُ بِخَالِي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ : يَا ابْنَ مُهَاجِرٍ ، خُذْ هذَا الْمَالَ (٩) ، وأْتِ الْمَدِينَةَ ، وأْتِ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ وعِدَّةً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِيهِمْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، فَقُلْ لَهُمْ : إِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ ، وبِهَا شِيعَةٌ مِنْ شِيعَتِكُمْ ، وجَّهُوا إِلَيْكُمْ بِهذَا الْمَالِ ، وادْفَعْ إِلى كُلِّ واحِدٍ مِنْهُمْ عَلى شَرْطِ كَذَا وكَذَا ، فَإِذَا قَبَضُوا الْمَالَ فَقُلْ : إِنِّي رَسُولٌ ، وأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مَعِي خُطُوطُكُمْ بِقَبْضِكُمْ مَا قَبَضْتُمْ.

فَأَخَذَ الْمَالَ وأَتَى الْمَدِينَةَ ، فَرَجَعَ إِلى أَبِي الدَّوَانِيقِ ومُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ عِنْدَهُ ،

__________________

(١) في « بس » : ـ « لي ».

(٢) في « ج ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » : « تدري » بدون الهمزة.

(٣) في « ض » : « وما ».

(٤) في « ج » : ـ « إنّ ».

(٥) « الدَوانيق » : جمع الدانِق والدانَق. قيل : هو جمع دانَق ، وجمع الدانِق : داونِق. والدانق من الأوزان. لُقِّب به لأنّه لمّا أراد حفر الخندق بالكوفة قسط على كلّ واحد منهم دانق فضّة وأخذه وصرفه في الخندق. راجع : المغرب ، ص ١٦٩ ؛ لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٠٥ ( دنق ).

(٦) في « بس » : ـ « له ».

(٧) في « ج ، ف ، بح » والبصائر : « إنّي ».

(٨) في « ب » : « أصبتُ ».

(٩) في البصائر : + « فأعطاه الوف دنانير أو ما شاء الله من ذلك ».

٥٣٦

فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّوَانِيقِ : مَا ورَاءَكَ (١)؟ قَالَ : أَتَيْتُ الْقَوْمَ (٢) وهذِهِ خُطُوطُهُمْ بِقَبْضِهِمُ الْمَالَ خَلَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ؛ فَإِنِّي أَتَيْتُهُ ـ وهُوَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فَجَلَسْتُ خَلْفَهُ ، وَقُلْتُ (٣) : حَتّى (٤) يَنْصَرِفَ ، فَأَذْكُرَ لَهُ مَا ذَكَرْتُ لِأَصْحَابِهِ ، فَعَجَّلَ وانْصَرَفَ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : « يَا هذَا ، اتَّقِ اللهَ ، ولَاتَغُرَّ (٥) أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٦) ؛ فَإِنَّهُمْ قَرِيبُو الْعَهْدِ بِدَوْلَةِ (٧) بَنِي مَرْوَانَ وكُلُّهُمْ مُحْتَاجٌ ». فَقُلْتُ : ومَا ذَاكَ ، أَصْلَحَكَ اللهُ؟ قَالَ : فَأَدْنى رَأْسَهُ مِنِّي ، وَأَخْبَرَنِي بِجَمِيعِ مَا جَرى بَيْنِي وبَيْنَكَ حَتّى كَأَنَّهُ كَانَ ثَالِثَنَا (٨)

قَالَ (٩) : فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ : يَا ابْنَ مُهَاجِرٍ ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ إِلاَّ وفِيهِ مُحَدَّثٌ ، وإِنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ مُحَدَّثُنَا الْيَوْمَ ، وكَانَتْ (١٠) هذِهِ الدَّلَالَةُ سَبَبَ قَوْلِنَا بِهذِهِ الْمَقَالَةِ. (١١)

١٢٨٧ / ٧. سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ جَمِيعاً ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

قُبِضَ أَبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عليهما‌السلام وهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وسِتِّينَ سَنَةً فِي عَامِ ثَمَانٍ وأَرْبَعِينَ ومِائَةٍ ؛ و (١٢) عَاشَ بَعْدَ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام أَرْبَعاً‌

__________________

(١) في « ب ، ج ، بس ، بف » : « وراك » من تخفيف الهمزة بحذفها.

(٢) في البصائر : + « وفعلت ما أمرتني به ».

(٣) في « بر » : « فقلت ».

(٤) في « ج ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي : ـ « حتّى ».

(٥) في البصائر : « ولا تغترّنّ ». وقوله : « لا تَغُرَّ » ، أي لا تخدع. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٦٩ ( غرر ).

(٦) في البصائر : + « وقل لصاحبك : اتّق الله ، ولا تغترّنّ أهل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

(٧) في « ج ، ض ، بس » وحاشية « ف ، بح ، بر » والوافي : « من دولة ».

(٨) في « ج ، ف » : « ثالثاً ».

(٩) في « ض » : ـ « قال ».

(١٠) في « ب » : « وكان ». وفي « ض ، ف ، بس » والوافي : « فكانت ».

(١١) بصائر الدرجات ، ص ٢٤٥ ، ح ٧ ، بسنده عن صفوان بن يحيى الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٩٣ ، ح ١٤٠٦.

(١٢) في « ج ، ض ، بر ، بف » : ـ « و ».

٥٣٧

وَثَلَاثِينَ سَنَةً. (١)

١٢٨٨ / ٨. سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ (٢) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ عليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « أَنَا (٣) كَفَّنْتُ أَبِي فِي ثَوْبَيْنِ شَطَوِيَّيْنِ (٤) كَانَ يُحْرِمُ فِيهِمَا ، وفِي قَمِيصٍ مِنْ قُمُصِهِ ، وفِي (٥) عِمَامَةٍ كَانَتْ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام ، وفِي بُرْدٍ اشْتَرَاهُ (٦) بِأَرْبَعِينَ دِينَاراً (٧) ». (٨)

__________________

(١) الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٩٦ ، ح ١٤١٠ ؛ البحار ، ج ٤٧ ، ص ٦ ، ح ١٨.

(٢) هكذا في وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ١١ ، ذيل ح ٢٨٨١. وفي النسخ والمطبوع : « أبي جعفر محمّد بن عمر بن‌سعيد ».

والصواب ما أثبتناه ؛ فقد ورد الخبر في الكافي ، ح ٤٣٦٨ ؛ والتهذيب ، ج ١ ، ص ٤٣٤ ، ح ١٣٠٣ ؛ والاستبصار ، ج ١ ، ص ١١٠ ، ح ٧٤٢ ـ مع زيادة يسيرة ـ عن سهل بن زياد عن محمّد بن عمرو بن سعيد ، عن يونس بن يعقوب.

ثمّ إنّه وردت رواية سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عمرو بن سعيد الزيّات ، عن يونس بن يعقوب في التهذيب ، ج ١ ، ص ٤٠٢ ، ح ١٢٥٩ ؛ والاستبصار ، ج ١ ، ص ١٤٩ ، ح ٥١٦ ، كما وردت رواية سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عمرو ، عن يونس في التهذيب ، ج ١ ، ص ١٧٥ ، ح ٥٠٢ ؛ والاستبصار ، ج ١ ، ص ١٥١ ، ح ٥٢٢. والمراد بأبي جعفر في مشايخ سعد بن عبد الله هو أحمد بن محمّد بن عيسى ، كما ثبت في محلّه.

أضف إلى ذلك كلّه ، أنّ طبقة رواة محمّد بن عمرو بن سعيد ، متقدّمة على طبقة سعد بن عبد الله. راجع : رجال النجاشي ، ص ٣٦٩ ، الرقم ١٠٠١ ؛ الفهرست للطوسي ، ص ٣٨٨ ، الرقم ٥٩٤ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٧ ، ص ٧٦ ـ ٧٩.

(٣) في الكافي ، ح ٤٣٦٨ : « إنّي ».

(٤) قال الجوهري : « شطا : اسم قرية بناحية مصر تنسب إليها الثياب الشطويّة ». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٩٢ ( شطا ).

(٥) في الكافي ، ح ٤٣٦٨ : ـ « في ».

(٦) في الكافي ، ح ٤٣٦٨ ، والتهذيب والاستبصار والبحار : « اشتريته ».

(٧) في الكافي ، ح ٤٣٦٨ ، والتهذيب والاستبصار : + « لو كان اليوم لساوى أربعمائة دينار ».

(٨) الكافي ، كتاب الجنائز ، باب ما يستحبّ من الثياب للكفن وما يكره ، ح ٤٣٦٨ ؛ والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢١٠ ، ح ٧٤٢ ؛ والتهذيب ، ج ١ ، ص ٤٣٤ ، ح ١٣٩٣ ، بسند آخر عن محمّد بن عمرو بن سعيد الوافي ، ج ٢٤ ،

٥٣٨

١٢٠ ـ بَابُ (١) مَوْلِدِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (٢) عليهما‌السلام

وُلِدَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسى عليه‌السلام بِالْأَبْوَاءِ (٣) سَنَةَ ثَمَانٍ وعِشْرِينَ ومِائَةٍ (٤) ، وقَالَ بَعْضُهُمْ (٥) : تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ومِائَةٍ ؛ وقُبِضَ عليه‌السلام لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وثَمَانِينَ ومِائَةٍ ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وخَمْسِينَ سَنَةً ؛ وقُبِضَ عليه‌السلام بِبَغْدَادَ فِي حَبْسِ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ.

وَكَانَ هَارُونُ حَمَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ لِعَشْرِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وسَبْعِينَ ومِائَةٍ ، وَقَدْ قَدِمَ هَارُونُ الْمَدِينَةَ مُنْصَرَفَهُ مِنْ عُمْرَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، ثُمَّ شَخَصَ (٦) هَارُونُ إِلَى الْحَجِّ وحَمَلَهُ مَعَهُ ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ ، فَحَبَسَهُ عِنْدَ عِيسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، ثُمَّ أَشْخَصَهُ إِلى بَغْدَادَ ، فَحَبَسَهُ عِنْدَ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ ، فَتُوُفِّيَ عليه‌السلام فِي حَبْسِهِ ، ودُفِنَ بِبَغْدَادَ فِي مَقْبَرَةِ قُرَيْشٍ ؛ وأُمُّهُ أُمُّ ولَدٍ يُقَالُ لَهَا : حَمِيدَةُ (٧) (٨)

١٢٨٩ / ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ السِّنْدِيِّ‌

__________________

ص ٣٧٥ ، ح ٢٤٢٤٩ ؛ الوسائل ، ج ٣ ، ص ١٠ ، ح ٢٨٨١ ؛ وص ١٦ ، ح ٢٩٠٣ ، وفيه إلى قوله : « وفي قميص من قمصه » ؛ وص ٤٠ ، ح ٢٩٧٣ ؛ البحار ، ج ٤٧ ، ص ٧ ، ح ١٩.

(١) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » : ـ « باب ».

(٢) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » ومرآة العقول : ـ « بن جعفر ».

(٣) قال ابن الأثير : « الأبْواء هو ـ بفتح الهمزة وسكون الباء والمدّ ـ : جبل بين مكّة والمدينة ، وعنده بلد ينسب‌إليه ». وقال الفيّومي : « الأبواء ـ وزان أفعال ـ : موضع بين مكّة والمدينة ، ويقال له : ودّانٌ ». راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٣ ( أبو ).

(٤) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي : ـ « وعشرين ومائة ».

(٥) في « ب » : + « سنة ».

(٦) « شَخَصَ » ، أي ذهب. والشخوص : السير من بلد إلى بلد. وشخوص المسافر : خروجه من منزله. راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٤٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٤٤ ( شخص ).

(٧) في البحار : ـ « وامّه امّ ولد يقال لها : حميدة ».

(٨) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٣ ، ذيل ح ١٤٢٠ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ٩ ، ح ١٣ ، وفيه قطعة ؛ وص ٢٠٦ ، ح ٢.

٥٣٩

الْقُمِّيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :

دَخَلَ ابْنُ (١) عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ (٢) عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ـ وكَانَ (٣) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَائِماً عِنْدَهُ (٤) ـ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ عِنَباً ، فَقَالَ (٥) : « حَبَّةً حَبَّةً يَأْكُلُهُ (٦) الشَّيْخُ الْكَبِيرُ و (٧) الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ ، وثَلَاثَةً وأَرْبَعَةً يَأْكُلُهُ (٨) مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ لَايَشْبَعُ ، وكُلْهُ (٩) حَبَّتَيْنِ حَبَّتَيْنِ ؛ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ (١٠) ».

فَقَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام : لِأَيِّ شَيْ‌ءٍ لَاتُزَوِّجُ أَبَا عَبْدِ اللهِ ، فَقَدْ أَدْرَكَ التَّزْوِيجَ؟ قَالَ : و (١١) بَيْنَ يَدَيْهِ صُرَّةٌ (١٢) مَخْتُومَةٌ ، فَقَالَ : « أَمَا إِنَّهُ سَيَجِي‌ءُ نَخَّاسٌ (١٣) مِنْ أَهْلِ بَرْبَرَ (١٤) ، فَيَنْزِلُ دَارَ‌

__________________

(١) يأتي صدر الخبر في الكافي ، ح ١٢٠٠٢ ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن عليّ بن السندي ، قال حدّثني عيسى بن أبي عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جدّه قال : دخل أبو عكاشة بن محصن الأسدي ؛ وكذا في الوسائل والبحار « أبو عكّاشة ». لكنّ الظاهر صحّة ما نحن فيه ؛ فإنّ عكّاشة بن مِحْصَن الأسدي كان من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتوفّي في خلافة أبي بكر. راجع : الجرح والتعديل ، ج ٧ ، ص ٣٩ ، الرقم ٢١٠ ؛ الثقات لابن حبّان ، ج ٣ ، ص ٣٢١ ؛ سير أعلام النبلاء ، ج ١ ، ص ٣٠٧ ، الرقم ٦٠ ؛ تاريخ الإسلام للذهبي ، ج ٣ ، ص ٥٠ ، ولم نجد في ما تتبّعنا من كتب الرجال والتراجم ، من يكنّى بأبي عكّاشة.

فعليه ، الظاهر أنّ من دخل على أبي جعفر عليه‌السلام ، كان ابن عكّاشة أو حفيده المنسوب إلى جدّه.

(٢) في الوسائل : ـ « الأسدي ».

(٣) في البحار : « فكان ».

(٤) في الكافي ، ح ١٢٠٠٢ ، والوسائل : ـ « وكان أبو عبد الله عليه‌السلام قائماً عنده ».

(٥) في الكافي ، ح ١٢٠٠٢ : « وقال له ». وفي الوسائل : « فقال له ».

(٦) في الكافي ، ح ١٢٠٠٢ ، والوسائل والبحار : « يأكل ».

(٧) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار : « أو ».

(٨) في الكافي ، ح ١٢٠٠٢ : « يأكل ». وفي الوسائل والبحار : ـ « يأكله ».

(٩) في البحار : « فكله ».

(١٠) في الكافي ، ح ١٢٠٠٢ : « مستحبّ ».

(١١) في « بح » : ـ « و ».

(١٢) « الصُرَّة » : هي ما يُصَرُّ فيه ، أي يُجْمَع فيه ، وصُرَّة الدراهم معروفة. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٥١ ـ ٤٥٢ ( صرر ).

(١٣) « النَخّاس » : بائع الدوابّ ، سمّي بذلك لنخسه إيّاها حتّى تَنْشَط. ونَخْسُ الدابّة : غَرْزُ جنبها أو مؤخّرها بعود أو نحوه. وقد يسمّى بائع الرقيق نَخّاساً ، والأوّل هو الأصل. راجع : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٢٨ ( نخس ).

(١٤) في « بف » : « بربرة ».

٥٤٠