الكافي - ج ٢

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٢

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-386-8
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٤٤

فَأَعْطَاهُ (١) إِيَّاهَا (٢) ، وصَلَّى الظُّهْرَ ، وقَالَ لَهُ (٣) : « اخْتَتِنْ » ، فَقَالَ : قَدِ (٤) اخْتَتَنْتُ فِي سَابِعِي. (٥)

١٢٩٤ / ٦. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ :

مَرَّ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عليه‌السلام بِامْرَأَةٍ بِمِنى وهِيَ تَبْكِي وصِبْيَانُهَا حَوْلَهَا يَبْكُونَ ، وقَدْ مَاتَتْ لَهَا بَقَرَةٌ ، فَدَنَا مِنْهَا ، ثُمَّ قَالَ لَهَا : « مَا يُبْكِيكِ يَا أَمَةَ اللهِ؟ » قَالَتْ : يَا عَبْدَ اللهِ ، إِنَّ لَنَا صِبْيَاناً يَتَامى ، وكَانَتْ لِي بَقَرَةٌ مَعِيشَتِي ومَعِيشَةُ صِبْيَانِي كَانَتْ (٦) مِنْهَا ، وقَدْ مَاتَتْ ، وَبَقِيتُ مُنْقَطَعاً (٧) بِي وبِوُلْدِي لَا (٨) حِيلَةَ لَنَا (٩)

فَقَالَ : « يَا أَمَةَ اللهِ ، هَلْ لَكِ أَنْ أُحْيِيَهَا لَكِ؟ » فَأُلْهِمَتْ أَنْ قَالَتْ : نَعَمْ يَا عَبْدَ اللهِ ؛ فَتَنَحّى وصَلّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ (١٠) هُنَيْئَةً (١١) ، وحَرَّكَ شَفَتَيْهِ ، ثُمَّ قَامَ ، فَصَوَّتَ (١٢) بِالْبَقَرَةِ ، فَنَخَسَهَا (١٣) نَخْسَةً أَوْ ضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ ، فَاسْتَوَتْ عَلَى الْأَرْضِ قَائِمَةً ، فَلَمَّا نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى الْبَقَرَةِ صَاحَتْ (١٤) ، وقَالَتْ : عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ورَبِّ الْكَعْبَةِ ؛ فَخَالَطَ النَّاسَ ،

__________________

(١) في الوافي : « فأعطاها ».

(٢) في « ض ، بح ، بف » والوافي : « إيّاه ».

(٣) في « ج ، ف ، بس » : ـ « له ».

(٤) في الوافي : ـ « قد ».

(٥) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٠٤ ، ح ١٤١٥ ؛ وفي الوسائل ، ج ٤ ، ص ٣٦٥ ، ح ٥٤٠٣ ؛ وج ٢١ ، ص ٤٤٠ ، ح ٢٧٥٣٠ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ٩٢ ، ح ١٠٧.

(٦) في « ف » وحاشية « بح » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « كان ».

(٧) في « ف ، بر » وحاشية « ج ، ض ، بس » والبصائر : « منقطعة ».

(٨) في « ج » والبصائر : « ولا ».

(٩) في « ب ، ف ، بر ، بف » وحاشية « ج » : « لي ».

(١٠) في « ج ، ف ، بر » والوافي والبصائر : « يديه ».

(١١) في « ج ، ض ، بس » وحاشية « بح » : « هنيهة ». وفي البصائر : « يمينة ». قال ابن الأثير : « أقام هُنيّةً ، أي قليلاً من الزمان ، وهو تصغير هَنَة ، ويقال : هُنَيْهَة أيضاً ». النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧٩ ( هنا ).

(١٢) في « ف » : « قال : قصّرتِ » بدل « قام فصوّت ». وفي البصائر : « فمرّ » بدل « فصوّت ».

(١٣) في « ف » : « فنخّسها » بالتثقيل. وقوله : « فنخسها » ، أي غَرزَ وأدخل جنبها أو مؤخّرها بعود ونحوه. راجع : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٢٨ ( نخس ).

(١٤) في « بر ، بف » والوافي : « صرخت ».

٥٦١

وَصَارَ بَيْنَهُمْ ، ومَضى عليه‌السلام. (١)

١٢٩٥ / ٧. أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ رَحِمَهُ اللهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ عليه‌السلام يَنْعى إِلى رَجُلٍ (٢) نَفْسَهُ (٣) ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : وإِنَّهُ لَيَعْلَمُ مَتى يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِهِ ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ شِبْهَ الْمُغْضَبِ ، فَقَالَ : « يَا إِسْحَاقُ ، قَدْ كَانَ رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ يَعْلَمُ عِلْمَ (٤) الْمَنَايَا (٥) والْبَلَايَا ، والْإِمَامُ أَوْلى بِعِلْمِ ذلِكَ ».

ثُمَّ قَالَ : « يَا إِسْحَاقُ ، اصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ ؛ فَإِنَّ عُمُرَكَ قَدْ فَنِيَ ، وإِنَّكَ تَمُوتُ إِلى سَنَتَيْنِ ، وإِخْوَتُكَ وأَهْلُ بَيْتِكَ لَايَلْبَثُونَ بَعْدَكَ إِلاَّ يَسِيراً حَتّى تَتَفَرَّقَ كَلِمَتُهُمْ (٦) ، وَيَخُونُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً حَتّى يَشْمَتَ بِهِمْ عَدُوُّهُمْ ، فَكَانَ هذَا فِي نَفْسِكَ ».

فَقُلْتُ : فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللهَ بِمَا (٧) عَرَضَ فِي صَدْرِي.

فَلَمْ يَلْبَثْ إِسْحَاقُ بَعْدَ هذَا الْمَجْلِسِ إِلاَّ يَسِيراً (٨) حَتّى مَاتَ ، فَمَا أَتى عَلَيْهِمْ إِلاَّ قَلِيلٌ حَتّى قَامَ بَنُو عَمَّارٍ بِأَمْوَالِ النَّاسِ ، فَأَفْلَسُوا. (٩)

__________________

(١) بصائر الدرجات ، ص ٢٧٢ ، ح ٢ ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن المغيرة ( وفي بعض نسخه المعتبرة : عبدالله بن المغيرة ) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٠٩ ، ح ١٤١٦.

(٢) في « بس » : « الرجل ».

(٣) « ينعى إلى رجل نفسه » ، أي يُخبر بموته. يقال : نَعَى الميّتَ ينعاه نَعْياً ونَعِيّاً ، إذا أذاع موته ، وأخبر به. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٨٥ ( نعا ).

(٤) في مرآة العقول : « كان « العلم » هنا بمعنى المعلوم. ويمكن أن يقرأ بالتحريك ، أي علامة المنايا ».

(٥) « المَنايا » : جمع المَنِيَّة ، وهي الموت. النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٦٨ ( منا ).

(٦) في « بر » : « يتفرّق كلّهم ».

(٧) في حاشية « بح » : « ممّا ».

(٨) في مرآة العقول : « على هذه النسخة كأنّه عليه‌السلام حدّد إلى سنتين ترحّماً وتعطّفاً عليه ؛ لئلاّ يضطرب ، أو لاحتمال‌البداء. وعلى ما في الخرائج وغيره لا إشكال ».

(٩) بصائر الدرجات ، ص ٢٦٤ ، ح ٩ ، بسنده عن سيف بن عميرة ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ( وفي بعض نسخه : « عن

٥٦٢

١٢٩٦ / ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ الْبَجَلِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ :

جَاءَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وقَدِ اعْتَمَرْنَا عُمْرَةَ رَجَبٍ ونَحْنُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ : يَا عَمِّ ، إِنِّي أُرِيدُ بَغْدَادَ ، وقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُوَدِّعَ عَمِّي أَبَا الْحَسَنِ ـ يَعْنِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليه‌السلام ـ وأَحْبَبْتُ أَنْ تَذْهَبَ مَعِي إِلَيْهِ ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ نَحْوَ أَخِي وهُوَ فِي دَارِهِ الَّتِي بِالْحَوْبَةِ (١) ، وذلِكَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِقَلِيلٍ ، فَضَرَبْتُ الْبَابَ ، فَأَجَابَنِي أَخِي (٢) ، فَقَالَ : « مَنْ هذَا؟ » فَقُلْتُ : عَلِيٌّ ، فَقَالَ : « هُوَ ذَا أَخْرُجُ » وكَانَ بَطِي‌ءَ الْوُضُوءِ ، فَقُلْتُ : الْعَجَلَ ، قَالَ : « وَأَعْجَلُ (٣) » فَخَرَجَ وعَلَيْهِ إِزَارٌ مُمَشَّقٌ (٤) قَدْ عَقَدَهُ فِي عُنُقِهِ حَتّى قَعَدَ تَحْتَ عَتَبَةِ (٥) الْبَابِ ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ ، فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ ، فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ ، وقُلْتُ : قَدْ جِئْتُكَ فِي أَمْرٍ إِنْ تَرَهُ صَوَاباً فَاللهُ وفَّقَ لَهُ ، وإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذلِكَ (٦) فَمَا أَكْثَرَ مَا نُخْطِئُ (٧)!

قَالَ : « وَمَا هُوَ؟ » ‌

قُلْتُ : هذَا ابْنُ أَخِيكَ يُرِيدُ أَنْ يُوَدِّعَكَ ، ويَخْرُجَ إِلى بَغْدَادَ ، فَقَالَ لِيَ (٨) : « ادْعُهُ (٩) ».

__________________

سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ». وهو الصواب كما يعلم من متن الخبر في الموضعين ) وفيه إلى قوله : « الإمام أولى بعلم ذلك » ؛ وفيه ، ص ٢٦٥ ، ح ١٣ ، بسنده عن إسحاق عن أبي الحسن عليه‌السلام ، مع اختلاف ؛ رجال الكشّي ، ص ٤٠٩ ، ح ٧٦٨ ، بسنده عن إسحاق بن عمّار ، إلى قوله : « هذا في نفسك » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٠ ، ح ١٤١٧ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ٦٨ ، ح ٩١.

(١) في « ج ، ض » : « بالجوّية ». وفي « ف » : « بالجوية ». وفي « بح » : « بالهويّة ». وفي « بر ، بس » : « بالحوية ». وفي‌الوافي : « بالخونة ». والموجود في المعاجم : « الحَوْبُ » ، وهو موضع في ديار رَبِيعَة ، وهي تضمّ عدّة كَوْر ، وهي كلّها بين الحيرة والشام. راجع : معجم ما استعجم ، ج ٢ ، ص ٤٧٣ و ٥٦٨.

(٢) في « ج » : ـ « أخي ».

(٣) في « ف » : « أو عجّل ». وفي « بح ، بر » : « واعجّل ».

(٤) « مُمَشَّق » ، أي مصبوغ بالمَشْق ، أي بالمَغْرَة ، وهي طين أحمر. المغرب ، ص ٤٣٠ ( مشق ).

(٥) « العَتَبَةُ » : اسْكُفَّةُ الباب السُفْلى ، وهي الخشبة التي توطَأُ. وقيل العَتَبَةُ : العُليا منها. وهذا هو المراد هنا. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٥٧٦ ( عتب ).

(٦) في « ب » : « ذاك ».

(٧) في « ج ، ف ، بس ، بف » : « ما يخطي ».

(٨) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بس » وحاشية « بر » : « له ».

(٩) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح » : « ادنه ».

٥٦٣

فَدَعَوْتُهُ ـ وكَانَ مُتَنَحِّياً ـ فَدَنَا مِنْهُ ، فَقَبَّلَ (١) رَأْسَهُ ، وقَالَ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَوْصِنِي (٢) ، فَقَالَ : « أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي دَمِي ». فَقَالَ مُجِيباً لَهُ : مَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ فَعَلَ اللهُ بِهِ ، وجَعَلَ يَدْعُو عَلى مَنْ يُرِيدُهُ بِسُوءٍ ؛ ثُمَّ عَادَ ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ (٣) : يَا عَمِّ ، أَوْصِنِي ، فَقَالَ : « أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي دَمِي ». فَقَالَ : مَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ فَعَلَ اللهُ بِهِ وفَعَلَ ؛ ثُمَّ عَادَ ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَمِّ ، أَوْصِنِي ، فَقَالَ (٤) : « أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي دَمِي ». فَدَعَا عَلى مَنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ ، ثُمَّ تَنَحّى عَنْهُ (٥) ، و (٦) مَضَيْتُ مَعَهُ (٧) ، فَقَالَ لِي أَخِي : « يَا عَلِيُّ ، مَكَانَكَ » فَقُمْتُ مَكَانِي ، فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ ، ثُمَّ دَعَانِي ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ ، فَتَنَاوَلَ صُرَّةً (٨) فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ ، فَأَعْطَانِيهَا ، وقَالَ : « قُلْ لِابْنِ أَخِيكَ يَسْتَعِينُ (٩) بِهَا عَلى سَفَرِهِ ».

قَالَ عَلِيٌّ : فَأَخَذْتُهَا ، فَأَدْرَجْتُهَا فِي حَاشِيَةِ رِدَائِي ، ثُمَّ نَاوَلَنِي مِائَةً أُخْرى ، وقَالَ (١٠) : « أَعْطِهِ أَيْضاً » ثُمَّ نَاوَلَنِي صُرَّةً أُخْرى ، وقَالَ : « أَعْطِهِ أَيْضاً » فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِذَا كُنْتَ تَخَافُ مِنْهُ مِثْلَ الَّذِي ذَكَرْتَ ، فَلِمَ تُعِينُهُ عَلى نَفْسِكَ؟

فَقَالَ : إِذَا وصَلْتُهُ وقَطَعَنِي (١١) ، قَطَعَ اللهُ أَجَلَهُ ، ثُمَّ تَنَاوَلَ مِخَدَّةَ (١٢) أَدَمٍ (١٣) ، فِيهَا‌

__________________

(١) في « بس » : « وقبّل ».

(٢) في « بس » : « أوصيني ».

(٣) في « ض » : « ثمّ قال ».

(٤) في « بس » : « قال ».

(٥) في « ج » : « منه ».

(٦) في « بر » : « ثمّ ».

(٧) في « بف » : « عنه ».

(٨) « الصرّة » : هي ما يُصَرّ فيه ، أي يُجْمَع فيه. وصُرّة الدراهم معروفة. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٥١ ـ ٤٥٢ ( صرر ).

(٩) في الوافي : « فيستعين ».

(١٠) في « ف » : « فقال ».

(١١) في « ف » : « قطع ».

(١٢) « المِخَدَّة » : ما يوضع الخَدّ عليه. قال الفيض : « أراد بها الخالية عن الحشو المجعولة كيساً للدراهم ». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٦٨ ( خدد ) ؛ الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٢.

(١٣) « الأدَم » : اسم لجمع أدِيم ، وهو الجلد المدبوغ المصلح بالدِباغ. المغرب ، ص ٢٢ ( أدم ).

٥٦٤

ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وضَحٍ (١) ، وقَالَ (٢) : « أَعْطِهِ هذِهِ أَيْضاً ».

قَالَ : فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ ، فَأَعْطَيْتُهُ الْمِائَةَ الْأُولى ، فَفَرِحَ بِهَا فَرَحاً (٣) شَدِيداً ، ودَعَا لِعَمِّهِ ، ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ (٤) الثَّانِيَةَ والثَّالِثَةَ ، فَفَرِحَ بِهَا (٥) حَتّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَرْجِعُ ولَايَخْرُجُ ، ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ الثَّلَاثَةَ آلَافِ (٦) دِرْهَمٍ ، فَمَضى عَلى وجْهِهِ حَتّى دَخَلَ عَلى هَارُونَ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ ، وقَالَ : مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَتَيْنِ حَتّى رَأَيْتُ عَمِّي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ ، فَأَرْسَلَ هَارُونُ إِلَيْهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ؛ فَرَمَاهُ (٧) اللهُ بِالذُّبَحَةِ (٨) ، فَمَا نَظَرَ مِنْهَا (٩) إِلى دِرْهَمٍ (١٠) ، ولَامَسَّهُ. (١١)

١٢٩٧ / ٩. سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ جَمِيعاً ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ (١٢) بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ (١٣) ابْنِ مُسْكَانَ ،

__________________

(١) « الوضح » : الدرهم الصحيح النقيّ الأبيض. راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٦٣٥ ( وضح ).

(٢) في « ب ، ف » : « فقال ».

(٣) في « ف » : ـ « فرحاً ».

(٤) في « ب ، ف » : + « المائة ».

(٥) في « ج ، ف ، بس » : ـ « بها ».

(٦) في « ف » : « الآلاف ».

(٧) في « ب » : « ورماه ».

(٨) « الذبحة » ، كهُمَزَة وعِنَبَة وكِسْرَة وصُبْرَة وكِتاب وغراب : وجَع يعرض في الحلق من الدم. وقيل : هي قُرْحة تظهر فيه فينسدّ معها وينقطع النفس فيقتل ، أو دم يَخنُق فيقتل. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ١٥٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٣١ ( ذبح ).

(٩) في « بح » : ـ « منها ».

(١٠) في « ب ، ف » : « إلى درهم منها ».

(١١) عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ٧٢ ، ح ٢ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، من قوله : « حتّى دخل على هارون ، فسلّم عليه بالخلافة » ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١١ ، ح ١٤١٨ ؛ الوسائل ، ج ٥ ، ص ٣٠ ، ح ٥٨٠٧.

(١٢) في « ب » : « الحسن ».

(١٣) هذا الخبر قطعة من الخبر الطويل الذي ورد في وفيات الأئمّة عليهم‌السلام ، وأشرنا إليه ذيل ح ١٢٥٥ والظاهر زيادة « عن ابن مسكان عن أبي بصير » في السند ، ومنشؤها تكرّر هذا الارتباط في ح ١٢٧٤ و ١٢٨٠ و ١٢٨٧ ، وأنّ عبارة « قبض موسى بن جعفر عليهما‌السلام ... » من كلام محمّد بن سنان ، كما أشار إليه المحقّق الخوانساري في رسالته في أحوال أبي بصير المطبوعة ضمن الجوامع الفقهيّة ، ص ٦٧ ـ ٦٨ ؛ فإنّ أبا بصير ـ والمنصرف منه هو يحيى الأسدي كما ثبت في محلّه ـ مات سنة خمسين ومائة ، كما في رجال النجاشي ، ص ٤٤١ ، الرقم ١١٨٧ ؛ رجال

٥٦٥

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

قُبِضَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليهما‌السلام وهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وخَمْسِينَ سَنَةً فِي عَامِ ثَلَاثٍ وثَمَانِينَ وَمِائَةٍ ؛ و (١) عَاشَ بَعْدَ جَعْفَرٍ عليه‌السلام خَمْساً وثَلَاثِينَ سَنَةً. (٢)

١٢١ ـ بَابُ (٣) مَوْلِدِ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام

وُلِدَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام سَنَةَ ثَمَانٍ وأَرْبَعِينَ ومِائَةٍ ؛ وقُبِضَ عليه‌السلام فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ ومِائَتَيْنِ وهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وخَمْسِينَ سَنَةً ، وقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَارِيخِهِ إِلاَّ أَنَّ هذَا التَّارِيخَ هُوَ أَقْصَدُ (٤) إِنْ شَاءَ اللهُ ؛ وتُوُفِّيَ عليه‌السلام بِطُوسَ فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا : سَنَابَادُ (٥) مِنْ نُوقَانَ (٦) عَلى دَعْوَةٍ ، ودُفِنَ بِهَا (٧) عليه‌السلام ؛ وكَانَ الْمَأْمُونُ أَشْخَصَهُ (٨) مِنَ الْمَدِينَةِ إِلى مَرْوَ (٩) عَلى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ وفَارِسَ ، فَلَمَّا خَرَجَ الْمَأْمُونُ وشَخَصَ إِلى بَغْدَادَ ، أَشْخَصَهُ (١٠) مَعَهُ ،

__________________

الطوسي ، ص ٣٢١ ، الرقم ٤٧٩٢.

وأمّا عبد الله بن مسكان ، فقد قال النجاشي في ص ٢١٤ ، الرقم ٥٥٩ : « روى عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ... مات في أيّام أبي الحسن عليه‌السلام قبل الحادثة ». والظاهر أنّ المراد بالحادثة في كلام النجاشي ، هو الوقف الحادث بعد استشهاد مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام.

(١) في « ب ، بح ، بر ، بف » والوافي : ـ « و ».

(٢) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٣ ، ح ١٤٢٠ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ٢٠٦ ، ح ٣.

(٣) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » : ـ « باب ».

(٤) في البحار : « الأقصد ». وقوله : « أقصد » ، أي أعدل وأقرب إلى الحقّ والصواب. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٦٧ ( قصد ).

(٥) في « ض ، بح ، بر ، بس » والوافي : « سناباذ » بالذال المعجمة. وفي « ف » : « سناياد » بالياء.

(٦) في « ب ، ج ، بح ، بر ، بس » وحاشية « ض ، ف » وحاشية بدرالدين وشرح المازندراني : « موقان ».

(٧) في « ف » : « فيها ».

(٨) « أشخصه » ، أي أزعجه وقلعه عن مكانه وذهب به. راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٤٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٤٤ ( شخص ).

(٩) في « بر » : « مروا ».

(١٠) في « ف » : « وأشخصه ».

٥٦٦

فَتُوُفِّيَ فِي هذِهِ الْقَرْيَةِ (١) ؛ وأُمُّهُ أُمُّ ولَدٍ يُقَالُ لَهَا : أُمُّ الْبَنِينَ. (٢)

١٢٩٨ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَحْمَرَ ، قَالَ :

قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ عليه‌السلام : « هَلْ عَلِمْتَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ قَدِمَ (٣)؟ ». قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « بَلى ، قَدْ (٤) قَدِمَ (٥) رَجُلٌ (٦) ، فَانْطَلِقْ بِنَا ». فَرَكِبَ ورَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا (٧) إِلَى الرَّجُلِ ، فَإِذَا (٨) رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (٩) مَعَهُ رَقِيقٌ (١٠) ، فَقُلْتُ لَهُ : اعْرِضْ عَلَيْنَا ، فَعَرَضَ عَلَيْنَا سَبْعَ جَوَارٍ ، كُلَّ ذلِكَ يَقُولُ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام (١١) : « لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا ». ثُمَّ قَالَ : « اعْرِضْ عَلَيْنَا » فَقَالَ : مَا عِنْدِي إِلاَّ جَارِيَةٌ مَرِيضَةٌ ، فَقَالَ لَهُ : « مَا (١٢) عَلَيْكَ أَنْ تَعْرِضَهَا » فَأَبى عَلَيْهِ ، فَانْصَرَفَ (١٣)

ثُمَّ أَرْسَلَنِي (١٤) مِنَ الْغَدِ ، فَقَالَ (١٥) : « قُلْ لَهُ : كَمْ كَانَ (١٦) غَايَتُكَ فِيهَا؟ فَإِذَا قَالَ (١٧) : كَذَا وَكَذَا ، فَقُلْ (١٨) : قَدْ أَخَذْتُهَا ». فَأَتَيْتُهُ ، فَقَالَ : مَا كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَنْقُصَهَا مِنْ كَذَا وكَذَا ،

__________________

(١) في البحار : ـ « وتوفّي عليه‌السلام بطوس ـ إلى ـ هذه القرية ».

(٢) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٤ ، ذيل ح ١٤٣٣ ؛ البحار ، ج ٤٩ ، ص ٢ ، ح ٢.

(٣) في « ب » : + « قال ».

(٤) في « ف » : ـ « قد ».

(٥) في « ب ، ض » : + « منها ».

(٦) في الإرشاد : + « من أهل المغرب المدينة ».

(٧) في « بر » : « انتهى ».

(٨) في « بس » : + « هو ».

(٩) في الإرشاد والاختصاص والعيون : « من أهل المغرب ».

(١٠) « الرقيق » : المملوك ، فعيل بمعنى مفعول. وقد يطلق على الجماعة كالرفيق. النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٥١ ( رقق ).

(١١) في « ب » : « أبو الحسن عليه‌السلام يقول ».

(١٢) « ما » استفهاميّة. ويحتمل النفي. و « على » للإضرار. راجع : شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٦٩ ؛ مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ٧٣.

(١٣) في « ب » والاختصاص والعيون : « ثمّ انصرف ».

(١٤) في « ب » : « فأرسلني ».

(١٥) في الإرشاد والاختصاص والعيون : + « لي ».

(١٦) في حاشية « ف » : « كانت ».

(١٧) في الإرشاد : + « لك ».

(١٨) في « ض » والوافي : + « له ».

٥٦٧

فَقُلْتُ : قَدْ أَخَذْتُهَا ، فَقَالَ (١) : هِيَ لَكَ ، ولكِنْ أَخْبِرْنِي مَنِ (٢) الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ؟ فَقُلْتُ (٣) : رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، قَالَ (٤) : مِنْ أَيِّ بَنِي هَاشِمٍ؟ فَقُلْتُ : مَا عِنْدِي أَكْثَرُ مِنْ هذَا ، فَقَالَ : أُخْبِرُكَ عَنْ هذِهِ الْوَصِيفَةِ (٥) : إِنِّي اشْتَرَيْتُهَا مِنْ أَقْصَى الْمَغْرِبِ ، فَلَقِيَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَقَالَتْ : مَا هذِهِ الْوَصِيفَةُ مَعَكَ؟ قُلْتُ : اشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي ، فَقَالَتْ : مَا يَكُونُ (٦) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ عِنْدَ مِثْلِكَ ؛ إِنَّ هذِهِ الْجَارِيَةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عِنْدَ خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَلَا تَلْبَثُ عِنْدَهُ (٧) إِلاَّ قَلِيلاً حَتّى تَلِدَ مِنْهُ (٨) غُلَاماً مَا يُولَدُ (٩) بِشَرْقِ الْأَرْضِ ولَاغَرْبِهَا (١٠) مِثْلُهُ.

قَالَ : فَأَتَيْتُهُ بِهَا ، فَلَمْ تَلْبَثْ عِنْدَهُ إِلاَّ قَلِيلاً حَتّى ولَدَتِ الرِّضَا عليه‌السلام. (١١)

١٢٩٩ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ (١٢) ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، قَالَ :

لَمَّا مَضى أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‌السلام ، وتَكَلَّمَ أَبُو الْحَسَنِ (١٣) عليه‌السلام ، خِفْنَا عَلَيْهِ مِنْ ذلِكَ ، فَقِيلَ لَهُ :

__________________

(١) في الإرشاد : « قال ».

(٢) في « ف » : « عن ».

(٣) في « ج ، ض ، ف ، بر ، بس » والوافي والاختصاص : « قلت ».

(٤) في « ب ، ض ، ف ، بف » والوافي والاختصاص والعيون : « فقال ».

(٥) « الوَصِيفُ » : الخادم غلاماً كان أو جارية. يقال : وصُفَ الغلامُ ، إذا بلغ حدّ الخدمة ، فهو وصيف بيّن الوَصافَة ، والجمع : وصَفاءُ. وربّما قالوا للجارية : وصيفةٌ بيّنة الوَصافَة والإيصاف ، والجمع : الوَصائف. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٣٩ ( وصف ).

(٦) في الإرشاد والاختصاص والعيون : ـ « يكون ».

(٧) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي : ـ « عنده ».

(٨) في الإرشاد : ـ « منه ».

(٩) في « ف » : « لايولد ». وفي الإرشاد : « لم يولد ».

(١٠) في « ف » : « ولا بغربها ».

(١١) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٥٤ ، بسنده عن الكليني. وفي عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٧ ، ح ٤ ؛ والاختصاص ، ص ١٩٧ ، بسندهما عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب بن إسحاق ، عن أبي زكريّا الواسطي ، عن هشام بن أحمر [ في العيون : أحمد ] الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٥ ، ح ١٤٢١.

(١٢) في الإرشاد : ـ « عمّن ذكره ».

(١٣) في الإرشاد : + « الرضا ».

٥٦٨

إِنَّكَ قَدْ أَظْهَرْتَ أَمْراً عَظِيماً ، وإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ هذِهِ (١) الطَّاغِيَةَ ، قَالَ (٢) : فَقَالَ : « لِيَجْهَدْ جَهْدَهُ ؛ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيَّ ». (٣)

١٣٠٠ / ٣. أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ رَحِمَهُ اللهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنِ الْحَسَنِ (٤) بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَخِيهِ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا عليه‌السلام فِي بَيْتٍ دَاخِلٍ فِي جَوْفِ بَيْتٍ لَيْلاً ، فَرَفَعَ يَدَهُ ، فَكَانَتْ كَأَنَّ فِي الْبَيْتِ عَشَرَةَ مَصَابِيحَ ، واسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ ، فَخَلّى يَدَهُ (٥) ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ. (٦)

١٣٠١ / ٤. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ :

كَانَ لِرَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِي رَافِعٍ ـ مَوْلَى النَّبِيِّ (٧) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يُقَالُ لَهُ : طَيْسٌ (٨) ـ عَلَيَّ حَقٌّ ، فَتَقَاضَانِي (٩) ، وأَلَحَّ عَلَيَّ ، وأَعَانَهُ النَّاسُ (١٠) ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذلِكَ صَلَّيْتُ الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ (١١) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثُمَّ تَوَجَّهْتُ نَحْوَ الرِّضَا عليه‌السلام وهُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْعُرَيْضِ (١٢) ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْ بَابِهِ إِذَا (١٣)

__________________

(١) في « بف » والإرشاد : « هذا ».

(٢) في الإرشاد والعيون : ـ « قال ».

(٣) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٥٥ ، بسنده عن الكليني. وفي عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٢٢٦ ، ح ٤ ، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن صفوان بن يحيى ، مع زيادة في آخره الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٦ ، ح ١٤٢٢.

(٤) في حاشية « بف » : « الحسين ».

(٥) في « ب ، ج ، ف ، بح ، بس » وحاشية « بر » ومرآة العقول : « به ».

(٦) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٦ ، ح ١٤٢٤.

(٧) في « ف » والإرشاد : « رسول الله ».

(٨) في الإرشاد : « فلان ».

(٩) « فتقاضاني » ، أي طلب منّي حقَّه. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٦٤ ؛ المفردات للراغب ، ص ٦٧٥ ( قضا ).

(١٠) في الإرشاد : ـ « وأعانه الناس ».

(١١) في « ض » والإرشاد : « رسول الله ».

(١٢) ذكر في تاريخ قمَّ نقلاً عن بعض الرواة أنّ العريض من قرى المدينة على بُعد فرسخ منها ، وكانت القرية ملكاً للإمام الباقر عليه‌السلام ، وأوصى الإمام الصادق عليه‌السلام بهذه القرية إلى ولده عليّ العريضي. تاريخ قم ، ص ٢٢٤.

(١٣) في « ف » : « إذ ». وفي « بر ، بف » والوافي : « فإذا ».

٥٦٩

هُوَ قَدْ طَلَعَ (١) عَلى حِمَارٍ ، وعَلَيْهِ قَمِيصٌ ورِدَاءٌ ، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ اسْتَحْيَيْتُ (٢) مِنْهُ ، فَلَمَّا لَحِقَنِي وقَفَ ، ونَظَرَ (٣) إِلَيَّ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ـ وكَانَ شَهْرَ رَمَضَانَ ـ فَقُلْتُ : جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ (٤) ، إِنَّ لِمَوْلَاكَ طَيْسٍ (٥) عَلَيَّ حَقّاً (٦) ، وقَدْ واللهِ شَهَرَنِي (٧) وأَنَا أَظُنُّ فِي نَفْسِي أَنَّهُ (٨) يَأْمُرُهُ بِالْكَفِّ عَنِّي ، وو اللهِ مَا قُلْتُ لَهُ : كَمْ لَهُ عَلَيَّ ، ولَاسَمَّيْتُ لَهُ شَيْئاً.

فَأَمَرَنِي عليه‌السلام بِالْجُلُوسِ إِلى رُجُوعِهِ ، فَلَمْ أَزَلْ حَتّى صَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ وأَنَا صَائِمٌ ، فَضَاقَ صَدْرِي ، وأَرَدْتُ أَنْ أَنْصَرِفَ ، فَإِذَا هُوَ قَدْ طَلَعَ عَلَيَّ وحَوْلَهُ النَّاسُ ، وقَدْ (٩) قَعَدَ لَهُ السُّؤَّالُ وَهُوَ يَتَصَدَّقُ (١٠) عَلَيْهِمْ ، فَمَضى و (١١) دَخَلَ بَيْتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ ودَعَانِي ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ ودَخَلْتُ مَعَهُ ، فَجَلَسَ وجَلَسْتُ (١٢) ، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ ـ وكَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ (١٣) ، وَكَانَ كَثِيراً مَا أُحَدِّثُهُ عَنْهُ ـ فَلَمَّا فَرَغْتُ ، قَالَ : « لَا (١٤) أَظُنُّكَ أَفْطَرْتَ بَعْدُ » فَقُلْتُ (١٥) : لَا ، فَدَعَا لِي (١٦) بِطَعَامٍ. فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيَّ ، وأَمَرَ الْغُلَامَ أَنْ يَأْكُلَ مَعِي ، فَأَصَبْتُ والْغُلَامَ (١٧) مِنَ الطَّعَامِ.

__________________

(١) في « ف » : « تطلّع ».

(٢) في الوافي : « استحيت ».

(٣) في « ض ، ف ، بس » والوافي : « فنظر ».

(٤) في الإرشاد : « جعلت فداك ».

(٥) في الإرشاد : « فلان ».

(٦) في « بر » : « حقّاً عليّ ».

(٧) في « ج ، ف ، بح ، بف » : « شهّرني » بالتثقيل. و « شَهَرني » ، أي أظهرني في شُنْعةٍ ، أي قُبْحٍ ؛ من الشهرة ، وهو ظهور الشي‌ء في شنْعة حتّى يشهره الناس. يقال : شَهَرَه ، شَهَّرَه واشتهره. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٣١ ؛ أقرب الموارد ، ج ١ ، ص ٦١٨ ( شهر ).

(٨) في « ب ، بف » : + « عليه‌السلام ».

(٩) في « ف » : ـ « قد ».

(١٠) في « ج » : « قد يتصدّق ».

(١١) في الإرشاد : « فقد ».

(١٢) في الإرشاد : + « معه ».

(١٣) في الإرشاد : ـ « وكان أمير المدينة ».

(١٤) في الإرشاد : « ما ».

(١٥) في الإرشاد : « قلت ».

(١٦) في « ف » : « فدعاني ».

(١٧) يجوز في « الغلام » الرفع أيضاً عطفاً على الضمير المتّصل المرفوع بناءً على جوازه بدون التأكيد. راجع : شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٧١ ؛ مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ٧٦.

٥٧٠

فَلَمَّا فَرَغْنَا قَالَ لِيَ (١) : « ارْفَعِ الْوِسَادَةَ (٢) ، وخُذْ مَا تَحْتَهَا » فَرَفَعْتُهَا وإِذَا (٣) دَنَانِيرُ ، فَأَخَذْتُهَا وو ضَعْتُهَا فِي كُمِّي ؛ وأَمَرَ أَرْبَعَةً مِنْ عَبِيدِهِ أَنْ يَكُونُوا مَعِي حَتّى يُبْلِغُونِي (٤) مَنْزِلِي.

فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ طَائِفَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ يَدُورُ (٥) ، وأَكْرَهُ أَنْ يَلْقَانِي ومَعِي عَبِيدُكَ ، فَقَالَ لِي : « أَصَبْتَ ، أَصَابَ اللهُ بِكَ الرَّشَادَ » وأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا إِذَا رَدَدْتُهُمْ ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْ مَنْزِلِي وآنَسْتُ ، رَدَدْتُهُمْ.

فَصِرْتُ (٦) إِلى مَنْزِلِي ، ودَعَوْتُ بِالسِّرَاجِ (٧) ، ونَظَرْتُ إِلَى الدَّنَانِيرِ وإِذَا (٨) هِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِينَاراً ، وكَانَ حَقُّ الرَّجُلِ عَلَيَّ ثَمَانِيَةً وعِشْرِينَ دِينَاراً ، وكَانَ فِيهَا دِينَارٌ يَلُوحُ (٩) ، فَأَعْجَبَنِي حُسْنُهُ ، فَأَخَذْتُهُ وقَرَّبْتُهُ مِنَ السِّرَاجِ ، فَإِذَا (١٠) عَلَيْهِ نَقْشٌ واضِحٌ : « حَقُّ الرَّجُلِ ثَمَانِيَةٌ وعِشْرُونَ دِينَاراً ، ومَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ ». ولَاوَ اللهِ ، مَا عَرَفْتُ (١١) مَا لَهُ عَلَيَّ (١٢) ؛ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الَّذِي أَعَزَّ ولِيَّهُ. (١٣)

__________________

(١) في الإرشاد : ـ « لي ».

(٢) « الوِسادُ » و « الوِسادَةُ » : المِخَدَّةُ ـ وهو ما يوضع الخدّ عليه ـ والمُتَّكَأُ ، وهو الذي يوضع تحت الرأس. لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٤٥٩ ( وسد ).

(٣) في « ض ، بر ، بف » والإرشاد : « فإذا ».

(٤) في « ج ، بح » : « يبلّغوني ». وفي الإرشاد : « يبلغوا بي ».

(٥) في الإرشاد : « يقعد ».

(٦) في الإرشاد : « وصرت ».

(٧) في الإرشاد : « السراج ».

(٨) في « ف » والإرشاد : « فإذا ».

(٩) « يلوح » : يتلألأ. يقال للشي‌ء إذا تلألأ : لاح يلوح لَوحاً ولُؤُوحاً. راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٥٨٦ ( لوح ).

(١٠) في الوافي : + « هي ».

(١١) في « ج » : « ما عرّفت » بالتضعيف. وفي الوافي : « ما عرفته ». وفي مرآة العقول : « ما عرفت ، بالتشديد أوالتخفيف ».

(١٢) في الإرشاد : « لا والله ، ما كنتُ عرّفتُ ما له عليّ على التحديد ». ولم يرد فيه تتمّة الحديث.

(١٣) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٥٥ بسنده عن الكليني الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٦ ، ح ١٤٢٥.

٥٧١

١٣٠٢ / ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ (١) :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام : أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ (٢) فِيهَا هَارُونُ ، يُرِيدُ الْحَجَّ ، فَانْتَهى إِلى جَبَلٍ ـ عَنْ (٣) يَسَارِ الطَّرِيقِ ، وأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلى مَكَّةَ (٤) ـ يُقَالُ لَهُ : فَارِعٌ (٥) ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام (٦) ، ثُمَّ قَالَ : « بَانِي فَارِعٍ (٧) ، وهَادِمُهُ يُقَطَّعُ إِرْباً إِرْباً (٨) ».

فَلَمْ نَدْرِ مَا مَعْنى ذلِكَ ، فَلَمَّا ولّى (٩) وافى هَارُونُ ، ونَزَلَ (١٠) بِذلِكَ الْمَوْضِعِ ، و (١١) صَعِدَ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيى ذلِكَ الْجَبَلَ (١٢) ، وأَمَرَ أَنْ يُبْنى لَهُ ثَمَّ (١٣) مَجْلِسٌ ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ صَعِدَ إِلَيْهِ ، فَأَمَرَ (١٤) بِهَدْمِهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْعِرَاقِ ، قُطِّعَ (١٥) إِرْباً إِرْباً. (١٦)

١٣٠٣ / ٦. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ (١٧) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسى ، قَالَ :

__________________

(١) في حاشية « بف » : « أصحابنا ».

(٢) في « ف ، بح ، بر ، بف » والوافي : « خرج ».

(٣) في الإرشاد : « على ».

(٤) في الإرشاد : ـ « وأنت ذاهب إلى مكّة ».

(٥) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس » وشرح المازندراني والوافي : « قارع » بالقاف.

(٦) في « ج ، ض ، بر ، ف » : « أبو الحسن إليه ».

(٧) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس » وشرح المازندراني والوافي : « قارع » بالقاف. وفي الإرشاد : « يا فارع » بدل « باني فارع ». وقوله : « باني فارع » ، أي الباني في الفارع. وكذا « هادمه » أو الضمير راجع إلى البناء المستفاد من الباني. راجع : شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٧١ ؛ مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ٧٧.

(٨) « الإرب » : العضو الموفّر الكامل الذي لم ينقص منه شي‌ء ، ويقال لكلّ عضو : إرب. يقال : قطّعته إرباً إرباً ، أي عضواً عضواً. لسان العرب ، ج ١ ، ص ٢٠٩ ( أرب ).

(٩) أي ارتحل أبو الحسن عليه‌السلام من ذلك الموضع ، كما في شرح المازندراني ومرآة العقول. وفي « ج ، بف » : « وُلّي » مبنيّاً للمفعول.

(١٠) في « بس ، بف » : « فنزل ».

(١١) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : ـ « و ».

(١٢) في الإرشاد : « فلمّا بلغ هارون ذلك المكان نزله وصعد جعفر بن يحيى الجبل » بدل « فلمّا ولّى ـ إلى ـ يحيى‌ذلك الجبل ».

(١٣) في الإرشاد : « فيه ».

(١٤) في الإرشاد : « وأمر ».

(١٥) في الإرشاد : + « جعفر بن يحيى ».

(١٦) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٥٧ بسنده عن الكليني الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٨ ، ح ١٤٢٦.

(١٧) في الإرشاد : « الهيثم ».

٥٧٢

أَلْحَحْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام فِي شَيْ‌ءٍ أَطْلُبُهُ مِنْهُ ، فَكَانَ (١) يَعِدُنِي ، فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ لِيَسْتَقْبِلَ (٢) والِيَ الْمَدِينَةِ وكُنْتُ مَعَهُ ، فَجَاءَ إِلى قُرْبِ (٣) قَصْرِ فُلَانٍ ، فَنَزَلَ (٤) تَحْتَ شَجَرَاتٍ ونَزَلْتُ مَعَهُ أَنَا (٥) ، ولَيْسَ مَعَنَا ثَالِثٌ ، فَقُلْتُ (٦) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، هذَا الْعِيدُ قَدْ أَظَلَّنَا (٧) ، ولَاوَ اللهِ ، مَا أَمْلِكُ (٨) دِرْهَماً فَمَا سِوَاهُ ، فَحَكَّ بِسَوْطِهِ الْأَرْضَ حَكّاً شَدِيداً ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ ، فَتَنَاوَلَ مِنْهَا (٩) سَبِيكَةَ ذَهَبٍ ، ثُمَّ قَالَ (١٠) : « انْتَفِعْ (١١) بِهَا ، واكْتُمْ مَا رَأَيْتَ ». (١٢)

١٣٠٤ / ٧. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ والرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ جَمِيعاً ، قَالَ (١٣) :

لَمَّا انْقَضى أَمْرُ الْمَخْلُوعِ ، واسْتَوَى الْأَمْرُ لِلْمَأْمُونِ ، كَتَبَ إِلَى الرِّضَا عليه‌السلام يَسْتَقْدِمُهُ إِلى خُرَاسَانَ ، فَاعْتَلَّ (١٤) عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام بِعِلَلٍ ، فَلَمْ يَزَلِ الْمَأْمُونُ يُكَاتِبُهُ فِي ذلِكَ حَتّى عَلِمَ أَنَّهُ (١٥) لَامَحِيصَ (١٦) لَهُ ، وأَنَّهُ (١٧) لَايَكُفُّ عَنْهُ ، فَخَرَجَ عليه‌السلام ولِأَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام سَبْعُ‌

__________________

(١) في « بف » والبصائر والاختصاص : « وكان ».

(٢) في « ف » والبصائر والإرشاد والاختصاص : « يستقبل ».

(٣) في « ج » : « قريب ».

(٤) في البصائر : + « في موضع ». وفي الإرشاد : + « عنده ».

(٥) في « ف » والإرشاد : ـ « أنا ».

(٦) في الإرشاد والاختصاص : + « له ».

(٧) « قد أظلّنا » ، أي أقبل علينا ودنا منّا ، كأنّه ألقى علينا ظلّه. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ١٦٠ ( ظلل ).

(٨) في « ب ، ض » : « لا أملك ».

(٩) هكذا في « ف ، بف » وحاشية « ض ، بح » والوافي والاختصاص. وفي المطبوع وسائر النسخ : « منه ». وفي البصائر : « بيده ».

(١٠) في البصائر والإرشاد والاختصاص : « فقال ».

(١١) في الإرشاد والاختصاص : « استنفع ».

(١٢) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٥٧ بسنده عن الكليني. بصائر الدرجات ، ص ٣٧٤ ، ح ٢ ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن حمزة بن القاسم ، عمّن أخبره عنه ، عن إبراهيم بن موسى ؛ الاختصاص ، ص ٢٧٠ ، عن محمّد بن عيسى ؛ دلائل الإمامة ، ص ١٩٠ ، بسنده عن محمّد بن حمزة ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٨ ، ح ١٤٢٧.

(١٣) في الوسائل : « قالا ».

(١٤) اعتلّ بعلل ، أي اعتذر بمعاذير ، فوضع العلّة موضع العذر. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٩١ ( علل ).

(١٥) في « بس » : « أن » بالتخفيف.

(١٦) « المحيص » : المَهْرب والمَحيد. راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ١٩ ( حيص ).

(١٧) في « بر » : « فإنّه ».

٥٧٣

سِنِينَ ـ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ : لَاتَأْخُذْ عَلى طَرِيقِ الْجَبَلِ وقُمَّ (١) ، وخُذْ عَلى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ والْأَهْوَازِ وفَارِسَ ـ حَتّى (٢) وافى مَرْوَ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَأْمُونُ أَنْ يَتَقَلَّدَ الْأَمْرَ (٣) وَالْخِلَافَةَ ، فَأَبى أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام ، قَالَ : فَوِلَايَةَ الْعَهْدِ ، فَقَالَ : « عَلى شُرُوطٍ أَسْأَلُكَهَا ». قَالَ (٤) الْمَأْمُونُ لَهُ (٥) : سَلْ (٦) مَا شِئْتَ ، فَكَتَبَ الرِّضَا عليه‌السلام : « إِنِّي دَاخِلٌ فِي ولَايَةِ الْعَهْدِ عَلى (٧) أَنْ لَا آمُرَ ولَا أَنْهى ، ولَا أُفْتِيَ ولَا أَقْضِيَ ، ولَا أُوَلِّيَ (٨) ولَا أَعْزِلَ ، ولَا أُغَيِّرَ شَيْئاً مِمَّا هُوَ قَائِمٌ ، وتُعْفِيَنِي (٩) مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ ». فَأَجَابَهُ الْمَأْمُونُ إِلى ذلِكَ كُلِّهِ.

قَالَ : فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ ، قَالَ (١٠) : فَلَمَّا حَضَرَ الْعِيدُ ، بَعَثَ الْمَأْمُونُ إِلَى الرِّضَا عليه‌السلام يَسْأَلُهُ أَنْ يَرْكَبَ ، ويَحْضُرَ الْعِيدَ ، ويُصَلِّيَ ويَخْطُبَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرِّضَا عليه‌السلام : « قَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ بَيْنِي وبَيْنَكَ مِنَ الشُّرُوطِ فِي دُخُولِ هذَا الْأَمْرِ ». فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ : إِنَّمَا أُرِيدُ بِذلِكَ أَنْ تَطْمَئِنَّ (١١) قُلُوبُ النَّاسِ ، ويَعْرِفُوا فَضْلَكَ (١٢) ، فَلَمْ يَزَلْ عليه‌السلام يُرَادُّهُ الْكَلَامَ فِي ذلِكَ ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : « يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ أَعْفَيْتَنِي مِنْ ذلِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ ، وإِنْ لَمْ تُعْفِنِي خَرَجْتُ كَمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام ». فَقَالَ الْمَأْمُونُ : اخْرُجْ كَيْفَ شِئْتَ ، وأَمَرَ الْمَأْمُونُ الْقُوَّادَ والنَّاسَ أَنْ يُبَكِّرُوا (١٣)

__________________

(١) لفظة « قم » في العربي تشدّد كما في « ب ».

(٢) غاية لقوله : « فخرج عليه‌السلام ». وقوله : « فكتب إليه ـ إلى ـ فارس » يشبه المعترضة.

(٣) « يتقلّد الأمر » ، أي يلزمه نفسه ويحتمله. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٥١٦ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣٦٧ ( قلد ).

(٤) في « ج » : « فقال ».

(٥) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس » والوافي : ـ « له ». وفي « بف » : « له المأمون ».

(٦) في « ف » : + « عن ».

(٧) في « ج » : ـ « على ».

(٨) في الوافي : « ولا اولّي ، أي لا أجعل أحداً والياً على قوم ؛ من ولّيتُه الأمر ، أو أوليته ».

(٩) في « ض » : « فتعفيني ».

(١٠) في « بح » : ـ « قال ».

(١١) في « ف » : « يطمئنّ ».

(١٢) في « بح » : « بفضلك ».

(١٣) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » ومرآة العقول : « يركبوا ». وقوله : « يبكِّروا » من بكر على الشي‌ء وإليه‌

٥٧٤

إِلى (١) بَابِ أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام.

قَالَ (٢) : فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ الْخَادِمُ : أَنَّهُ قَعَدَ النَّاسُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام فِي الطُّرُقَاتِ وَالسُّطُوحِ ـ الرِّجَالُ ، والنِّسَاءُ ، والصِّبْيَانُ ـ واجْتَمَعَ الْقُوَّادُ والْجُنْدُ عَلى بَابِ أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام ، فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، قَامَ عليه‌السلام فَاغْتَسَلَ وتَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ مِنْ قُطْنٍ (٣) ، أَلْقى طَرَفاً مِنْهَا عَلى صَدْرِهِ ، وطَرَفاً بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، وتَشَمَّرَ (٤) ، ثُمَّ قَالَ لِجَمِيعِ مَوَالِيهِ : « افْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلْتُ ». ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ عُكَّازاً (٥) ، ثُمَّ خَرَجَ ـ ونَحْنُ بَيْنَ يَدَيْهِ وهُوَ حَافٍ قَدْ (٦) شَمَّرَ سَرَاوِيلَهُ (٧) إِلى نِصْفِ السَّاقِ ، وعَلَيْهِ ثِيَابٌ مُشَمَّرَةٌ ـ فَلَمَّا مَشى ومَشَيْنَا (٨) بَيْنَ يَدَيْهِ ، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ ، فَخُيِّلَ إِلَيْنَا (٩) أَنَّ السَّمَاءَ والْحِيطَانَ تُجَاوِبُهُ (١٠) ، والْقُوَّادُ والنَّاسُ عَلَى الْبَابِ قَدْ تَهَيَّأُوا ولَبِسُوا السِّلَاحَ ، وتَزَيَّنُوا بِأَحْسَنِ الزِّينَةِ ، فَلَمَّا طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ بِهذِهِ الصُّورَةِ ، وطَلَعَ الرِّضَا عليه‌السلام ، وقَفَ عَلَى الْبَابِ وقْفَةً ، ثُمَّ قَالَ : « اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ (١١) عَلى مَا هَدَانَا ، اللهُ أَكْبَرُ عَلى

__________________

وبكّر وأبكر وباكره ، أيّ أتاه بُكرةً ، أي أوّل النهار. وكلّ من بادر وأسرع إلى شي‌ء فقد أبكر عليه وبكّر أي وقت كان. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٤٨ ؛ لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٧٦ ( بكر ).

(١) في الوافي : ـ « إلى ».

(٢) في « ج » : ـ « قال ». وفي « ف » : « فقال ».

(٣) في « ف » : ـ « من قطن ».

(٤) « تشمّر » ، أي مرّ جادّاً. يقال : شَمَر يَشْمُر شَمْراً وانشمر وشمّر وتشمّر ، أي مرّ جادّاً. وتشمّر للأمر ، أي تهيّأ. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٢٧ ( شمر ).

(٥) « العُكّاز » و « العُكّازَة » : عصا في أسفلها زُجّ ـ وهي الحديدة التي في أسفل الرمح ويقابله السنان ـ يُتوكّأ عليها. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٢٥٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧١٣ ( عكز ).

(٦) في « بح » : « وقد ».

(٧) « شَمَّرَ سراويله » ، أي رفعها. يقال : شَمَّرَ الثوبَ والإزارَ تشميراً ، أي رفعه ، وثياب مُشَمَّرةٌ ، أي قالصة مرتفعة. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٢٨ ( شمر ).

(٨) في « ب » : « مشينا ومشى ».

(٩) في حاشية « بس » والوسائل : « لنا ».

(١٠) في « ف » : + « قدتجاوبه ».

(١١) في « ف » والوافي : ـ « الله أكبر » الرابع.

٥٧٥

مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (١) ، والْحَمْدُ لِلّهِ عَلى مَا أَبْلَانَا (٢) » ، نَرْفَعُ بِهَا أَصْوَاتَنَا.

قَالَ يَاسِرٌ : فَتَزَعْزَعَتْ (٣) مَرْوُ بِالْبُكَاءِ والضَّجِيجِ والصِّيَاحِ (٤) لَمَّا نَظَرُوا إِلى أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام ، وسَقَطَ الْقُوَّادُ عَنْ دَوَابِّهِمْ ، ورَمَوْا بِخِفَافِهِمْ لَمَّا رَأَوْا أَبَا الْحَسَنِ عليه‌السلام حَافِياً ، وكَانَ يَمْشِي ويَقِفُ (٥) فِي كُلِّ عَشْرِ خُطُوَاتٍ ، ويُكَبِّرُ ثَلَاثَ (٦) مَرَّاتٍ.

قَالَ يَاسِرٌ : فَتُخُيِّلَ (٧) إِلَيْنَا (٨) أَنَّ السَّمَاءَ (٩) والْأَرْضَ والْجِبَالَ تُجَاوِبُهُ (١٠) ، وصَارَتْ مَرْوُ ضَجَّةً واحِدَةً مِنَ الْبُكَاءِ (١١) ، وبَلَغَ (١٢) الْمَأْمُونَ ذلِكَ ، فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ بَلَغَ الرِّضَا عليه‌السلام (١٣) الْمُصَلّى عَلى هذَا السَّبِيلِ ، افْتَتَنَ بِهِ النَّاسُ ، والرَّأْيُ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ ، فَسَأَلَهُ الرُّجُوعَ ، فَدَعَا أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام بِخُفِّهِ ، فَلَبِسَهُ (١٤) ورَكِبَ ورَجَعَ. (١٥)

١٣٠٥ / ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ يَاسِرٍ ، قَالَ :

__________________

(١) « البَهِيمَةُ » : كلّ ذات أربع قوائم من دوابّ البرّ والماء. و « الأنعام » : جمع النَعَم ، وهي المال الراعية ، فالإضافة بيانيّة. وعن الزجّاج : قيل لها : بهيمة الأنعام ؛ لأنّ كلّ حيّ لا يُميِّز فهو بهيمة ؛ لأنّه ابهم عن أن يُميِّز. راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٦ ( بهم ) ، وص ٥٨٥ ( نعم ).

(٢) « الإبْلاءُ » : الإنعام والإحسان. يقال : بَلَوْتُ الرجلَ وأبْليتُ عنده بلاءً حسناً. النهاية ، ج ١ ، ص ١٥٥ ( بلا ).

(٣) « فتزعزعت » ، أي تحرّكت. والزعزعة : تحريك الريح الشجرة ونحوها ، أي كلّ تحريك شديد. يقال : زعزعه فتزعزع ، أي حرّكه ليقلعه فتحرّك. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٤١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٧٣ ( زعع ).

(٤) في « ف » : ـ « الصياح ».

(٥) في « ف » : « ويوقف ».

(٦) في « ف » : « بثلاث ».

(٧) في الوسائل : « فيخيّل ».

(٨) في حاشية « بس » والوسائل : « لنا ».

(٩) في الوسائل : « السماوات ».

(١٠) في « ف » : « قد تجاوبه ».

(١١) في الوسائل : « بالبكاء ».

(١٢) في « ف » : « فبلغ ».

(١٣) في « بف » : « إلى ».

(١٤) في « ب » : « فلبس ».

(١٥) عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ١٤٩ ، ح ٢١ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم ، عن ياسر الخادم ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٩ ، ح ١٤٢٩ ؛ الوسائل ، ج ٧ ، ص ٤٥٣ ، ح ٩٨٤٤.

٥٧٦

لَمَّا (١) خَرَجَ الْمَأْمُونُ مِنْ خُرَاسَانَ يُرِيدُ بَغْدَادَ ، وخَرَجَ الْفَضْلُ (٢) ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ ، وَخَرَجْنَا مَعَ أَبِي الْحَسَنِ (٣) عليه‌السلام ، ورَدَ (٤) عَلَى الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ ذِي الرِّئَاسَتَيْنِ (٥) كِتَابٌ مِنْ أَخِيهِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ ونَحْنُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ : إِنِّي نَظَرْتُ فِي تَحْوِيلِ السَّنَةِ فِي حِسَابِ النُّجُومِ (٦) ، فَوَجَدْتُ فِيهِ أَنَّكَ تَذُوقُ فِي شَهْرِ كَذَا وكَذَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ حَرَّ الْحَدِيدِ وَحَرَّ النَّارِ ، وأَرى أَنْ تَدْخُلَ أَنْتَ وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ والرِّضَا الْحَمَّامَ فِي هذَا الْيَوْمِ ، وَ (٧) تَحْتَجِمَ فِيهِ ، وتَصُبَّ عَلى يَدَيْكَ (٨) الدَّمَ لِيَزُولَ عَنْكَ نَحْسُهُ.

فَكَتَبَ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ إِلَى الْمَأْمُونِ بِذلِكَ ، وسَأَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ أَبَا الْحَسَنِ عليه‌السلام ذلِكَ ، فَكَتَبَ الْمَأْمُونُ إِلى أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام يَسْأَلُهُ ذلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ (٩) أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام : « لَسْتُ بِدَاخِلٍ (١٠) الْحَمَّامَ غَداً (١١) ، ولَا أَرى لَكَ ولَالِلْفَضْلِ أَنْ تَدْخُلَا (١٢) الْحَمَّامَ غَداً (١٣) ». فَأَعَادَ عَلَيْهِ الرُّقْعَةَ مَرَّتَيْنِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام : « يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٤) ، لَسْتُ بِدَاخِلٍ غَداً الْحَمَّامَ (١٥) ؛ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ فِي النَّوْمِ (١٦) ، فَقَالَ لِي : يَا عَلِيُّ ، لَا تَدْخُلِ الْحَمَّامَ غَداً ، ولَا أَرى لَكَ (١٧) ولَالِلْفَضْلِ أَنْ تَدْخُلَا (١٨) الْحَمَّامَ غَداً (١٩) ». فَكَتَبَ‌

__________________

(١) في « ب » : ـ « لمّا ».

(٢) في الإرشاد : « لمّا عزم المأمون على الخروج من خراسان إلى بغداد ، خرج وخرج معه الفضل بن سهل » بدل « لمّا خرج المأمون ـ إلى ـ الفضل ».

(٣) في الإرشاد : + « الرضا ».

(٤) في الإرشاد : « فورد ».

(٥) في الإرشاد : ـ « ذي الرئاستين ».

(٦) في الإرشاد : ـ « في حساب النجوم ».

(٧) في « بر » : ـ « و ».

(٨) في « ب ، بح » والإرشاد : « بدنك ».

(٩) في الإرشاد : « فيه فأجابه » بدل « ذلك فكتب إليه ».

(١٠) في « ف » : « داخل ».

(١١) في « ب » : « غداً الحمّام ».

(١٢) في « بس » : « أن تدخل ».

(١٣) في الإرشاد : ـ « ولا أرى ـ إلى ـ الحمّام غداً ».

(١٤) في الإرشاد : ـ « يا أمير المؤمنين ».

(١٥) في « ج » : « الحمّام غداً ». وفي الإرشاد : « داخلاً الحمّام غداً ».

(١٦) في الإرشاد : ـ « في النوم ».

(١٧) في الإرشاد : « فلا أرى لك يا أمير المؤمنين » بدل « ولا أرى لك ».

(١٨) في « ض ، بس » : « أن تدخل ».

(١٩) في « بر » : ـ « الحمّام غداً ».

٥٧٧

إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ : صَدَقْتَ يا سَيِّدِي (١) ، وصَدَقَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لَسْتُ بِدَاخِلٍ الْحَمَّامَ غَداً وَالْفَضْلُ أَعْلَمُ.

قَالَ : فَقَالَ يَاسِرٌ : فَلَمَّا أَمْسَيْنَا وغَابَتِ الشَّمْسُ ، قَالَ لَنَا الرِّضَا عليه‌السلام : « قُولُوا : نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ». فَلَمْ نَزَلْ (٢) نَقُولُ (٣) ذلِكَ ، فَلَمَّا صَلَّى الرِّضَا عليه‌السلام الصُّبْحَ قَالَ لِيَ (٤) : « اصْعَدْ عَلَى (٥) السَّطْحِ ، فَاسْتَمِعْ (٦) هَلْ تَسْمَعُ (٧) شَيْئاً؟ » فَلَمَّا صَعِدْتُ ، سَمِعْتُ الضَّجَّةَ والْتَحَمَتْ (٨) وكَثُرَتْ (٩) ، فَإِذَا نَحْنُ بِالْمَأْمُونِ قَدْ دَخَلَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي كَانَ إِلى دَارِهِ مِنْ دَارِ (١٠) أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام وهُوَ يَقُولُ : يَا سَيِّدِي يَا أَبَا الْحَسَنِ ، آجَرَكَ اللهُ فِي الْفَضْلِ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَبى (١١) وكَانَ دَخَلَ (١٢) الْحَمَّامَ ، فَدَخَلَ (١٣) عَلَيْهِ قَوْمٌ بِالسُّيُوفِ ، فَقَتَلُوهُ ، وَأُخِذَ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَيْهِ ثَلَاثُ (١٤) نَفَرٍ (١٥) كَانَ أَحَدُهُمْ ابْنَ خَالَةِ (١٦) الْفَضْلِ ابْنَ ذِي الْقَلَمَيْنِ (١٧)

__________________

(١) في الإرشاد : « يا أبا الحسن ».

(٢) في « ب ، بح ، بس » : « فلم يزل ».

(٣) في « ب ، بس » : « يقول ».

(٤) في « ف » : ـ « لي ».

(٥) في « ب ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والإرشاد : ـ « على ».

(٦) في الإرشاد : « استمع ».

(٧) في الإرشاد : « تجد ».

(٨) في « ج » : « الضجيج والنحيب ». وفي « ض » : « الضجّة والنحيب ». وفي « ف » : « الصيحة والنحيب ». و « النحيب » هو شدّة البكاء بصوت طويل ومدّ. وقوله : « التحمت » ، أي اشتدّت ؛ من التحمت الحرب ، أي اشتدّت. أو اختلط ، من التحم القتال ، أي اشتبك واختلط. راجع : المصباح المنير ، ص ٥٥١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٢٣ ( لحم ).

(٩) في « ف » : « فكثرت ». وفي الإرشاد : « وكثرت وزادت فلم نشعر بشي‌ء » بدل « والتحمت وكثرت ».

(١٠) في الإرشاد : « كان من داره إلى دار ».

(١١) في « ب ، ج ، ض ، بر » والوافي : « قد اتي ». وفي « ف » : « قد اتي وأبى معاً ». وفي « بف » : « اتي » بدون « قد ». وفي‌حاشية « ج ، بح » : « كان قد اتي ». وفي الإرشاد : ـ « قد أبى وكان ».

(١٢) في « ب ، ض » : « قد دخل ».

(١٣) في الإرشاد : « ودخل ».

(١٤) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس » : « ثلاثة ».

(١٥) في « ف » : + « وقد ».

(١٦) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ». وهو الصحيح. وفي المطبوع وبعض النسخ : « خاله » بالهاء المهملة.

(١٧) وفي البحار عن العيون : « ذو القلمين ».

٥٧٨

قَالَ : فَاجْتَمَعَ (١) الْجُنْدُ والْقُوَّادُ ، ومَنْ كَانَ مِنْ (٢) رِجَالِ الْفَضْلِ عَلى بَابِ الْمَأْمُونِ ، فَقَالُوا : هذَا (٣) اغْتَالَهُ (٤) وقَتَلَهُ ـ يَعْنُونَ الْمَأْمُونَ ـ ولَنَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ (٥) ، وجَاؤُوا بِالنِّيرَانِ لِيُحْرِقُوا الْبَابَ ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام : يَا سَيِّدِي ، تَرى (٦) أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ وَتُفَرِّقَهُمْ؟

قَالَ : فَقَالَ يَاسِرٌ : فَرَكِبَ (٧) أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام ، وقَالَ لِيَ (٨) : « ارْكَبْ » فَرَكِبْتُ ، فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ بَابِ الدَّارِ ، نَظَرَ إِلَى النَّاسِ وقَدْ تَزَاحَمُوا (٩) ، فَقَالَ لَهُمْ بِيَدِهِ : « تَفَرَّقُوا تَفَرَّقُوا (١٠) ». قَالَ يَاسِرٌ : فَأَقْبَلَ النَّاسُ واللهِ يَقَعُ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ، ومَا أَشَارَ إِلى أَحَدٍ إِلاَّ رَكَضَ (١١) وَمَرَّ (١٢) (١٣)

١٣٠٦ / ٩. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ (١٤) ، عَنْ مُسَافِرٍ ؛

__________________

(١) في الإرشاد : « واجتمع ».

(٢) في الوافي : « في ».

(٣) في الإرشاد : « هو ».

(٤) « اغتاله » ، أي قتله غَيْلةً ، أي في خُفية واغتيال ، وهو أن يُخْدَع ويُقتَل في موضع لا يراه فيه أحد. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٠٢ ( غيل ).

(٥) في الإرشاد : « وشغبوا عليه وطلبوا بدمه » بدل « وقتله ـ إلى ـ لنطلبنّ بدمه ».

(٦) في الإرشاد : « نرى ».

(٧) في الإرشاد : « ترفق بهم حتّى يتفرّقوا ، قال : نعم وركب » بدل « تفرّقهم ـ إلى ـ فركب ».

(٨) في « ف » : ـ « لي ». وفي الإرشاد : + « يا ياسر ».

(٩) في الإرشاد : « وقد ازدحموا عليه ».

(١٠) في الإرشاد : ـ « تفرّقوا » الثاني.

(١١) قال الجوهري : « الرَكْض : تحريك الرِجْل ». الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٧٩ ( ركض ).

(١٢) في الإرشاد : « ومضى لوجهه » بدل « ومرّ ».

(١٣) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٦٦ بسنده عن الكليني. عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ١٦٣ ، ح ٢٤ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم ، عن ياسر الخادم ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢١ ، ح ١٤٣٠.

(١٤) ورد الخبر في الإرشاد ، ص ٢٦٧ بسنده عن محمّد بن يعقوب عن معلّى بن محمّد. وهو سهو واضح ؛ فإنّ‌المتكرّر في أسناد عديدة رواية المصنّف عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٦ ، ص ٣٤٢ ـ ٣٤٨.

٥٧٩

و (١) عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ مُسَافِرٍ (٢) ، قَالَ :

لَمَّا أَرَادَ هَارُونُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنْ (٣) يُوَاقِعَ (٤) مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ ، قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام : « اذْهَبْ إِلَيْهِ ، وقُلْ لَهُ (٥) : لَاتَخْرُجْ (٦) غَداً ؛ فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ غَداً هُزِمْتَ ، وقُتِلَ أَصْحَابُكَ ، فَإِنْ سَأَلَكَ (٧) : مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ هذَا؟ فَقُلْ (٨) : رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ (٩) ».

قَالَ : فَأَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، لَاتَخْرُجْ غَداً (١٠) ؛ فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ (١١) هُزِمْتَ ، وَقُتِلَ أَصْحَابُكَ ، فَقَالَ لِي : مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ هذَا (١٢)؟ فَقُلْتُ (١٣) : رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ (١٤) ، فَقَالَ : نَامَ الْعَبْدُ ولَمْ يَغْسِلِ اسْتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَانْهَزَمَ (١٥) ، وقُتِلَ أَصْحَابُهُ. (١٦)

__________________

(١) في السند تحويل بعطف : « الوشّاء عن مسافر » على « مسافر ». والمراد أنّ معلّى بن محمّد يروي الخبر تارةً عن مسافر مباشرة ، واخرى بتوسّط الوشّاء. هذا ، وفي حاشية « بف » : « أو ». ومفاد السند بناء على صحّة هذه النسخة واضح.

(٢) في حاشية « بف » : « هشام ». وفي الإرشاد : ـ « وعن الوشّاء ، عن مسافر ».

(٣) في « ف » : ـ « أن ».

(٤) « يواقع » ، أي يحارب ؛ من الوقيعة بمعنى القتال. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٣٤ ( قع ).

وفي « بف » : « يوافق ». قال في الوافي : « كأنّه ـ أي يوافق ـ كان بتقديم القاف فصحّف. والمواقفة : أن تقف معه ويقف معك للحرب أو للخصومة ».

(٥) في « ف » : ـ « له ».

(٦) في « ب ، بس » : « لا يخرج ».

(٧) في « ض » : « فقال لي » بدل « فإن سألك ». وفي « بر » : « وإن سألك ». وفي الإرشاد : « قال لك » بدل « سألك ».

(٨) في « ض » : « فقلت ». وفي مرآة العقول : « قل له ».

(٩) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والإرشاد. وفي المطبوع : « المنام ». قال المازندراني : « أمره بذلك إمّا باعتبار أنّه رأى ذلك في النوم في الواقع ، أو باعتبار أنّ الكذب للمصلحة وحفظ النفس المحترمة جائز ». ثمّ قال المحقّق الشعراني : « الخبر ضعيف وتأويل الشارح تكلّف ». وأوّله المجلسي كما أوّله المازندراني. راجع : شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٧٧ ؛ مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ٩٣.

(١٠) في « ف » : ـ « غداً ».

(١١) في « بح ، بس ، بف » والإرشاد : + « غداً ».

(١٢) في الإرشاد : ـ « هذا ».

(١٣) في الإرشاد : « قلت ».

(١٤) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والإرشاد. وفي المطبوع : « المنام ».

(١٥) في « ف » : « أهزم ».

(١٦) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٦٧ بسنده عن الكليني.

٥٨٠