الكافي - ج ٢

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٢

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-386-8
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٤٤

قَالَ (١) : وحَدَّثَنِي مُسَافِرٌ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام بِمِنى ، فَمَرَّ يَحْيَى (٢) بْنُ خَالِدٍ ، فَغَطّى رَأْسَهُ (٣) مِنَ الْغُبَارِ ، فَقَالَ (٤) : « مَسَاكِينُ لَايَدْرُونَ (٥) مَا يَحُلُّ بِهِمْ فِي هذِهِ (٦) السَّنَةِ ». ثُمَّ قَالَ : « وَأَعْجَبُ (٧) مِنْ هذَا هَارُونُ وأَنَا كَهَاتَيْنِ » وضَمَّ إِصْبَعَيْهِ.

قَالَ مُسَافِرٌ : فَوَ اللهِ (٨) مَا عَرَفْتُ مَعْنى حَدِيثِهِ حَتّى دَفَنَّاهُ مَعَهُ. (٩)

١٣٠٧ / ١٠. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ (١٠) ، قَالَ : أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ حَمَلَ إِلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام مَالاً لَهُ خَطَرٌ ، فَلَمْ أَرَهُ سُرَّ بِهِ ، قَالَ (١١) : فَاغْتَمَمْتُ لِذلِكَ ، وقُلْتُ فِي نَفْسِي : قَدْ حَمَلْتُ (١٢) هذَا الْمَالَ ولَمْ يُسَرَّ بِهِ ، فَقَالَ : « يَا غُلَامُ (١٣) ، الطَّسْتَ (١٤) والْمَاءَ ». قَالَ : فَقَعَدَ عَلى كُرْسِيٍّ وقَالَ (١٥) بِيَدِهِ ، وقَالَ (١٦) لِلْغُلَامِ : « صُبَّ عَلَيَّ الْمَاءَ ». قَالَ (١٧) : فَجَعَلَ يَسِيلُ (١٨) مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فِي الطَّسْتِ (١٩) ‌__________________

(١) مرجع الضمير المستتر في « قال » مردّد بين معلّى بن محمّد والوشّاء. واحتمال رجوعه إلى الوشّاء أقوى كما لايخفى.

(٢) في « ف » : « بيحيى ».

(٣) في الإرشاد : « وجهه ». وفي البصائر : « أنفه ».

(٤) في الإرشاد : + « الرضا عليه‌السلام ».

(٥) في « بح ، بر ، بف » : « ما يدرون ».

(٦) في شرح المازندراني : « تلك ».

(٧) في مرآة العقول : « وأعجب ، أفعل التفضيل ... وربّما يقرأ بصيغة الأمر ، وهو بعيد ».

(٨) في « بح » : « والله » بدون الفاء.

(٩) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٥٨ بسنده عن الكليني. وفي بصائر الدرجات ، ص ٤٨٤ ، ح ١٤ ؛ وعيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٢٢٥ ، ح ٢ ، بسندهما عن الحسن بن عليّ الوشّاء عن مسافر الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٢ ، ح ١٤٣١.

(١٠) في « بس » : « القاشاني ».

(١١) في « بح » : ـ « قال ».

(١٢) في « بح ، بر ، بف » والوافي : + « مثل ».

(١٣) في « ف » : + « هات ».

(١٤) في « ب ، بح ، بس ، بف » : « الطشت » بالشين المعجمة.

(١٥) في « ض » : « فقال ».

(١٦) في « ف ، بر ، بف » والوافي : ـ « وقال ».

(١٧) في « ج » : ـ « قال ».

(١٨) في « ف » : « يسيّل » بالتشديد.

(١٩) في « ب ، بح ، بس ، بف » : « الطشت » بالشين المعجمة.

٥٨١

ذَهَبٌ (١) ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ لِي : « مَنْ كَانَ هكَذَا ، لَايُبَالِي (٢) بِالَّذِي حَمَلْتَهُ إِلَيْهِ ». (٣)

١٣٠٨ / ١١. سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ جَمِيعاً ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

قُبِضَ عَلِيُّ بْنُ مُوسى (٤) عليهما‌السلام ـ وهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وأَرْبَعِينَ سَنَةً وأَشْهُرٍ ـ فِي عَامِ (٥) اثْنَيْنِ (٦) وَمِائَتَيْنِ (٧) ؛ عَاشَ بَعْدَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليهما‌السلام عِشْرِينَ سَنَةً إِلاَّ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. (٨)

١٢٢ ـ بَابُ (٩) مَوْلِدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (١٠) الثَّانِي (١١) عليه‌السلام

وُلِدَ (١٢) عليه‌السلام فِي (١٣) شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وتِسْعِينَ ومِائَةٍ ؛ وقُبِضَ عليه‌السلام سَنَةَ عِشْرِينَ ومِائَتَيْنِ فِي آخِرِ ذِي الْقَعْدَةِ وهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وعِشْرِينَ سَنَةً وشَهْرَيْنِ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً ؛ ودُفِنَ بِبَغْدَادَ فِي مَقَابِرِ قُرَيْشٍ عِنْدَ قَبْرِ جَدِّهِ مُوسى عليه‌السلام ، وقَدْ كَانَ الْمُعْتَصِمُ أَشْخَصَهُ (١٤) إِلى بَغْدَادَ فِي أَوَّلِ هذِهِ السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا عليه‌السلام ؛ وأُمُّهُ أُمُّ ولَدٍ‌

__________________

(١) في « ف » : « ذهباً ».

(٢) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي ومرآة العقول : ـ « لا ». فالكلام على هذا يحمل على الاستفهام الإنكاري ، كما قاله في المرآة. وفي « ف » : « فلا يبالي ».

(٣) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٨ ، ح ١٤٢٨.

(٤) في « ف » : + « الرضا ».

(٥) في « ب ، ف ، بر ، بف » وحاشية « ض » والوافي : « سنة ».

(٦) في الوافي والبحار : « اثنتين ».

(٧) في « ف » : + « و ».

(٨) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٤ ، ح ١٤٣٣ ؛ البحار ، ج ٤٩ ، ص ٢٩٢ ، ح ٣.

(٩) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » : ـ « باب ».

(١٠) في « ف ، بف » : ـ « محمّد بن عليّ ».

(١١) في « ب » : ـ « الثاني ». وفي « ج » : « الرضا ».

(١٢) في « ب ، ف ، بف » والوافي : + « أبو جعفر محمّد بن عليّ الثاني ». وفي « بر » : + « أبو جعفر الثاني ».

(١٣) في « ج » : « من ».

(١٤) « أشخصه » ، أي أزعجه وقلعه عن مكانه وذهب به ؛ من الشُخُوص ، وهو السير من بلد إلى بلد. راجع : لسان‌العرب ، ج ٧ ، ص ٤٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٤٤ ( شخص ).

٥٨٢

يُقَالُ لَهَا : سَبِيكَةُ ، نُوبِيَّةٌ. وقِيلَ أَيْضاً : إِنَّ اسْمَهَا كَانَ (١) خَيْزُرَانَ. ورُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ (٢) مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (٣)

١٣٠٩ / ١. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَالِدٍ ـ قَالَ مُحَمَّدٌ (٤) : وَكَانَ زَيْدِيّاً ـ قَالَ :

كُنْتُ بِالْعَسْكَرِ (٥) ، فَبَلَغَنِي أَنَّ هُنَاكَ رَجُلاً مَحْبُوساً (٦) أُتِيَ بِهِ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ مَكْبُولاً (٧) ، وقَالُوا : إِنَّهُ تَنَبَّأَ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ : فَأَتَيْتُ الْبَابَ ، ودَارَيْتُ (٨) الْبَوَّابِينَ وَالْحَجَبَةَ حَتّى وصَلْتُ (٩) إِلَيْهِ ، فَإِذَا رَجُلٌ لَهُ فَهْمٌ (١٠) ، فَقُلْتُ (١١) : يَا هذَا ، مَا قِصَّتُكَ (١٢) ومَا أَمْرُكَ؟

قَالَ : إِنِّي كُنْتُ رَجُلاً بِالشَّامِ أَعْبُدُ اللهَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ (١٣) : مَوْضِعُ رَأْسِ الْحُسَيْنِ ، فَبَيْنَا أَنَا فِي عِبَادَتِي إِذْ أَتَانِي شَخْصٌ ، فَقَالَ لِي : « قُمْ بِنَا (١٤) » فَقُمْتُ مَعَهُ ،

__________________

(١) في « ف » : ـ « كان ».

(٢) في « ف » : ـ « بيت ».

(٣) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣٢ ، ذيل ح ١٤٤٥ ؛ البحار ، ج ٥٠ ، ص ١ ، ح ١.

(٤) في البصائر : ـ « قال محمّد ».

(٥) في البصائر : « في العسكر ». قال في القاموس : « العسكر : اسمُ سرّ من رأى ، وإليه نسب العسكريّان عليهما‌السلام ». وقال‌المحقّق الشعراني : « ذكرنا أنّ سرّ من رأى ، ما بُدئ بعمارته إلاّبعد وفاة أبي جعفر عليه‌السلام ... وبالجملة لم يكن هناك سجن وعسكر وعمارة وقصر. اشتبه الأمر فيه على محمّد بن حسّان فذكر العسكر بدل بغداد ». راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦١٥ ( عسكر ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٨٠.

(٦) هكذا في « ب » وحاشية « ج ، بح » والبحار والإرشاد والاختصاص. وهو مقتضى القواعد. وفي سائر النسخ والمطبوع : « رجل محبوس ».

(٧) « مَكْبولاً » ، أي مقيَّداً ؛ من الكَبْل وهو القيْد الضَخْم. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٠٨ ( كبل ).

(٨) « المداراة » غير مهموز : ملاينة الناس وحسن صحبتهم واحتمالهم ؛ لئلاّ ينفروا عنك. وقد يهمز. النهاية ، ج ٢ ، ص ١١٥ ( درى ).

(٩) في « ف » : « دخلت ».

(١٠) في الإرشاد : + « وعقلٌ ».

(١١) في « ف » والبصائر والإرشاد : + « له ».

(١٢) في حاشية « ض » : « قضيّتك ».

(١٣) في « بس » : ـ « له ».

(١٤) في « ف » : ـ « بنا ».

٥٨٣

فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذَا (١) أَنَا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ ، فَقَالَ لِي : « تَعْرِفُ (٢) هذَا الْمَسْجِدَ؟ » فَقُلْتُ : نَعَمْ ، هذَا مَسْجِدُ الْكُوفَةِ ، قَالَ : فَصَلّى وصَلَّيْتُ (٣) مَعَهُ (٤) ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذَا أَنَا فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بِالْمَدِينَةِ ، فَسَلَّمَ عَلى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسَلَّمْتُ (٥) ، وصَلّى وصَلَّيْتُ مَعَهُ ، وَصَلّى عَلى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذَا (٦) أَنَا بِمَكَّةَ ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتّى قَضى مَنَاسِكَهُ وقَضَيْتُ مَنَاسِكِي مَعَهُ ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذَا (٧) أَنَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنْتُ (٨) أَعْبُدُ اللهَ فِيهِ بِالشَّامِ.

وَمَضَى الرَّجُلُ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ (٩) ، إِذَا (١٠) أَنَا بِهِ ، فَعَلَ (١١) مِثْلَ فِعْلَتِهِ الْأُولى ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ مَنَاسِكِنَا ، ورَدَّنِي إِلَى الشَّامِ ، وهَمَّ بِمُفَارَقَتِي ، قُلْتُ لَهُ (١٢) : سَأَلْتُكَ بِالْحَقِّ (١٣) الَّذِي أَقْدَرَكَ عَلى مَا رَأَيْتُ إِلاَّ (١٤) أَخْبَرْتَنِي مَنْ أَنْتَ (١٥)؟ فَقَالَ : « أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسى ».

قَالَ : فَتَرَاقَى الْخَبَرُ حَتَّى انْتَهى (١٦) إِلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الزَّيَّاتِ ، فَبَعَثَ إِلَيَّ ، وَأَخَذَنِي ، وكَبَّلَنِي (١٧) فِي الْحَدِيدِ ، وحَمَلَنِي إِلَى الْعِرَاقِ (١٨) ، قَالَ :

__________________

(١) في « ض ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي والاختصاص : « إذ ».

(٢) في « بس » : « هل تعرف ».

(٣) في « ف » : « فصلّيت ».

(٤) في « بس » : ـ « معه ».

(٥) في الوافي : « فسلّمت ».

(٦) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس » والوافي : « إذ ».

(٧) في « ض ، ف ، بح ، بر ، بس » والوافي والاختصاص : « إذ ».

(٨) في « ض » : + « أنا ».

(٩) في البصائر : « عام قابل في أيّام الموسم ».

(١٠) في « ض ، ف ، بح ، بر ، بس » والوافي والاختصاص : « إذ ».

(١١) في البصائر : « وفعل بي » بدل « فعل ». وفي الاختصاص : « ففعل بي ».

(١٢) في « بح ، بس » : ـ « له ».

(١٣) في البصائر والاختصاص : « بحقّ ».

(١٤) في الاختصاص : + « ما ».

(١٥) في البصائر والاختصاص : + « قال : فأطرق طويلاً ثمّ نظر إليّ ».

(١٦) في البصائر : ـ « حتّى انتهى ».

(١٧) يجوز فيه التخفيف أيضاً.

(١٨) في البصائر : + « وحبسني كما ترى ». وفي الاختصاص : + « وحبسني ».

٥٨٤

فَقُلْتُ (١) لَهُ : فَارْفَعِ الْقِصَّةَ (٢) إِلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَفَعَلَ وذَكَرَ فِي قِصَّتِهِ مَا كَانَ ، فَوَقَّعَ فِي قِصَّتِهِ : قُلْ لِلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنَ الشَّامِ فِي لَيْلَةٍ إِلَى الْكُوفَةِ ، ومِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ إِلى مَكَّةَ ، ورَدَّكَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ أَنْ يُخْرِجَكَ مِنْ حَبْسِكَ هذَا.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ : فَغَمَّنِي ذلِكَ مِنْ أَمْرِهِ ، ورَقَقْتُ لَهُ ، وأَمَرْتُهُ بِالْعَزَاءِ (٣) والصَّبْرِ (٤) ، قَالَ : ثُمَّ بَكَّرْتُ عَلَيْهِ (٥) فَإِذَا الْجُنْدُ وصَاحِبُ الْحَرَسِ (٦) وصَاحِبُ السِّجْنِ وخَلْقُ اللهِ (٧) ، فَقُلْتُ : مَا هذَا (٨)؟ فَقَالُوا (٩) : الْمَحْمُولُ مِنَ الشَّامِ ـ الَّذِي تَنَبَّأَ ـ افْتُقِدَ الْبَارِحَةَ ، فَلَا يُدْرى (١٠) أَخَسَفَتْ (١١) بِهِ الْأَرْضُ ، أَوِ اخْتَطَفَهُ (١٢) الطَّيْرُ (١٣)؟ (١٤)

١٣١٠ / ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ـ يُقَالُ لَهُ :

__________________

(١) في « بح » : « فقال ».

(٢) في « ج ، ف ، بس ، بف » : « قصّته ».

(٣) « العزاء » : الصبر ، أو حسنه. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧١٨ ( عزى ).

(٤) في « ض » : + « ثمّ ».

(٥) في البصائر والاختصاص : + « يوماً ». و « بكّرت عليه » ، أي أتيته بُكْرَةً ؛ وهو أوّل النهار. وكلّ من بادر وأسرع‌إلى شي‌ء فقد أبكر عليه وبكّر أيَّ وقت كان. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٤٨ ؛ لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٧٦ ( بكر ).

(٦) « الحَرَسُ » : خَدَمُ السلطان المرتّبون لحفظه وحراسته. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩١٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣٦٧ ( حرس ).

(٧) أي حاضرون مثلاً. وفي الاختصاص : + « وقد اجتمعوا ». وفي البصائر : « وخلق عظيم يتفحّصون حاله » بدل « وخلق الله ».

(٨) في الوافي : « ذا ».

(٩) في « بر ، بس ، بف » والاختصاص : « فقال ».

(١٠) في « ف ، بس » : « فلا ندري ».

(١١) في « ف » : « أخسف ». وخسفت به الأرض ، أي ساخ بها وغاب وغار. راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٦٧ ؛ المصباح المنير ، ص ١٦٩ ( خسف ).

(١٢) في « بر ، بس » والاختصاص : « اختطفته ». وقوله : « اختطفه » ، أي استلبه وأخذه بسرعة ؛ من الخَطْف ، وهو استلاب الشي‌ء ـ أي انتزاعه من الغير قهراً ـ وأخذه بسرعة. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٩ ( خطف ).

(١٣) في البصائر والاختصاص : + « في الهواء ».

(١٤) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٨٩ ، بسنده عن الكليني. وفي بصائر الدرجات ، ص ٤٠٢ ، ح ١ ؛ الاختصاص ، ص ٣٢٠ ، عن محمّد بن حسّان وفي كلّها مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٥ ، ح ١٤٣٤.

٥٨٥

عَبْدُ اللهِ (١) بْنُ رَزِينٍ ـ قَالَ :

كُنْتُ مُجَاوِراً بِالْمَدِينَةِ ـ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام يَجِي‌ءُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَعَ الزَّوَالِ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَيَنْزِلُ فِي الصَّحْنِ (٢) ، ويَصِيرُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويُسَلِّمُ عَلَيْهِ (٣) ، ويَرْجِعُ إِلى بَيْتِ فَاطِمَةَ عليها‌السلام ، فَيَخْلَعُ نَعْلَيْهِ ، ويَقُومُ ، فَيُصَلِّي ، فَوَسْوَسَ إِلَيَّ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ : إِذَا نَزَلَ ، فَاذْهَبْ حَتّى تَأْخُذَ مِنَ (٤) التُّرَابِ الَّذِي يَطَأُ عَلَيْهِ ، فَجَلَسْتُ (٥) فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنْتَظِرُهُ لِأَفْعَلَ هذَا.

فَلَمَّا أَنْ كَانَ وقْتُ الزَّوَالِ أَقْبَلَ عليه‌السلام عَلى حِمَارٍ لَهُ ، فَلَمْ يَنْزِلْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِيهِ ، وجَاءَ حَتّى نَزَلَ عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي عَلى بَابِ الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ دَخَلَ ، فَسَلَّمَ عَلى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قَالَ (٦) : ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ ، فَفَعَلَ هذَا (٧) أَيَّاماً ، فَقُلْتُ : إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ جِئْتُ فَأَخَذْتُ الْحَصَى (٨) الَّذِي (٩) يَطَأُ عَلَيْهِ بِقَدَمَيْهِ.

فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ ، جَاءَ عِنْدَ الزَّوَالِ ، فَنَزَلَ عَلَى الصَّخْرَةِ ، ثُمَّ دَخَلَ ، فَسَلَّمَ عَلى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١٠) ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَوْضِعِ (١١) الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ ، فَصَلّى فِي نَعْلَيْهِ ولَمْ يَخْلَعْهُمَا ، حَتّى فَعَلَ ذلِكَ أَيَّاماً ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَمْ يَتَهَيَّأْ لِي هاهُنَا ، ولكِنْ (١٢) أَذْهَبُ إِلى بَابِ الْحَمَّامِ ، فَإِذَا دَخَلَ إِلَى (١٣) الْحَمَّامِ أَخَذْتُ مِنَ التُّرَابِ الَّذِي يَطَأُ عَلَيْهِ ، فَسَأَلْتُ عَنِ الْحَمَّامِ الَّذِي يَدْخُلُهُ (١٤) ، فَقِيلَ لِي : إِنَّهُ يَدْخُلُ حَمَّاماً بِالْبَقِيعِ لِرَجُلٍ مِنْ ولْدِ‌

__________________

(١) في حاشية « بر » : « عبد الملك ».

(٢) في حاشية « ف » : « الصخرة ».

(٣) في « ض » : ـ « ويسلّم عليه ».

(٤) في « ف » : ـ « من ».

(٥) في « ف ، بر » : « فجعلت ».

(٦) في « ج ، ف ، بف » : ـ « قال ».

(٧) في « ج ، بر ، بف » : « ذلك ».

(٨) في « ب » : « الحصاة ».

(٩) في « ج » : « التي ». لأنّ الحصى جنس.

(١٠) في « بح » : ـ « ثمّ رجع إلى المكان ـ إلى ـ فسلّم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

(١١) في حاشية « بح » : « المكان ».

(١٢) في حاشية « بح » : « لكنّي » بدون الواو.

(١٣) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر » والبحار : ـ « إلى ».

(١٤) في البحار : ـ « الذي يدخله ».

٥٨٦

طَلْحَةَ ، فَتَعَرَّفْتُ الْيَوْمَ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الْحَمَّامَ ، وصِرْتُ (١) إِلى بَابِ الْحَمَّامِ ، وجَلَسْتُ إِلَى الطَّلْحِيِّ أُحَدِّثُهُ وأَنَا أَنْتَظِرُ مَجِيئَهُ عليه‌السلام ، فَقَالَ الطَّلْحِيُّ : إِنْ أَرَدْتَ دُخُولَ الْحَمَّامِ ، فَقُمْ ، فَادْخُلْ (٢) ؛ فَإِنَّهُ لَايَتَهَيَّأُ لَكَ ذلِكَ (٣) بَعْدَ سَاعَةٍ.

قُلْتُ : ولِمَ؟ قَالَ : لِأَنَّ ابْنَ (٤) الرِّضَا يُرِيدُ دُخُولَ الْحَمَّامِ ، قَالَ : قُلْتُ : ومَنِ (٥) ابْنُ الرِّضَا؟ قَالَ : رَجُلٌ (٦) مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ، لَهُ صَلَاحٌ وو رَعٌ (٧) ، قُلْتُ لَهُ : ولَايَجُوزُ (٨) أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ الْحَمَّامَ غَيْرُهُ؟ قَالَ : نُخْلِي (٩) لَهُ الْحَمَّامَ إِذَا (١٠) جَاءَ.

قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا كَذلِكَ إِذْ أَقْبَلَ عليه‌السلام ومَعَهُ غِلْمَانٌ لَهُ ، وبَيْنَ يَدَيْهِ غُلَامٌ (١١) مَعَهُ حَصِيرٌ حَتّى أَدْخَلَهُ الْمَسْلَخَ ، فَبَسَطَهُ وو افى ، فَسَلَّمَ (١٢) ودَخَلَ الْحُجْرَةَ عَلى حِمَارِهِ ، ودَخَلَ الْمَسْلَخَ ، ونَزَلَ عَلَى الْحَصِيرِ.

فَقُلْتُ لِلطَّلْحِيِّ : هذَا الَّذِي وصَفْتَهُ بِمَا وصَفْتَ مِنَ الصَّلَاحِ والْوَرَعِ؟ فَقَالَ : يَا هذَا ، لَا (١٣) واللهِ ، مَا فَعَلَ هذَا قَطُّ إِلاَّ فِي هذَا الْيَوْمِ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : هذَا مِنْ عَمَلِي أَنَا جَنَيْتُهُ (١٤) ، ثُمَّ قُلْتُ : أَنْتَظِرُهُ حَتّى يَخْرُجَ ، فَلَعَلِّي أَنَالُ مَا أَرَدْتُ إِذَا خَرَجَ ، فَلَمَّا خَرَجَ‌

__________________

(١) في « بح » : « فصرت ».

(٢) في « بر » : « وادخل ».

(٣) في البحار : ـ « ذلك ».

(٤) في « بس » : « لابن » بدون « أنّ ».

(٥) في « ض » : « فمن ».

(٦) في « ب » : « الرجل ».

(٧) في الوسائل : ـ « قال ، قلتُ ـ إلى ـ وورع ».

(٨) في مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ٩٩ : « قوله : ولا يجوز ، على بناء المجرّد أو التفعيل ، وعلى الأخير ضمير الفاعل راجع إلى ابن الرضا ».

(٩) في مرآة العقول : « ونخلّي ، على الإفعال أو التفعيل ».

(١٠) في « ف » : « إذ ».

(١١) في « بس » : + « له ». وفي البحار : + « و ».

(١٢) في البحار : « وسلّم ».

(١٣) في البحار : ـ « لا ».

(١٤) قال المجلسي : « أَنَا جنيته ، أي جررته إليه ، والضمير راجع إلى هذا ، أو أنا صرت سبباً لنسبة هذه الجناية إليه. قال في القاموس : جنى الذنبَ عليه يجنيه جناية : جرّه إليه ... وتجنّى عليه : ادّعى عليه ذنباً لم يفعله ». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٦٩ ( جنى ).

٥٨٧

وَتَلَبَّسَ دَعَا بِالْحِمَارِ ، فَأُدْخِلَ (١) الْمَسْلَخَ ورَكِبَ مِنْ (٢) فَوْقِ الْحَصِيرِ وخَرَجَ عليه‌السلام.

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : قَدْ ـ واللهِ ـ آذَيْتُهُ ولَا أَعُودُ ولَا (٣) أَرُومُ مَا رُمْتُ مِنْهُ أَبَداً ، وصَحَّ عَزْمِي عَلى ذلِكَ ، فَلَمَّا كَانَ وقْتُ الزَّوَالِ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ ، أَقْبَلَ عَلى حِمَارِهِ حَتّى نَزَلَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِيهِ فِي الصَّحْنِ (٤) ، فَدَخَلَ (٥) وسَلَّمَ (٦) عَلى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجَاءَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ عليها‌السلام ، وخَلَعَ نَعْلَيْهِ ، وقَامَ يُصَلِّي. (٧)

١٣١١ / ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، قَالَ :

خَرَجَ (٨) عَلَيَّ ، فَنَظَرْتُ إِلى رَأْسِهِ (٩) ورِجْلَيْهِ لِأَصِفَ قَامَتَهُ لِأَصْحَابِنَا بِمِصْرَ ، فَبَيْنَا أَنَا كَذلِكَ حَتّى قَعَدَ ، وقَالَ (١٠) : « يَا عَلِيُّ ، إِنَّ اللهَ احْتَجَّ (١١) فِي الْإِمَامَةِ بِمِثْلِ مَا احْتَجَّ (١٢) فِي النُّبُوَّةِ ، فَقَالَ : ( وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (١٣) وَقَالَ (١٤) : ( حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ ) (١٥) ( أَرْبَعِينَ سَنَةً ) (١٦)

__________________

(١) في البحار : « وادخل ».

(٢) في « بح » : « في ».

(٣) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار : ـ « لا ». و « لا أروم » ، أي لا أطلب ، تقول : رُمْتُ الشي‌ءَأرومُه رَوْماً ، إذا طلبتَه. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٣٨ ( روم ).

(٤) في « ف » : « الصخرة ».

(٥) في « ض ، ف » : « ودخل ».

(٦) في « ض ، ف ، بس » والبحار : « فسلّم ».

(٧) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٦ ، ح ١٤٣٥ ؛ الوسائل ، ج ٢ ، ص ٥٧ ، ح ١٤٧٠ ؛ البحار ، ج ٥٠ ، ص ٦٠ ، ح ٣٦.

(٨) في الإرشاد : « خرج عليّ أبوجعفر عليه‌السلام ». وفي البصائر : « رأيت أباجعفر عليه‌السلام قد خرج عليَّ ».

(٩) في الكافى ، ح ١٠٠١ : « قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام وقد خرج عليّ ، فأخذت النظر إليه وجعلت أنظر إلى رأسه » بدل « قال : خرج عليّ ، فنظرت إلى رأسه ».

(١٠) في الكافي ، ح ١٠٠١ : « فقال ». وفي الإرشاد : « خرج عليَّ أبو جعفر عليه‌السلام حدثان موت أبيه ، فنظرت إلى قدّه‌لأصف قامته لأصحابي ، فقعد ثمّ قال » بدل « خرج عليّ فنظرت ـ إلى ـ قعد وقال ».

(١١) في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ، بف » : + « به ». أي في القرآن.

(١٢) في الكافي ، ح ١٠٠١ والإرشاد والوافي : + « به ».

(١٣) مريم (١٩) : ١٢.

(١٤) هكذا في « بر » والوافي. وفي سائرالنسخ والمطبوع : « قال » بدون الواو. وفي الكافي ، ح ١٠٠١ : ـ « وقال ».

(١٥) هكذا في البصائر ، وهو مطابق للقرآن. وفي جميع النسخ والمطبوع : « وَلَمَّا بَلَغَ ».

(١٦) الأحقاف (٤٦) : ١٥ ؛ وفي سورة يوسف (١٢) : ٢٢ : ( وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي

٥٨٨

فَقَدْ (١) يَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى الْحِكْمَةَ (٢) صَبِيّاً (٣) ، ويَجُوزُ أَنْ يُعْطَاهَا (٤) وهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ». (٥)

١٣١٢ / ٤. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ (٦) ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّيَّانِ ، قَالَ :

احْتَالَ الْمَأْمُونُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام بِكُلِّ حِيلَةٍ ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ (٧) فِيهِ (٨) شَيْ‌ءٌ ، فَلَمَّا اعْتَلَّ (٩) وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ (١٠) عَلَيْهِ ابْنَتَهُ ، دَفَعَ إِلى مِائَتَيْ وصِيفَةٍ (١١) مِنْ أَجْمَلِ مَا يَكُنَّ (١٢) إِلى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَاماً (١٣) فِيهِ جَوْهَرٌ يَسْتَقْبِلْنَ (١٤) أَبَا جَعْفَرٍ عليه‌السلام

__________________

الْمُحْسِنِينَ ) ؛ وفي سورة القصص (٢٨) : ١٤ : ( وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ).

(١) في « ب » : « وقد ».

(٢) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بس ، بف » والكافي ، ح ١٠٠١ ، والبصائر والوافي. ويؤيّده بل يعيّنه قوله بعد ذلك : « ويجوز أن يعطاها ». وفي المطبوع : « الحُكمَ ».

(٣) في الكافي ، ح ١٠٠١ : « وهو صبيّ ».

(٤) في الكافي ، ح ١٠٠١ : « أن يؤتاها ». وفي البصائر : « أن يؤتي ».

(٥) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب حالات الأئمّة عليهم‌السلام في السنّ ، ح ١٠٠١. وفي الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٩٢ بسنده عن الكليني ، إلى قوله : « وَءَاتَيْنهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ». بصائر الدرجات ، ص ٢٣٨ ، ح ١٠ ، بسنده عن عليّ بن أسباط ، عن أبي جعفر عليه‌السلام الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٧ ، ح ١٤٣٦ ؛ البحار ، ج ٢٥ ، ص ١٠٠ ، ذيل ح ١.

(٦) في « ف ، بر ، بف ، جر » : « عليّ بن إبراهيم ».

(٧) في « ج ، ف » : « فلم يمكّنه ».

(٨) في « ف » ومرآة العقول : « في » بدون الضمير.

(٩) « اعتلّ » ، أي عجز عن الحيلة كأنّه صار عليلاً. أو يقرأ مجهولاً كما في « ج » ومرآة العقول ، أي عُوِّق ومنع من ذلك ، يقال : اعتلّه ، أي اعتاقه عن أمر. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٦٨ ( علل ).

(١٠) في حاشية « بر » : « أن يدخل ». وقوله : « أن يبني » ، أي يزوّج ويزفّ ، أي يُهدي. الابتناء والبناء : الدخول‌بالزوجة. والأصل فيه أنّ الرجل كان إذا تزوّج امرأة بنى عليها قبّة ؛ ليدخل بها فيها ، فيقال : بنى الرجل على أهله وبأهله ، فقيل لكلّ داخل بأهله : بانٍ. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٨٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ١٥٨ ( بنا ).

(١١) « الوَصِيفَةُ » : الجارية. قال الجوهري : « الوَصِيفُ : الخادم ، غلاماً كان أو جارية. يقال : وصُفَ الغلامُ ، إذا بلغ حدّ الخدمة فهو وصيف بيّن الوَصافة ، والجمع : وصَفاءُ. وربّما قالوا للجارية : وصِيفة بيّنة الوَصافَة والإيصاف ، والجمع : الوَصائف ». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٣٩ ( وصف ).

(١٢) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي. وفي المطبوع : « يكون ».

(١٣) « الجام » : إناء من فضّة ، أو طبق أبيض من زجاج أو فضّة. راجع : المغرب ، ص ٩٦ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ١١٢ ( جوم ).

(١٤) في « ف ، بر ، بس » وحاشية « ج » : « يستقبلون ».

٥٨٩

إِذَا (١) قَعَدَ (٢) مَوْضِعَ الْأَخْيَارِ (٣) ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِنَّ.

وَكَانَ رَجُلٌ ـ يُقَالُ لَهُ : مُخَارِقٌ (٤) ـ صَاحِبَ (٥) صَوْتٍ وعُودٍ وضَرْبٍ ، طَوِيلَ اللِّحْيَةِ ، فَدَعَاهُ الْمَأْمُونُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ كَانَ فِي شَيْ‌ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَأَنَا أَكْفِيكَ أَمْرَهُ ، فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، فَشَهِقَ (٦) مُخَارِقٌ (٧) شَهْقَةً اجْتَمَعَ (٨) عَلَيْهِ (٩) أَهْلُ الدَّارِ ، وَجَعَلَ يَضْرِبُ بِعُودِهِ ويُغَنِّي.

فَلَمَّا (١٠) فَعَلَ سَاعَةً وإِذَا (١١) أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام لَايَلْتَفِتُ إِلَيْهِ لَا (١٢) يَمِيناً ولَاشِمَالاً ، ثُمَّ رَفَعَ (١٣) إِلَيْهِ رَأْسَهُ ، وقَالَ (١٤) : « اتَّقِ اللهَ يَا ذَا الْعُثْنُونِ (١٥) ».

__________________

(١) في « بس » : « إذ ».

(٢) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي. وفي المطبوع : + « في ».

(٣) في « ج ، ض ، بس » وحاشية « ب ، ف ، بر ، بف » وشرح المازندراني. والوافي ومرآة العقول : « الأجناد ». قال في المرآة : « وفي بعض النسخ : « موضع الأخيار » ... وأقول : وكلاهما تصحيف ، والظاهر : « الأختان » جمع الختن ، كما في بعض نسخ ابن شهرآشوب ».

(٤) في « ف » : « نحارق ». وفي « بح » : « محاذق ».

(٥) الظاهر أنّ « صاحب » و « طويل » خبر كان ، لا صفة رجل ، وإلاّ يلزم تقدير خبرٍ لكان ، أو القول بكونها تامّة.

(٦) « فشهق » ، من الشهيق ، وهو الأنين الشديد المرتفع جدّاً. أو منه بمعنى ردّ النَفَس ، ضدّ الزفير وهو إخراج‌النَفَس. يقال : شَهَق الرجل يَشْهَق ويَشْهِق شهيقاً ، أي ردّد نَفَسه مع سماع صوته من حلقه. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٩١ ؛ المصباح المنير ، ص ٣٢٦ ( شهق ).

(٧) في « ف » : « نحارق ». وفي « بح » : « محاذق ».

(٨) في « ف » : « فاجتمع ». وفي « بح » : « أجمع ».

(٩) في « بس » : ـ « عليه ».

(١٠) في مرآة العقول : « كأنّ جواب « لمّا » مقدّر يفسّره الجملة التالية. ويمكن أن يقرأ : « ثمّ » بالفتح فـ « رفع » جواب‌لمّا ».

(١١) في « ف » : « فإذا ».

(١٢) في « ب ، ض ، بح ، بر ، بس » والوافي : « ولا ». وفي « ف » : ـ « لا ».

(١٣) في مرآة العقول : « فرفع ».

(١٤) في « ض ، بس » : « فقال ».

(١٥) « العُثنون » : اللحية كلّها ، أو ما فضل منها بعد العارضين من باطنهما ، أو ما نبت على الذَّقَن وتحته سِفْلاً ، أو هو طولها وما تحتها من شعرها. وقيل : عُثنون اللحية طرفها. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٢٧٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٩٥ ( عثن ).

٥٩٠

قَالَ (١) : فَسَقَطَ الْمِضْرَابُ (٢) مِنْ يَدِهِ والْعُودُ ، فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِيَدَيْهِ (٣) إِلى أَنْ مَاتَ.

قَالَ : فَسَأَلَهُ الْمَأْمُونُ عَنْ حَالِهِ ، قَالَ : لَمَّا صَاحَ بِي أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام فَزِعْتُ فَزْعَةً لَا أُفِيقُ مِنْهَا أَبَداً. (٤)

١٣١٣ / ٥. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ (٥) عليه‌السلام ومَعِي ثَلَاثُ رِقَاعٍ غَيْرُ مُعَنْوَنَةٍ ، واشْتَبَهَتْ (٦) عَلَيَّ ، فَاغْتَمَمْتُ ، فَتَنَاوَلَ إِحْدَاهَا (٧) ، وقَالَ (٨) : « هذِهِ رُقْعَةُ زِيَادِ (٩) بْنِ شَبِيبٍ (١٠) ». ثُمَّ تَنَاوَلَ الثَّانِيَةَ ، فَقَالَ : « هذِهِ رُقْعَةُ فُلَانٍ ». فَبُهِتُّ أَنَا ، فَنَظَرَ إِلَيَّ ، فَتَبَسَّمَ.

قَالَ : وأَعْطَانِي (١١) ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ ، وأَمَرَنِي أَنْ أَحْمِلَهَا إِلى بَعْضِ بَنِي عَمِّهِ ، وقَالَ : « أَمَا إِنَّهُ سَيَقُولُ لَكَ : دُلَّنِي عَلى حَرِيفٍ (١٢) يَشْتَرِي لِي (١٣) بِهَا مَتَاعاً ، فَدُلَّهُ عَلَيْهِ ».

قَالَ (١٤) : فَأَتَيْتُهُ (١٥) بِالدَّنَانِيرِ ، فَقَالَ لِي (١٦) : يَا أَبَا هَاشِمٍ ، دُلَّنِي عَلى حَرِيفٍ يَشْتَرِي (١٧)

__________________

(١) في « ف » : « وقال ». وفي « بر » : ـ « قال ».

(٢) في « بس » : « المضرب ».

(٣) في « بح » : « بيده ».

(٤) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٨ ، ح ١٤٣٧ ؛ البحار ، ج ٥٠ ، ص ٦١ ، ذيل ح ٤١.

(٥) في الوسائل : + « الثاني ».

(٦) في « ف » : « فاشتبهت ». وفي « بح » : « وأشبهت ».

(٧) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر » والوافي والإرشاد. ويقتضيه المقام. وفي المطبوع وسائر النسخ : « إحداهما ».

(٨) في « ف » : « فقال ».

(٩) في الإرشاد : « ريّان ».

(١٠) في « ف » : « شيث ». وفي « بح » : « شيب ».

(١١) في الإرشاد : « فبهتّ أنظر إليه فتبسّم وأخذ الثالثة ، فقال : هذه رقعة فلان ، فقلت : نعم جعلت فداك فأعطاني » بدل « فبهتُّ أنا ، فنظر إلىّ فتبسّم. قال : وأعطاني ».

(١٢) اختلفت النسخ في ضبط الكلمة من حيث تشديد الراء وتخفيفها. والصحيح تخفيفها ، كما قال المازندراني في شرحه : « وحريف الرجل ـ بفتح الحاء وكسر الراء المخفّفة ـ : مُعامله في الحِرْفة ، وهي الاكتساب ». وراجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣٦٩ ؛ لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٤٤ ( حرف ).

(١٣) في « ف » : « نشتري » بدل « يشتري لي ».

(١٤) في « ج » : « فقال ». وفي « ض » : ـ « قال ».

(١٥) في « ج » : « أتيته » بدون الفاء.

(١٦) في « ب ، ف ، بف » : ـ « لي ».

(١٧) في « ب » : « يشري ».

٥٩١

لِي (١) بِهَا مَتَاعاً (٢) ، فَقُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ (٣) : وكَلَّمَنِي جَمَّالٌ أَنْ أُكَلِّمَهُ لَهُ يُدْخِلُهُ (٤) فِي بَعْضِ أُمُورِهِ (٥) فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ لِأُكَلِّمَهُ لَهُ (٦) ، فَوَجَدْتُهُ يَأْكُلُ و (٧) مَعَهُ جَمَاعَةٌ ولَمْ يُمْكِنِّي كَلَامُهُ (٨) ، فَقَالَ (٩) : « يَا أَبَا هَاشِمٍ ، كُلْ » وو ضَعَ بَيْنَ يَدَيَّ (١٠) ، ثُمَّ قَالَ ـ ابْتِدَاءً مِنْهُ (١١) مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ ـ : « يَا غُلَامُ ، انْظُرْ إِلَى (١٢) الْجَمَّالِ الَّذِي أَتَانَا بِهِ أَبُو هَاشِمٍ ، فَضُمَّهُ إِلَيْكَ ».

قَالَ (١٣) : ودَخَلْتُ مَعَهُ ذَاتَ يَوْمٍ بُسْتَاناً ، فَقُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي لَمُولَعٌ (١٤) بِأَكْلِ الطِّينِ ، فَادْعُ اللهَ لِي (١٥) ، فَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ (١٦) ابْتِدَاءً مِنْهُ : « يَا أَبَا هَاشِمٍ ، قَدْ أَذْهَبَ اللهُ عَنْكَ أَكْلَ الطِّينِ ». قَالَ أَبُو هَاشِمٍ : فَمَا شَيْ‌ءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ الْيَوْمَ. (١٧)

١٣١٤ / ٦. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ مُحَمَّدِبْنِ حَمْزَةَ الْهَاشِمِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أَوْ (١٨) مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ (١٩) ، قَالَ :

__________________

(١) في « ب » : ـ « لي ».

(٢) في « بح » : ـ « فدلّه عليه ـ إلى ـ متاعاً ».

(٣) في الإرشاد : ـ « قال ».

(٤) في « بح » : « يدخل ».

(٥) في الإرشاد : « وكلّمني في الطريق جمّال سألني أن اخاطبه في إدخاله مع بعض أصحابه في اموره » بدل « وكلّمني جمّال أن ـ إلى ـ اموره ».

(٦) في « ب ، ج » والإرشاد : ـ « له ».

(٧) في « ب ، ض ، ف ، بح ، بس » : ـ « و ».

(٨) في الإرشاد : « فلم أتمكّن من كلامه » بدل « ولم يمكنّي كلامه ».

(٩) في « ب ، ج ، بر » والوافي : « ثمّ قال ». وفي « بف » : « قال ». وفي الإرشاد : « فقال لي ».

(١٠) في الإرشاد : + « ما آكل منه ».

(١١) في الإرشاد : ـ « منه ».

(١٢) في « ب ، ض ، ف ، بح ، بس » والإرشاد : ـ « إلى ».

(١٣) في الإرشاد : + « أبو هاشم ».

(١٤) في الإرشاد : « مولع ».

(١٥) في « ف » : + « قال ».

(١٦) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي الإرشاد : « قال لي بعد أيّام ». وفي المطبوع : « قال لي بعد ثلاثة أيّام ».

(١٧) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٩٣ ، بسنده عن الكليني الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٩ ، ح ١٤٣٨ ؛ الوسائل ، ج ٢٤ ، ص ٢٢٢ ، ح ٣٠٣٩٣ ، وفيه من قوله : « دخلت معه ذات يوم بستاناً ».

(١٨) في « ف ، بف » : « و ».

(١٩) في الإرشاد : « عن محمّد بن حمزة عن محمّد بن عليّ الهاشمي ».

٥٩٢

دَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام صَبِيحَةَ عُرْسِهِ حَيْثُ بَنى (١) بِابْنَةِ الْمَأْمُونِ (٢) ، وكُنْتُ تَنَاوَلْتُ مِنَ اللَّيْلِ دَوَاءً ، فَأَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ (٣) فِي صَبِيحَتِهِ أَنَا ، وقَدْ أَصَابَنِي الْعَطَشُ ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ بِالْمَاءِ ، فَنَظَرَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام فِي وجْهِي ، وقَالَ : « أَظُنُّكَ (٤) عَطْشَانَ (٥) ». فَقُلْتُ : أَجَلْ ، فَقَالَ (٦) : « يَا غُلَامُ ـ أَوْ جَارِيَةُ (٧) ـ اسْقِنَا مَاءً » فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : السَّاعَةَ يَأْتُونَهُ بِمَاءٍ يَسُمُّونَهُ بِهِ (٨) ، فَاغْتَمَمْتُ (٩) لِذلِكَ ، فَأَقْبَلَ الْغُلَامُ ومَعَهُ الْمَاءُ ، فَتَبَسَّمَ فِي وجْهِي ، ثُمَّ قَالَ : « يَا غُلَامُ ، نَاوِلْنِي الْمَاءَ ». فَتَنَاوَلَ الْمَاءَ ، فَشَرِبَ ، ثُمَّ نَاوَلَنِي ، فَشَرِبْتُ ، ثُمَّ عَطِشْتُ أَيْضاً ، وكَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ (١٠) بِالْمَاءِ ، فَفَعَلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولى ، فَلَمَّا جَاءَ الْغُلَامُ ومَعَهُ الْقَدَحُ ، قُلْتُ فِي نَفْسِي مِثْلَ (١١) مَا قُلْتُ فِي الْأُولى ، فَتَنَاوَلَ الْقَدَحَ ، ثُمَّ شَرِبَ ، فَنَاوَلَنِي ، وَتَبَسَّمَ (١٢)

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ : فَقَالَ لِي هذَا الْهَاشِمِيُّ : وأَنَا أَظُنُّهُ كَمَا يَقُولُونَ (١٣) (١٤)

__________________

(١) تقدّم معنى « بنى » ذيل الحديث ٤ من هذا الباب.

(٢) في الإرشاد : « صبيحة عرسه ببنت المأمون ».

(٣) في « ف » : ـ « عليه ».

(٤) في « ض » : « لأظنّك ». وفي الإرشاد : « أراك ».

(٥) في « ف » : « عطشاناً ». ويجوز فيه التصريف ؛ لأنّ مؤنّثه عطشى وعطشانة.

(٦) في الإرشاد : « قلت : أجل ، قال ».

(٧) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » : « أو يا جارية ». وفي الإرشاد : ـ « أو جارية ».

(٨) في « ج » : ـ « به ». وفي « بح » : « فيه ». و « يسمّونه به » أي يجعلون فيه السمّ.

(٩) في الإرشاد : « مسموم واغتممت » بدل « يسمّونه به فاغتممت ».

(١٠) في الإرشاد : « فشربت ، وأطلت عنده فعطشت ، فدعا » بدل « فشربت ثمّ ـ إلى ـ أن أدعو ».

(١١) في « ف » : ـ « مثل ».

(١٢) في « ب ، ض ، بر » : « فتبسّم ».

(١٣) في الإرشاد : « ففعل كما فعل في المرّة الاولى ، فشرب ثمّ ناولني وتبسّم. قال محمّد بن حمزة : فقال لي محمّد بن عليّ الهاشمي : والله إنّي أظنّ أنّ أبا جعفر يعلم ما في النفوس كما تقول الرافضة » بدل « ففعل ما فعل في الاولى فلمّا ـ إلى ـ كما يقولون ».

(١٤) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٩١ ، بسنده عن الكليني. وفي دلائل الإمامة للطبري ، ص ٢١٥ ، عن محمّد بن عليّ بن حمزه الهاشمي الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٩ ، ح ١٤٣٩.

٥٩٣

١٣١٥ / ٧. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :

اسْتَأْذَنَ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ النَّوَاحِي مِنَ الشِّيعَةِ ، فَأَذِنَ لَهُمْ ، فَدَخَلُوا ، فَسَأَلُوهُ فِي مَجْلِسٍ واحِدٍ عَنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ (١) ، فَأَجَابَ (٢) عليه‌السلام ولَهُ عَشْرُ سِنِينَ. (٣)

١٣١٦ / ٨. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ دِعْبِلِ بْنِ عَلِيٍّ : أَنَّهُ دَخَلَ عَلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام ، وأَمَرَ لَهُ بِشَيْ‌ءٍ ، فَأَخَذَهُ ولَمْ يَحْمَدِ اللهَ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ (٤) : « لِمَ لَمْ تَحْمَدِ اللهَ؟ ».

قَالَ : ثُمَّ (٥) دَخَلْتُ بَعْدُ (٦) عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، وأَمَرَ لِي (٧) بِشَيْ‌ءٍ ، فَقُلْتُ : الْحَمْدُ لِلّهِ ، فَقَالَ لِي : « تَأَدَّبْتَ ». (٨)

١٣١٧ / ٩. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ (٩) ، قَالَ :

__________________

(١) أورد المجلسي هاهنا إشكالاً بأنّه كيف يمكن ذلك في مجلس واحد؟ ثمّ أجاب بوجوه سبعة ، وقال المحقّق الشعراني بعد ما نقلها عنه : « ولا حاجة إلى توجيه كلام إبراهيم بن هاشم بهذه التكلّفات ، ولم يقل أحد بعصمته ، بل لم يصرّحوا بصحّة أحاديثه ، بل عدّوه من الحسان ». وقال في وجه ذكر صاحب الكافي هذا الحديث : « وذكره صاحب الكافي ؛ لأنّ المبالغات الواردة في كلام الناس تدلّ على صفة في المنقول عنه ». راجع : مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ١٠٤ ـ ١٠٥ ؛ شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٨٧ ـ ٢٨٨.

(٢) في « ف » : « فأجابه ». والأولى : « فأجابها ».

(٣) الاختصاص ، ص ١٠٢ ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه مع زيادة في أوّله الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣٠ ، ح ١٤٤٠.

(٤) في « ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي : ـ « له ».

(٥) في « بف » : ـ « ثمّ ».

(٦) في « ض ، بح ، بر ، بس » : + « عليّ ». وفي « ج » : + « عليّ عليه‌السلام ».

(٧) في حاشية « ف » : « أمرني ».

(٨) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣٠ ، ح ١٤٤١.

(٩) محمّد بن سنان المشهور هو أبو جعفر الزاهري ، وقد توفّي سنة عشرين ومائتين ، كما في رجال النجاشي ، ص ٣٢٨ ، الرقم ٨٨٨. والظاهر ـ بناءً على صحّة النسخ ـ عدم إرادة الزاهري في سندنا هذا ؛ فإنّ عمر بن الفرج المذكور في متن الخبر ، هو عمر بن الفرج الرُخَّجي الذي كان من كتّاب المتوكّل العبّاسي ، وسخط عليه

٥٩٤

دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام ، فَقَالَ (١) : « يَا مُحَمَّدُ ، حَدَثَ بِآلِ فَرَجٍ حَدَثٌ؟ » فَقُلْتُ : مَاتَ عُمَرُ ، فَقَالَ : « الْحَمْدُ لِلّهِ » حَتّى أَحْصَيْتُ لَهُ أَرْبَعاً وعِشْرِينَ مَرَّةً ، فَقُلْتُ : يَا سَيِّدِي ، لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هذَا يَسُرُّكَ لَجِئْتُ حَافِياً أَعْدُو (٢) إِلَيْكَ ، قَالَ : « يَا مُحَمَّدُ ، أَولَاتَدْرِي مَا قَالَ ـ لَعَنَهُ اللهُ ـ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي؟ » قَالَ : قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « خَاطَبَهُ فِي شَيْ‌ءٍ ، فَقَالَ : أَبِي : اللهُمَّ ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أَمْسَيْتُ لَكَ صَائِماً ، فَأَذِقْهُ طَعْمَ الْحَرَبِ (٤) ، وذُلَّ الْأَسْرِ ، فَوَ اللهِ ، إِنْ ذَهَبَتِ الْأَيَّامُ حَتّى حُرِبَ (٥) مَالَهُ ومَا كَانَ لَهُ ، ثُمَّ أُخِذَ أَسِيراً ، وهُوَ ذَا (٦) قَدْ مَاتَ لَارَحِمَهُ اللهُ ، و (٧) قَدْ أَدَالَ (٨) اللهُ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ مِنْهُ ، ومَا زَالَ يُدِيلُ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ ». (٩)

١٣١٨ / ١٠. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام فِي مَسْجِدِ الْمُسَيَّبِ (١٠) ، وصَلّى بِنَا فِي مَوْضِعِ الْقِبْلَةِ‌

__________________

المتوكّل سنة ثلاث وثلاثين ومائتين ، وكان حيّاً بعد سنة خمس وثلاثين ومائتين ، فلم يدرك محمّد بن سنان الزهري زمن موته. راجع : تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ، ص ٤٨٥ ؛ مروج الذهب ، ج ٤ ، ص ١٩ ـ ٢٠.

هذا ، ولم يظهر لنا شي‌ء في تعيين المراد من محمّد بن سنان هذا ، أو وقوع التحريف في العنوان.

ويؤكّد وقوع الاختلال في السند أنّا لم نجد رواية أحمد بن محمّد بن عبدالله ـ شيخ معلّى بن محمّد ـ عن محمّد بن سنان في موضع.

(١) في « ف » : + « لي ».

(٢) في « ف » : « أغدو » من الغدوة. وقوله : « أعدوا » ، من العَدو ، وهو مشي يقرب الهَرْوَلة ، وهو دون الجري. راجع : المصباح المنير ، ص ٣٩٧ ( عدا ).

(٣) في « ف » : « لأظنّك ».

(٤) « الحَرَب » بالتحريك : نهب مال الإنسان وتركه لا شي‌ء له. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣٥٨ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٣٠٤ ( حرب ).

(٥) في « ف » : « حربه ».

(٦) في « ف » : ـ « وهو ذا ».

(٧) في « بر » : ـ « و ».

(٨) « الدَوْلَةُ » : الفعل والانتقال من حال إلى حال ، أو الانتقال من حال الشدّة إلى الرخاء. ومنه : أدالنا اللهُ تعالى من عدوّنا ، أي جعل الكرّة والدولة لنا عليه. قال الزمخشري : « تقول : أدال الله زيداً من عمرو مجازاً : نزع الله الدولة من عمرو فآتاها زيداً. » راجع : الفائق ، ج ٢ ، ص ٤٤٦ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٢٥٢ ( دول ).

(٩) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣٠ ، ح ١٤٤٢.

(١٠) في « ب ، ج » وحاشية « بح ، بر » : « السدرة ».

٥٩٥

سَوَاءً (١) ، وذُكِرَ (٢) أَنَّ السِّدْرَةَ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ كَانَتْ يَابِسَةً (٣) لَيْسَ عَلَيْهَا ورَقٌ ، فَدَعَا بِمَاءٍ ، وَتَهَيَّأَ (٤) تَحْتَ السِّدْرَةِ ، فَعَاشَتِ السِّدْرَةُ وأَوْرَقَتْ ، وحَمَلَتْ مِنْ (٥) عَامِهَا. (٦)

١٣١٩ / ١١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَجَّالِ وعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، عَنِ الْمُطَرِّفِيِّ (٧) ، قَالَ :

مَضى أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام ولِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : ذَهَبَ مَالِي (٨) ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام : « إِذَا كَانَ غَداً فَأْتِنِي ، ولْيَكُنْ مَعَكَ مِيزَانٌ وَأَوْزَانٌ (٩) ».

فَدَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام (١٠) ، فَقَالَ لِي : « مَضى أَبُو الْحَسَنِ عليه‌السلام ، ولَكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ؟ » فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَرَفَعَ الْمُصَلَّى الَّذِي كَانَ تَحْتَهُ ، فَإِذَا تَحْتَهُ دَنَانِيرُ ، فَدَفَعَهَا إِلَيَّ (١١) (١٢)

١٣٢٠ / ١٢. سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ والْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ ، عَنِ الْحُسَيْنِ (١٣) بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

__________________

(١) في الوافي : « سواء ، أي من غير انحراف عن الجدار ».

(٢) الظاهر من الوافي كونه معلوماً ؛ حيث قال : « وذكر ، أي الجعفريّ ».

(٣) في « ج ، بس » : وحاشية « بح » : « راسية ».

(٤) في الوافي : « وتهيّأ ، يعني للصلاة ، كنّى بها عن الوضوء ».

(٥) في حاشية « بف » : « في ».

(٦) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣١ ، ح ١٤٤٣.

(٧) في « ج » : « المُطْرَقي ».

(٨) في الإرشاد : « لم يكن يعرفها غيري وغيره » بدل « فقلت في نفسي ذهب مالي ».

(٩) « الأوزان » : جمع الوَزْن ، وهو المثقال. والميزان ، أي ما يُوزَن به. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٤٤٨ ( وزن ).

(١٠) في الإرشاد : « إذا كان في غد فأتني ، فأتيته من الغد » بدل « إذا كان غداً ـ إلى ـ أبي جعفر عليه‌السلام ».

(١١) في الإرشاد : + « فكان قيمتها في الوقت أربعة آلاف درهم ».

(١٢) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٩٢ ، بسنده عن الكليني الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣٢ ، ح ١٤٤٤.

(١٣) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي : « الحسن ». والظاهر أنّ الصواب هو « الحسين » ، كما تقدّم في الكافي ، ذيل ح ١٢٥٥.

٥٩٦

قُبِضَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عليه‌السلام وهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وعِشْرِينَ سَنَةً وثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ واثْنَيْ عَشَرَ يَوْماً ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ عِشْرِينَ ومِائَتَيْنِ ؛ عَاشَ (١) بَعْدَ أَبِيهِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلاَّ خَمْساً وعِشْرِينَ يَوْماً. (٢)

١٢٣ ـ بَابُ (٣) مَوْلِدِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (٤)

عليهما‌السلام والرِّضْوَانُ (٥)

وُلِدَ (٦) عليه‌السلام لِلنِّصْفِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ومِائَتَيْنِ ؛ ورُوِيَ أَنَّهُ ولِدَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ ومِائَتَيْنِ.

وَمَضى عليه‌السلام لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وخَمْسِينَ ومِائَتَيْنِ (٧) ؛ ورُوِيَ أَنَّهُ قُبِضَ عليه‌السلام فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وخَمْسِينَ ومِائَتَيْنِ (٨) ، ولَهُ إِحْدى (٩) وأَرْبَعُونَ سَنَةً وسِتَّةُ أَشْهُرٍ ، و (١٠) أَرْبَعُونَ سَنَةً عَلَى الْمَوْلِدِ الْآخَرِ الَّذِي رُوِيَ.

وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ أَشْخَصَهُ (١١) مَعَ يَحْيَى بْنِ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلى سُرَّ مَنْ رَأى ،

__________________

(١) في « ف » : « وعاش ».

(٢) الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣٢ ، ح ١٤٤٥ ؛ البحار ، ج ٥٠ ، ص ١٣ ، ذيل ح ١٣.

(٣) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » : ـ « باب ».

(٤) في حاشية « بف » : + « الهادي ».

(٥) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بف » ومرآة العقول : ـ « والرضوان ».

(٦) في الوافي : + « أبو الحسن عليّ بن محمّد ».

(٧) في « ب ، ض » : ـ « ومضى ـ إلى ـ ومائتين ».

(٨) في « ف ، بر ، بف » : ـ « وروي ـ إلى ـ ومائتين ».

(٩) هكذا في « ج » وحاشية « ش ، بع » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « أحد ».

(١٠) في « ب ، ج ، ض ، بس ، بف » : « أو ».

(١١) « أشخصه » ، أي أزعجه وقلعه عن مكانه وذهب به ؛ من الشُخوص ، وهو السير من بلد إلى بلد. راجع : لسان‌العرب ، ج ٧ ، ص ٤٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٤٤ ( شخص ).

٥٩٧

فَتُوُفِّيَ بِهَا عليه‌السلام ، ودُفِنَ فِي دَارِهِ ؛ وأُمُّهُ أُمُّ ولَدٍ يُقَالُ لَهَا : سَمَانَةُ (١) (٢)

١٣٢١ / ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ خَيْرَانَ الْأَسْبَاطِيِّ ، قَالَ :

قَدِمْتُ (٣) عَلى أَبِي الْحَسَنِ (٤) عليه‌السلام الْمَدِينَةَ ، فَقَالَ لِي : « مَا خَبَرُ الْوَاثِقِ عِنْدَكَ؟ » قُلْتُ (٥) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، خَلَّفْتُهُ فِي عَافِيَةٍ ، أَنَا مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ عَهْداً بِهِ ، عَهْدِي بِهِ (٦) مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ، قَالَ : فَقَالَ لِي : « إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ : إِنَّهُ مَاتَ (٧) ». فَلَمَّا أَنْ قَالَ لِيَ : « النَّاسَ » عَلِمْتُ أَنَّهُ هُوَ.

ثُمَّ قَالَ لِي (٨) : « مَا فَعَلَ جَعْفَرٌ (٩)؟ » قُلْتُ : تَرَكْتُهُ أَسْوَأَ النَّاسِ حَالاً فِي السِّجْنِ ، قَالَ : فَقَالَ (١٠) : « أَمَا إِنَّهُ صَاحِبُ الْأَمْرِ ؛ مَا فَعَلَ ابْنُ الزَّيَّاتِ؟ » قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ (١١) ، النَّاسُ مَعَهُ ، وَالْأَمْرُ أَمْرُهُ ، قَالَ (١٢) : فَقَالَ : « أَمَا إِنَّهُ شُؤْمٌ عَلَيْهِ ».

قَالَ : ثُمَّ سَكَتَ : وقَالَ لِي (١٣) : « لَا بُدَّ أَنْ (١٤) تَجْرِيَ مَقَادِيرُ اللهِ تَعَالى وأَحْكَامُهُ ؛ يَا خَيْرَانُ ، مَاتَ الْوَاثِقُ ، وقَدْ قَعَدَ الْمُتَوَكِّلُ جَعْفَرٌ (١٥) ، وقَدْ قُتِلَ ابْنُ الزَّيَّاتِ ».

__________________

(١) في « ب » : « ثمانة ». وفي البحار ، ص ١١٦ : ـ « ومضى لأربع ـ إلى ـ سمانة ».

(٢) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٩٢ ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٤١ ، ذيل ح ١٤٥٤ ؛ البحار ، ج ٥٠ ، ص ١١٦ ، ح ٦ ؛ وص ٢٠٥ ، ح ١٦.

(٣) في « ف » : « قد قدمت ».

(٤) في الإرشاد : + « عليّ بن محمّد ».

(٥) في « ض » : « فقلت ».

(٦) في « بس » : « به عهدي ».

(٧) في « ب ، ج » : + « قد مات ».

(٨) في الإرشاد : « فقلت : أنا أقرب الناس به عهداً. قال : فقال لي : إنّ الناس يقولون : إنّه مات ، فلمّا قال لي : إنّ‌الناس يقولون علمت أنّه يعني نفسه ، ثمّ قال لي » بدل « فلمّا أن ـ إلى ـ قال لي ». والمراد بقوله : « الناس » هو أهل المدينة. وقال في الوافي : « يعني لمّا نسب ذلك القول إلى أهل المدينة علمت أنّ القائل هو نفسه ».

(٩) أي المتوكّل على الله ، جعفر بن المعتصم.

(١٠) في « ج » : + « لي ».

(١١) في الإرشاد : ـ « جعلت فداك ».

(١٢) في الإرشاد : ـ « قال ».

(١٣) في « ض » : ـ « لي ».

(١٤) في « ب » : ـ « أن ».

(١٥) في حاشية « ف » : + « مقعده ».

٥٩٨

فَقُلْتُ (١) : مَتى جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ : « بَعْدَ خُرُوجِكَ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ ». (٢)

١٣٢٢ / ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام (٣) ، فَقُلْتُ لَهُ (٤) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فِي كُلِّ الْأُمُورِ أَرَادُوا إِطْفَاءَ نُورِكَ ، والتَّقْصِيرَ (٥) بِكَ حَتّى أَنْزَلُوكَ (٦) هذَا الْخَانَ (٧) الْأَشْنَعَ ، خَانَ الصَّعَالِيكَ (٨)

فَقَالَ : « هَاهُنَا أَنْتَ يَا ابْنَ سَعِيدٍ (٩)؟ » ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ ، وقَالَ : « انْظُرْ » فَنَظَرْتُ (١٠) ، فَإِذَا أَنَا (١١) بِرَوْضَاتٍ أَنِقَاتٍ (١٢) ، ورَوْضَاتٍ بَاسِرَاتٍ (١٣) ، فِيهِنَّ (١٤) خَيْرَاتٌ عَطِرَاتٌ ، وو لْدَانٌ كَأَنَّهُنَّ‌

__________________

(١) في الإرشاد : « قلت ».

(٢) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٣٠١ ، بسنده عن الكليني الوافى ، ج ٣ ، ص ٨٣٤ ، ح ١٤٤٦.

(٣) في الإرشاد : + « يوم وروده ».

(٤) في « ف » والبصائر ، ص ٤٠٦ : ـ « له ».

(٥) في حاشية « بر » : « والنقص ».

(٦) في « ف » : + « على ».

(٧) « الخان » : ما ينزله المسافرون. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١١٠ ؛ المصباح المنير ، ص ١٨٤ ( خون ).

(٨) « الصعاليك » : جمع الصُعْلُوك ، وهو الفقير الذي لا مال له ولا اعتماد. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٤٥٥ ( صعلك ).

(٩) في الوافي : « يعني أنت بعدُ في هذا المقام في اعتقادك فينا وفي مكارمنا ».

(١٠) في الإرشاد : ـ « وقال : انظر ، فنظرت ».

(١١) في البصائر ، ص ٤٠٦ ، والإرشاد : ـ « أنا ».

(١٢) الصحيح في الكلمة « أنقات » أو « أنيقات » أي حسنات معجبات. ولم يُرَ من هذه المادّة « آنق » كما في المطبوع. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٩ ـ ١٠ ( أنق ).

(١٣) في « ض ، بر » : « ياسرات » بالياء المثنّاة. وفي البصائر ص ٤٠٦ و ٤٠٧ ، والاختصاص : « ناضرات ». وقوله : « باسرات » ، أي طَرِيّاتٌ ، أو ذَوات أنهار جاريات ؛ من البُسْر ، وهو الماء الطريّ الحديثُ العهدِ بالمطر ، والغَضُّ والطريّ من كلّ شي‌ء. أو مبتدأةٌ فيها الثمرة ؛ من البُسْرَة من النبات ، وهو أوّل ما يبد وفي الأرض منها ، وهو كما يبدو في الأرض. أو ذوات أثمار جديدة وعتيقة ، من البَسْر ، وهو خلط البُسْر مع غيره في النبيذ. راجع : شرح المازندراني ، ج ٧ ، ص ٢٩٥ ؛ الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٦ ، ص ١١٤ ؛ الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٨٨ ( بسر ).

(١٤) في الإرشاد : « وأنهار جاريات وجنان فيها » بدل « وروضات باسرات فيهنّ ».

٥٩٩

اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ (١) ، وأَطْيَارٌ وظِبَاءٌ وأَنْهَارٌ تَفُورُ (٢) ، فَحَارَ بَصَرِي (٣) ، وحَسَرَتْ (٤) عَيْنِي (٥) ، فَقَالَ (٦) : « حَيْثُ كُنَّا فَهذَا لَنَا عَتِيدٌ (٧) ، لَسْنَا فِي خَانِ الصَّعَالِيكَ ». (٨)

١٣٢٣ / ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ الْجَلاَّبِ ، قَالَ :

اشْتَرَيْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام غَنَماً كَثِيرَةً ، فَدَعَانِي ، فَأَدْخَلَنِي (٩) مِنْ إِصْطَبْلِ دَارِهِ إِلى مَوْضِعٍ واسِعٍ لَا أَعْرِفُهُ ، فَجَعَلْتُ أُفَرِّقُ تِلْكَ الْغَنَمَ فِيمَنْ أَمَرَنِي بِهِ ، فَبُعِثْتُ (١٠) إِلى أَبِي جَعْفَرٍ (١١) وإِلى والِدَتِهِ وغَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَمَرَنِي ، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِانْصِرَافِ إِلى بَغْدَادَ إِلى والِدِي (١٢) ، وكَانَ ذلِكَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ، فَكَتَبَ إِلَيَّ : « تُقِيمُ‌

__________________

(١) « المكنون » ، أي المجعول في كِنّ ، وهو ما يُحْفَظُ فيه الشي‌ء. المفردات للراغب ، ص ٧٢٦ ( كنن ).

(٢) « تفور » ، أي تغلى وتجيش ؛ من الفور وهو شدّة الغليان. راجع : المفردات للراغب ، ص ٦٤٧ ( فور ).

(٣) في البصائر ، ص ٤٠٦ : + « والتمع ».

(٤) « حسرت العين » ، أي كلّت وأعيت وعجزت عن رؤيتها وانقطع نظرها لشدّة ضياء ما رأت. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٨٨ ( حسر ).

(٥) في الإرشاد : « وكثر تعجّبي » بدل « وحسرت عيني ». وفي البصائر ، ص ٤٠٧ : ـ « وحسرت عيني ».

(٦) في الإرشاد : + « لي ».

(٧) في الإرشاد : « يا ابن سعيد » بدل « عتيد ». و « العتيد » : الشي‌ء الحاضر المهيّأ. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٠٥ ( عتد ).

(٨) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٣١١ ، بسنده عن الكليني. وفي بصائر الدرجات ، ص ٤٠٦ ، ح ٧ ، عن الحسين بن محمّد بن عثمان ، عن معلّى بن محمّد بن عبد الله ، عن محمّد بن يحيى ؛ وفيه ، ص ٤٠٧ ، ح ١١ ، عن الحسين بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله ، وفيهما مع اختلاف يسير. الاختصاص ، ص ٣٢٤ ، عن المعلّى بن محمّد البصري ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٣٤ ، ح ١٤٤٧.

(٩) في « بف » والاختصاص : « وأدخلني ».

(١٠) هكذا في « ب ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار. وفي بعض النسخ والمطبوع : « فبعث ».

(١١) في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ، بف » : + « عليه‌السلام ». قال في الوافي : « أبو جعفر هذا ابنه المرجوّ للإمامة ». وقال‌في مرآة العقول : « وأبو جعفر ابنه الكبير اسمه محمّد ، مات قبل أبيه عليهما‌السلام. وقد مرّ ذكره في باب النصّ على أبي محمّد عليه‌السلام ».

(١٢) في البصائر : « والدتي ». وفي مرآة العقول : « إلى والدي ، بالتوحيد أو التثنية ، أي بالشدّ وعدمه ».

٦٠٠