الكافي - ج ٨

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٨

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-414-8
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٠٣

١
٢

٣
٤

(١٥)

كتاب الحجّ‌

٥
٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)

[١٥]

كِتَابُ الْحَجِّ‌

١ ـ بَابُ بَدْءِ الْحَجَرِ وَالْعِلَّةِ فِي اسْتِلَامِهِ‌

٦٧٠٦ / ١. حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لَمَّا أَخَذَ مَوَاثِيقَ الْعِبَادِ ، أَمَرَ الْحَجَرَ ، فَالْتَقَمَهَا (٢) ، وَلِذلِكَ (٣) يُقَالُ : أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا ، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ (٤) ». (٥)

٦٧٠٧ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ‌

__________________

(١) في « ظ ، بح ، بس ، جد ، جن » : + « وبه نستعين ». وفي « بث » : + « توكّلت على الله ». وفي « بخ » والمرآة : ـ « بسم الله الرحمن الرحيم ».

(٢) في مرآة العقول ، ج ١٧ ، ص ٣ : « قوله عليه‌السلام : فالتقمها ، لعلّ التقامها كناية عن ضبطه وحفظه لها ؛ إذ يدلّ كثير من‌الأخبار على أنّه ملك صار بهذه الصورة ، ويعرف الناس وكلامهم ، ويشهد يوم القيامة لهم ، ولا استحالة في شي‌ء من ذلك بناء على اصول المسلمين ».

(٣) في « بح ، بف » والوافي والوسائل والمحاسن : « فلذلك ».

(٤) في « بف » : « بالوفاء ».

(٥) المحاسن ، ص ٣٤٠ ، كتاب العلل ، ح ١٢٩ ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى وفضالة وابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار. وفي علل الشرائع ، ص ٤٢٤ ، صدر ح ٢ ؛ وعيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٩٠ ، ضمن الحديث الطويل ١ ، بسند آخر عن الرضا عليه‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٢ ، ص ٧٠ ، ح ١١٥١٥ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٣١٤ ، ح ١٧٨٢٧.

٧

عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ (١) ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : لِمَ جُعِلَ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ؟

فَقَالَ : « إِنَّ (٢) اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ حَيْثُ أَخَذَ مِيثَاقَ بَنِي آدَمَ ، دَعَا الْحَجَرَ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَأَمَرَهُ ، فَالْتَقَمَ الْمِيثَاقَ ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ بِالْمُوَافَاةِ (٣) ». (٤)

٦٧٠٨ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَغَيْرُهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : لِأَيِّ عِلَّةٍ وَضَعَ اللهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ ، وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ (٥)؟ وَلِأَيِّ عِلَّةٍ يُقَبَّلُ (٦)؟ وَلِأَيِّ عِلَّةٍ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ وَلِأَيِّ عِلَّةٍ وُضِعَ مِيثَاقُ الْعِبَادِ وَالْعَهْدُ فِيهِ ، وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ؟ وَكَيْفَ السَّبَبُ فِي ذلِكَ؟ تُخْبِرُنِي (٧) جَعَلَنِيَ اللهُ (٨) فِدَاكَ ؛ فَإِنَّ تَفَكُّرِي فِيهِ لَعَجَبٌ.

__________________

(١) ورد الخبر في المحاسن ، ص ٣٣٠ ، ح ٩٣ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبدالكريم الحلبي. والظاهر أنّ عنوان « عبدالكريم الحلبي » محرّف ، وصوابه : « عبدالكريم عن الحلبي » ؛ فإنّ بيت الحلبيين بيت مشهور بالكوفة ، وليس فيهم من يسمّى بعبد الكريم. أضعف إلى ذلك ، أنّ المراد من عبدالكريم في مشايخ البزنطي هو عبدالكريم بن عمرو الخثعمي ، وقد ورد في عددٍ من الأسناد رواية أحمد بن محمّد [ بن أبي نصر ] عن عبدالكريم ، عن الحلبي. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ١٠ ، ص ٤١٠ ـ ٤١١.

(٢) في « بث ، بخ ، بف » والوافي : « لأنّ ».

(٣) في المحاسن : « بالحقّ ».

(٤) المحاسن ، ص ٣٣٠ ، كتاب العلل ، صدر ح ٩٣ ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبدالكريم الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام. علل الشرائع ، ص ٤٢٣ ، ح ١ ، بسنده عن عبيدالله بن عليّ الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، مع اختلاف يسير. قرب الإسناد ، ص ٢٣٧ ، ح ٩٣٠ ، بسند آخر عن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، مع اختلاف يسير. تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٣٩ ، ح ١٠٦ ، عن الحلبي ، من دون التصريح باسم المعصوم عليه‌السلام. وراجع : علل الشرائع ، ص ٤٢٥ ، ح ٦ الوافي ، ج ١٢ ، ص ٧٠ ، ح ١١٥١٦ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٣١٧ ، ح ١٧٨٣٤.

(٥) في الوسائل : ـ « ولم يوضع في غيره ».

(٦) هكذا في « ظ ، بث ، بح ، بف ، جد ، جن » والوافي والوسائل والعلل. وفي « ى ، بخ » والمطبوع : « تقبَّل ».

(٧) في « بث ، بخ » : « فخبّرني ».

(٨) في « بخ » وحاشية « بث » : « جعلت » بدل « جعلني الله ».

٨

قَالَ : فَقَالَ : « سَأَلْتَ وَأَعْضَلْتَ (١) فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَاسْتَقْصَيْتَ (٢) ، فَافْهَمِ الْجَوَابَ (٣) ، وَفَرِّغْ قَلْبَكَ ، وَأَصْغِ (٤) سَمْعَكَ (٥) ، أُخْبِرْكَ إِنْ شَاءَ اللهُ.

إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ وَضَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَهِيَ جَوْهَرَةٌ أُخْرِجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلى آدَمَ عليه‌السلام ، فَوُضِعَتْ فِي ذلِكَ الرُّكْنِ لِعِلَّةِ الْمِيثَاقِ ، وَذلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مِنْ (٦) بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (٧) حِينَ أَخَذَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي ذلِكَ الْمَكَانِ ، وَفِي ذلِكَ الْمَكَانِ تَرَاءى لَهُمْ (٨) ، وَمِنْ ذلِكَ الْمَكَانِ (٩) يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِمِ عليه‌السلام ، فَأَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذلِكَ الطَّائِرُ (١٠) ، وَهُوَ وَاللهِ (١١) جَبْرَئِيلُ عليه‌السلام ، وَإِلى ذلِكَ الْمَقَامِ (١٢) يُسْنِدُ الْقَائِمُ ظَهْرَهُ ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِمِ ، وَهُوَ الشَّاهِدُ لِمَنْ وَافى (١٣) فِي (١٤) ذلِكَ الْمَكَانِ ، وَالشَّاهِدُ عَلى مَنْ أَدّى إِلَيْهِ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى الْعِبَادِ.

وَأَمَّا (١٥) الْقُبْلَةُ وَالالْتِمَاسُ (١٦) ، فَلِعِلَّةِ الْعَهْدِ تَجْدِيداً لِذلِكَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ ،

__________________

(١) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : أعضلت ، أي جئت بمسألة معضلة مشكلة » ، وراجع : مجمع البحرين ، ج ٥ ، ص ٤٢٤ ( عضل ).

(٢) الاستقصاء في المسألة : بلوغ الغاية والنهاية والأقصى فيها. راجع : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٨٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٣٦ ( قصا ). (٣) في « بف » : ـ « الجواب ».

(٤) في « بف » : « فأصغ ». (٥) في « بخ ، بف » والوافي : « بسمعك ».

(٦) في « بح » : ـ « من ».

(٧) في « بخ ، بس ، بف » وحاشية « بث » والوافي والوسائل : « ذرّيّاتهم ».

(٨) في العلل : + « ربّهم ». و « تراءى لهم » أي ظهر لهم. يقال : تراءى لي الشي‌ء ، أي ظهر حتّى رأيته. وعن ثعلب : تراءى لي وترأّى : تصدّى لأراه. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ١٧٧ ؛ لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٩٩ ( رأى ).

(٩) في « بخ ، بف » وحاشية « بث » والوافي والعلل : « الركن ».

(١٠) في « ظ ، بث ، بخ ، بس ، بف » والوافي والبحار والعلل : « الطير ».

(١١) في الوافي : ـ « والله ».

(١٢) في « بح » والبحار : « المكان ».

(١٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والعلل. وفي المطبوع : « وافا [ ه‍ ] ». والموافاة : الإتيان ، يقال : وافى‌فلان فلاناً ، أي أتاه. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٦ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٦٧.

(١٤) في الوافي : ـ « في ».

(١٥) في « ظ ، بح ، جد » : « فأمّا ».

(١٦) هكذا في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، جد ، جن » والوافي والوسائل والعلل. وفي « بف » وحاشية « بث » :

٩

وَتَجْدِيداً لِلْبَيْعَةِ وَلِيُؤَدُّوا (١) إِلَيْهِ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمِيثَاقِ ، فَيَأْتُوهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، وَيُؤَدُّوا إِلَيْهِ ذلِكَ الْعَهْدَ وَالْأَمَانَةَ اللَّذَيْنِ (٢) أُخِذَا (٣) عَلَيْهِمْ ، أَلَاتَرى أَنَّكَ تَقُولُ : أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا ، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ (٤) لِي بِالْمُوَافَاةِ ، وَوَ اللهِ (٥) مَا يُؤَدِّي ذلِكَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا ، وَلَاحَفِظَ ذلِكَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَحَدٌ (٦) غَيْرُ شِيعَتِنَا ، وَإِنَّهُمْ لَيَأْتُوهُ ، فَيَعْرِفُهُمْ وَيُصَدِّقُهُمْ ، وَيَأْتِيهِ غَيْرُهُمْ ، فَيُنْكِرُهُمْ وَيُكَذِّبُهُمْ ، وَذلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ ذلِكَ غَيْرُكُمْ ، فَلَكُمْ وَاللهِ يَشْهَدُ ، وَعَلَيْهِمْ وَاللهِ يَشْهَدُ بِالْخَفْرِ (٧) وَالْجُحُودِ وَالْكُفْرِ ، وَهُوَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ مِنَ اللهِ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَجِي‌ءُ وَلَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ ، وَعَيْنَانِ فِي صُورَتِهِ الْأُولى ، يَعْرِفُهُ (٨) الْخَلْقُ وَلَايُنْكِرُهُ (٩) ، يَشْهَدُ (١٠) لِمَنْ وَافَاهُ ، وَجَدَّدَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ (١١) عِنْدَهُ بِحِفْظِ (١٢) الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَيَشْهَدُ عَلى كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ (١٣) وَجَحَدَ (١٤) وَنَسِيَ الْمِيثَاقَ بِالْكُفْرِ وَالْإِنْكَارِ.

فَأَمَّا عِلَّةُ مَا أَخْرَجَهُ اللهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَهَلْ تَدْرِي مَا كَانَ الْحَجَرُ؟ » قُلْتُ : لَا.

قَالَ : « كَانَ مَلَكاً (١٥) مِنْ عُظَمَاءِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ اللهِ ، فَلَمَّا أَخَذَ اللهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ‌

__________________

« والتماس ». وفي المطبوع : « والاستلام ».

(١) هكذا في « ى ، بث ، بح ، بخ ، بف » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « ليؤدّوا » بدون الواو.

(٢) في « ى ، بث ، بخ ، بس ، بف ، جن » : « التي ».

(٣) في « ى ، بث ، بس ، بف » : « أخذ ». وفي « بخ » : « أخذها ».

(٤) في « بخ ، جد » : « ليشهد ».

(٥) في « بخ » والعلل : « والله » بدون الواو.

(٦) في « بخ » : « واحد ». وفي « ى » : ـ « أحد ».

(٧) « الخَفْر » : الغَدْر ونقض العهد ؛ يقال : خفرتُ بالرجل ، أي غدرت به ونقضت عهده. راجع : المصباح المنير ، ص ١٧٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٤٧ ( خفر ).

(٨) في « بخ » : « تعرفه ». وفي « ى » : « يعرف ».

(٩) في « بخ ، جن » : « ولا تنكره ».

(١٠) في « بح » : « ليشهد ».

(١١) في « بث » والعلل : « الميثاق والعهد ».

(١٢) في « ى ، بث ، بح » : « يحفظ ». وفي « بخ » : « لحفظ ».

(١٣) في « بح » والوافي : « أنكره ».

(١٤) في « بخ ، بف » : « جحد وأنكر ». وفي الوافي : « جحده ».

(١٥) في الوافي : + « عظيماً ».

١٠

الْمِيثَاقَ ، كَانَ (١) أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَقَرَّ ذلِكَ الْمَلَكُ ، فَاتَّخَذَهُ اللهُ أَمِيناً عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ ، فَأَلْقَمَهُ (٢) الْمِيثَاقَ ، وَأَوْدَعَهُ عِنْدَهُ ، وَاسْتَعْبَدَ الْخَلْقَ أَنْ يُجَدِّدُوا عِنْدَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ الْإِقْرَارَ بِالْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهِمْ.

ثُمَّ جَعَلَهُ اللهُ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ يُذَكِّرُهُ الْمِيثَاقَ ، وَيُجَدِّدُ عِنْدَهُ الْإقْرَارَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، فَلَمَّا عَصى آدَمُ وَأُخْرِجَ مِنَ (٣) الْجَنَّةِ ، أَنْسَاهُ اللهُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَ (٤) اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى وُلْدِهِ لِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وَلِوَصِيِّهِ عليه‌السلام ، وَجَعَلَهُ تَائِهاً (٥) حَيْرَانَ.

فَلَمَّا تَابَ اللهُ (٦) عَلى آدَمَ ، حَوَّلَ ذلِكَ الْمَلَكَ فِي صُورَةِ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ ، فَرَمَاهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلى آدَمَ عليه‌السلام وَهُوَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ ، آنَسَ إِلَيْهِ وَهُوَ لَايَعْرِفُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ جَوْهَرَةٌ ، وَأَنْطَقَهُ (٧) اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ لَهُ : يَا آدَمُ ، أَتَعْرِفُنِي (٨)؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : أَجَلْ ، اسْتَحْوَذَ (٩) عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ ، فَأَنْسَاكَ ذِكْرَ رَبِّكَ.

ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ ، فَقَالَ لآِدَمَ : أَيْنَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ؟ فَوَثَبَ إِلَيْهِ (١٠) آدَمُ ، وَذَكَرَ الْمِيثَاقَ ، وَبَكى ، وَخَضَعَ لَهُ ، وَقَبَّلَهُ ، وَجَدَّدَ الْإقْرَارَ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ (١١) ، ثُمَّ حَوَّلَهُ (١٢) اللهُ (١٣) ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلى جَوْهَرَةِ الْحَجَرِ دُرَّةً‌

__________________

(١) في « بث ، بخ ، جد ، جن » : ـ « كان ».

(٢) في « بخ ، بف » والوافي : « وألقمه ».

(٣) في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي : « عن ».

(٤) في « بس ، جن » : « أخذه ».

(٥) في العلل : « باهتاً ». وقوله : « تائهاً » ، أي متحيّراً ضالاًّ. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٢٩ ؛ لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٤٨٢ ( تيه ).

(٦) في « بث ، بخ ، بف ، جن » والوافي والعلل : ـ « الله ».

(٧) في « بخ ، بس ، بف » والوافي : « فأنطقه ».

(٨) في « ظ ، جد » : « تعرفني » بدون همزة الاستفهام.

(٩) قال الجوهري : « استحوذ عليه الشيطان ، أي غلب ». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٦٣ ( حوذ ).

(١٠) « فوثب إليه » ، أي قام إليه ، من الوثوب بمعنى النهوض والقيام في غير لغة حمير ، وفي لغتهم بمعنى القعود والاستقرار. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٥٠ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٩٢ ( وثب ).

(١١) في « بح » : ـ « فوثب إليه ـ إلى ـ والميثاق ».

(١٢) في « ى » : « حوّل ».

(١٣) في « بس » : ـ « الله ».

١١

بَيْضَاءَ صَافِيَةً تُضِي‌ءُ ، فَحَمَلَهُ آدَمُ عليه‌السلام عَلَى عَاتِقِهِ إِجْلَالاً لَهُ وَتَعْظِيماً ، فَكَانَ إِذَا أَعْيَا (١) حَمَلَهُ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ عليه‌السلام حَتّى وَافى بِهِ مَكَّةَ ، فَمَا زَالَ يَأْنَسُ بِهِ بِمَكَّةَ ، وَيُجَدِّدُ الْإِقْرَارَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.

ثُمَّ إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ ، وَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذلِكَ الْمَكَانِ ؛ لِأَنَّهُ (٢) ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ حِينَ (٣) أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ ، أَخَذَهُ فِي ذلِكَ الْمَكَانِ ، وَفِي ذلِكَ الْمَكَانِ أَلْقَمَ الْمَلَكَ الْمِيثَاقَ ، وَلِذلِكَ وَضَعَ فِي ذلِكَ الرُّكْنِ ، وَنَحّى (٤) آدَمَ مِنْ مَكَانِ الْبَيْتِ إِلَى الصَّفَا ، وَحَوَّاءَ إِلَى الْمَرْوَةِ ، وَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذلِكَ الرُّكْنِ (٥) ، فَلَمَّا نَظَرَ آدَمُ مِنَ الصَّفَا وَقَدْ وُضِعَ الْحَجَرُ فِي (٦) الرُّكْنِ ، كَبَّرَ اللهَ وَهَلَّلَهُ وَمَجَّدَهُ فَلِذَلِكَ (٧) جَرَتِ السُّنَّةُ بِالتَّكْبِيرِ وَاسْتِقْبَالِ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مِنَ الصَّفَا ؛ فَإِنَّ اللهَ أَوْدَعَهُ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ (٨) دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ؛ لِأَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بِالنُّبُوَّةِ (٩) وَلِعَلِيٍّ عليه‌السلام (١٠) بِالْوَصِيَّةِ ، اصْطَكَّتْ (١١) فَرَائِصُ (١٢) الْمَلَائِكَةِ ، فَأَوَّلُ مَنْ‌

__________________

(١) يقال : أعيا الماشي ، أي كَلَّ وثقل ، يستعمل لازماً ومتعدّياً. راجع : المصباح المنير ، ص ٤٤١ ؛ القاموس‌المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٥ ( عيى ).

(٢) في « ظ ، بث ، بس ، جد » وحاشية « بح » والوافي والوسائل : « لأنّ الله ».

(٣) في الوافي عن بعض النسخ : « لمّا ».

(٤) قرأه في المرآة : « يجي‌ء » ، ثمّ قال : « كذا في أكثر النسخ ، والأصوب : نحّى ، من التحنية بمعنى التبعيد ، وكذا في‌ العلل أيضاً. وفي بعض النسخ : لجاء ، وهو أيضاً تصحيف ».

(٥) في « بح » : ـ « ونحّى آدم ـ إلى ـ ذلك الركن ».

(٦) في الوافي : + « ذلك ».

(٧) في « بخ » : « ولذلك ».

(٨) في « بس » : ـ « والعهد ».

(٩) في الوافي : « بالرسالة والنبوّة ».

(١٠) في « جن » : « وعليّ ».

(١١) « اصطكّت » ، أي اضطربت ؛ من الصَّكَك ، وهو اضطراب الركبتين والعُرقوبين من الإنسان وغيره. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٤٥٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٥٣ ( صكك ).

(١٢) الفرائص : جمع الفريصة ، وهو اللحمة التي بين جنب الدابّة وكتفها لا تزال تُرْعَد. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٤٨ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٣١ ( فرص ).

١٢

أَسْرَعَ إِلَى الْإِقْرَارِ (١) ذلِكَ الْمَلَكُ ، لَمْ يَكُنْ (٢) فِيهِمْ أَشَدُّ حُبّاً لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِنْهُ ، وَلِذلِكَ (٣) اخْتَارَهُ اللهُ مِنْ بَيْنِهِمْ ، وَأَلْقَمَهُ (٤) الْمِيثَاقَ ، وَهُوَ يَجِي‌ءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ ، وَعَيْنٌ نَاظِرَةٌ ، يَشْهَدُ (٥) لِكُلِّ مَنْ وَافَاهُ إِلى ذلِكَ الْمَكَانِ ، وَحَفِظَ الْمِيثَاقَ ». (٦)

٢ ـ بَابُ بَدْءِ الْبَيْتِ وَالطَّوَافِ (٧)

٦٧٠٩ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي عَبَّادٍ (٨) عِمْرَانَ بْنِ عَطِيَّةَ (٩) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « بَيْنَا أَبِي عليه‌السلام وَأَنَا فِي الطَّوَافِ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ شَرْجَبٌ (١٠) مِنَ الرِّجَالِ ـ فَقُلْتُ : وَمَا الشَّرْجَبُ (١١) أَصْلَحَكَ اللهُ؟ قَالَ : « الطَّوِيلُ » ـ فَقَالَ : السَّلَامُ‌

__________________

(١) في « بث » : « بالإقرار ». (٢) في « ظ ، ى ، بث ، بخ ، بس ، بف ، جن » : « ولم يكن ».

(٣) في « ى ، بح ، بخ » والوافي والعلل : « فلذلك ». وفي « جن » : « وذلك ».

(٤) في « بخ ، بف » : « فألقمه ». (٥) في « بخ » والعلل : « ليشهد ».

(٦) علل الشرائع ، ص ٤٢٩ ، ح ١ ، عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٢ ، ص ٦٧ ، ح ١١٥١٤ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٣١٧ ، ح ١٧٨٣٥ ، إلى قوله : « ألقم الملك الميثاق » ؛ البحار ، ج ٥٢ ، ص ٢٩٩ ، ح ٦٣ ، إلى قوله : « وهو الحجّة والدليل على القائم ».

(٧) في « بح » : « الطواف والبيت ».

(٨) في الوسائل ، ح ١٧٧٧٩ : ـ « أبي عبّاد ».

(٩) في الوسائل ، ح ١٦٢٢٢ : « عمر بن عطيّة ».

(١٠) في « ى » والوافي : « شرحب ». وفي « بخ ، بف » والمرآة والبحار : « سرحب ». وقال الجوهري : « الشرجب : الطويل ». وقال ابن الأثير : « الشرجب : الطويل. وقيل : هو الطويل القوائم العاري أعالي العظام ». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٥٤ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٥٦ ( شرجب ).

قال العلاّمة الفيض في الوافي : « الشرحب ، بالحاء المهملة ، وبالجيم لغة فيه ». وقال ولده في هامشه : « ومن لغاته : السُّرحوب ، بالسين المهملة المضمومة والراء الساكنة والحاء المهملة قبل الواو والباء المفردة بعدها. ومنها الشرعب ، بالشين المعجمة المفتوحة والراء الساكنة والعين بعدها ، لكنّ الموجود منها في نسخ الكافي التي عندنا : الشرحب ، بالشين المعجمة والراء والحاء المهملة ».

(١١) في « ى » والوافي : « الشرحب ». وفي « بث ، بخ » والمرآة والبحار : « السرحب ». وفي « بف » : « السرجب ».

١٣

عَلَيْكُمْ (١) ، وَأَدْخَلَ (٢) رَأْسَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي ».

قَالَ : « فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ أَبِي وَأَنَا ، فَرَدَدْنَا عليه‌السلام ، ثُمَّ قَالَ : أَسْأَلُكَ رَحِمَكَ اللهُ ، فَقَالَ لَهُ أَبِي : نَقْضِي طَوَافَنَا ثُمَّ تَسْأَلُنِي ، فَلَمَّا (٣) قَضى أَبِيَ الطَّوَافَ ، دَخَلْنَا الْحِجْرَ ، فَصَلَّيْنَا الرَّكْعَتَيْنِ (٤) ، ثُمَّ الْتَفَتَ ، فَقَالَ : أَيْنَ الرَّجُلُ يَا بُنَيَّ؟ فَإِذَا هُوَ وَرَاءَهُ قَدْ صَلّى ، فَقَالَ : مِمَّنِ الرَّجُلُ (٥)؟ قَالَ (٦) : مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، فَقَالَ : وَمِنْ أَيِّ أَهْلِ الشَّامِ؟ فَقَالَ : مِمَّنْ يَسْكُنُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَقَالَ : قَرَأْتَ الْكِتَابَيْنِ (٧)؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ.

فَقَالَ : أَسْأَلُكَ عَنْ بَدْءِ هذَا الْبَيْتِ ، وَعَنْ قَوْلِهِ : ( ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ) (٨) وَعَنْ قَوْلِهِ : ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) (٩)؟

فَقَالَ : يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ ، اسْمَعْ حَدِيثَنَا ، وَلَاتَكْذِبْ عَلَيْنَا ؛ فَإِنَّهُ (١٠) مَنْ كَذَبَ عَلَيْنَا فِي شَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ (١١) كَذَبَ عَلى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَمَنْ كَذَبَ عَلى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ، عَذَّبَهُ (١٢) اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.

أَمَّا بَدْءُ هذَا الْبَيْتِ : فَإِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) فَرَدَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَقَالَتْ (١٣) : ( أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها

__________________

(١) في « ى » : « السلام عليك ».

(٢) في « بف » : « فأدخل ».

(٣) في « بث ، بخ ، بف » والوافي : + « أن ».

(٤) في « ظ ، بث ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي والبحار : « الركعات ».

(٥) في الوافي عن بعض النسخ : « أنت ».

(٦) في « ظ ، ى ، بح ، جد ، جن » والبحار : « فقال ».

(٧) في الوافي : « اريد بالكتابين التوراة والقرآن ».

(٨) القلم (٦٨) : ١.

(٩) المعارج (٧٠) : ٢٤ ـ ٢٥.

(١٠) في البحار : « فإن ».

(١١) في البحار : « فإنّه ».

(١٢) في « بح » : « فقد عذّبه ».

(١٣) في « ظ ، بث » : « فقال ».

١٤

وَيَسْفِكُ الدِّماءَ ) (١) فَأَعْرَضَ عَنْهَا ، فَرَأَتْ أَنَّ ذلِكَ مِنْ سَخَطِهِ ، فَلَاذَتْ بِعَرْشِهِ (٢) ، فَأَمَرَ (٣) اللهُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَيْتاً فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ يُسَمَّى الضُّرَاحَ (٤) بِإِزَاءِ‌ عَرْشِهِ ، فَصَيَّرَهُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ (٥) يَطُوفُ (٦) بِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَايَعُودُونَ (٧) وَيَسْتَغْفِرُونَ ، فَلَمَّا أَنْ هَبَطَ آدَمُ إِلَى السَّمَاءِ (٨) الدُّنْيَا ، أَمَرَهُ (٩) بِمَرَمَّةِ هذَا الْبَيْتِ ، وَهُوَ بِإِزَاءِ ذلِكَ ، فَصَيَّرَهُ لآِدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ ، كَمَا صَيَّرَ ذلِكَ لِأَهْلِ السَّمَاءِ.

قَالَ : صَدَقْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ». (١٠)

٦٧١٠ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ وَابْنِ مَحْبُوبٍ (١١) جَمِيعاً ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ : « كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي الْحِجْرِ ، فَبَيْنَمَا (١٢) هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ سَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ لَا‌

__________________

(١) البقرة (٢) : ٣٠.

(٢) « فلاذت بعرشه » ، أي عاذت به ، والتجأت إليه ، وانضمّت ، واستغاثت. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٧٠ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٧٦ ( لوذ ).

(٣) في الوسائل ، ح ١٧٧٧٩ : « أمر ».

(٤) قال الجوهري : « الضُّراح ، بالضمّ : بيت في السماء ، وهو البيت المعمور. عن ابن عبّاس ». وقال ابن الأثير : « ويروى : الضريح ، وهو البيت المعمور ، من المضارحة ، وهي المقابلة والمضارعة ، وقد جاء ذكره في حديث عليّ ومجاهد. ومن رواه بالصاد فقد صحّف ». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٨٦ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٨١ ( ضرح ).

(٥) في « بخ » والبحار : + « يطوفون به ».

(٦) في « ظ ، بث ، بف » وحاشية « جد » والوافي : « يطوفون ».

(٧) في « بح » : « ثمّ لا يعودون ». وفي « بخ » : « ولا يعودون ».

(٨) في « بث ، بخ ، بف » : « سماء ». وفي الوافي والبحار : ـ « السماء ».

(٩) في « بخ » : « أمر ».

(١٠) الوافي ، ج ١٢ ، ص ٢٩ ، ح ١١٤٤٧ ؛ الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٤٨ ، ح ١٦٢٢٢ ؛ وج ١٣ ، ص ٢٩٤ ، ح ١٧٧٧٩ ، مقطّعاً ؛ البحار ، ج ١١ ، ص ١١٩ ، ح ٥٤.

(١١) في « ظ ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد » : « والحسن بن محبوب ».

(١٢) في « ظ ، بح ، بخ ، بف ، جد » وتفسير العيّاشي : « فبينا ».

١٥

يَعْلَمُهَا إِلاَّ أَنْتَ وَرَجُلٌ آخَرُ (١)

قَالَ : مَا (٢) هِيَ؟

قَالَ : أَخْبِرْنِي أَيَّ شَيْ‌ءٍ كَانَ سَبَبُ الطَّوَافِ بِهذَا الْبَيْتِ؟

فَقَالَ : إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمَّا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ (٣) أَنْ يَسْجُدُوا (٤) لآِدَمَ عليه‌السلام ، رَدُّوا (٥) عَلَيْهِ ، فَقَالُوا (٦) : ( أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) قَالَ (٧) اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى : ( إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٨) فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ التَّوْبَةَ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطُوفُوا بِالضُّرَاحِ وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ ، وَمَكَثُوا (٩) يَطُوفُونَ بِهِ سَبْعَ سِنِينَ ، يَسْتَغْفِرُونَ (١٠) اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِمَّا قَالُوا ، ثُمَّ تَابَ (١١) عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ ، فَهذَا (١٢) كَانَ أَصْلُ الطَّوَافِ ، ثُمَّ جَعَلَ اللهُ الْبَيْتَ الْحَرَامَ حَذْوَ (١٣) الضُّرَاحِ تَوْبَةً لِمَنْ أَذْنَبَ مِنْ بَنِي آدَمَ ، وَطَهُوراً لَهُمْ.

فَقَالَ : صَدَقْتَ ». (١٤)

__________________

(١) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : ورجل آخر ، المراد به الصادق عليه‌السلام ، أو السائل نفسه ، والأوّل أظهر ».

(٢) في « بف » : « فما ».

(٣) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : لمّا أمر الملائكة ، منهم من قرأ : آمر ، فعل ماض من باب المفاعلة ، أي لم يكن أمرهم‌بعد ، بل كان يشاورهم. ولا يخفى ما فيه ، بل كان الأمر مشروطاً بالنفخ ، وقبل تحقّق ذلك تابوا ، وأمّا الردّ فلعلّه مأوّل بالسؤال عن العلّة ».

(٤) في الوافي : « أن تسجد ».

(٥) في « ظ ، بث ، بخ ، جد » والوافي وتفسير العيّاشي : « ردّت ».

(٦) في « ظ ، بخ ، بس ، جد » وحاشية « بث » والوافي وتفسير العيّاشي : « فقالت ».

(٧) في « ظ ، ى ، بخ ، بس ، بف ، جد » : « فقال ».

(٨) البقرة (٢) : ٣٠.

(٩) في الوسائل : « فمكثوا ». وفي المرآة : « قوله عليه‌السلام : مكثوا ، أي استمرّ طوافهم فوجاً بعد فوج ، فلا ينافي الخبرالسابق ».

(١٠) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي وتفسير العيّاشي. وفي المطبوع : « [ و ] يستغفرون ».

(١١) في « بح ، جن » : + « الله ».

(١٢) في « ى » : « وهذا ».

(١٣) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « حذوا ».

(١٤) تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٠ ، ح ٦ ، عن محمّد بن مروان ، مع زيادة في آخره الوافي ، ج ١٢ ، ص ٣١ ،

١٦

٣ ـ بَابُ أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ مِنَ الْأَرَضِينَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ وَكَيْفَ كَانَ أَوَّلَ مَا خَلَقَ‌

٦٧١١ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْعِجْلِيِّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : أَيَّ شَيْ‌ءٍ كَانَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ فِي قَوْلِ اللهِ (١) عَزَّ وَجَلَّ : ( وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) (٢)؟

قَالَ : « كَانَ (٣) مَهَاةً (٤) بَيْضَاءَ » يَعْنِي دُرَّةً (٥) (٦)

٦٧١٢ / ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ ، عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ ، قَالَ :

« إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْزَلَ الْحَجَرَ (٧) لآِدَمَ عليه‌السلام (٨) مِنَ الْجَنَّةِ ، وَكَانَ الْبَيْتُ دُرَّةً بَيْضَاءَ ، فَرَفَعَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ (٩) ـ إِلَى السَّمَاءِ ، وَبَقِيَ أُسُّهُ وَهُوَ بِحِيَالِ هذَا الْبَيْتِ ، يَدْخُلُهُ كُلَّ‌

__________________

ح ١١٤٤٨ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٩٥ ، ح ١٧٧٨٢ ، ملخّصاً.

(١) في « بح ، بف » والوافي : « في قوله ».

(٢) هود (١١) : ٧.

(٣) في « ظ ، بح ، بف ، جد » والوافي والبحار والفقيه وتفسير العيّاشي : « كانت ».

(٤) المَها ـ بالفتح ـ : البِلَّوْر ، وهي الحجارة البيض التي تبرق لشدّة بياضها ، والقطعة منه : مَهاة. وقيل : « المهاة » : هي الدرّة. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٧٣٥ ؛ الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٩٩ ؛ لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٩٩ ( مها ).

(٥) في « بث » : + « بيضاء ».

(٦) الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٤٢ ، ح ٢٣٠١ ، معلّقاً عن محمّد بن عمران العجلي. تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ١٤٠ ، ح ٦ ، عن محمّد بن عمران العجلي الوافي ، ج ١٢ ، ص ٢٧ ، ح ١١٤٤٣ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٣٩ ، ح ١٧٦٤١ ؛ البحار ، ج ٥٤ ، ص ٢٠٣ ، ح ١٤٨.

(٧) في الوسائل وتفسير العيّاشي والعلل : + « الأسود ».

(٨) في الوسائل : ـ « لآدم عليه‌السلام ».

(٩) في « بف ، جد » : ـ « الله عزّ وجلّ ».

١٧

يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَايَرْجِعُونَ إِلَيْهِ أَبَداً ، فَأَمَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عليهما‌السلام بِبُنْيَانِ (١) الْبَيْتِ عَلَى الْقَوَاعِدِ ». (٢)

٦٧١٣ / ٣. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، عَنْ صَالِحٍ اللَّفَائِفِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ دَحَا الْأَرْضَ (٣) مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَةِ إِلى مِنًى ، ثُمَّ دَحَاهَا مِنْ مِنًى إِلى عَرَفَاتٍ ، ثُمَّ دَحَاهَا مِنْ عَرَفَاتٍ إِلى مِنًى ؛ فَالْأَرْضُ مِنْ عَرَفَاتٍ ، وَعَرَفَاتٌ مِنْ مِنًى ، وَمِنًى (٤) مِنَ الْكَعْبَةِ ». (٥)

٦٧١٤ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام (٦) ، قَالَ : « كَانَ مَوْضِعُ الْكَعْبَةِ رَبْوَةً (٧) مِنَ الْأَرْضِ ، بَيْضَاءَ تُضِي‌ءُ (٨) كَضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، حَتّى قَتَلَ ابْنَا آدَمَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، فَاسْوَدَّتْ ، فَلَمَّا نَزَلَ آدَمُ ،

__________________

(١) في الوسائل والعلل : « يبنيان ». وفي تفسير العيّاشي : « يبنيا ».

(٢) علل الشرائع ، ص ٣٩٨ ، ح ١ ، بسنده عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، مع زيادة. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٦٠ ، ح ٩٨ ، عن أبي سلمة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام الوافي ، ج ١٢ ، ص ٢٧ ، ح ١١٤٤٤ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٠٨ ، ح ١٧٥٨٠.

(٣) « دحا الأرض » ، أي بسطها ووسّعها ؛ من الدَّحْو بمعنى البسط. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٣٤ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٠٦ ( دحا ).

(٤) في المرآة : « قرأ بعضهم : منى ، أخيراً بفتح الميم بمعنى قدّر ، أي إلى آخر ما قدّره الله من منتهى الأرض ».

(٥) الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٤١ ، ح ٢٢٩٧ ، مرسلاً ، مع زيادة في آخره الوافي ، ج ١٢ ، ص ٢٦ ، ح ١١٤٤٢ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٤٠ ، ح ١٧٦٤٢ ، إلى قوله : « دحا الأرض من تحت الكعبة » ؛ البحار ، ج ٥٤ ، ص ٢٠٣ ، ح ١٤٩.

(٦) في الوافي : + « عن أبيه ».

(٧) الربوة : ما ارتفع من الأرض ، وفيها لغات. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٠ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٩٢ ( ربا ).

(٨) في « ظ ، بث ، بخ » : ـ « تضي‌ء ».

١٨

رَفَعَ اللهُ لَهُ الْأَرْضَ كُلَّهَا حَتّى رَآهَا ، ثُمَّ قَالَ : هذِهِ لَكَ كُلُّهَا (١) ، قَالَ : يَا رَبِّ ، مَا هذِهِ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ الْمُنِيرَةُ؟ قَالَ (٢) : هِيَ (٣) فِي (٤) أَرْضِي (٥) ، وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَيْكَ أَنْ تَطُوفَ بِهَا (٦) كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَمِائَةِ طَوَافٍ ». (٧)

٦٧١٥ / ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنِ الْحَسَنِ (٨) بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ ،

__________________

(١) في « ظ » : « كلّها لك ». وفي الوسائل : ـ « ثمّ قال : هذه لك كلّها ».

(٢) في « ظ ، بس ، بف ، جد » : « فقال ».

(٣) في الوافي والفقيه : + « حرمي ».

(٤) في « ى » وحاشية « ظ ، جد » : « من ». وفي المرآة والوسائل والبحار : ـ « في ».

(٥) في المرآة : « قوله عليه‌السلام : هي أرضي ، أي هي التي اختصصتها من بين سائر أجزاء الأرض واجتبيتها لعبادتي. وفي بعض النسخ : في أرضي ، أي هي أيضاً من جملة أجزاء الأرض. وصحّف مصحّف وقرأ : في أَرَضي ، بالفتح والهمز ، أي هي مرجع أهل الأرض ، أو محلّ توبتهم ورجوعهم عن الآثام. ولا يخفى بعده ».

(٦) في « بث ، بخ ، بف » والوافي : + « في ».

(٧) الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٤٢ ، ح ٢٣٠٣ ، معلّقاً عن عيسى بن عبدالله الهاشمي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام الوافي ، ج ١٢ ، ص ٢٨ ، ح ١١٤٤٥ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٣٠٣ ، ح ١٧٨٠٤ ؛ البحار ، ج ١١ ، ص ٢١٧ ، ح ٣٠.

(٨) هكذا في « بث ، بخ ، جر » والوافي. وفي « ظ ، ى ، بح ، بر ، بس ، بف ، جد » والمطبوع والوسائل : « الحسين ».

والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه ؛ فإنّ الخبر رواه الشيخ الصدوق في علل الشرائع ، ص ٣٩٩ ، ح ٢ بسنده عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن الحسن بن عليّ عن مروان بن مسلم عن أبي حمزة الثمالي ... ، وعلّق العلاّمة الخبير السيّد موسى الشبيري ـ دام ظلّه ـ هناك على السند هكذا : « الحسن بن عليّ الراوي عن مروان بن مسلم ، الظاهر أنّه الحسن بن عليّ بن فضّال الذي روى عنه كثيراً في الأسانيد ، وروى عنه كتابه كما ذكره الشيخ ـ قدس‌سره ـ في الفهرست ، لكن رواية محمّد بن أحمد بن يحيى عنه الظاهر أنّها مرسلة ، وروى هذا الخبر في الكافي ، ح ٦٧١٥ ( ثمّ أشار إلى سند الكافي وقال : ) والحسين بن عليّ بن مروان لم أجده في موضع مع كثرة الفحص ، والظاهر أنّ صوابه الحسن بن عليّ عن مروان ، ولا يبعد وقوع تقديم وتأخير في الكافي ، وسقط في الكتاب ، وصوابه : محمّد بن أحمد ، عن عدّة من أصحابنا ، عن الحسن بن عليّ ؛ فإنّ المعهود رواية محمّد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن عليّ بن فضّال بالواسطة ، ورواية مروان بن مسلم عن أبي حمزة الثمالي بدون الواسطة ».

هذا ، وقد ورد في مطبوع العلل المشار إليها : محمّد بن أحمد عن يحيى بن عمران الأشعري ، وهو سهو جزماً ، وورد هذا العنوان على الصواب في طبعة اخرى وهي طبعة قمّ بتصحيح فضل الله الطباطبائي.

وممّا يؤيّد ما أفاده ـ دام ظلّه ـ ما ورد في بعض الأسناد من رواية مروان بن مسلم عن ثابت بن دينار الثمالي ، أو

١٩

عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (١) عليه‌السلام فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ : لِأَيِّ شَيْ‌ءٍ سَمَّاهُ اللهُ الْعَتِيقَ؟

فَقَالَ (٢) : « إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَيْتٍ وَضَعَهُ اللهُ عَلى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلاَّ لَهُ رَبٌّ وَسُكَّانٌ يَسْكُنُونَهُ غَيْرَ هذَا الْبَيْتِ ، فَإِنَّهُ (٣) لَارَبَّ لَهُ إِلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ الْحُرُّ (٤) ».

ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلَقَهُ قَبْلَ الْأَرْضِ (٥) ، ثُمَّ خَلَقَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِ ، فَدَحَاهَا مِنْ تَحْتِهِ ». (٦)

٦٧١٦ / ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ (٧) : لِمَ سُمِّيَ (٨) الْبَيْتُ الْعَتِيقَ؟

قَالَ : « هُوَ بَيْتٌ حُرٌّ عَتِيقٌ مِنَ النَّاسِ ، لَمْ يَمْلِكْهُ (٩) أَحَدٌ ». (١٠)

٦٧١٧ / ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ‌

__________________

عن ثابت بن أبي صفيّة ـ وهما عنوانان لأبي حمزة الثمالي ـ والراوي عن مروان بن مسلم في هذه الأسناد هو الحسن بن عليّ بن فضّال. راجع : الأمالي للصدوق ، ص ٤٩١ ، المجلس ٨٩ ، ح ١١ ؛ التوحيد ، ص ٣٣٧ ، ح ٤ ؛ الخصال ، ص ٤٢٦ ، ح ٣ ؛ علل الشرائع ، ص ٨١ ، ح ١ ؛ رجال النجاشي ، ص ١١٥ ، الرقم ٢٩٦.

(١) في « بث » : « لأبي عبد الله ».

(٢) في « بث » : « قال له ». وفي « بف » والوافي والعلل : « قال ».

(٣) في العلل : + « لا يسكنه أحد و ». (٤) في العلل : « الحرام ».

(٥) في العلل : « الخلق ». وفي الوافي : « قوله عليه‌السلام : خلقه قبل الأرض ، وجه آخر لتسميته بالعتيق ؛ إذ العتيق يقال‌للقديم ».

(٦) علل الشرائع ، ص ٣٩٩ ، ح ٢ ، بسنده عن أبي حمزة الثمالي الوافي ، ج ١٢ ، ص ٢٨ ، ح ١١٤٤٦ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٤٠ ، ح ١٧٦٤٣. (٧) في « بس » والمحاسن : ـ « له ».

(٨) في « ظ ، بس ، جد » والوافي : + « الله ». (٩) في « ظ ، جد » وحاشية « بح » : « لا يملكه ».

(١٠) المحاسن ، ص ٣٣٧ ، كتاب العلل ، ح ١١٥ ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى. علل الشرائع ، ص ٣٩٩ ، ح ٣ ، بسنده عن حمّاد ، عن أبان بن عثمان. الفقيه ، ج ٢ ، ص ١٩١ ، ح ٢١١٣ ، مرسلاً من دون الإسناد إلى المعصوم عليه‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٢ ، ص ١٩٦ ، ح ١١٧٣٨ ؛ الوسائل ، ج ١٣ ، ص ٢٤٠ ، ح ١٧٦٤٤.

٢٠