ولم يتهاون المسلمون في اقامة الحدود على المعتدين ، ففي عهد الإمام عليّ عليهالسلام سأله واليه على مصر عن عقوبة مسلم فجر بنصرانية فأجابه : « ان اقم الحد على المسلم ... وادفع النصرانية إلى النصارى يقضون فيها ما شاؤوا » (١).
وإذا زنى غير المسلم بأهل ملّته ، كان الحاكم الاسلامي مخيراً بين إقامة الحد عليه بما يقتضيه شرع الإسلام ، وبين تسليمه إلى اهل دينه او دين المرأة ليقيموا عليهم الحدود على ما يعتقدونه (٢).
وبالحماية القانونية كان غير المسلم يتمتع بالامان في حفظ عرضه وصيانته ، ولم تحدث حالات انتهاك لنواميس واعراض غير المسلمين في بلاد المسلمين إلاّ قليلاً بالقياس إلى امتداد القرون التي تعايشوا فيها مع المسلمين.
جاء الإسلام من اجل اتمام مكارم الاخلاق وتقريرها على أرض الواقع ، فأمر المسلمين باستبقاء أسباب الوّد في القلوب والنفوس بطهارة السلوك وحسن المعاملة مع جميع بني الإنسان ، ولايجعل للفواصل العقائدية دوراً في الفصل بين المسلمين وغيرهم أو في تبادل النظرة السلبية ، فجاءت توجيهاته وتعاليمه لاشاعة القيم النبيلة والاخلاق الفاضلة في التعامل مع بني الإنسان ، وقد جسد رسول الله صلىاللهعليهوآله تلك القيّم في تعامله مع غير المسلمين ، فقد عاد جاراً
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٨ : ١٥٢ / ١ ، باب حكم المسلم إذا فجر بالنصرانية ، كتاب الحدود والتعزيرات.
(٢) النهاية : ٦٩٦.