التيسير في التفسير للقرآن - ج ١

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ١

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٤

اسمه في الكتاب لأسقط ما أسقط من ذكره ، وهذا وما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرّفون فيبلغ إليك وإلى أمثالك ، وعند ذلك قال الله عزوجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(١).

وأما قوله لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(٢) ، فأنك ترى أهل الملل المخالفة للإيمان ، ومن يجري مجراهم من الكفار ، مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية ، وأنه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير ، فإنّ الله تبارك وتعالى إنما عنى بذلك أنه جعله سبيلا لإنظار أهل هذه الدار ، لأنّ الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه ، سلموا وسلم أهل دارهم من سائر الخليقة ، وإن خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كان نبيهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية ، وإن الله علم من نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله ، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح ، وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

وليس من خليقة النبي ولا من شيمته أن يقول قولا لا معنى له ، فلزم الأمة أن تعلم أنه لما كانت النبوة والخلافة موجودتين في خلافة هارون ، ومعدومتين فيمن جعله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلته أنه قد استخلفه على أمته كما استخلف

__________________

(١) المائدة : ٣.

(٢) الأنبياء : ١٠٧.

٤١

موسى هارون حيث قال له : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي)(١) ، ولو قال لهم : لا تقلّدوا الإمامة إلّا فلانا بعينه وإلا نزل بكم العذاب ، لأتاهم العذاب ، وزال باب الإنظار والإمهال.

وبما أمر بسدّ باب الجميع وترك بابه ، ثم قال : ما سددت ولا تركت ، ولكني أمرت فأطعت. فقالوا : سددت بابنا وتركت لأحدثنا سنا بابه! فأمّا ما ذكروه من حداثة سنّه ، فإن الله لم يستصغر يوشع بن نون حيث أمر موسى عليه‌السلام أن يعهد بالوصية إليه وهو في سن ابن سبع سنين ، ولا استصغر يحيى وعيسى لما استودعهما عزائمه وبراهين حكمته ، وإنما فعل ذلك جلّ ذكره لعلمه بعاقبة الأمور ، وأن وصيّه لا يرجع بعده ضالا ولا كافرا.

وبأن عمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى سورة براءة فدفعها إلى من علم أن الأمة تؤثره على وصيّه ، وأمره بقراءتها على أهل مكّة ، فلما ولى من بين يديه أتبعه بوصيّه ، وأمره بارتجاعها منه والنفوذ إلى مكّة ليقرأها على أهلها ، وقال : إن الله جلّ جلاله أوحى إلي أن لا يؤدي عني إلا رجل مني ، دلالة منه على خيانة من علم أن الأمة اختارته على وصيّه ، ثم شفّع ذلك بضمّ الرجل الذي ارتجع سورة براءة منه ومن يؤازره في تقدّم المحل عند الأمّة إلى علم النفاق عمرو ابن العاص في غزاة ذات السلاسل وولاهما عمرو حرس عسكره ، وختم أمرهما بأن ضمهما عند وفاته إلى مولاه أسامة بن زيد ، وأمرهما بطاعته والتصريف بين أمره ونهيه ، وكان آخر ما عهد به في أمر أمته ، قوله : أنفذوا جيش أسامة ، يكرر ذلك على أسماعهم إيجابا للحجة عليهم في إيثار المنافقين على الصادقين.

ولو عددت كل ما كان من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في إظهار معايب المستولين

__________________

(١) الأعراف : ١٤٢.

٤٢

على تراثه لطال ، وإن السابق منهم إلى تقلد ما ليس له بأهل قام هاتفا على المنبر لعجزه عن القيام بأمر الأمّة ومستقيلا لما تقلده لقصور معرفته عن تأويل ما كان يسأل عنه ، وجهله بما يأتي ويذر ، ثم أقام على ظلمه ولم يرض باحتقاب عظيم الوزر في ذلك حتى عقد الأمر من بعده لغيره ، فأتى التالي بتسفيه رأيه ، والقدح والطعن على أحكامه ، ورفع السيف عمّن كان صاحبه وضعه عليه ، ورد النساء اللاتي كان سباهنّ إلى أزواجهنّ وبعضهن حوامل ، وقوله : قد نهيته عن قتال أهل القبلة فقال لي : إنك لحدب على أهل الكفر ، وكان هو في ظلمه لهم أولى باسم الكفر منهم ، ولم يزل يخطئه ويظهر الإزراء عليه ويقول على المنبر : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرّها ، فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه ، وكان يقول قبل ذلك قولا ظاهرا : ليته حسنة من حسناته ، ويود أنه كان شعرة في صدره ، وغير ذلك من القول المتناقض المؤكد لحجج الدافعين لدين الإسلام.

وأتى من أمر الشورى وتأكيده بها عقد الظلم والإلحاد والبغي والفساد حتى تقرر على إرادته ما لم يخف على ذي لبّ موضع ضرره ، ولم تطق الأمة الصبر على ما أظهره الثالث من سوء الفعل ، فعاجلته بالقتل ، فاتسع بما جنوه من ذلك لمن وافقهم على ظلمهم وكفرهم ونفاقهم محاولة مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الأمة.

كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوّه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحقّ القول على الكافرين ، ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله تعالى في كتابه بقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)(١) ، وذلك إذا لم يبق

__________________

(١) النور : ٥٥.

٤٣

من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له ، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها ويظهر دين نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على يديه على الدين كله ولو كره المشركون.

وأما ما ذكرته من الخطاب الدالّ على نهجين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإزراء به ، والتأنيب له ، مع ما أظهره الله تبارك وتعالى في كتابه من تفضيله إيّاه على سائر أنبيائه ، فإن الله عزوجل جعل لكل نبيّ ، عدوا من المجرمين ، كما قال في كتابه. وبحسب جلالة منزلة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ربه كذلك ، عظّم محنته لعدوه الذي عاد منه في شقاقه ونفاقه كل أذى ومشقّة لدفع نبوّته وتكذيبه إياه ، وسعيه في مكارهه ، وقصده لنقض كل ما أبرمه ، واجتهاده ومن مالأه على كفره وعناده ونفاقه وإلحاده في إبطال دعواه ، وتغيير ملّته ، ومخالفة سنته ، ولم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيّه ، وإيحاشهم منه ، وصدّهم عنه ، وإغرائهم بعداوته ، والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به ، وإسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل ، وكفر ذوي الكفر منه ، وممن وافقه على ظلمه وبغيه وشركه ، ولقد علم الله ذلك منهم ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا)(١) ، وقال : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ)(٢) ولقد أحضروا الكتاب كملا مشتملا على التأويل والتنزيل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، لم يسقط من حرف ألف ولا لام.

فلما وقفوا على ما بيّنه الله من أسماء أهل الحق والباطل ، وأن ذلك إن ظهر نقض ما عقدوه ، قالوا : لا حاجة لنا فيه ، نحن مستغنون عنه بما عندنا ، وكذلك قال : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ)(٣).

__________________

(١) فصلت : ٤٠.

(٢) الفتح : ١٥.

(٣) آل عمران : ١٨٧.

٤٤

ثم دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه وتأليفه وتضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم ، فصرخ مناديهم : من كان عنده شيء من القرآن فليأتنا به ، ووكلوا تأليفه ونظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء الله ، فألفه على اختيارهم ، وما يدل للمتأمل له على اختلال تمييزهم وافترائهم ، وتركوا منه ما قدّروا أنه لهم وهو عليهم ، وزادوا فيه ما ظهر تناكره وتنافره ، وعلم الله أن ذلك يظهر ويبين ، فقال : (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ)(١) ، وانكشف لأهل الاستبصار عوارهم وافتراؤهم ، والذي بدأ في الكتاب من الإزراء على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من فرية الملحدين ، ولذلك قال : (لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً)(٢).

ويذكر جل ذكره لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ)(٣) ، يعني أنه ما من نبيّ تمنى مفارقة ما يعاينه من نفاق قومه وعقوقهم والانتقال عنهم إلى دار الإقامة ، إلا ألقى الشيطان المعرّض لعداوته عند فقده ؛ في الكتاب الذي أنزل عليه ذمّه والقدح فيه الطعن عليه ، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله ، ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين ، ويحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال والعدوان ومشايعة أهل الكفر والطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام حتى قال : (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)(٤).

فافهم هذا ، واعمل به ، واعلم أنك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر مما سألت ، وأني قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير لعدم حملة

__________________

(١) النجم : ٣٠.

(٢) المجادلة : ٢.

(٣) الحج : ٥٢.

(٤) الفرقان : ٤٤.

٤٥

العلم ، وقلة الراغبين في التماسه ، وفي دون ما بينت لك بلاغ لذوي الألباب».

قال السائل : حسبي ما سمعت يا أمير المؤمنين! شكر الله لك على استنقاذي من عماية الشك وطخية الإفك ، وأجزل على ذلك مثوبتك ، إنه على كل شيء قدير. وصلّى الله أولا وآخرا على أنوار الهدايات وأعلام البريّات محمد وآله أصحاب الدلالات الواضحات وسلّم تسليما كثيرا (١).

وهنا لك روايات كثيرة لا مجال لذكرها سوف يأتي ذكرها إن شاء الله.

__________________

(١) الاحتجاج : ج ١ ، ص ٢٤٠.

٤٦

تفسير سورة

الفاتحة

سورة رقم ـ ١ ـ

٤٧
٤٨

سورة الفاتحة

س ١ : ما هي السبع المثاني؟ ولماذا سميت بهذا الاسم؟

الجواب / عن يونس بن عبد الرحمن ، عمّن رفعه. قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)(١)؟ فقال : «هي سورة الحمد ، وهي سبع آيات منها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وإنّما سميت المثاني لأنّها تثنّى في الركعتين (٢). ـ أي تذكر في كل صلاة مرتين.

س ٢ : ما هو فضل سورة الحمد؟

الجواب / سورة الحمد لها فضائل عديدة نذكر منها ما ورد :

١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لو قرئت الحمد على ميّت سبعين مرجة ، ثمّ ردّت فيه الروح ، ما كان عجبا» (٣).

٢ ـ وقال الإمام الباقر عليه‌السلام : «من لم يبرئه الحمد لم يبرئه شيء» (٤).

س ٣ : هل البسملة جزء من السورة؟ أي ـ هل تعتبر آية؟

الجواب / هنالك روايات عديدة تؤكد بأن البسملة جزء من السورة نذكر منها :

١ ـ ما أخرجه الدار قطني بسند صحيح عن علي عليه‌السلام : «أنّه سئل عن السبع المثاني ، فقال : الحمد لله ربّ العالمين ، فقيل له : إنما هي ستّ آيات ،

__________________

(١) الحجر : ٨٧.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ١٩ ، ح ٤.

(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٥٦ ، ح ١٦.

(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٢.

٤٩

فقال : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية» (١).

٢ ـ قال معاوية بن عمار : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إذا قمت للصلاة أقرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في فاتحة القرآن؟ قال : «نعم». قلت : فإذا قرأت فاتحة القرآن أقرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) مع السورة؟ قال : «نعم» (٢).

س ٤ : ما هو تفسير : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الجواب / وردت روايات عديدة في تفسير هذه الآية الشريفة عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام نذكر عدد منها اختصارا للبحث :

١ ـ قال عبد الله بن سنان : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، قال : الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله ، وروى بعضهم الميم ملك الله (٣) ، والله إله كل شيء والرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة (٤).

٢ ـ عن صفوان بن يحيى ، عمّن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، فقال : الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم ملك الله ، قال : قلت : الله؟ ، قال : الألف ألاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا واللام إلزام الله خلقه ولايتنا ، قلت : فالهاء؟ قال : هوان لمن خالف محمدا وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، قلت : الرحمن؟ ، قال : بجميع العالم ، قلت : الرحيم؟ ، قال : بالمؤمنين خاصة (٥).

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ٣١٢.

(٢) الإتقان : مجلد ١ ، ص ١٣٦ نقلا عن البيان ص ٤٤١.

(٣) الراوي هو أبو بصير ، في تفسير القمي : ج ١ ، ص ٣٩.

(٤) الكافي : ج ١ ، ص ٨٩.

(٥) معاني الأخبار الصدوق : ص ٣ ، ح ١.

٥٠

٣ ـ قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «الرحمن اسم خاص بصفة عامة والرحيم اسم عام بصفة خاصّة» (١).

س ٥ : ما هو تفسير : (الْحَمْدُ لِلَّهِ)؟

الجواب / جاء في العيون عن علي عليه‌السلام أنه سئل عن تفسيرها ، فقال : هو أن الله عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملا إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف ، فقال : قولوا الحمد لله على ما أنعم به علينا (٢).

وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام : هي شاملة لجميع أنواع المحامد لله عزوجل ، وذلك لأن الألف واللام في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) يستغرق الجنس وتفرّده تعالى بالحمد (٣).

س ٦ : ما هو تفسير : (رَبِّ الْعالَمِينَ)؟

الجواب / قال الإمام علي عليه‌السلام في تفسير (رَبِّ الْعالَمِينَ) : «ربّ العالمين هم الجماعات ، من كلّ مخلوق من الجمادات والحيوانات» (٤).

وقال الإمام الصادق عليه‌السلام : في (رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ أي ـ خالق الخلق (٥).

وقال علي عليه‌السلام : و (رَبِّ الْعالَمِينَ) مالكهم ، وخالقهم ، وسائق أرزاقهم إليهم ، من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، فالرزق مقسوم ، وهو يأتي

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١ ، ص ٢١.

(٢) الميزان : مجلد الأول ، ص ٢٧.

(٣) كشف الغمة : ج ٢ ، ص ١١٨.

(٤) تفسير نور الثقلين : ج ١ ، ص ١٧.

(٥) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٨.

٥١

ابن آدم على أيّ مسيرة سارها من الدنيا ، ليس بتقوى متق بزائدة ، ولا فجور فاجر بناقصه ، وبينه ستر وهو طالبه ، فلو أنّ أحدكم يفرّ من رزقه ، لطلبه رزقه كما يطلبه الموت ... (١).

وقال الإمام الرضا عليه‌السلام : (ربّ العالمين) : توحيد وتحميد له ، وإقرار بأنّه الخالق المالك لا غيره (٢).

س ٧ : ما هو تفسير : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)؟

الجواب / قد مر ذكرها سابقا ، ونذكر هذه الرواية تبركا بحديث الإمام الصادق عليه‌السلام حيث قال : (الرَّحْمنِ) بجميع خلقه (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين خاصّة» (٣).

س ٨ : ما هو تفسير : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)؟ وما الفرق بين (مالِكِ) و (ملك)؟

الجواب / قال الإمام الصادق عليه‌السلام : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) : «يوم الحساب ، والدليل على ذلك قوله : (وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ)(٤) يعني يوم الحساب (٥).

وقد اختلف في قراءتها فقيل تقرأ (مالِكِ) كما ورد في هذه الرواية ، عن محمد بن عليّ الحلبيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كان يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٦).

__________________

(١) علل الشرائع : ج ١ ، ص ٤١٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ، ص ٢٠٣ ، ح ٩٢٧.

(٣) تفسير القمّي : ج ١ ، ص ٢٨.

(٤) الصافات : ٢٠.

(٥) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٨.

(٦) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٢٢ ، ح ٢١.

٥٢

وقيل : تقرأ «ملك» ، فعن داود بن فرقد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقرأما لا أحصي (١) : ملك يوم الدين (٢).

أما الفرق في المعنى ، قال الشيخ الطوسي «رحمه‌الله» : قرأعاصم والكسائي وخلف (مالِكِ) والباقون (ملك) ، من قرأ (مالِكِ) معناه أنه مالك يوم الدّين والحساب لا يملكه غيره ولا يليه سواه ، ومن قرأ (ملك) معناه أنّه الملك يومئذ لا ملك غيره (٣).

س ٩ : ما هو تفسير : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)؟

الجواب / قال الإمام الرضا عليه‌السلام : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) رغبة وتقرب إلى الله تعالى ذكره ، وإخلاص له بالعمل دون غيره. (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) استزادة من توفيقه ، وعبادته ، واستدامة لما أنعم عليه ونصره (٤).

س ١٠ : ما هو تفسير : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)؟

الجواب / وردت روايات عديدة عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام تبين تفسير هذه الآية وارجح المعاني ما ورد في (المعاني) عن الصادق عليه‌السلام قال : هي الطريق إلى معرفة الله ، وهما صراطان ، صراط في الدنيا وصراط في الآخرة ، فأما الصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة ، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنّم في الآخرة ، ومن لم يعرفه في الدنيا زلّت قدمه في الآخرة فتردى في نار جهنم (٥).

__________________

(١) أي لمرات عديدة سمعته يقرأ «ملك يوم الدين».

(٢) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٢٢ ، ح ٢٢.

(٣) التبيان : الطوسي ، ج ١ ، ص ٣٣.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ، ص ٢٠٣ ، ح ٩٢٧.

(٥) الميزان : ج ١ ، ص ٤١.

٥٣

س ١١ : هل وردت روايات عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام تصف الصراط؟!

الجواب / نعم ، وردت عدة روايات تصف لنا الصراط نذكر منها وصفان :

١ ـ قال حفص بن غياث : وصف أبو عبد الله ـ الصادق عليه‌السلام ـ الصراط ، فقال : «ألف سنة صعود ، وألف سنة هبوط ، وألف سنة حدال (١)» (٢).

٢ ـ قال سعدان بن مسلم : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصراط ، قال : «هو أدقّ من الشعر ، وأحدّ من السيف ، فمنهم من يمرّ (٣) عليه مثل البرق ، ومنهم من يمرّ عليه مثل عدو الفرس ، ومنهم من يمرّ عليه ماشيا ، ومنهم من يمر عليه حبوا (٤) ، متعلّقا ، فتأخذ النّار منه شيئا وتترك بعضا» (٥).

س ١٢ : ما هو تفسير : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)؟

الجواب / قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام : «قول الله عزوجل في الحمد : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) يعني محمدا وذريّته «صلوات الله عليهم» (٦).

__________________

(١) حدل : مشى في ميل إلى أحد جانبيه. (المعجم الوسيط ـ حدل ـ ج ١ ، ص ١٦١).

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٩.

(٣) يمشي.

(٤) حبا الصبي على استه حبوا ، إذا زحف. «الصحاح ـ حبا ـ ج ١٦).

(٥) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٩.

(٦) شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ٥٧ ، ح ٨٦.

٥٤

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قول الله عزوجل (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) ، قال : «شيعة عليّ الذين أنعمت عليهم بولاية عليّ بن أبي طالب لم يغضب عليهم ولم يضلّوا» (١).

س ١٣ : من هم المغضوب عليهم ، ومن هم الضالون ، في قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)؟

الجواب / وردت روايات عديدة عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام تبين لنا من هم نذكر من تلك الروايات ما يسهل للقارىء فهم معناه :

١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) : النصّاب ، و (الضَّالِّينَ) : اليهود والنصارى (٢).

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) : النصّاب ، و (الضَّالِّينَ) : الشكّاك الذين لا يعرفون الإمام» (٣).

٣ ـ وجاء أيضا عنه عليه‌السلام قال : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) اليهود ، وغير (الضَّالِّينَ) النّصارى» (٤).

٤ ـ عن الإمام العسكري أبي محمّد عليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنّ الله أمر عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم ، وهم الصّدّيقون ، والشّهداء ، والصّالحون. وأن يستعيذوا به من طريق المغضوب عليهم ، وهم اليهود الذين قال الله فيهم : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ

__________________

(١) شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ٦٦ ، ح ٥.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٩.

(٣) نفس المصدر.

(٤) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٢٢ ، ح ٢٢.

٥٥

اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ)(١) ، وأن يستعيذوا من طريق الضالّين ، وهم الذين قال الله فيهم : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)(٢) ، وهم النصارى.

ثم قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كلّ من كفر بالله فهو مغضوب عليه ، وضالّ عن سبيل الله عزوجل ، وقال الرضا عليه‌السلام كذلك» (٣).

__________________

(١) المائدة : ٦٠.

(٢) المائدة : ٧٧.

(٣) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ص ٥٠ ، ح ٢٣.

٥٦

تفسير

سورة البقرة

سورة رقم ـ ٢ ـ

٥٧
٥٨

سورة البقرة

س ١ : ما هو فضل سورة البقرة؟

الجواب / سورة البقرة لها فضائل عديدة نذكر منها :

١ ـ روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه سئل أيّ سور القرآن أفضل؟ قال : «البقرة» ، قيل : أيّ آية البقرة أفضل؟ قال : «آية الكرسي» (١).

أقول : أفضلية هذه السورة تعود على ما يبدو إلى جامعيتها لعدة أمور ، وأفضلية آية الكرسي تعود إلى محتواها التوحيدي ... وهذا لا ينافي مع أفضلية سور أخرى من جهات أخرى.

٢ ـ روي عن علي بن الحسين عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأأربع آيات من أوّل البقرة ، وآية الكرسي ، وآيتين بعدها ، وثلاث آيات من آخرها ، لم ير في نفسه وماله شيئا يكرهه ولا يقربه الشيطان ، ولا ينسى القرآن» (٢).

س ٢ : ما هو سبب تسميتها (سورة البقرة)؟

الجواب / سبب تسميتها بالبقرة ، فمأخوذة من قصة بقرة بني إسرائيل ، التي سيأتي شرحها في الآيات (٦٧ ـ ٧٣) إن شاء الله.

__________________

(١) نور الثقلين : ج ١ ، ص ٢٦.

(٢) مجمع البيان : ج ١ ، ص ٣٢.

٥٩

س ٣ : ما هو معنى : (الم)؟ [البقرة : ١]؟!

الجواب / اختلف العلماء في الحروف المعجمة ، المفتتحة بها السور ، فذهب بعضهم إلى أنها من المتشابهات التي استأثر الله تعالى بعلمها ، ولا يعلم تأويلها إلّا هو ، وهذا هو المروي عن أئمتنا عليهم‌السلام ، وروت العامة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال : «إنّ لكلّ كتاب صفوة ، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجّي» (١).

وقال سفيان بن سعيد الثوريّ : قلت لجعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام : يابن رسول الله ، ما معنى قول الله عزوجل : (الم)؟ ، قال عليه‌السلام : «أمّا (الم) في أوّل البقرة ، فمعناه أنا الله الملك» (٢).

وعنه عليه‌السلام أيضا ، قال : (الم) هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المقطّع في القرآن ، الذي يؤلّفه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام ، فإذا دعا به أجيب» (٣) ...

س ٤ : ما هو تفسير :

(ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣) [البقرة : ٢ ـ ٣]؟

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله : (الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) ، قال : «كتاب عليّ لا ريب فيه». (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) قال : «المتّقون : شيعتنا». (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١ ، ص ١١٢.

(٢) معاني الأخبار : ص ٢٢ ، ح ١.

(٣) معاني الأخبار : ص ٢٣ ، ح ١.

٦٠