التيسير في التفسير للقرآن - ج ١

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ١

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٤

ولا تسلكوا في التكذيب والإنكار طريقتهم ، فيحل بكم من العذاب ما حل بهم. وأراد بالمكذبين الجاحدين للبعث والنشور ، والثواب والعقاب ، جازاهم الله تعالى في الدنيا بعذاب الاستئصال ، وفي الآخرة بأليم العذاب ، وعظيم النكال ... (١).

س ١١٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (١٣٨) [آل عمران : ١٣٨]؟!

الجواب / ١ ـ جاء في (مناقب ابن شهر آشوب) : إنّ الله تعالى سمّى عليّا عليه‌السلام مثل ما سمّى به كتبه ، قال في القرآن (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) ، ولعليّ عليه‌السلام (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ)(٢)(٣).

٢ ـ قال عمارة بن زيد الواقدي : حجّ هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين ، وكان حجّ في تلك السنة محمّد بن عليّ الباقر وابنه جعفر عليه‌السلام ، فقال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام في بعض كلامه : «فقال له هشام : إنّ عليا كان يدّعي علم الغيب والله لم يطلع على غيبه أحدا ، فكيف ادّعى ذلك ، ومن أين؟

فقال أبي : إنّ الله أنزل على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا بيّن فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، في قوله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(٤) ، (وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) وفي قوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ)(٥) ، وفي قوله : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ)(٦) وفي قوله : (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٧) وأوحى إلى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا يبقي

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٣٩٧.

(٢) هود : ١٧.

(٣) المناقب : ج ٣ ، ص ٢٤٠.

(٤) النحل : ٨٩.

(٥) يس : ١٢.

(٦) الأنعام : ٣٨.

(٧) النمل : ٧٥.

٤٠١

في غيبه وسرّه ومكنون علمه شيئا إلّا يناجي به عليّا ، وأمره أن يؤلّف القرآن من بعده ، ويتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه من دون قومه ، وقال لأهله وأصحابه : حرام أن تنظروا إلى عورتي غير أخي عليّ ، فهو منّي وأنا منه ، له ما لي وعليه ما عليّ ، وهو قاضي ديني ومنجز وعدي. وقال لأصحابه : عليّ يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلّا عند عليّ عليه‌السلام ، ولذلك قال لأصحابه : أقضاكم عليّ. وقال عمر بن الخطّاب : لولا عليّ لهلك عمر ، أفيشهد له عمر ويجحد غيره؟!» (١).

س ١١٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٣٩) [آل عمران : ١٣٩]؟!

الجواب / أقول : في هذه الآية حذر المسلمون من أن يعتريهم اليأس والفتور بسبب النكسة في معركة واحدة ، وأن يتملكهم الحزن وييأسوا من النصر النهائي ، إذ قال سبحانه : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

أجل لا يحسن بهم أن يشعروا بالوهن أو يتملكهم الحزن لما حدث ، فالرجال الواعون هم الذين يستفيدون الدروس من الهزائم كما يستفيدونها من الانتصارات وهم الذين يعترفون في ضوء النكسات على نقاط الضعف في أنفسهم أو مخططاتهم ، ويقفون على مصدر الخطأ والهزيمة ، ويسعون لتحقيق النصر النهائي بالقضاء على تلك الثغرات والنواقص والوهن المذكور في الآية.

__________________

(١) دلائل الإمامة : ص ١٠٥.

٤٠٢

هو كما في اللغة ـ كل ضعف يصيب الجسم أو الروح أو يصيب الإرادة والإيمان.

على أن عبارة (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) عبارة غنية بالمعاني حرية بالنظر والتأمل. إذ هي تعني أن هزيمتكم إنما كانت بسبب فقدانكم لروح الإيمان وآثارها ، فلو أنكم لم تتجاهلوا أوامر الله سبحانه لم يصبكم ما أصابكم ، ولم يلحقكم ما لحقكم ، ولكن لا تحزنوا مع ذلك فإنكم إذا ثبتم على طريق الإيمان كان النصر النهائي حليفكم ، والعزيمة في معركة واحدة لا تعني الهزيمة النهائية (١).

س ١١٨ : ما هو سبب نزول ومعنى قوله تعالى :

(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (١٤٠) [آل عمران : ١٤٠]؟!

الجواب / في تفسير علي بن إبراهيم : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رجع من أحد فلما دخل المدينة نزل عليه جبرائيل عليه‌السلام فقال : يا محمد إن الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ولا يخرج معك إلا من به جراحة ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مناديا ينادي : يا معشر المهاجرين والأنصار من كانت له جراحة فليخرج ، ومن لم يكن به جراحة فليقم فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها فأنزل الله على نبيه (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) وقال عزوجل : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) فخرجوا على ما بهم من الألم والجرح (٢).

__________________

(١) الأمثل : ج ٢ ، ص ٥٤٨.

(٢) تفسير نور الثقلين : ج ١ ، ص ٣٩٥.

٤٠٣

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) : ما زال منذ خلق الله آدم دولة لله ودولة لإبليس ، فأين دولة الله أما هو إلا قائم واحد (١).

س ١١٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) (١٤١) [آل عمران : ١٤١]؟!

الجواب / عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، بإسناد له يرسله ، إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : «والله لتمحّصنّ ، والله لتميّزنّ ، والله لتغربلنّ حتّى لا يبقى منكم إلّا الأندر».

قلت : وما الأندر؟ قال عليه‌السلام : «البيدر ـ أي كدس القمح ـ وهو أن يدخل الرجل بيته الطعام يحيّن عليه ، ثم يخرجه قد أكل بعضه بعضا ، فلا يزال ينقّيه ، ثمّ يكنّ عليه ، ثم يخرجه ، حتى يفعل ذلك ثلاث مرّات ، حتّى يبقى ما لا يضرّه شيء» (٢).

س ١٢٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (١٤٢) [آل عمران : ١٤٢]؟!

الجواب / ١ ـ قال الإمام الصادق عليه‌السلام ـ لداود الرقيّ عند ما سأله عن هذه الآية : «إن الله هو أعلم بما هو مكوّنه قبل أن يكوّنه ، وهم ذرّ ، وعلم من يجاهد ممّن لا يجاهد ، كما علم أنّه يميت خلقه قبل أن يميته ولم يرهم موتهم وهم أحياء» (٣).

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) البحار : ج ٥ ، ص ٢١٦ ، ح ١.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ١٩٩ ، ح ١٤٧.

٤٠٤

٢ ـ عبد الله بن جعفر الحميريّ : بإسناده عن جعفر ـ الصادق ـ عليه‌السلام ، قال : كان يقول : «والله [لا يكون] الذي تمدّون إليه أعناقكم حتّى تميّزوا وتمحّصوا ، ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء ، ولا يبقى منكم إلّا الأندر ، ثمّ تلا هذه الآية : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)(١).

س ١٢١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (١٤٣) [آل عمران : ١٤٣]؟!

الجواب / في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) الآية : «فإنّ المؤمنين لمّا أخبرهم الله بالذي فعل بشهدائهم يوم بدر ومنازلهم في الجنّة رغبوا في ذلك ، فقالوا : اللهمّ أرنا قتالا نستشهد فيه. فأراهم الله إيّاه يوم أحد ، فلم يثبتوا إلّا من شاء الله منهم ، فذلك قوله : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ)(٢).

س ١٢٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (١٤٤) [آل عمران : ١٤٤]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو المقدام : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إنّ العامّة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله عزّ ذكره ، وما كان

__________________

(١) قرب الإسناد : ص ١٦٢.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١١٩.

٤٠٥

الله تعالى ليفتن أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده.

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «أو ما يقرءون كتاب الله؟ أوليس الله يقول : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)؟

قال : فقلت له : إنّهم يفسّرون على وجه آخر.

فقال : «أوليس قد أخبر الله عزوجل عن الذين من قبلهم من الأمم أنّهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البيّنات ، حيث قال : (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ)(١)».

٢ ـ كان عليّ عليه‌السلام يقول في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله عزوجل يقول : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ولئن مات أو قتل لأقاتلنّ على ما قاتل عليه حتّى أموت ، والله إنّي لأخوه وابن عمّه ووارثه ، فمن أحقّ به منّي؟» (٢).

٣ ـ قال سدير : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «كان الناس أهل ردّة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا ثلاثة».

فقلت : ومن الثلاثة؟

قال : «المقداد ، وأبو ذرّ ، وسلمان الفارسيّ» ثمّ عرف أناس بعد يسير ،

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٧٠ ، ح ٣٩٨ ، والآية من سورة البقرة : ٢ / ٢٥٣.

(٢) الأمالي ٢ : ١١٦ ، ترجمة الإمام علي عليه‌السلام لابن عساكر ١ : ١٢٧ / ١٥٣ ، الرياض النضرة ٣ : ٢٠٦ ، فرائد السمطين ١ : ٢٢٤ / ١٧٥.

٤٠٦

فقال : «هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى ، وأبوا أن يبايعوا حتّى جاءوا بأمير المؤمنين عليه‌السلام مكرها فبايع ، وذلك قول الله : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(١).

٤ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا قبض صار الناس كلّهم أهل جاهليّة إلّا أربعة : عليّ عليه‌السلام ، والمقداد ، وسلمان ، وأبو ذرّ» فقلت : فعمّار؟ فقال : «إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة» (٢).

٥ ـ قال عبد الصّمد بن بشير ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «تدرون مات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو قتل ، إنّ الله يقول : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) فسمّ قبل الموت ، إنّهما سقتاه» فقلنا : إنّهما وأبويهما شرّ من خلق الله (٣).

٦ ـ قال الحسين بن المنذر ، سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) القتل أو الموت؟ قال : «يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا» (٤).

س ١٢٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (١٤٦) [آل عمران : ١٤٥ ـ ١٤٦]؟!

الجواب / ١ ـ قال منصور بن الصّيقل : سمعت أبا عبد الله جعفر بن

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ١٩٩ ، ح ١٤٨.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ١٩٩ ، ح ١٤٩.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٠ ، ح ١٥٢.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٠ ، ح ١٥٣.

٤٠٧

محمّد عليهما‌السلام يقرأ : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ (١) مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) قال : «ألوف وألوف ـ ثمّ قال ـ إي والله يقتلون» (٢).

٢ ـ قال الشيخ المفيد في (الاختصاص) : في حديث سبعين منقبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام دون الصحابة ، بإسناده عن ابن دأب ، وذكر مناقبه إلى أن قال : ثمّ ترك الوهن والاستكانة ، إنّه انصرف من أحد وبه ثمانون جراحة ، تدخل الفتائل من موضع وتخرج من موضع ، فدخل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عائدا وهو مثل المضغة على نطع (٣) ، فلمّا رآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى وقال له : «إنّ رجلا يصيبه هذا في الله تعالى لحقّ على الله أن يفعل به ويفعل» فقال مجيبا له وبكى : «بأبي أنت وأمّي ، الحمد لله الذي لم يرني ولّيت عنك ولا فررت ، بأبي أنت وأمّي كيف حرمت الشهادة!» قال : «إنّها من ورائك إن شاء الله».

قال : فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ أبا سفيان قد أرسل موعده : بيننا وبينكم حمراء الأسد» فقال : «بأبي أنت وأمي ، والله لو حملت على أيدي الرجال ما تخلّفت عنك» قال : فنزّل القرآن : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) ونزلت الآية فيه قبلها : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ).

ثمّ ترك الشكاية من ألم الجراحات ، وشكت المرأتان إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) قال الطبرسيّ (رحمه‌الله) : قرأأهل البصرة وابن كثير ونافع (قتل) بضم القاف بغير ألف ، وهي قراءة ابن عبّاس ، والباقون «قاتَلَ» بألف ، وهي قراءة ابن مسعود. «مجمع البيان ج ٢ ، ص ٨٥٣».

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٠ ، ح ١٥٣.

(٣) النّطع : بساط من الجلد. «مجمع البحرين ـ نطع ـ ج ٤ ، ص ٤٩٧».

٤٠٨

ما يلقى ، وقالتا : يا رسول الله ، قد خشينا عليه ممّا تدخل الفتائل في موضع الجراحات من موضع إلى موضع ، وكتمانه ما يجد من الألم. قال : فعدّ ما به من أثر الجراحات عند خروجه من الدنيا ، فكانت ألف جراحة من قرنه إلى قدمه (صلوات الله عليه) (١).

٣ ـ قال أبو عليّ الطّبرسيّ : الرّبّيّون عشرة آلاف. وهو المرويّ عن أبي جعفر عليه‌السلام ، يقول الله تعالى : (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ) من قتل نبيّهم (٢).

وقال أبو عليّ الطّبرسي : من أسند الضمير الذي في «قتل» إلى «نبي» ، فالمعنى : كم من نبيّ قتل قبل ذلك النبيّ ، وكان مع ذلك النبيّ جماعة كثيرة ، فقاتل أصحابه بعده وما وهنوا وما فتروا. وقال : فعلى هذا يكون النبيّ المقتول والذين معه لا يهنون ، بيّن الله سبحانه لو كان قتل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أرجف بذلك يوم أحد ، لما أوجب ذلك أن يضعفوا ويهنوا ، كما لم يهن من كان مع الأنبياء بقتلهم. قال : وهو المرويّ عن أبي جعفر عليه‌السلام (٣).

س ١٢٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧) فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٤٨) [آل عمران : ١٤٧ ـ ١٤٨]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم : قوله تعالى : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ) إلى قوله : (فِي أَمْرِنا) يعنون خطاياهم (٤).

__________________

(١) الاختصاص : ١٥٨.

(٢) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٨٥٤.

(٣) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٨٥٤.

(٤) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٢٠.

٤٠٩

أقول : إن الربيين المذكورين في الآية السابقة عند ما كانوا يواجهون أية مشكلات بسبب بعض الأخطاء أو العثرات وعدم الانضباط لم يفكروا في الاستسلام للأمر الواقع ، أو يحدثوا أنفسهم بالفرار أو الارتداد عن الدين والعقدية بل كانوا يتضرعون إلى الله يطلبون منه الصبر والثبات. والعون في المدد ويقولون (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).

إنهم بمثل هذا التفكر الصحيح والعمل الصالح كانوا يحصلون على ثوابهم دون تأخير ، وهو ثواب مزدوج ، أما في الدنيا فالنصر والفتح ، وأما في الآخرة فما أعد الله للمؤمنين المجاهدين الصادقين : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ).

ثم إنه سبحانه يعد هؤلاء ـ في نهاية هذه الآية ـ من المحسنين إذ يقول : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ...

ولقد عبرت الآية الثانية عن الجزاء الدنيوي بثواب الدنيا ، ولكنها عبرت عن الجزاء الأخروي بحسن ثواب الآخرة وهذه إشارة إلى أن ثواب الآخرة يختلف عن ثواب الدنيا اختلافا كليا ، لأن ثواب الدنيا مهما يكن فهو ممزوج بالفناء والعدم ، ويقترن ببعض المنغصات والمكروهات الذي هو من طبيعة الحياة الدنيا ، في حين أن ثواب الآخرة حسن كله ، إنه خير خالص لا فناء فيه ولا عناء ، ولا انقطاع فيه ولا انتهاء ، ولا كدورات فيه ولا منغصات ، ولا متاعب ولا مزعجات.

٤١٠

س ١٢٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (١٤٩) بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١٥٤) [آل عمران : ١٤٩ ـ ١٥٤]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عليّ الطّبرسيّ في قوله : (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) قيل : نزلت في المنافقين إذ قالوا للمؤمنين يوم أحد ، يوم الهزيمة : ارجعوا إلى إخوانكم ، وارجعوا إلى دينهم ، عن عليّ عليه‌السلام (١).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٨٥٦.

٤١١

٢ ـ قال عليّ بن إبراهيم : قوله تعالى : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) يعني قريشا (بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ).

قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) يعني أن ينصركم الله عليهم (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) إذ تقتلونهم بإذن الله (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا) يعني أصحاب عبد الله ابن جبير الذين تركوا مراكزهم وفرّوا للغنيمة.

وقوله تعالى : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) يعني عبد الله بن جبير وأصحابه الذين بقوا حتّى قتلوا (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) أي يختبركم (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ثم ذكر المنهزمين من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) إلى قوله : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(١).

٣ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ) «فأمّا الغمّ الأوّل فالهزيمة والقتل ، وأمّا الآخر فإشراف خالد بن الوليد عليهم ، يقول : (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من الغنيمة (وَلا ما أَصابَكُمْ) يعني قتل إخوانهم (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِ) يعني الهزيمة» (٢).

٤ ـ العيّاشي : عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وذكر يوم أحد : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كسرت رباعيته ، وإنّ الناس ولّوا مصعدين في الوادي ، والرسول يدعوهم في أخراهم فأثابهم غمّا بغمّ ، ثمّ إنزل عليهم النّعاس».

فقلت : النعاس ما هو؟ قال : «الهمّ ، فلمّا استيقظوا قالوا : كفرنا. وجاء أبو سفيان ، فعلا فوق الجبل بإلهه هبل ، فقال : اعل هبل. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٢٠.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٢٠.

٤١٢

يومئذ : الله أعلى وأجلّ. فكسرت رباعية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشكّت لثّته ، وقال : نشدتك يا ربّ ما وعدتني ، فإنّك إن شئت لم تعبد.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليّ ، أين كنت؟ فقال : يا رسول الله ، لزقت (١) بالأرض. فقال : ذاك الظنّ بك ، فقال : يا عليّ ، ائتني بماء أغسل عنّي. فأتاه في صحفة (٢) ، فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عافه. ائتني في يدك. فأتاه بماء في كفّه ، فغسل رسول الله عن لحيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٣).

س ١٢٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٥٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١٥٦) [آل عمران : ١٥٥ ـ ١٥٦]؟!

الجواب / ١ ـ قال أحدهما عليهما‌السلام ، في قوله : (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) : «فهو في عقبة بن عثمان ، وعثمان بن سعد» (٤).

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لما انهزم الناس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم أحد ، نادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله قد وعدني أن يظهرني على الدين كلّه. فقال له بعض المنافقين ، وسمّاهما : فقد هزمنا وتسخر بنا!» (٥).

__________________

(١) أي لم أخرّ ولم أبرح مكاني.

(٢) الصّحفة : القصعة الكبيرة.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠١ ، ح ١٥٨.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠١ ، ح ١٥٨.

(٥) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠١ ، ح ١٥٨.

٤١٣

٣ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا). قال : «هم أصحاب العقبة» (١).

٤ ـ قال عليّ بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ) : أي خدعهم حتى طلبوا الغنيمة (بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) قال : بذنوبهم (وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ).

ثمّ قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا) يعني عبد الله بن أبيّ وأصحابه الذين قعدوا عن الحرب (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٢).

س ١٢٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (١٥٨) [آل عمران : ١٥٧ ـ ١٥٨]؟!

الجواب / ١ ـ قال جابر : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن هذه الآية في قول الله عزوجل : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ) قال : فقال : «أتدري ما سبيل الله»؟ قلت : لا والله حتّى أسمعه منك.

قال : «سبيل الله : عليّ عليه‌السلام وذرّيّته ، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله ، ومن مات في ولايته مات في سبيل الله» (٣).

وفي رواية أخرى قال : «يا جابر ، أتدري ما سبيل الله»؟ قلت : لا والله

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠١ ، ح ١٥٨.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٢١.

(٣) معاني الأخبار : ص ١٦٧ ، ح ١.

٤١٤

إلّا إذا سمعت منك. فقال : «القتل في سبيل الله في ولاية عليّ عليه‌السلام وذرّيّته ، فمن قتل في ولايته قتل في سبيل الله ، وليس من أحد يؤمن بهذه الآية إلّا وله قتلة وميتة ، إنّه من قتل ينشر حتى يموت ، ومن يموت ينشر حتّى يقتل» (١).

٢ ـ قال زرارة : كرهت أن أسأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الرّجعة ، فاحتلت مسألة لطيفة لأبلغ بها حاجتي منها ، فقلت : أخبرني عمّن قتل ، مات؟ قال : «لا ، الموت موت ، والقتل قتل».

قلت : ما أحد يقتل إلّا وقد مات؟ قال : «قد فرّق بين الموت والقتل في القرآن ، فقال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ)(٢) وقال : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) فليس كما قلت ـ يا زرارة ـ فالموت موت والقتل قتل ، وقد قال الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا)(٣)».

قال : قلت : إنّ الله عزوجل يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٤) أفرأيت من قتل لم يذق الموت؟ فقال : «ليس من قتل بالسّيف كمن مات على فراشه ، إنّ من قتل لا بدّ أن يرجع إلى الدنيا حتّى يذوق الموت» (٥).

وقال زرارة : سألت أبا جعفر عليه‌السلام ، في قول الله : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) وقد قال الله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٦)؟

__________________

(١) مختصر بصائر الدرجات : ص ٢٥.

(٢) آل عمران : ١٤٤.

(٣) التوبة : ١١١.

(٤) آل عمران : ١٨٥ ، الأنبياء : ٣٥ ، العنكبوت : ٥٧.

(٥) مختصر بصائر الدرجات : ١٩.

(٦) آل عمران : ١٨٥ ، الأنبياء : ٣٥ ، العنكبوت : ٥٧.

٤١٥

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «قد فرّق الله بينهما ـ ثمّ قال ـ : أكنت قاتلا رجلا لو قتل أخاك»؟ قلت : نعم. قال : «فلو مات موتا ، أكنت قاتلا به أحدا؟» قلت : لا. قال : «ألا ترى كيف فرّق الله بينهما؟» (١).

س ١٢٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (١٥٩) [آل عمران : ١٥٩]؟!

الجواب / ١ ـ قال صفوان : استأذنت لمحمّد بن خالد على الرضا أبي الحسن عليه‌السلام ، وأخبرته أنّه ليس يقول بهذا القول ، وإنّه قال : والله لا أريد بلقائه إلّا لأنتهي إلى قوله : «أدخله» فدخل ، فقال له : جعلت فداك ، إنّه كان فرط منّي شيء ، وأسرفت على نفسي ، وكان فيما يزعمون أنّه كان يعيبه ، فقال : وأنا أستغفر الله ممّا كان منّي فأحبّ أن تقبل عذري وتغفر لي ما كان منّي.

فقال : «نعم ، إن لم أقبل كان إبطال ما يقول هذا وأصحابه ـ وأشار إليّ بيده ـ ومصداق ما يقول الآخرون ـ يعني المخالفين ـ قال الله لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ). ثمّ سأله عن أبيه ، فأخبره أنّه قد مضى ، واستغفر له (٢).

٢ ـ قال علي بن مهزيار : كتب إليّ أبو جعفر عليه‌السلام أن «سل فلانا أن

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٢ ، ح ١٦١.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٣ ، ح ١٦٣.

٤١٦

يشير عليّ ويتخيّر لنفسه (١) ، فهو يعلم ما يجوز في بلده ، وكيف يعامل السّلاطين ، فإنّ المشورة مباركة ، قال الله لنبيّه في محكم كتابه : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) فإن كان ما يقول ممّا يجوز كنت أصوّب رأيه ، وإن كان غير ذلك رجوت أن أضعه على الطريق الواضح إن شاء الله (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) يعني الاستخارة» (٢).

س ١٢٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٦٠) [آل عمران : ١٦٠]؟!

الجواب / ١ ـ قال عبد الله بن الفضل الهاشميّ ، سألت أبا عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، عن قوله عزوجل : (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ)(٣) وقوله عزوجل : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ).

فقال : «إذ فعل العبد ما أمره الله عزوجل به من الطاعة كان فعله وفقا لأمر الله عزوجل وسمّي العبد موفّقا ، وإذا أراد العبد أن يدخل في شيء من معاصي الله فحال الله تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها ، كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره ، ومتى خلّى بينه وبين المعصية فلم يحل بينه وبينها حتّى يركبها ، فقد خذله ولم ينصره ولم يوفّقه» (٤).

__________________

(١) لعلّ المراد من قوله عليه‌السلام (يشير عليّ) أي سله يظهر لي ما عنده من مصلحتي في أمر كذا (ويتخير لنفسه) أي يتخيّر لي كتخيّره لنفسه ، كما هو شأن الأخ المحبّ المحبوب الذي يخشى الله (تعالى).

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٤ ، ح ١٦٥.

(٣) هود : ٨٨.

(٤) التوحيد : ٢٤٢ / ١.

٤١٧

س ١٣٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١٦١) [آل عمران : ١٦١]؟!

الجواب / قال الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام ، في حديث طويل : «ألم ينسبوا نبيّنا محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أنّه يوم بدر أخذ [لنفسه] من المغنم قطيفة حمراء ، حتّى أظهره الله عزوجل على القطيفة ، وبّرأ نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الخيانة ، وأنزل في كتابه : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ)؟!» (١).

وقال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الغلول كلّ شيء غلّ من الإمام ، وأكل مال اليتيم شبهة ، والسّحت شبهة» (٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) : «فصدق الله ، لم يكن الله ليجعل نبيّا غالّا (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ومن غلّ شيئا رآه يوم القيامة في النار ، ثمّ يكلّف أن يدخل إليه فيخرجه من النار» (٣).

س ١٣١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (١٦٣) [آل عمران : ١٦٢ ـ ١٦٣]؟!

الجواب / قال عمّار السّاباطيّ : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ

__________________

(١) الأمالي : ٩٢ / ٣ ، سنن أبي داود ج ٤ ، ٣١ / ٣٩٧١ ، سنن الترمذي ٥ : ٢٣٠ / ٣٠٠٩ ، تفسير الطبري ٤ : ١٠٢.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٥ ، ح ١٦٦.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٢٢.

٤١٨

الْمَصِيرُ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ).

فقال : «الذين اتّبعوا رضوان الله هم الأئمة ، وهم ـ والله ، يا عمّار ـ درجات للمؤمنين ، وبولايتهم ومعرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم ، ويرفع الله لهم الدرجات العلا» (١).

وقال عمّار بن مروان ، سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

فقال : «هم الأئمّة ، وهم ـ والله ، يا عمّار ـ درجات للمؤمنين عند الله ، وبموالاتهم وبمعرفتهم إيّانا يضاعف الله للمؤمنين حسناتهم ، ويرفع الله لهم الدرجات العلا.

وأمّا قوله ، يا عمّار : (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) إلى قوله : (الْمَصِيرُ) فهم والله الذين جحدوا حقّ علي بن أبي طالب عليه‌السلام وحقّ الأئمّة منّا أهل البيت ، فباءوا بذلك بسخط من الله» (٢).

وقال أبو الحسن ارضا عليه‌السلام في قول الله : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) قال : «الدرجة ما بين السّماء إلى الأرض» (٣).

س ١٣٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١٦٤) [آل عمران : ١٦٤]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم ، في قوله : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ٣٥٦ ، ح ٨٤.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٥ ، ح ١٦٧.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٠٥ ، ح ١٦٨.

٤١٩

إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : فهذه الآية لآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

س ١٣٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥) وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) (١٦٧) [آل عمران : ١٦٥ ـ ١٦٧]؟!

الجواب / ١ ـ قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) يقول : بمعصيتكم أصابكم ما أصابكم (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) فهم ثلاث مائة منافق رجعوا مع عبد الله بن أبي سلول ، فقال لهم جابر بن عبد الله : أنشدكم في نبيّكم ودينكم ودياركم ، فقالوا : والله لا يكون القتال اليوم ، ولو نعلم أن يكون القتال لاتّبعناكم ، يقول الله : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ)(٢).

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها).

قال : «كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة وأربعين رجلا : قتلوا سبعين رجلا ، وأسروا سبعين رجلا ، فلمّا كان يوم أحد أصيب من المسلمين سبعون

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٢٢.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٢٢.

٤٢٠