التيسير في التفسير للقرآن - ج ١

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ١

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٤

يحسن أن يملّ (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) يعني وليّ المال سبعة أحكام (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ)(١) ثمانية أحكام (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) يعني أن تنسى إحداهما فتذكّر الأخرى تسعة أحكام (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا)(٢) عشرة أحكام.

(وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ) أي لا تضجروا أن تكتبوه صغير السنّ أو كبيرا أحد عشر حكما (ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) أي لا تشكوا (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) اثنا عشر حكما (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) ثلاثة عشر حكما (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) أربعة عشر حكما (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) خمسة عشر حكما (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٣).

__________________

(١) قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من أحراركم من المسلمين العدول. (تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ص ٦٥١ ، ح ٣٧٢).

(٢) قال أبو عبد الله عليه‌السلام ـ في هذه الآية ـ : «قبل الشهادة ـ قال ـ : لا ينبغي لأحد إذا ما دعي للشهادة أن يشهد عليها ، أن يقول : لا أشهد لكم ، وذلك قبل الكتاب» (تفسير العياشي : ج ١ ، ص ١٥٦ ، ح ٥٢٤).

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٩٤.

٣٠١

س ٢٥٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) [البقرة : ٢٨٣]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أي يأخذ منه رهنا ، فإن أمنه ولم يأخذ منه رهنا فليتّق الله ربّه ، الذي يأخذ المال» (١).

وقال الباقر عليه‌السلام : «لا رهن إلّا مقبوضا» (٢).

س ٢٥١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [البقرة : ٢٨٣]؟!

الجواب / قال الصادق عليه‌السلام في قوله : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ) : «بعد الشهادة» (٣).

وقال الباقر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) : «كافر قلبه» (٤).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٩٥.

(٢) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ١٥٦ ، ح ٥٢٥.

(٣) الكافي : ج ٧ ، ص ٣٨١ ، ح ٢.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ، ص ٣٥ ، ح ١١٥.

٣٠٢

س ٢٥٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤) آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٢٨٦) [البقرة : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ـ ٢٨٦]؟!

الجواب / (الاحتجاج) : عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن آبائه ، عن الحسين ابن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ـ في حديث طويل مع يهوديّ يسأله عن فضائل الأنبياء ، ويأتيه أمير المؤمنين عليه‌السلام بما لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما هو أفضل ممّا أوتي الأنبياء عليهم‌السلام ، فكان فيما سأله اليهودي ، أنّه قال له :

فإنّ هذا سليمان قد سخّرت له الرياح ، فسارت به في بلاده غدوّها شهر ورواحها شهر؟

فقال له عليّ عليه‌السلام : «لقد كان كذلك ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا ، إنّه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقلّ من ثلث ليلة ، حتى انتهى إلى ساق العرش ، فدنا بالعلم فتدلّى من الجنّة رفرف ـ بساط ـ أخضر ، وغشي النور بصره ، فرأى عظمة ربّه عزوجل بفؤاده ، ولم يرها

٣٠٣

بعينه ، فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)(١) فكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة ، قوله تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : ٢٨٤].

وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه‌السلام إلى أن بعث الله تبارك اسمه محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها ، وقبلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرضها على أمّته فقبلوها ، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها ، فلمّا أن سار إلى ساق العرش كرّر عليه الكلام ليفهمه ، فقال : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) ، فأجاب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجيبا عنه وعن أمّته ، فقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) فقال جلّ ذكره : لهم الجنة والمغفرة عليّ إن فعلوا ذلك ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أما إذا فعلت بنا ذلك (غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) يعني المرجع في الآخرة.

قال : فأجابه الله جلّ ثناؤه : وقد فعلت ذلك بك وبأمّتك. ثمّ قال عزوجل : أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها ، وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها ، وقبلتها أمّتك ، فحقّ عليّ أن أرفعها عن أمّتك ، وقال : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ) من خير (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من شرّ.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا سمع ذلك : أما إذا فعلت ذلك بي وبأمّتي فزدني. قال : سل. قال : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) ، قال الله عزوجل : لست أؤاخذ أمتك بالنسيان والخطأ لكرامتك عليّ ، وكانت الأمم السالفة إذا

__________________

(١) النجم : ١٠.

٣٠٤

نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب ، وقد رفعت ذلك عن أمّتك ، وكانت الأمم السالفة إذا أخطأوا أخذوا بالخطأ وعوقبوا عليه ، وقد رفعت ذلك عن أمّتك لكرامتك عليّ.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني. فقال الله تعالى له : سل ، قال : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) ، يعني بالإصر : الشدائد التي كانت على من كان من قبلنا. فأجابه الله عزوجل إلى ذلك ، فقال تبارك اسمه : قد رفعت عن أمّتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة : كنت لا أقبل صلاتهم إلّا في بقاع من الأرض معلومة اخترتها لهم وإن بعدت ، وقد جعلت الأرض كلّها لأمّتك مسجدا وترابها طهورا ، فهذه من الآصار التي كانت على الأمم قبلك ، فرفعتها عن أمّتك كرامة لك.

وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم ، وقد جعلت الماء لأمّتك طهورا ، فهذه من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمّتك.

وكانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس ، فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه نارا فأكلته فرجع مسرورا ، ومن لم أقبل ذلك منه رجع مثبورا ، وقد جعلت قربان أمّتك في بطون فقرائها ومساكينها ، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة ، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا ، وقد رفعت ذلك عن أمّتك ، وهي من الآصار التي كانت على الأمم من قبلك.

وكانت الأمم السالفة صلاتها مفروضة (عليها) في ظلم الليل وأنصاف النهار ، وهي من الشّدائد التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمّتك وجعلتها خمسا في خمسة أوقات ، وهي إحدى وخمسون ركعة ، وجعلت لهم أجر خمسين صلاة.

٣٠٥

وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة ، وسيئتهم بسيئة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمّتك ، وجعلت الحسنة بعشرة والسيئة بواحدة.

وكانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة ثم لم يعملها لم تكتب له ، وإن عملها كتبت له حسنة ، وإن أمّتك إذا نوى أحدهم حسنة ثمّ لم يعملها كتبت له حسنة وإن لم يعملها ، وإن عملها كتبت له عشرة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمّتك. وكانت الأمم السالفة إذا همّ أحدهم بسيئة ثم لم يعملها لم تكتب عليه ، وإن عملها كتبت عليه سيئة ، وإنّ أمتك إذا همّ أحدهم بسيئة ثمّ لم يعملها كتبت له حسنة ، وهذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمّتك.

وكانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم ، وجعلت توبتهم من الذنوب : أن حرّمت عليهم بعد التّوبة أحبّ الطعام إليهم ، وقد رفعت ذلك عن أمّتك ، وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم ، وجعلت عليهم ستورا كثيفة ، وقبلت توبتهم فلا عقوبة ، ولا أعاقبهم بأن أحرّم عليهم أحبّ الطعام إليهم.

وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد مائة سنة ، أو ثمانين سنة أو خمسين سنة ، ثمّ لا أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمّتك ، وإن الرجل من أمّتك ليذنب عشرين سنة ، أو ثلاثين سنة ، أو أربعين سنة ، أو مائة سنة ، ثمّ يتوب ويندم طرفة عين ، فأغفر له ذلك كلّه.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهمّ إذا أعطيتني ذلك كلّه فزدني. قال : سل. قال : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ). فقال تبارك اسمه : قد فعلت ذلك بأمّتك ، وقد رفعت عنهم جميع بلايا الأمم ، وذلك حكمي في جميع الأمم ،

٣٠٦

أن لا أكلّف خلقا فوق طاقتهم.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا) ، قال الله عزوجل : قد فعلت ذلك بتائبي أمّتك.

ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) قال الله عزّ اسمه : إنّ أمّتك في الأرض كالشّامة البيضاء في الثور الأسود ، هم القادرون ، وهم القاهرون ، يستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك عليّ ، وحقّ عليّ أن أظهر دينك على الأديان حتّى لا يبقى في شرق الأرض وغربها دين إلّا دينك ، ويؤدّون إلى أهل دينك الجزية» (١).

__________________

(١) الاحتجاج : ج ١ ، ص ٢٢٠ ، الطبرسي.

٣٠٧
٣٠٨

تفسير

سورة آل عمران

سورة رقم ـ ٣ ـ

٣٠٩
٣١٠

سورة آل عمران

س ١ : ما هو فضل سورة آل عمران؟!

الجواب / وردت روايات عديدة عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام تبين فضل هذه السورة نذكر منها :

١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من قرأسورة البقرة وآل عمران جاءتا يوم القيامة تظلانّه على رأسه ، مثل الغمامتين ، أو مثل العباءتين» (١).

٢ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من قرأهذه السورة أعطاه الله بكلّ حرف أمانا من حرّ جهنّم ، وإن كتبت بزعفران وعلّقت على امرأة لم تحمل ، حملت بإذن الله تعالى ، وإن علّقت على نخل أو شجر يرمي ثمره أو ورقه ، أمسك بإذن الله تعالى» (٢).

وقال الإمام الصادق عليه‌السلام : «... وإن علّق معسر ، يسّر الله أمره ، ورزقه الله تعالى» (٣).

س ٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(الم)(١) [آل عمران : ١]؟!

الجواب / قال سفيان بن سعيد الثوريّ سألت الصادق عليه‌السلام عن معنى

__________________

(١) ثواب الأعمال : ١٠٤.

(٢) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٦٩٣.

(٣) خواص القرآن ، ١.

٣١١

قول الله عزوجل (الم)؟ قال عليه‌السلام : «أمّا (الم) في أوّل البقرة فمعناه : أنا الله الملك وأمّا في أوّل آل عمران فمعناه : أنا الله المجيد» (١).

س ٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)(٢)

[آل عمران : ٢]؟!

الجواب / أقول : قدم ذكر هذه الآية في سورة البقرة برقم (٢٥٥) ولم نطيل البحث فيها والآن نوضحها بصورة مجملة :

(اللهُ) : يعني الذات الواحدة جامعة صفات الكمال ، إنّه خالق عالم الوجود ، لذا ليس في عالم الوجود معبود جدير بالعبادة غيره ، بعبارة «لا إله إلا الله» يبيّن القرآن وحدانية خالق الوجود التي هي أساس الإسلام ، ولكن هذه الحقيقة موجودة في لفظة «الله».

لذلك فإن «لا إله إلا هو» تأكيد لتلك الحقيقة نفسها.

(الْحَيُ) : هي الحياة الحقيقية التي لا يعتريها الموت التي تختص بالله.

(الْقَيُّومُ) : صيغة مبالغة من القيام ، لذلك فالكلمة تدلّ على الموجود الذي قيامه بذاته ، وقيام كلّ الكائنات بوجوده ، وبعبارة أخرى : جميع كائنات العالم تستند إليه.

فالمقصود : هو القيام بالخلق والتدبير والتعهّد (٢).

__________________

(١) معاني الأخبار : ٢٢ ، ١.

(٢) الأمثل : المجلد الثاني ، ص ٢٥٣ من البداية والوسط والنهاية.

٣١٢

س ٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) (٣) [آل عمران : ٣]؟!

الجواب / أقول : هذه الآية تخاطب نبيّ الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلة إنّ الله الخالد القيوم قد أنزل عليك القرآن الذي فيه دلائل الحقّ والحقيقة ، وهو يتطابق تماما مع ما جاء به الأنبياء والكتب السابقة «التوراة والإنجيل» التي بشرت به وقد أنزلها الله أيضا لهداية البشر.

س ٥ : ما هو معنى الفرقان في قوله تعالى :

(مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) (٤) [آل عمران : ٤]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «القرآن جملة الكتاب ، والفرقان : المحكم الواجب العمل به» (١).

س ٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (٥) [آل عمران : ٥]؟!

الجواب / في احتجاج الإمام الصادق عليه‌السلام على الزنادقة ـ قال : أوليس توزن الأعمال؟

قال عليه‌السلام : «لا ، إنّ الأعمال ليست بأجسام ، وإنّما هي صفة ما عملوا ، وإنّما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ، ولا يعرف ثقلها أو خفّتها ، و (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ)(٢).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ٤٦١ ، ح ١٤.

(٢) تفسير القمّي : ج ١ ، ص ٩٦.

٣١٣

س ٧ : ما هو معنى (يُصَوِّرُكُمْ) في قوله تعالى :

(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦) [آل عمران : ٦]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم : يعني ذكرا وأنثى ، وأسود وأبيض وأحمر ، وصحيحا وسقيما (١).

س ٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٧) [آل عمران : ٧]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) ، «أمير المؤمنين والأئمة عليهم‌السلام». (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) قال : «فلان وفلان» (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) : «أصحابهم وأهل ولايتهم». (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) : «أمير المؤمنين والأئمّة عليهم‌السلام» (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «المحكم ما يعمل به ، والمتشابه ما اشتبه على جاهله» (٣).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ٣٤٣ ، ح ١٤.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ١٦٢ ، ح ٣.

(٣) الاحتجاج : ج ٢ ، ص ٣٥١.

٣١٤

س ٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)) [آل عمران : ٨]؟!

الجواب / قال الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام لهشام بن الحكم : «يا هشام ، إنّ الله حكى عن قوم صالحين ، أنّهم قالوا : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها ، إنّه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة ينظرها ويجد حقيقتها في قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلّا من كان قوله لفعله مصدّقا ، وسرّه لعلانيته موافقا ، لأن الله تعالى اسمه لم يدلّ على الباطن الخفيّ من العقل إلّا بظاهر منه وناطق عنه» (١).

س ١٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (٩) [آل عمران : ٩]؟!

الجواب / أقول : ليس أشدّ تأثيرا في السيطرة على الميول والأفكار من الاعتقاد بيوم القيامة والمعاد. إنّ الراسخين في العلم يصحّحون أفكارهم عن طريق الاعتقاد بالمبدأ والمعاد ، ويحولون دون التأثّر بالميول والأحاسيس المتطرّفة التي تؤدّي إلى الزلل ، ونتيجة لذلك يستقيمون على الصراط المستقيم بأفكار سليمة ودون عائق. نعم هؤلاء هم القادرون على الاستفادة من آيات الله كلّ الاستفادة.

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٤ ، ح ١٢.

٣١٥

وتشير هذه الآية إلى إيمان هؤلاء الراسخ «بالمعاد» ، كما أشارت السالفة إلى إيمانهم الكامل «بالمبدأ».

س ١١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) (١٣) [آل عمران : ١٠ ـ ١٣]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم : قوله : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) : يعني حطب النّار. وقال : قوله تعالى : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) : أي فعل آل فرعون.

وقال : قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) : إنّها نزلت بعد بدر ، لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بدر أتى بني قينقاع وهو يناديهم ، وكان بها سوق يسمّى بسوق النّبط ، فأتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «يا معشر اليهود ، قد علمتم ما نزل بقريش وهم أكثر عددا وسلاحا وكراعا منكم ، فادخلوا في الإسلام».

فقالوا : يا محمّد ، إنّك تحسب حربنا مثل حرب قومك ، والله لو لقيتنا للقيت رجالا. فنزل عليه جبرائيل عليه‌السلام فقال : يا محمّد (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) أي لو كانوا مثل المسلمين (وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ) يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر (إِنَّ فِي

٣١٦

ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ)(١).

س ١٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (١٤) [آل عمران : ١٤]؟!

الجواب / قد مر سابقا في سورة البقرة تفسير كلمة (زيّن).

قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما تلذّذ الناس في الدنيا والآخرة بلذّة أكثر لهم من لذة النساء ، وهو قول الله عزوجل : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ) إلى آخر الآية ـ ثمّ قال ـ : وإنّ أهل الجنّة ما يتلذّذون بشيء من الجنّة أشهى عندهم من النكاح ، لا طعام ، ولا شراب» (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : القنطار : ملء مسك ثور ذهبا (٣).

وقال علي بن إبراهيم : القناطر : جلود الثيران مملوءة ذهبا (وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) يعني الراعية (وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ) يعني الزرع (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) أي حسن المرجع إليه (٤).

س ١٣ : وردت كلمة (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) في تفسير قوله تعالى :

(قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (١٥) [آل عمران : ١٥] فما هي معناها؟!

الجواب / قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «لا يحضن ولا يحدثن» (٥).

__________________

(١) تفسير القمّي : ج ١ ، ص ٩٧.

(٢) الكافي : ج ١ ، ص ٣٢١ ، ح ١٠.

(٣) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٧١٢.

(٤) تفسير القمّي : ج ١ ، ص ٩٧.

(٥) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ١٦٤ ، ح ١١.

٣١٧

س ١٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ) (١٦) [آل عمران : ١٦]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : «وقوله (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) قيل في معنى هذه المسألة قولان :

أحدهما ـ مسألة الله ما هو من حكمه نحو قوله : «فاغفر للذين تابوا» والفائدة في هذا الدعاء التعبد بما فيه مصلحة للعباد.

الثاني : مسألة الله عزوجل ما لا يجوز أن يعطيه العبد إلا بعد المسألة لأنه لا يكون لطفا إلا بعد المسألة وعلى مذهبنا وجه حسن السؤال إن العفو تفضل من الله لا يجب عند التوبة ، ويجوز أيضا العفو مع عدم التوبة ، فيكون وجه السؤال «اغفر لنا ذنوبنا ، وقنا عذاب النار» إن متنا مصرين ولم نتب» (١).

س ١٥ : ما هو تفسير قوله تعالى (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) في قوله تعالى : [سورة آل عمران (٣) : آية ١٧]

(الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) (١٧) [آل عمران : ١٧]؟!

الجواب / قيل هم : الدعّاءون (٢).

وقال الإمام الصادق عليه‌السلام : «من قال في وتره إذا أوتر : أستغفر الله وأتوب إليه ، سبعين مرة ، وواظب على ذلك حتّى تمضي سنة ، كتبه الله من المستغفرين بالأسحار ، ووجبت المغفرة له من الله عزوجل» (٣).

__________________

(١) التبيان : ج ٢ الشيخ الطوسي ، ص ٤١٤.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٩٧.

(٣) الخصال : ٥٨١ ، ٣ ، والبحار : ج ١٨ ، ص ٥٧٥.

٣١٨

س ١٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨) [آل عمران : ١٨]؟!

الجواب / قال الإمام الباقر عليه‌السلام : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فإنّ الله تبارك وتعالى يشهد بها لنفسه ، وهو كما قال.

فأمّا قوله : (وَالْمَلائِكَةُ) فإنّه أكرم الملائكة بالتسليم لربّهم ، وصدّقوا وشهدوا كما شهد لنفسه ، وأمّا قوله : (وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ) فإنّ أولي العلم الأنبياء والأوصياء ، وهم قيام بالقسط ، العدل في الظاهر ، والعدل في الباطن : أمير المؤمنين عليه‌السلام» (١).

س ١٧ : ما هو تفسير (الإسلام) قوله تعالى :

(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٩) [آل عمران : ١٩]؟!

الجواب / ١ ـ قال الإمام الباقر عليه‌السلام : «يعني الدين فيه الإيمان» (٢).

٢ ـ قال الإمام الباقر عليه‌السلام : «التسليم لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بالولاية» (٣).

٣ ـ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي ، ولا ينسبها أحد بعدي ، الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ،

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ١٦٥ ، ح ١٨.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ١٦٦ ، ح ٢٢.

(٣) المناقب : ج ٣ ، ص ٩٥.

٣١٩

واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الإقرار ، والإقرار هو الأداء ، والأداء هو العمل ، والمؤمن من أخذ دينه عن ربّه ، إنّ المؤمن يعرف إيمانه في عمله ، وإنّ الكافر يعرف كفره بإنكاره ، يا أيّها الناس دينكم دينكم ، فإنّ السيّئة فيه خير من الحسنة في غيره ، إنّ السيّئة فيه تغفر ، وإنّ الحسنة في غيره لا تقبل» (١).

س ١٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (٢٠) [آل عمران : ٢٠]؟!

الجواب / أقول : (المحاجّة) أن يطلب كلّ واحد أن يردّ الآخر عن حجّته دفاعا عن عقيدته.

من الطبيعيّ أن يقوم أتباع كلّ دين بالدفاع عن دينهم ، ويرون أنّ الحقّ بجانبهم. لذلك يخاطب القرآن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلا قد يحاورك أهل الكتاب «اليهود والنصارى» فيقولون إنّهم قد أسلموا بمعنى أنّهم قد استسلموا للحق ، وربما هم يصرّون على ذلك ، كما فعل مسيحيّو نجران مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فالآية لا تطلب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتجنّب محاورتهم ومحاججتهم ، بل تأمره أن يسلك سبيلا آخر ، وذلك عند ما يبلغ الحوار منتهاه ، فعليه لكي يهديهم ويقطع الجدل والخصام أن يقول لهم : إنني وأتباعي قد أسلمنا لله واتّبعنا الحق. ثم يسأل أهل الكتاب إن كانوا هم أيضا قد أسلموا لله واتّبعوا الحقّ فعليهم أن يخضعوا للمنطق ، فإذا لم يستسلموا للحقيقة المعروضة أمامهم ، فإنّهم لا يكونون قد أسلموا لله. عندئذ لا تمضي في مجادلتهم ، لأنّ

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٩٩.

٣٢٠