التيسير في التفسير للقرآن - ج ١

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ١

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٤

وقال أحدهما عليهما‌السلام ـ أي الباقر أو الصادق عليهما‌السلام ـ ، في معنى قوله عزوجل : (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ).

قال : «الرجل يكسب مالا فيحرّم أن يعمل فيه خيرا فيموت ، فيرثه غيره ، فيعمل فيه عملا صالحا ، فيرى الرجل ما كسب حسنات في ميزان غيره» (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : في قوله تعالى : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) : «أعداء عليّ عليه‌السلام هم المخلّدون في النار أبد الآبدين ، ودهر الدّاهرين» (٢).

س ١٣٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١٦٨) [البقرة : ١٦٨]؟!

الجواب / قال الإمام الباقر عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال» (٣).

وقال عليه‌السلام أيضا في قوله تعالى : (لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) : كلّ يمين بغير الله فهي من خطوات الشّيطان» (٤).

س ١٣٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (١٦٩) [البقرة : ١٦٩]؟!

الجواب / قال الإمام العسكري عليه‌السلام : (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ) الشيطان (بِالسُّوءِ) بسوء المذهب والاعتقاد في خير خلق الله محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الأمالي : ٢٠٥ ، ٣٥ ، الشيخ المفيد.

(٢) تفسير العياشي : ١ : ٧٣ / ١٤٥.

(٣) التهذيب : ٦ : ٣٢٤ / ٨٩.

(٤) تفسير العياشي : ١ : ٧٤ / ١٥٠.

٢٢١

وجحود ولاية أفضل أولياء الله بعد محمّد رسول الله (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) بإمامة من لم يجعل الله له في الإمامة حظّا ، ومن جعله من أراذل أعدائه وأعظمهم كفرا به» (١).

س ١٤٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (١٧١) [البقرة : ١٧٠ ـ ١٧١]؟!

الجواب / قال الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام لهشام بن الحكم : «يا هشام ، إنّ الله تبارك وتعالى بشّر أهل العقل والفهم في كتابه ، فقال : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ)(٢) الآية. وذكر الحديث بطوله إلى أن قال : «وذمّ الذين لا يعقلون» فقال : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) وقال : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(٣).

س ١٤١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (١٧٢) [البقرة : ١٧٢]؟!

الجواب / قال الإمام العسكري عليه‌السلام : «قال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا

__________________

(١) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨١ / ٣٤٢.

(٢) الزمر : ١٧ ـ ١٨.

(٣) الكافي : ج ١ ، ص ١٠ ، ح ١٢.

٢٢٢

الَّذِينَ آمَنُوا) بتوحيد الله ، ونبوة محمد رسول الله ، وبإمامة عليّ وليّ الله (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) على ما رزقكم منها بالمقام على ولاية محمد وعلي ليقيكم الله تعالى بذلك شرور الشّياطين المتمرّدة على ربّها عزوجل ، فإنّكم كلّما جدّدتم على أنفسكم ولاية محمّد وعلي عليهما‌السلام تجدّد على مردة الشياطين لعائن الله ، وأعاذكم الله من نفخاتهم ونفثاتهم. فلمّا قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قيل : يا رسول الله وما نفخاتهم؟

قال : هي ما ينفخون به عند الغضب في الإنسان الذي يحملونه على هلاكه في دينه ودنياه ، وقد ينفخون في غير حال الغضب بما يهلكون به.

أتدرون ما أشدّ ما ينفخون به؟ هو ما ينفخون بأن يوهموه أنّ أحدا من هذه الأمّة فاضل علينا ، أو عدل لنا أهل البيت ، كلّا ـ والله ـ بل جعل الله تعالى محمّدا ثمّ آل محمّد فوق جميع هذه الأمّة ، كما جعل الله تعالى السّماء فوق الأرض ، وكما زاد نور الشمس والقمر على السّها (١).

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأمّا نفثاته : فأن يرى أحدكم أنّ شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت ومن الصّلاة علينا ، فإنّ الله عزوجل جعل ذكرنا أهل البيت شفاء للصّدور ، وجعل الصّلوات علينا ماحية للأوزار والذّنوب ، ومطهّرة من العيوب ومضاعفة للحسنات» (٢).

وقال عليه‌السلام : «قال الله عزوجل : (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) أي إن كنتم إيّاه تعبدون فاشكروا نعمة الله بطاعة من أمركم بطاعته من محمد وعليّ وخلفائهم الطّيبين» (٣).

__________________

(١) السّها : كوكب خفيّ في بنات نعش الكبرى ، والناس يمتحنون به أبصارهم.

(٢) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨٤ / ٣٤٨.

(٣) نفس المصدر : ٥٨٥ / ٣٤٩.

٢٢٣

س ١٤٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٧٣) [البقرة : ١٧٣]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الباغي الذي يخرج على الإمام ، والعادي الذي يقطع الطريق ، لا تحلّ لهما الميتة».

ويرى أنّ العادي اللصّ ، والباغي الذي يبغي الصّيد لا يجوز لهما التقصير في السّفر ، ولا أكل الميتة في حال الاضطرار (١).

وقال عليه‌السلام أيضا : «الباغي الظالم ، والعادي الغاصب» (٢).

س ١٤٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٧٤) [البقرة : ١٧٤]؟!

الجواب / قال الإمام العسكري عليه‌السلام : «قال الله عزوجل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ) المشتمل على ذكر فضل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على جميع النبيّين وفضل علي عليه‌السلام على جميع الوصيّين.

(وَيَشْتَرُونَ بِهِ) بالكتمان (ثَمَناً قَلِيلاً) يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدّنيا يسيرا ، وينالوا به في الدّنيا عند جهّال عباد الله رئاسة ، قال الله تعالى :

__________________

(١) معاني الأخبار : ٢١٣ / ١.

(٢) تفسير العياشي ، ١ : ٧٤ / ١٥١.

٢٢٤

(أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ) يوم القيامة (إِلَّا النَّارَ) بدلا من إصابتهم اليسير من الدّنيا لكتمانهم الحقّ (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) بكلام خير ، بل يكلمهم بأن يلعنهم ويخزيهم ويقول : بئس العباد أنتم ، غيرتم ترتيبي ، وأخّرتم من قدمته ، وقدّمتم من آخرته ، وواليتم من عاديته ، وعاديتم من واليته.

(وَلا يُزَكِّيهِمْ) من ذنوبهم ، لأنّ الذنوب إنّما تذوب وتضمحلّ إذا قرن بها موالاة محمد وعليّ وآلهما الطيّبين عليهم‌السلام. فأمّا ما يقرن بها الزوال عن موالاة محمد وآله عليهم‌السلام ، فتلك ذنوب تتضاعف ، وأجرام تتزايد ، وعقوباتها تتعاظم ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) موجع في النار» (١).

س ١٤٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (١٧٥) [البقرة : ١٧٥]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما أصبرهم على فعل ما يعلمون أنّه يصيّرهم إلى النار» (٢).

س ١٤٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) (١٧٦) [البقرة : ١٧٦]؟!

ج : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : «(ذلك) يعني ذلك العّذاب الذي وجب على هؤلاء بأثامهم وإجرامهم لمخالفتهم لإمامهم ، وزوالهم عن موالاة سيّد

__________________

(١) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨٥ / ٣٥٢.

(٢) نفس المصدر ، ١ : ٧٥ / ١٥٧.

٢٢٥

خلق الله بعد محمّد نبيّه ، أخيه وصفيّه ، (بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) نزّل الكتاب الذّي توعّد فيه من خالق المحقّين وجانب الصّادقين ، وشرع في طاعة الفاسقين ، نزّل الكتاب بالحقّ أنّ ما يوعدون به يصيبهم ولا يخطئهم.

(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ) فلم يؤمنوا به ، قال بعضهم : إنّه سحر. وبعضهم : إنّه شعر. وبعضّهم : إنّه كهانه (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) مخالفة بعيدة عن الحقّ ، كأنّ الحقّ في شقّ وهم في شقّ غيره يخالفه.

قال علي بن الحسن عليه‌السلام : هذه أحوال من كتم فضائلنا ، وجحد حقوقنا ، وسمّى بأسمائنا ولقّب بألقابنا ، وأعان ظالمنا على غصب حقوقنا ، ومالأ علينا أعدائنا ، والتقيّة عليكم لا تزعجه ، والمخافة على نفسه وماله وحاله لا تبعثه.

فاتقوا الله معاشر شيعتنا ، لا تستعملوا الهوينا ولا تقيّة عليكم ، ولا تستعملوا المهاجرة والتقيّة تمنعكم .... (١)

س ١٤٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (١٧٧) [البقرة : ١٧٧]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ذوي القربى : قرابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٢).

__________________

(١) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨٦ / ٣٥٢.

(٢) مجمع البيان : ج ١ ، ص ٤٧٧.

٢٢٦

وقال أيضا : الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم» (١).

وقال الباقر عليه‌السلام : «ابن السبيل : المنقطع به» (٢).

وسئل الصادق عليه‌السلام عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدّى بعضها. قال : «يؤدّى عنه من مال ـ الصّدقة ، فإن الله عزوجل يقول : (وَفِي الرِّقابِ)(٣).

س ١٤٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٧٨) [البقرة : ١٧٨]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) : هي للمؤمنين خاصّة (٤).

وعن أحدهما عليهما‌السلام ـ الباقر أو الصادق ـ في قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) ـ إلى قوله ـ (وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) : قال : «لا يقتل حرّ بعبد ، ولكن يضرب ضربا شديدا ، ويغرّم ثمنه دية العبد» (٥).

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ٥٠١ ، ح ١٦.

(٢) مجمع البيان : ج ١ ، ص ٤٧٧.

(٣) التهذيب : ج ٨ ، ص ٢٧٥ ، ح ١٠٠٢ ، قيل والبأساء : الجوع ، والضراء : العطش والخوف (وحين البأس) قال عند القتل : (القول لعلي بن إبراهيم) في تفسير القمي ج ١ ، ص ٦٤.

(٤) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٧٥ ، ح ١٥٩.

(٥) الكافي : ج ٧ ، ص ٣٠٤ ، ح ١.

٢٢٧

وسأل (١) الإمام الصادق عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ). فقال : «ينبغي للذي له الحق أن لا يعسر أخاه إذا كان قد صالحه على دية ، وينبغي للذي عليه الحقّ أن لا يمطل أخاه إذا قدر على ما يعطيه ، ويؤدي إليه بإحسان».

وسأل عن قول الله عزوجل : (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ). فقال : «هو الرّجل يقبل الدّية أو يعفو أو يصالح ، ثمّ يعتدي فيقتل ـ وقيل أو يجرح ـ (٢) : (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) كما قال الله عزوجل» (٣).

س ١٤٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٧٩) [البقرة : ١٧٩]؟!

الجواب / قال الإمام السجاد عليه‌السلام : (وَلَكُمْ) يا أمّة محمّد (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) لأن من همّ بالقتل فعرف أنه يقتصّ منه ، فكفّ لذلك عن القتل ، كان حياة للذي كان همّ بقتله ، وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل ، وحياة لغيرهما من الناس ، إذا علموا أنّ القصاص واجب لا يجسرون على القتل مخافة القصاص (يا أُولِي الْأَلْبابِ) أولي العقول (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ... (٤).

__________________

(١) السائل ـ الحلبي.

(٢) الكافي : ج ٧ ، ص ٣٥٩ ، ح ٣.

(٣) الكافي : ج ٧ ، ص ٣٥٨ ، ح ١.

(٤) الاحتجاج : ج ١ ، ص ٣١٩.

٢٢٨

س ١٤٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (١٨٠) [البقرة : ١٨٠]؟!

الجواب / سأل عمار بن مروان أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ). قال : «حقّ جعله الله في أموال الناس لصاحب هذا الأمر».

قال عمار : لذلك حدّ محدود؟ ، قال عليه‌السلام : «نعم».

قال عمار : كم؟ قال عليه‌السلام : «أدناه السّدس ، وأكثره الثّلث» (١).

وفي قوله تعالى : (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «هو شيء جعله الله عزوجل لصاحب هذا الأمر» .... (٢).

وقال أحدهما عليهما‌السلام ـ الباقر أو الصادق ـ «هي منسوخة ، نسختها آية الفرائض التي هي المواريث (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٣) يعني بذلك الوصيّ» (٤).

س ١٥٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١)) [البقرة : ١٨١]؟!

الجواب / عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل

__________________

(١) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٧٦ ، ح ١٦٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ، ص ١٧٥ ، ح ٦١٥.

(٣) البقرة : ١٨١.

(٤) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٧٧ ، ح ١٦٧.

٢٢٩

أوصى بماله في سبيل الله.

قال : «أعط لمن أوصى له ، وإن كان يهوديّا أو نصرانيّا ، لأن الله يقول : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)(١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «ـ هذه الآية ـ نسختها التي بعدها (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً) يعني الموصى إليه ، إن خاف جنفا (٢) من الموصي إليه في ثلثه جميعا ، فيما أوصى به إليه ، ممّا لا يرضى الله به في خلاف الحقّ ، فلا إثم على الموصى إليه أن يبدّله إلى الحقّ ، وإلى ما يرضى الله به من سبيل الخير» (٣).

س ١٥١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٨٢) [البقرة : ١٨٢]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام ـ والحديث مرفوع ـ : يعني إذا اعتدى في الوصيّة ، إذا زاد على الثلث (٤).

وقال عليه‌السلام : «إذا أوصى الرجل بوصيّة ، فلا يحلّ للوصيّ أن يغيّر وصيّة يوصيها ، بل يمضيه على ما أوصى ، إلّا أن يوصي بغير ما أمر الله ، فيعصي في الوصيّة ويظلم ، فالموصى إليه جائز أن يردّه إلى الحقّ ، مثل رجل يكون له ورثة ، فيجعل المال كله لبعض ورثته ويحرم بعضا ، فالوصيّ جائز له أن يردّه إلى الحقّ ، وهو قوله : (جَنَفاً أَوْ إِثْماً) والجنف : الميل إلى بعض ورثته دون

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٧٧ ، ح ١٦٩.

(٢) هو الميل والعدول عن الحقّ.

(٣) نفس المصدر السابق : ج ١ ، ص ٧٨ ، ح ١٧٢.

(٤) علل الشرائع : ج ١ ، ص ٥٦٧ ، ح ٤.

٢٣٠

بعض ، والإثم أن يأمر بعماره بيوت النيران واتخاذ المسكر ، فيحلّ للوصيّ أن لا يعمل بشيء من ذلك» (١).

س ١٥٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٨٣) [البقرة : ١٨٣]؟!

الجواب / عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في مسائل سأل عنها اليهود ، منها : قال اليهوديّ : يا محمّد ، فأخبرني لأيّ شيء فرض الله الصّوم على أمّتك بالنهار ثلاثين يوما ، وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ آدم عليه‌السلام لمّا أكل من الشجرة بقيت في بطنه ثلاثين يوما ، ففرض الله على ذرّيته الجوع والعطش ثلاثين يوما ، والذي يأكلونه تفضّل من الله عزوجل عليهم ، وكذلك كان على آدم عليه‌السلام ، ففرض الله عزوجل على أمّتي ذلك» ثمّ تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) [البقرة : ١٨٤]» (٢) ...

س ١٥٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٨٤) [البقرة : ١٨٤]؟!

الجواب / قال علي بن الحسين عليه‌السلام : «فأمّا صوم السّفر والمرض ، فإنّ

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٦٥.

(٢) أمالي الصدوق : ص ١٦١ ، ح ١.

٢٣١

العامّة قد اختلفت في ذلك ، فقال قوم : يصوم ، وقال آخرون : لا يصوم ، وقال قوم : إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ، وأمّا نحن فنقول يفطر في الحالين جميعا ، فإن صام في السّفر أو في حال المرض فعليه القضاء ، فإنّ الله عزوجل يقول : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(١).

وسأل (٢) الإمام الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ). قال عليه‌السلام : «على الذين كانوا يطيقون الصوم ثمّ أصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك ، فعليهم لكلّ يوم مدّ» (٣).

س ١٥٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) [البقرة : ١٨٥]؟!

الجواب / قال حفص بن غياث : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وإنّما أنزل في عشرين سنة بين أوّله وآخره؟

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ، ثمّ نزل في طول عشرين سنة» ... (٤).

وسأل الإمام الصادق عليه‌السلام عن القرآن والفرقان ، أهما شيئان ، أو شيء واحد؟

__________________

(١) الكافي : ج ٤ ، ص ٨٦ ، ح ١.

(٢) السائل ـ ابن بكير.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ، ص ٨٤ ، ح ٣٧٧.

(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٦٠ ، ح ٦.

٢٣٢

فقال عليه‌السلام : «القرآن : جملة الكتاب ، والفرقان : المحكم الواجب العمل به» (١).

س ١٥٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة : ١٨٥]؟!

الجواب / قال الإمام الباقر عليه‌السلام : ما أبينها لمن عقلها! ـ قال ـ من شهد رمضان فليصمه ، ومن سافر فيه فليفطر» (٢).

س ١٥٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة : ١٨٥]؟!

الجواب / قال الإمام الباقر عليه‌السلام : «اليسر : علي عليه‌السلام ، وفلان وفلان العسر ، فمن كان من ولد آدم عليه‌السلام لم يدخل في ولاية فلان وفلان» (٣).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام لسعيد النقّاش : «أما إنّ في ليلة الفطر تكبيرا ، ولكنّه مسنون».

قال سعيد : وأين هو؟ قال : «في ليلة الفطر ، في المغرب والعشاء الآخرة ، وفي صلاة الفجر ، وفي صلاة العيد ، ثم يقطع».

قال سعيد : كيف أقول؟ قال : «تقول : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، وهو قول الله

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٦١ ، ح ١١.

(٢) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٨١ ، ح ١٨٧.

(٣) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٨٢ ، ح ١٩١.

٢٣٣

عزوجل : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) يعني الصيام (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ)(١).

س ١٥٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (١٨٦) [البقرة : ١٨٦]؟!

الجواب / روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : (وَلْيُؤْمِنُوا بِي) أي وليتحقّقوا أنّي قادر على إعطائهم ما سألوه (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) أي لعلهم يصيبون الحقّ ، أي يهتدون إليه» (٢).

س ١٥٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (١٨٧) [البقرة : ١٨٧]؟!

الجواب / قال الصادق عليه‌السلام : «كان الأكل والنكاح محرّمين في شهر رمضان بالليل بعد النوم ، يعني كلّ من صلّى العشاء ونام ولم يفطر ثمّ انتبه ، حرّم عليه الإفطار ، وكان النكاح حراما في الليل والنهار في شهر رمضان.

وكان رجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقال له : خوّات بن جبير

__________________

(١) الكافي : ج ٤ ، ص ١٦٦ ، ح ١.

(٢) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٥٠٠.

٢٣٤

الأنصاريّ ، أخو عبد الله بن جبير ، الذي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكلّه بفم الشّعب يوم أحد مع خمسين من الرماة ، ففارقه أصحابه وبقي في اثني عشر رجلا ، فقتل على باب الشّعب. وكان أخوه هذا خوّات بن جبير شيخا كبيرا ضعيفا ، وكان صائما مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخندق ، فجاء إلى أهله حين أمسى ، فقال : عندكم طعام؟ فقالوا : لا تنم حتى نصنع لك طعاما فأبطأت عليه أهله بالطعام ، فنام قبل أن يفطر ، فلمّا انتبه قال لأهله : قد حرّم عليّ الأكل في هذه الليلة. فلمّا أصبح حضر حفر الخندق ، فأغمي عليه ، فرآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرقّ له.

وكان قوم من الشّباب ينكحون بالليل سرّا في شهر رمضان ، فأنزل الله عزوجل : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) الآية ، فأحلّ الله تبارك وتعالى النكاح بالليل في شهر رمضان أو الأكل بعد النّوم إلى طلوع الفجر ، لقوله : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) ـ قال ـ : هو بياض النهار من سواد الليل» (١).

وعنه عليه‌السلام أيضا سأل : في قوم صاموا شهر رمضان ، فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس ، فرأوا أنّه الليل ، فأفطر بعضهم ، ثم إنّ السحاب انجلى فإذا الشمس؟

قال عليه‌السلام : «على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ، إن الله عزوجل يقول : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) ، فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه ، لأنّه أكل متعمّدا» (٢).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٦٦.

(٢) الكافي : ج ٤ ، ص ١٠٠ ، ح ٢.

٢٣٥

س ١٥٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٨٨) [البقرة : ١٨٨]؟!

الجواب / كتب الإمام الرضا عليه‌السلام بخطه : «الحكّام : القضاة» ثمّ كتب تحته : «هو أن يعلم الرجل أنّه ظالم فيحكم له القاضي ، فهو غير معذور في أخذه ذلك الذي يحكم له به إذ قد علم أنه ظالم» (١).

وقال الإمام الباقر عليه‌السلام : أنّه يعني بالباطل : اليمين الكاذبة تقتطع بها الأموال (٢).

س ١٦٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٨٩) [البقرة : ١٨٩]؟!

الجواب / ١ ـ قال الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) : «لصومهم وفطرهم وحجهم» (٣).

وسئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الأهلّة. قال : «هي الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر».

قال السائل : أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين ، أيقضي ذلك اليوم؟ ، قال : «لا ، إلّا أن يشهد ثلاثة عدول ، فإنّهم إن شهدوا أنّهم رأوا الهلال قبل ذلك ، فإنّه يقضى ذلك اليوم» (٤).

٢ ـ قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام عن هذه الآية : «آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبواب الله

__________________

(١) التهذيب : ج ٦ ، ص ٢١٩ ، ح ٥١٨.

(٢) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٥٠٦.

(٣) التهذيب : ج ٤ ، ص ١٦٦ ، ح ٤٧٢.

(٤) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٨٥ ، ح ٢٠٨.

٢٣٦

وتسبيله ، والدعاة إلى الجنّة ، والقادة إليها ، والأدلّاء عليها إلى يوم القيامة» (١).

س ١٦١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)) [البقرة : ١٩٠]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : [في هذه الآية] بين سبحانه أمر الجهاد. فقال مخاطبا للمؤمنين : (وَقاتِلُوا) أي : الكفار (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي : دين الله ، وهو الطريق الذي بينه للعباد ليسلكوه على ما أمرهم به ودعاهم إليه (الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) قيل : أمروا بقتال المقاتلين دون النساء.

وقيل : إنهم أمروا بقتال أهل مكة ، والأولى حمل الآية على العموم ، إلا من أخرجه الدليل.

(وَلا تَعْتَدُوا) أي : ولا تجاوزوا من قتال من هو من أهل القتال ، إلى قتال من لم تؤمروا بقتاله.

وقيل : معناه لا تعتدوا بقتال من لم يبدأكم بقتال.

(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) ظاهره يقتضي أن يسخط عليهم ، لأنه على جهة الذم لهم ...

وأختلف في الآية هل هي منسوخة أم لا أو ناسخة؟

وروي عن أئمتنا عليهم‌السلام : أن هذه الآية ناسخة لقوله : (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٢).

__________________

(١) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٨٦ ، ح ٢١٠.

(٢) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٢٨.

٢٣٧

س ١٦٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) (١٩١) [البقرة : ١٩١]؟!

الجواب / روي عن أئمتنا عليهم‌السلام : أن قوله تعالى : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) ناسخ لقوله : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ)(١).

وقال الشيخ الطبرسيّ في معنى هذه الآية : خاطب الله تعالى المؤمنين. مبينا لهم كيفية القتال مع الكافرين ، فقال : (وَاقْتُلُوهُمْ) أي : الكفار (حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) أي : وجدتموهم.

(وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) يعني : أخرجوهم من مكة ، كما أخرجوكم منها (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) أي : شركهم بالله ورسوله ، أعظم من القتل في الشهر الحرام. وقيل : لأن الكفر فساد يظهر عند الإختبار. وقوله (وَلا تُقاتِلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) أن يقتلوا حيث ما وجدوا.

وفي الآية دلالة على وجوب إخراج الكفار من مكة ، كقوله (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ). والسنة قد وردت أيضا بذلك وهو قوله : «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان» (٢).

س ١٦٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(١٩٢) [البقرة : ١٩٢]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : (فَإِنِ انْتَهَوْا) أي : أمتنعوا من كفرهم بالتوبة منه.

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٢٨.

(٢) نفس المصدر السابق : ص ٣٠.

٢٣٨

(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فاختصر الكلام لدلالة ما تقدم من الشرط عليه ، وفيه الدلالة على أنه يقبل توبة القاتل عمدا ، لأنه بين ، عز اسمه ، أنه يقبل توبة المشرك ، والشرك أعظم من القتل (١).

س ١٦٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ) (١٩٣) [البقرة : ١٩٣]؟!

الجواب / قال الباقر عليه‌السلام : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) أي شرك (٢).

وقال أحدهما عليهما‌السلام ـ أي الباقر أو الصادق ـ في قوله : (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) : قال : «لا يعتدي الله سبحانه على أحد ، إلّا على نسل قتلة الحسين عليه‌السلام» (٣).

س ١٦٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (١٩٤) [البقرة : ١٩٤]؟!

الجواب / سأل معاوية بن عمّار أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل قتل رجلا في الحلّ ، ثمّ دخل الحرم. فقال : «لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتّى يخرج من الحرم فيقام عليه الحدّ».

__________________

(١) نفس المصدر السابق : ص ٣١.

(٢) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٥١٣.

(٣) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٨٧ ، ح ٢١٦. (أقول : أي الذين رضوا بفعل أبائهم بقتل الحسين عليه‌السلام.

٢٣٩

قال معاوية : فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال : «يقام عليه الحدّ في الحرم ، لأنه لم ير للحرم حرمة ، وقد قال الله عزوجل : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) ـ فقال ـ : هذا هو في الحرّم ـ فقال ـ (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)(١).

س ١٦٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٩٥) [البقرة : ١٩٥]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لو أنّ رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبل الله ما كان أحسن ولا وفّق ، أليس يقول الله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يعني المقتصدين» (٢).

س ١٦٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة : ١٩٦]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : في قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) : «يعني بتمامهما : أدائهما ، واتّقاء ما يتّقي المحرم فيهما» (٣).

وقال عليه‌السلام في قوله : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) : «يجزيه شاة ، والبدنة والبقرة أفضل» (٤).

__________________

(١) الكافي : ج ٤ ، ص ٢٢٧ ، ح ٤ ، والآية البقرة : ١٩٣.

(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٥٣ ، ح ٧.

(٣) الكافي : ج ٤ ، ص ٢٦٤ ، ح ١.

(٤) تفسير العياشي : ١ : ٨٩ ، ٢٢٧.

٢٤٠