مستمسك العروة الوثقى - ج ١٢

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١٢

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٧٨

ذلك بعد الدخول فلا سقوط ، وإن كان قبله فيمكن أن يدعى عدم سقوطه أيضاً بمطلق المبطل [١] ، وإنما يسقط بالطلاق فقط مع أن المهر كان لسيدها [٢] لها. وكذا‌

______________________________________________________

[١] احتمل ذلك في الجواهر هنا ، وسيأتي تحقيق ذلك في المسألة السابعة من فصل نكاح العبيد والإماء ، وذكرنا هناك أن التحقيق بقاء تمام المهر ، لأن العقد لم ينفسخ ولم ينحل ، وإنما طرأ الطارئ على مورد العقد فمنع من بقاء أثره ، وما دام العقد باقياً لم ينحل يصح كل شرط فيه ، ومنه شرط المهر ، فلا وجه لتبعيضه ، ولا لسقوطه. فراجع.

[٢] هكذا في النسخ التي بأيدينا ، والصحيح كان لسيده ، والمراد منه غامض جداً. ويحتمل أن يكون مراد المصنف ما في الجواهر فإنه حكى عن المسالك وجامع المقاصد ضمان المهر في المقام. بل في الأول منهما جعل الضمان ظاهراً ، واستشكل عليه.

أولا : بحصول الاذن منها على فرض الصحة ولو في ضمن الإطلاق. وثانياً : بمنع فوات المهر عليها مع فرض عدم الفسخ من قبلها ، لكونه مستحقاً لها بالعقد.

ثمَّ قال : « ولعل مرادهما ضمان المهر لسيد العبد الذي هو الزوج » ، يعني : فلا يكون ضمان المهر للزوجة ، وكأن المصنف (ره) يريد بيان ذلك. هذا ولكن احتمال ذلك في كلام المسالك وجامع المقاصد بعيد جداً ، لذكر المهر في سياق النفقة التي هي إن كانت مضمونة فللزوجة. مع أنه لا وجه لضمان السيد مع اقدامه على بيع عبده ، إلا أن يكون المفروض الشراء من وكيله ، وحينئذ تشكل صحة الشراء إذا كان فيه ضرر على السيد ، ولو صح كان وكيل السيد ضامنا أيضاً كالعامل. مضافاً إلى أن ما فات على السيد هو زوجية عبده بعد أن صار حراً أجنبياً ، لا المهر ،

٣٦١

لا وجه للقول الثاني [١] بعد أن كان الشراء المذكور على خلاف مصلحتها ، لا من حيث استلزام الضرر المذكور [٢] بل لأنها تريد زوجها لأغراض أخر ، والإذن الذي تضمنه العقد منصرف عن مثل هذا [٣]. ومما ذكرنا ظهر حال ما إذا اشترى العامل زوجة المالك ، فإنه صحيح مع الاذن السابق أو الإجازة اللاحقة ، ولا يكفيه الاذن في العقد ، للانصراف.

( مسألة ٤٤ ) : إذا اشترى العامل من ينعتق على المالك فاما أن يكون بإذنه ، أو لا. فعلى الأول ولم يكن فيه ربح صح وانعتق عليه [٤] ، وبطلت المضاربة بالنسبة إليه [٥] ، لأنه خلاف وضعها وخارج عن عنوانها ، حيث أنها مبنية على طلب الربح المفروض عدمه ، بل كونه خسارة محضة ، فيكون‌

______________________________________________________

وفوات الزوجية حينئذ كيف يكون ضرراً مالياً على السيد حتى يكون مضموناً له. ثمَّ إن حمل كلام المصنف على هذا المعنى بعيد جداً عن العبارة ، فلا مجال له. ولعل في العبارة سقطاً.

[١] وان كان القائل به غير معلوم أيضاً كما في المسالك والجواهر ، وفي التذكرة : حكاه عن أبي حنيفة.

[٢] لما عرفت من المناقشة فيه.

[٣] دعوى الانصراف كلية غير ظاهرة. وكذا فيما بعده.

[٤] لا إشكال في الحكمين المذكورين ، عملاً بعموم الأدلة.

[٥] كما صرح به غير واحد ، منهم المحقق في الشرائع ، معللين له بما ذكر في المتن.

٣٦٢

صحة الشراء من حيث الاذن من المالك ، لا من حيث المضاربة وحينئذ فإن بقي من مالها غيره بقيت بالنسبة إليه [١] ، وإلا بطلت من الأصل. وللعامل أجرة عمله [٢] إذا لم يقصد التبرع.

______________________________________________________

[١] كما صرح به في الشرائع وغيرها ، لعدم الموجب للبطلان في الجميع كما لو تلف بعض المال أو أتلفه المالك أو استرده ، لأن العقد على الجميع قابل للتحليل والتجزئة ، لأنه على نحو تعدد المطلوب.

[٢] كما عن الإرشاد والمختلف وغيرهما. وعن المبسوط عدم الأجرة ، وظاهر المحقق الثاني الميل اليه ، بل لعل ظاهر الشرائع لعدم المقتضي لها ، إذ لا أمر بالعمل المذكور ، كي يكون استيفاءً موجباً للضمان. ومجرد الاذن في الشرائع لا يقتضي الأمر به. والإجماع على أن بطلان المضاربة يوجب ثبوت الأجرة ـ كما عن الفخر في الإيضاح ـ لا يشمل ما نحن فيه ، بل يختص بما إذا كان العمل بأمر من المالك في مقام الاسترباح ، وليس منه المقام.

نعم إذا كانت قرينة على كون الاستئذان للعمل بأجرة استحق المستأذن الأجرة ، وتكون الاذن منه كمعاملة على العمل بأجرة. أما إذا لم تكن قرينة فلا موجب لاستحقاقها وان لم يقصد المستأذن التبرع. وبذلك يظهر الفرق بين الأمر بالعمل وبين الاذن في العمل ، فإن الأول يوجب الضمان إلا إذا قصد المأمور التبرع ، والثاني لا يوجب الضمان إلا إذا قصد الآذن الأجرة ، ونحوه في ذلك الاذن في الاستيفاء ، فإنه لا يوجب ضمان المستوفي إلا إذا كانت قرينة على الضمان ، كإذن الحمامي في الاستحمام ، واذن صاحب المطعم في الأكل من طعامه ، فإنه يوجب الضمان للقرينة عليه ، فلو لم تكن قرينة لم يستوجب الضمان ، كما إذا أذن صاحب الدار في دخول داره والأكل من طعامه ، فإنه لا يضمن الداخل ولا الآكل ، فباب الاذن‌

٣٦٣

وإن كان فيه ربح فلا إشكال في صحته [١] ، لكن في كونه قراضاً ـ فيملك العامل بمقدار حصته من العبد [٢] ، أو يستحق عوضه على المالك للسراية [٣] ـ أو بطلانه مضاربة واستحقاق العامل أجرة المثل لعمله [٤] ـ كما إذا لم يكن ربح ـ أقوال ، لا يبعد ترجيح الأخير ، لا لكونه خلاف وضع المضاربة [٥] ، للفرق بينه وبين صورة عدم الربح [٦] ، بل لأنه فرع ملكية المالك المفروض عدمها [٧]. ودعوى : أنه لا بد أن يقال : إنه يملكه آناً ما ثمَّ ينعتق ، أو تقدر ملكيته ، حفظاً لحقيقة البيع ، على القولين في تلك المسألة [٨] وأي منهما‌

______________________________________________________

غير باب الأمر.

[١] عملاً بعموم الأدلة.

[٢] يعني بناءً على عدم السراية في مثله.

[٣] كما عن المبسوط. ويقتضيه الصحيح المتقدم في المسألة الرابعة والثلاثين‌

[٤] كما جعله الوجه في الشرائع والقواعد ، واختاره العلامة في كثير من كتبه ، وتبعهما عليه غير واحد ممن تأخر عنهما.

[٥] بذلك استدل في جامع المقاصد والمسالك على بطلان المضاربة فيه.

[٦] فإنه بعد أن كان المفروض حصول الربح يكون كسائر أنواع التجارة في مال المضاربة.

[٧] : يعني أن العامل انما يملك حصته من الربح بعد أن يكون الربح للمالك ، لأنه عوض ماله ، عملاً بمقتضى المعاوضة ، على ما عرفت في المسألة الأربعين ، وهنا يتعذر أن يكون الربح للمالك ، للانعتاق عليه.

[٨] يعني : القول بالملكية الفعلية والملكية التقديرية ، يعني : الملكية‌

٣٦٤

كان يكفي في ملكية الربح. مدفوعة [١] بمعارضتها بالانعتاق الذي هو أيضاً متفرع على ملكية المالك ، فان لها أثرين في عرض واحد ، ملكية العامل للربح. والانعتاق ، ومقتضى بناء العتق على التغليب تقديم الثاني ، وعليه فلم يحصل للعامل ملكية نفس العبد [٢] ، ولم يفوت المالك عليه أيضاً شيئاً [٣] ، بل فعل ما يمنع عن ملكيته. مع أنه يمكن أن يقال : إن التفويت من الشارع [٤] لا منه. لكن الإنصاف أن المسألة مشكلة ، بناء على لزوم تقدم ملكية المالك وصيرورته للعامل بعده ، إذ تقدم الانعتاق على ملكية العامل عند المعاوضة في محل المنع [٥]. نعم‌

______________________________________________________

على تقدير عدم المانع ، فان ذلك يكفي في صدق العوضية من الطرفين.

[١] كان المناسب أن يقول : مسلمة لكنها لا تجدي في ملك العامل لحصته من الربح ، لوجود المانع وهو الانعتاق من جهة التغليب‌

[٢] هذا يقتضي أن يكون المناسب له في تعليل اختيار الأخير أن يقول ـ بدل قوله : « لأنه فرع ملكية المالك » ـ : لتعذر ملكية العامل للربح.

[٣] يعني : فلا يكون المالك ضامناً لحصته من الربح للتفويت ، فيكون العامل مالكاً لبدل الحصة ، لأن الفوات كان بإقدام العامل على شراء من ينعتق على المالك ، لا بتسبيب المالك.

[٤] لكن تفويت الشارع لا يكون موضوع أثر شرعي ، والضمان يستند إلى فعل المكلف ، فمن ألقى نجاسة في دهن مائع كان ضامناً له للإتلاف ، وإن كان ذلك مستنداً الى حكم الشارع بنجاسة المائع.

[٥] لأن تغليب العتق لا دليل عليه كلية لكن إذا لم يكن يكون‌

٣٦٥

لو قلنا : إن العامل يملك الربح أولا بلا توسط ملكية المالك بالجعل الأولي حين العقد ، وعدم منافاته لحقيقة المعاوضة ، لكون العوض من مال المالك والمعوض مشتركاً بينه وبين العامل ـ كما هو الأقوى [١] ـ لا يبقى إشكال ، فيمكن أن يقال [٢] بصحته مضاربة ، وملكية العامل حصته من نفس العبد على القول‌

______________________________________________________

اللازم تساقط الدليلين ، وحينئذ يتم المدعى من عدم ملك العامل ، فتبطل المضاربة. اللهم إلا أن يقال : إن إطلاق ما دل على ملكية العامل للربح بعد أن يملكه المالك لا يصلح لتشريع الأحكام المخالفة للأحكام الاقتضائية فإذا كان ملك المالك يقتضي الانعتاق فلا تصلح أدلة مشروعية المضاربة لمنع ذلك.

[١] تقدم ذلك في المسألة الأربعين.

[٢] المذكور في جامع المقاصد والمسالك وغيرهما في توجيه بطلان المضاربة في المقام : اعتبار صلاحية المال للتقليب مرة بعد أخرى فيها ، وهو منتفٍ في المقام ، للانعتاق بمجرد الشراء. وفي الجواهر : استشكل في ذلك بل منع من اعتبار ذلك في مفهوم المضاربة بالنسبة الى جميع المال. وكأنه لذلك لم يعتن بهذا الوجه المصنف. وفيه : أنه لا إطلاق لفظي في دليل المضاربة يشمل المقام ، والإطلاق المقامي قاصر عنه ، للشك في صدق المضاربة فيه. ونحوه مما كان المال لا يقبل التقليب ، والأصل عدم ترتب الأثر. وعموم صحة العقود وإن كان يقتضي الصحة ، لكن لا بعنوان المضاربة ، كما سبق في نظيره من شروط المضاربة ، لكن لا بعنوان المضاربة ، كما سبق في نظيره من شروط المضاربة. اللهم إلا أن يكون داخلاً في عموم المضاربة للصحيح المتقدم في المسألة الرابعة والثلاثين ، وكفى به دليلا على صحة المضاربة حينئذ وإن كان مختصاً بالجهل.

٣٦٦

بعدم السراية [١] ، وملكيته عوضها إن قلنا بها. وعلى الثاني ـ أي إذا كان من غير إذن المالك ـ فإن أجاز فكما في صورة الاذن ، وإن لم يجز بطل الشراء. ودعوى : البطلان ولو مع الإجازة [٢] ، لأنه تصرف منهي عنه ، كما ترى ، إذ النهي ليس عن المعاملة بما هي ، بل لأمر خارج [٣] ، فلا مانع من صحتها مع الإجازة. ولا فرق في البطلان مع عدمها بين كون العامل عالماً بأنه ممن ينعتق على المالك حين الشراء أو‌

______________________________________________________

[١] بناءً على اختصاصها بالعتق الاختياري ، فلا يشمل المقام وإن كان سببه اختيارياً وهو الاذن في الشراء. وستأتي الإشارة الى ذلك في المسألة الآتية.

[٢] قال في القواعد : « وإن لم يأذن فالأقرب البطلان إن كان الشراء بالعين أو في الذمة وذكر المالك ، وإلا وقع للعامل ». وفي جامع المقاصد : « يظهر من تقرير الشارح الفاضل أن مراد المصنف بالبطلان أنه لا يقع موقوفاً ، بل يقع باطلا ، لاستلزام عقد القراض النهي عن هذا التصرف » ، ونحو عبارة القواعد عبارة الشرائع واحتمل في المسالك ما حكى عن شرح الفاضل من البطلان حتى مع الإجازة ، للنهي المذكور في المتن.

[٣] لم يتضح وجود هذا النهي حتى يتكلم في معناه ، بل ليس الا ما دل على المنع من التصرف في مال الغير بغير إذنه ، ولا بد ـ بناء على صحة الفضولي ـ من حمله على الإرشاد إلى عدم الصحة بدون الإجازة. وبالجملة : لا دليل بالخصوص على النهي ، ولا على البطلان وإنما هو من صغريات باب الفضولي ، فإذا بني على صحته بالإجازة فلا بد من البناء على ذلك في المقام.

٣٦٧

جاهلا ، والقول بالصحة مع الجهل [١] ، لأن بناء معاملات العامل على الظاهر ، فهو كما إذا اشترى المعيب جهلاً بالحال [٢] ضعيف ، والفرق بين المقامين واضح [٣]. ثمَّ لا فرق في البطلان بين كون الشراء بعين مال المضاربة ، أو في الذمة بقصد الأداء منه [٤] وإن لم يذكره لفظاً. نعم لو تنازع هو والبائع في كونه لنفسه أو للمضاربة قدم قول البائع ، ويلزم العامل به ظاهراً ، وإن وجب عليه التخلص منه [٥] ، ولو لم‌

______________________________________________________

[١] قال في القواعد : « في جاهل النسب والحكم إشكال » ووجهه ـ كما في جامع المقاصد والمسالك ـ ما ذكره في المتن.

[٢] هذا التمثيل ذكره في المسالك ، واعتمد عليه.

[٣] فرق في الجواهر بين المقامين : بأن مبنى المضاربة على الاجتهاد بالنسبة إلى العيب وعدمه والرغبة فيها وعدمها ، فالخطأ والصواب من توابع المضاربة ، ضرورة جريانها على المتعارف في اعمال التجارة ، بخلاف المقام الذي لم يكن حاضراً في الذهن ، ولا هو متعارف التجارة. انتهى. وحاصله : أن شراء المعيب مأذون فيه كشراء الصحيح ، لأنه يكون مورداً للغبطة والفائدة كالصحيح ، وطرو التعلف لا يقدح في الاذن كطروه في شراء الصحيح ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنه غير مأذون فيه ، كما هو المفروض.

[٤] قد تقدم ما في القواعد من الصحة للعامل مع عدم ذكر المالك وهو ظاهر الشرائع أيضاً ، وفيه : أنه يلزم وقوع ما لم يقصد. اللهم إلا أن يكون مقصودهما الوقوع للعامل ظاهراً وفي مقام الإثبات ، فمع النزاع بين البائع والمشتري إذا ادعى البائع أنه للعامل كان قوله موافقاً للحجة ، ويكون خصمه مدعياً. أما مع الاتفاق على قصد المالك فالحكم البطلان.

[٥] لبقائه على ملك البائع ، فيجب عليه رده عليه. وأخذه من باب‌

٣٦٨

يذكر المالك لفظاً ولا قصداً كان له ظاهراً وواقعاً [١].

( مسألة ٤٥ ) : إذا اشترى العامل أباه أو غيره ممن ينعتق عليه ، فان كان قبل ظهور الربح ولا ربح فيه أيضاً [٢] صح الشراء [٣] وكان من مال القراض ، وإن كان بعد‌

______________________________________________________

المقاصة للبائع في مقابل أخذه الثمن ، غير ظاهر ، إذ لا دليل عليها فيما إذا كان المقاص عنه ممتنعاً عن دفع الحق عن شبهة.

[١] إذا لم يذكر المالك لفظاً ولا قصداً وكان الشراء بالعين ، فالمبادلة تكون بين العينين. وينتقل كل منهما الى ملك مالك الآخر ، وإذا كان الشراء بالذمة فلا بد من تعيين الذمة ، وإلا لم يكن البدل ذا مالية ، ولا صالحاً للمبادلة به لا عوضاً ولا معوضاً. نعم لا يعتبر التعيين التفصيلي بل يكفي التعيين الإجمالي الارتكازي ، والمرتكز في الذهن من قول القائل : اشتريت هذا بدينار : أنه بدينار في ذمتي ، فيكون الشراء القائل لا لغيره.

[٢] لم يظهر وجه المقابلة بين الأمرين ، ولذلك كانت العبارات خالية عن الجمع ، فمنهم من ذكر الظهور ، قال في الشرائع : « إذا اشترى العامل أباه فإن ظهر فيه ربح انعتق .. » ، ومنهم من ذكر الربح ، قال في المسالك : « فان لم يكن فيه ربح سابقاً ولا لاحقاً فالبيع صحيح. » وكأنه يريد من ظهور الربح خصوص ارتفاع السوق بعد الشراء ، ومن الربح زيادة القيمة حال الشراء ، وإن كان ذلك لا يناسب ما يأتي في الصورة الأخرى.

وبالجملة الصور ثلاث ، لأنه تارة : يظهر الربح حين الشراء ، وأخرى : بعد ذلك ، وثالثة : لا يظهر لا حال الشراء ولا بعد ذلك. والصورة الثالثة واضحة الحكم عندهم وهي الصورة الاولى في كلام المصنف وفي كلام المسالك.

[٣] بلا اشكال ، وفي جامع المقاصد : « قطعاً ، لعدم المانع » وفي‌

٣٦٩

ظهوره أو كان فيه ربح ، فمقتضى القاعدة وإن كان بطلانه [١] لكونه خلاف وضع المضاربة ، فإنها موضوعة ـ كما مر ـ للاسترباح بالتقليب في التجارة ، وللشراء المفروض من حيث استلزامه للانعتاق ليس كذلك ـ إلا أن المشهور ـ بل ادعي عليه الإجماع [٢] صحته ، وهو الأقوى في صورة الجهل بكونه ممن ينعتق عليه ، فينعتق مقدار حصته من الربح منه ، ويسري في البقية ، وعليه عوضها للمالك مع يساره ، ويستسعى العبد فيه مع إعساره [٣].

______________________________________________________

المسالك : « إذ لا ضرر فيه على أحد ، ولا عتق ». والمراد لزوم العمل بعموم الأدلة لما لم يكن مخصص.

[١] كما احتمله في القواعد ، لما في المتن ، ونسب إلى جماعة ، وجعله في المسالك أحد الوجوه في المسألة.

[٢] وفي القواعد : أن الصحة أقرب. وعن ظاهر التذكرة : أنه إجماعي ، وفي الجواهر : « بلا خلاف أجده فيه ، كما اعترف به غير واحد بل عن الغنية والسرائر : الإجماع عليه » ، وعن مجمع البرهان : نسبته إلى فتوى الفقهاء تارة ، وإلى نفي الخلاف أخرى.

[٣] هذا أحد الوجوه أو الأقوال وخارج عن معقد الإجماع ونفي الخلاف ، والمنسوب اليه قليل ، والمذكور في معاقد الإجماع ونفي الخلاف ما في الشرائع وغيرها من أنه يسعى المعتق في باقي قيمته ، سواء كان العامل موسراً أم معسراً ، بدعوى : أنه ظاهر الصحيح الآتي ، وفي المسالك : أنه مقتضى إطلاق الرواية. ومن ذلك تعرف أن بيان المصنف لا يخلو من قصور ، فقد يظهر منه أن التفصيل بين اليسار والإعسار معقد الشهرة‌

٣٧٠

لصحيحة ابن أبي عمير [١] عن محمد بن قيس عن الصادق (ع) « في رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة ، فاشترى أباه وهو لا يعلم قال (ع) : يقوم ، فإن زاد درهماً واحداً انعتق واستسعى في مال الرجل ». وهي مختصة بصورة الجهل [٢] المنزل عليها إطلاق كلمات العلماء أيضاً [٣]. واختصاصها بشراء الأب لا يضر ، بعد كون المناط كونه ممن ينعتق عليه [٤] كما أن اختصاصها بما إذا كان فيه ربح لا يضر أيضاً ، بعد عدم الفرق بينه وبين الربح السابق [٥] وإطلاقها من حيث اليسار والإعسار في الاستسعاء أيضاً منزل على الثاني ، جمعا

______________________________________________________

والإجماع ، وليس كذلك. وكأن مراده دعوى الإجماع على الصحة فقط.

[١] قد تقدم ذكر هذا الصحيح في المسألة الرابعة والثلاثين‌

[٢] كما هو مصرح به في الصحيحة.

[٣] لعدم الوثوق بإرادة الأعم منه ، كما في الجواهر. لكن يتم ذلك لو كان الحكم خلاف الأصل ـ كما أشرنا إليه سابقاً ـ وإلا أمكن الرجوع الى الأصل المقتضي للصحة وإن كان النص قاصراً عنه.

[٤] كما يقتضيه الارتكاز العرفي ، فيكون قرينة على العموم ، كما هو ظاهر بعض الكلمات كالقواعد ـ وان كان بعضها الآخر ـ كالشرائع ـ الاختصاص بالأب. لكن في المسالك : أن الحكم عام ، والتخصيص بالأب في الشرائع من جهة أنه مورد الرواية.

[٥] قد عرفت الإشكال في المراد من ذلك ، ولو أريد منه الربح السابق على الشراء فليس ذلك موضوعاً لأي أثر شرعي ، بل إن بقي حال الشراء فبقاؤه موضوع الأثر وان زال لم يترتب عليه شي‌ء.

٣٧١

بين الأدلة [١]. هذا ولو لم يكن ربح سابق [٢] ولا كان فيه أيضاً ، لكن تجدد بعد ذلك قبل أن يباع ، فالظاهر أن حكمه أيضاً الانعتاق والسراية ، بمقتضى القاعدة [٣]. مع إمكان دعوى شمول إطلاق الصحيحة أيضاً للربح المتجدد فيه [٤] فيلحق به الربح الحاصل من غيره [٥] ، لعدم الفرق.

______________________________________________________

[١] كما في المسالك والجواهر. والمراد الجمع بين الصحيح المذكور وما دل على ضمان المعتق مع يساره. لكن عموم ذلك المقام محل تأمل ، بل منع ، لاختصاص ذلك بما إذا أعتقه ، فلا يشمل ما إذا اشتراه فانعتق. وعليه فلا موجب لتقييد النص في المقام ، ولا وجه للتفصيل المذكور في المتن ، الذي جعله في القواعد أقرب.

[٢] قد عرفت إشكاله.

[٣] قد عرفت إشكاله. وأن أدلة السراية مختصة بما إذا أعتق شقصاً وهو لا يشمل ما نحن فيه. وربما استشكل في السراية في المقام حتى بناء على عموم الدليل لمطلق العتق الاختياري ، لأن الموجب للعتق ارتفاع السوق وهو خارج عن الاختيار. وفيه : أنه يكفي في الاختيار الاختيار في بعض المقدمات.

[٤] كما في المسالك والجواهر. وهو كذلك ، فان قوله (ع) : « يقوّم » يشمل ما كان التقويم والزيادة حال الشراء وبعده ، فاذاً الواجب عموم الحكم للمقامين.

[٥] يعني : إذا لم تزد قيمة العبد على ثمنه لكن زادت قيمة الأعيان الأخرى ، فإن زيادتها توجب ملكية العامل لحصته في جميع مال المضاربة ومنها العبد ، فينعتق ويسري العتق في الباقي ، ويستسعى العبد ، كما أشار الى ذلك في الجواهر. وقد يشكل : بأن الحكم بالسراية على خلاف الأصل‌

٣٧٢

( مسألة ٤٦ ) : قد عرفت أن المضاربة من العقود الجائزة [١] وأنه يجوز لكل منهما الفسخ إذا لم يشترط لزومها في ضمن عقد لازم ، بل أو في ضمن عقدها أيضاً. ثمَّ قد يحصل الفسخ من أحدهما ، وقد يحصل البطلان والانفساخ لموت أو جنون ، أو تلف مال التجارة بتمامها ، أو لعدم إمكان التجارة لمانع أو نحو ذلك ، فلا بد من التكلم في حكمها من حيث استحقاق العامل للأجرة وعدمه ، ومن حيث وجوب الإنضاض عليه وعدمه إذا كان بالمال عروض ، ومن حيث وجوب الجباية عليه وعدمه إذا كان به ديون على الناس ، ومن حيث الجباية عليه وعدمه إذا كان به ديون على الناس ، ومن حيث وجوب الرد إلى المالك وعدمه ، وكون الأجرة عليه أو لا ، فنقول : إما أن يكون الفسخ من المالك ، أو العامل ، وأيضاً إما أن يكون قبل الشروع في التجارة أو في مقدماتها أو بعده ، قبل ظهور الربح أو بعده ، في الأثناء أو بعد تمام التجارة ، بعد إنضاض الجميع أو البعض أو قبله ،

______________________________________________________

فلا يصار اليه إلا بدليل ، وهو مفقود في المقام ، لعدم شمول النص له ولا دليل سواه. اللهم إلا أن يستفاد من النص بمقتضى الارتكاز العرفي الموجب لتنقيح المناط. ومثله في الاشكال ما إذا زادت قيمة العبد ونقصت قيمة غيره من الأعيان بحيث لا ربح في المجموع ، فلا يملك العامل حصته من الربح لا في العبد ولا في غيره ، فان مقتضى النص شمول الفرض ، لكن القرينة على العدم ظاهرة ، كما أشار الى ذلك في الجواهر أيضاً. وكان على المصنف التنبيه عليه.

[١] تقدم ذلك كله في المسألة الثانية.

٣٧٣

قبل القسمة أو بعدها ، وبيان أحكامها في طي مسائل :

الأولى : إذا كان الفسخ أو الانفساخ ولم يشرع في العمل ولا في مقدماته فلا إشكال ولا شي‌ء له ولا عليه [١] وإن كان بعد تمام العمل والإنضاض فكذلك [٢] ، إذ مع حصول الربح يقتسمانه [٣] ، ومع عدمه لا شي‌ء للعامل ولا عليه إن حصلت خسارة ، إلا أن يشترط المالك كونها بينهما على الأقوى من صحة هذا الشرط [٤] ، أو يشترط العامل على المالك شيئاً إن لم يحصل ربح [٥]. وربما يظهر من إطلاق بعضهم ثبوت أجرة المثل مع عدم الربح [٦]. ولا‌

______________________________________________________

[١] لعدم الموجب لذلك كله.

[٢] يعني : لا شي‌ء له بعد ذلك ولا عليه ، لعدم الموجب أيضاً.

[٣] عملاً بالمضاربة التي انتهت.

[٤] تقدم الكلام في ذلك في المسألة الرابعة.

[٥] كأنه لصحة الشرط المذكور ، عملا بعموم : « المؤمنون عند شروطهم » (١). لكن بعد فسخ العقد يبطل الشرط معه ، ولا يجب العمل به. نعم قد تجب أجرة المثل أو أقل الأمرين من أجرة المثل والشرط ، لقاعدة : الضمان بالاستيفاء ، كما يظهر من ملاحظة ما يأتي في بيان ضعف القول الآتي.

[٦] قال في التذكرة : « فإن فسخا العقد أو أحدهما فإن كان قبل العمل عاد المالك في رأس المال ، ولم يكن للعامل أن يشتري بعده ، وإن كان قد عمل فان كان المال ناضا ولا ربح فيه أخذه المالك أيضاً ،

__________________

(١) مستدرك الوسائل كتاب التجارة باب : ٥ من أبواب الخيار حديث : ٧ ، غوالي اللئالي عن النبي (ص) أنه قال : « المؤمنون عند شروطهم » الجزء : ١ صفحة : ٤٧٣.

٣٧٤

وجه له أصلاً ، لأن بناء المضاربة على عدم استحقاق العامل لشي‌ء سوى الربح على فرض حصوله ، كما في الجعالة [١].

الثانية : إذا كان الفسخ من العامل في الأثناء قبل حصول الربح فلا أجرة له [٢] لما مضى من عمله. واحتمال استحقاقه ، لقاعدة الاحترام ، لا وجه له أصلا [٣]. وإن كان من المالك ، أو حصل الانفساخ القهري ، ففيه قولان [٤] ، أقواهما العدم أيضاً بعد كونه هو المقدم على المعاملة الجائزة التي مقتضاها عدم استحقاق شي‌ء إلا الربح ، ولا ينفعه بعد‌

______________________________________________________

وكان للعامل أجرة عمله الى ذلك الوقت أيضاً ». وهو صريح في استحقاق العامل الأجرة حتى مع فسخه وكون المال ناضاً ولا ربح فيه. وفي الجواهر : نسبته إلى الغرابة وهو كذلك ، إذ هو خلاف مبنى المضاربة ضرورة ، ولذا قال في القواعد : « وإذا فسخ القراض والمال ناض لا ربح فيه أخذه المالك ، ولا شي‌ء للعامل ».

[١] فإنه لا إشكال في عدم استحقاق العامل شيئاً إذا لم يحصل الأمر المجعول له.

[٢] لما عرفت من كونه مقتضي المضاربة.

[٣] لأن قاعدة الاحترام لو صح أنها موجبة لضمان العمل فذلك فيما لم يكن متبرعاً به ، والمفروض في المقام ذلك بعد كونه مقتضى المضاربة على أنك قد عرفت أنها لا توجب الضمان ، لأن احترامه يقتضي حرمة اغتصابه ، لا ضمان ما يقع منه.

[٤] قال في الشرائع : « إذا فسخ المالك صح ، وكان للعامل أجرة المثل الى ذلك الوقت » ، ونحوه ما في المختصر النافع وعن الإرشاد واللمعة‌

٣٧٥

______________________________________________________

والروض (١). وعلله في المسالك : بأن عمله محترم صدر بإذن المالك لا على وجه التبرع بل في مقابلة الحصة ، وقد فاتت بفسخ المالك قبل ظهور الربح ، فيستحق أجرة المثل إلى حين الفسخ. واستشكل فيه : بأنه لم يقدم إلا على الحصة على تقدير وجودها ، ولو لم توجد فلا شي‌ء له ، والمالك مسلط على الفسخ حيث شاء. ثمَّ قال : « ويمكن دفعه : بأنه إنما جعل الحصة خاصة على تقدير استمراره وهو يقتضي عدم عزله قبل حصولها ، فاذا خالف فقد فوتها عليه ، فتجب عليه أجرته ، كما إذا فسخ الجاعل بعد الشروع في العمل ». وقد ذكر ذلك كله جامع المقاصد ، غير أنه لم ينتظر فيه ، وفي المسالك قال : « وفيه نظر ، لأن رضاها بهذا العقد قدوم على مقتضياته ومنها جواز فسخه في كل وقت ، والأجرة لا دليل عليها ». وظاهره البناء على عدم الأجرة ، كما أن ظاهر جامع المقاصد البناء عليها ، والعمدة عنده فيها تفويت المالك. وفي القواعد : « وإذا فسخ المالك القراض ففي استحقاق العامل أجرة المثل إلى ذلك الوقت نظر » ، وظاهره الميل إلى عدم الأجرة. واختاره في الجواهر وغيرها.

والوجه في العدم أصالة البراءة ، لأن ما يحتمل أن يكون موجباً للأجرة أمور كلها ضعيفة. ( الأول ) : قاعدة الاحترام ، وهي لا تصلح لإثبات الحكم الوضعي : كما سبق. ولو سلم اختصت بما إذا لم يكن في مقام التبرع. ( الثاني ) : قاعدة الاستيفاء وفيها أيضاً الإشكال المذكور. ( الثالث ) : التفويت ، كما عرفت من جامع المقاصد. لكن لا دليل‌

__________________

(١) حكاه عنه في مفتاح الكرامة الجزء : ٧ صفحة : ٥٠٦ وتكرر النقل عنه في مواضع من كلامه في هذه المباحث ، وصرح في بعضها أنه شرح للإرشاد الجزء : ٧ صفحة : ٥١٥ والمعروف أن الكتاب المذكور لم يخرج منه غير كتاب الطهارة والصلاة وهو المطبوع ، وهو الظاهر من كتاب الذريعة الى تصانيف الشيعة الجزء : ١١ الصفحة : ٢٧٥.

٣٧٦

ذلك كون إقدامه من حيث البناء على الاستمرار [١].

الثالثة : لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف جملة من رأس المال في نفقته ، فهل للمالك تضمينه مطلقاً أو إذا كان [٢] لا لعذر منه؟ وجهان ، أقواهما العدم لما ذكر من جواز المعاملة وجواز الفسخ في كل وقت [٣] فالمالك هو المقدم على ضرر نفسه [٤].

الرابعة : لو حصل الفسخ أو الانفساخ قبل حصول الربح وبالمال عروض لا يجوز للعامل التصرف فيه بدون إذن المالك [٥] ببيع ونحوه وإن احتمل تحقق الربح بهذا البيع ،

______________________________________________________

على سببية التفويت وأنه كإتلاف موجب للضمان. ولا سيما إذا كان بحكم الشارع.

ثمَّ إن القولين المذكورين إنما هما في صورة فسخ المالك ، أما في صورة الانفساخ القهري فلم يعرف القول بضمان المالك للأجرة ، وليس هو إلا في خصوص صورة فسخ المالك لا غير. فلاحظ كلماتهم.

[١] إذ البناء المذكور لا يوجب ضمان الأجرة.

[٢] يعني : الفسخ.

[٣] يعني : فلا مقتضي للضمان. ولأن للسفر كان بإذن المالك وصرف المال فيه أيضاً كان بإذنه ، وذلك لا يوجب الضمان.

[٤] إنما يتم ذلك إذا كان المالك يحتمل الفسخ ، أما إذا كان لا يحتمله فلا إقدام منه. فالعمدة عدم موجب للضمان لا حال السفر ولا حال الفسخ.

[٥] كما في الشرائع وغيرها. وحكى فيها قولا بالجواز ، ونسب في غيرها الى المبسوط وجامع الشرائع. ولكنه غير ظاهر ، إذ الفسخ رافع‌

٣٧٧

بل وإن وجد زبون يمكن أن يزيد في الثمن فيحصل الربح. نعم لو كان هناك زبون بانٍ على الشراء بأزيد من قيمته لا يبعد جواز إجبار المالك على بيعه منه [١] ، لأنه في قوة وجود الربح فعلاً. ولكنه مشكل [٢] مع ذلك ، لأن المناط كون الشي‌ء في حد نفسه زائد القيمة ، والمفروض عدمه. وهل يجب عليه البيع والإنضاض إذا طلبه المالك أولا؟ قولان ، أقواهما عدمه [٣] ودعوى [٤] : إن مقتضى‌ قوله (ع) : « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » (١) وجوب رد المال إلى المالك كما كان ، كما ترى [٥].

______________________________________________________

للإذن في التصرف ، ومنه البيع ، فلا وجه لجوازه بدون إذن المالك.

[١] كما في المسالك ، وكذا في القواعد على إشكال منه.

[٢] كما في الجواهر ( أولا ) : بما في المتن ( وثانياً ) : بأنه لا سلطنة له على المالك في صورة ظهور الربح الذي لا يزيد على كونه شريكاً. ضرورة أنه لا سلطنة للشريك على بيع مال الشركة بغير إذن شريكه.

[٣] كما جزم به في الشرائع ، وعن الروضة وفي المسالك : « لعله الأقوى في صورة عدم الربح ». اعتماداً منهم على أصالة البراءة ، وعن جامع الشرائع : الوجوب ، وعن موضع من المبسوط : موافقته ، وفي القواعد : « ولو طلب العامل بيعه فان لم يكن ربح ، أو كان وأسقط العامل حقه منه ، فالأقرب إجباره على البيع ليرد المال كما أخذه ».

[٤] ذكر ذلك في جامع المقاصد ، ورده بأن الظاهر منه رد المأخوذ أما رده على ما كان عليه فلا دلالة له ، والتغيير بما حدث كان بإذن المالك وأمره.

[٥] إذ مال المالك حال الفسخ هو العروض بعد كون الشراء بإذنه‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ١ من كتاب الوديعة حديث : ١٢ ، كنز العمال الجزء : ٥ صفحة : ٢٥٧.

٣٧٨

الخامسة : إذا حصل الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح قبل تمام العمل أو بعده ، وبالمال عروض ، فان رضيا بالقسمة كذلك فلا إشكال ، وإن طلب العامل بيعها فالظاهر عدم وجوب إجابته [١] وإن احتمل ربح فيه ، خصوصاً إذا كان هو الفاسخ. وإن طلبه المالك ففي وجوب اجابته وعدمه وجوه ، ثالثها التفصيل بين صورة كون مقدار رأس المال‌

______________________________________________________

والعروض هو الذي يجب رده وأداؤه ، لا أصل المال. على أن الحديث المذكور وارد في ضمان المأخوذ وأنه في ذمة الآخذ ، لا في الحكم التكليفي ـ الذي هو وجوب الرد ـ ليكون مما نحن فيه. وكان الأولى التمسك بوجوب رد الأمانات ، وإن كان يشكل أيضاً بما عرفت.

[١] وفي المسالك : « فيه وجهان ، مأخذهما إمكان وصول العامل إلى حقه بقسمة العروض وإسقاط باقي العمل عنه تخفيف من المالك لأنه حقه ، فلا يكلف الإجابة إلى بيع ماله بعد فسخ المعاملة ، وإن حال العامل لا يزيد على حال الشريك ، ومعلوم أنه لا يكلف شريكه إجابته إلى البيع. ومن وجوب تمكين العامل من الوصول الى غرضه الحاصل بالاذن ، وربما لم يوجد راغب في شراء بعض العروض ، أو وجد لكن بنقصان ، أو رجى وجود زبون يشتري بأزيد ، فيزيد الربح ، ولا ريب أن للعامل مزية على الشريك ، من حيث أن حقه يظهر بالعمل ، والربح عوضه » ، ونحوه في جامع المقاصد.

ولا يخفى أن الوجه الثاني لا يرجع إلى محصل يخرج به عن قواعد الشركة ، المانعة من تسلط الشريك على إجبار شريكه الآخر ، كما هو ظاهر بالتأمل. ومن ذلك يظهر ضعف ما في القواعد : من أنه يجبر المالك على إجابته.

٣٧٩

نقداً فلا يجب ، وبين عدمه فيجب [١] ، لأن اللازم تسليم مقدار رأس المال كما كان ، عملا‌ بقوله (ع) : « على اليد .. » والأقوى عدم الوجوب مطلقاً ، وإن كان استقرار ملكية العامل الربح موقوفاً على الإنضاض ولعله يحصل الخسارة بالبيع ، إذ لا منافاة ، فنقول : لا يجب عليه الإنضاض بعد الفسخ لعدم الدليل عليه ، لكن لو حصلت الخسارة بعده قبل القسمة ، بل أو بعدها يجب جبرها بالربح ، حتى أنه لو أخذه يسترد منه.

السادسة : لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب‌

______________________________________________________

[١] كما في القواعد ، قال : « وكذا يجبر مع الربح. ولو نض قدر رأس المال فرده العامل لم يجبر على إنضاض الباقي ، وكان مشتركاً بينهما » وهو ظاهر جامع المقاصد ، بل وظاهر المسالك في آخر كلامه ، وفي صدر كلامه أطلق الوجوب ، لكن مورده صورة ما لو كان الفسخ قبل الإنضاض. وظاهر الشرائع عدم الوجوب وحكي عن التحرير ، وفي الجواهر جعل مبنى الخلاف هنا الخلاف فيما يتحقق به الاستقرار ـ يعني استقرار ملك العامل للربح ـ فان قلنا بتحققه بالفسخ لم يكن للمالك الإجبار وإن قلنا بتوقفه على الإنضاض ، لأنه من تتمة المضاربة ، فلا بد من البناء على الوجوب ، لأن فرض كونه من تتمة المضاربة مساوق لوجوبه ، كما لو لم يتحقق الفسخ.

وظاهر المتن المنع من الابتناء المذكور ، لإمكان التفكيك بين البناء على كون الإنضاض من تتمة المضاربة ، بلحاظ جبران الخسارة بالربح وإن حصل الفسخ بينهما ، وبين البناء على عدم كونه من تتمتها بلحاظ وجوبه على العامل ، لأن ثبوت هذه الأمور ليس من مقتضى المضاربة ، لأن‌

٣٨٠