وهو غلط ؛ لأنّه يجعله كالمدّعي في الدعوى على المنكر ، أمّا أنّه يجب له الرجوع بما أدّاه فلا وجه له أصلاً ، وأكثر ما يجب لمن قضى دَيْن غيره أن يقوم مقام صاحب الدَّيْن ، وصاحب الدَّيْن هنا لم يجب له حقٌّ ، ولا يلزم الأداء إليه ، ولا يثبت له أكثر من جواز الدعوى ، فكذلك هنا.
ويشترط في جواز الدعوى أن يعلم صدق المدّعي ، فإن لم يعلم لم يجز له دعوى شيءٍ لا يعلم ثبوته.
وإذا صالح عنه بإذنه ، فهو وكيله ، والتوكيل في ذلك جائز.
ثمّ إن أدّى عنه بإذنه رجع عليه ، وهذا قول الشافعي (١) ، وإن أدّى عنه بغير إذنه متبرّعاً لم يرجع بشيءٍ.
وإن قضاه محتسباً بالرجوع ، احتُمل الرجوع ؛ لأنّه قد وجب عليه أداؤه بعقد الصلح ، بخلاف ما إذا صالح وقضى بغير إذنه ، فإنّه قضى ما لا يجب على المنكر قضاؤه.
مسألة ١١٠٧ : إذا صالحه على سكنى دارٍ أو خدمة عبدٍ ونحوه من المنافع المتعلّقة بالأعيان ، صحّ بشرط ضبط المدّة ، ولا يكون ذلك إجارةً ، بل عقداً مستقلاًّ بنفسه ، خلافاً للشافعي (٢).
فإن تلفت الدار أو العبد قبل استيفاء شيءٍ من المنفعة ، انفسخ الصلح ، ورجع بما صالح عنه.
وإن تلف بعد استيفاء بعض المنفعة ، انفسخ فيما بقي من المدّة ، ورجع بقسط ما بقي.
ولو صالحه على أن يزوّجه جاريته ، لم يصح ؛ لأنّ البُضْع لا يقع في
__________________
(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٧٣ ، البيان ٦ : ٢٢٨ ، المغني ٥ : ١٤.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٤٣ ، البيان ٦ : ٢٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢٨.