تفسير الثمرات اليانعة - ج ٣

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]

تفسير الثمرات اليانعة - ج ٣

المؤلف:

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة التراث الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ) والآكل هو المالك ، وهو الذي أمر بإيتاء الحق ، وكذلك قوله تعالى : (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) فدل الظاهر أن العشر على من له الخارج.

وقال أبو حنيفة : يجب على المؤجر ؛ لأنه قد صار بدل المنافع إليه.

الثمرة الخامسة : إذا زرع المسلم أرضا خراجية فإن وجوب الخراج لا يسقط العشر ، وعموم قوله تعالى : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) وقوله تعالى : (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) يقضي بوجوب العشر عليه ، وهذا قول القاسم ، والمؤيد بالله والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي ، وربيعة ، والليث ، والزهري ، وشريك ، وعمر بن عبد العزيز ، وابن أبي ليلى.

وقال الناصر : يجب العشر وحده.

وقال أبو حنيفة : الخراج وحده.

شبهة الناصر : أنه إنما أخذ الخراج بدلا من العشر ، لما كان لا يجب على الكافر ، فأما المسلم فالواجب الأصلي عليه هو العشر.

شبهة أبي حنيفة : أن فعل عمر وغيره من الصحابة ـ بيان لما يجب في الأرض فلا يغير.

[الثمرة] السادسة : إذا زرعت الأرض مرتين في السنة كانتا كالزراعة الواحدة فتضم ، وتجب الزكاة لعموم الأدلة ، ولأن ما كان يضم لو خرج دفعة ضمّ وإن خرج دفعات ، وهو قول أبي طالب ، ورواية عن أبي يوسف.

وقال محمد : ورواية عن أبي يوسف : لا يضم.

فأما لو كان في سنتين فإنه لا يضم ، وذلك اتفاق بين من اعتبر النصاب ، والأرجح أن يضم التي في آخر الحول إلى التي في أوله ، لا إلى التي في أول الحول الثاني ، فتسقط الزكاة من ثلث نصاب في أول الحول ،

٢٦١

ونصف في آخره ، ونصف في أول الثالث (١) ، وقد قال بهذا المنصور بالله ، والأمير علي بن الحسين.

وعن ابن معرف ، والسيد يحيى (٢) : يجب في الآخرين.

[الثمرة] السابعة : تعلق بقوله تعالى : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وهذا نهي عن الإسراف ، ثم إنه تعالى أكد النهي بقوله : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).

واختلف المفسرون من أريد بالخطاب؟ فقيل : إن هذا خطاب لأرباب الأموال عن الإسراف ، وهو مجاوزة الحد.

قال أبو العالية ، وابن جريج : المراد إعطاء ما فوق الزكاة ، وعلى هذا ما روي في سبب النزول ، ويكون ذلك إذا كان يضر بعوله ، أو يتكفف ، وعلى هذا يحمل خبر البيضة.

وقيل : أراد بالإسراف الترك لما يجب من العشر ، وقيل : لا تسرفوا بالأكل قبل الحصاد كيلا يؤدي إلى بخس حق الفقراء ، عن أبي مسلم ، وهذا يستقيم إن قلنا : إن الوجوب قد حصل ، ولكن يعفى للمالك عما أكل ، وقد حكى في التهذيب خلافا فقال : قال أبو حنيفة : ما أكله المالك يحسب عليه ، وقال أبو يوسف : لا يحسب ، وقيل : لا تسرفوا بوضعه في غير مصرفه.

وقال الزهري : لا تنفقوه في المعصية ، وقيل : بأن تشركوا الأوثان عن مقاتل ، وعطية العوفي ، وقيل : هذا خطاب للسلاطين عن ابن زيد ، فقيل : المعنى : لا تأخذوا بغير حق ، ولا تأخذوا ما يجحف بأرباب

__________________

(١) في (ح / ص) (ونصف في أول الثاني) ظ. وفي أحاشية (صوابه الثاني).

(٢) والبيان. وهو المختار ، قال في البحر : قلنا ـ نصاب جمعه الحول فتوجب ؛ لأن الحول غير معين.

٢٦٢

الأموال ، وقيل : بوضع ذلك في غير محله ، ومنعه من يستحقه ، وقيل : خطاب للجميع ، ولا مانع أن يكون الجميع مما ذكر داخلا في النهي.

قوله تعالى

(وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً) [الأنعام : ١٤٢]

المعنى : وأنشأ لكم من الأنعام حمولة وفرشا ، فالحمولة ما يحمل عليه من الإبل والبقر ، والفرش ما يفرش من الجلود ، والوبر ، والصوف.

وقيل : ما يفرش للذبح أي : يضجع ، وقيل : الصغار من الإبل هو الفرش للطافة جسمها ، وقربها من الأرض ، والكبار من الإبل الحمولة.

وقوله تعالى : و (كُلُوا) قيل : أمر إباحة ، وقيل : أمر وجوب ، وقوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) هذا بيان للأنعام ، والزوج ما كان معه غيره من جنسه ؛ قال تعالى : (خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى).

قوله تعالى

(قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الأنعام : ١٤٣]

هذا استفهام بمعنى الإنكار ، وذلك إشارة إلى تحريم الجاهلية البحيرة والوصيلة ، والسائبة ، والحام ، وقد دلت الآية على إباحة أكل لحوم الأنعام ، وذلك معلوم من الدين بالضرورة ، وكذلك الانتفاع بالركوب فيما يركب ، والافتراش للأصواف والأوبار والجلود ، وعلى رد ما كانت الجاهلية تحرّمه بغير علم.

قال المؤيد بالله : ويدخل الإنسي والوحشي في قوله : (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) ورد بأن قيل : إن قوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) بيان للأنعام ، والأنعام لا تطلق على الوحشي.

٢٦٣

قوله تعالى

(قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام : ١٤٥]

ثمرة ذلك تحريم ما ذكر ، وقد تقدم في سورة البقرة والمائدة الكلام على هذه الأشياء ، وهذا إشارة إلى رد ما حرمته الجاهلية من البحيرة والسائبة ، والوصيلة والحام ، إن قيل : فثم محرمات كالخمر وغيرها ، فلم قصر التحريم على ما ذكر؟

فجوابه : ما ذكر الحاكم : أن المقصود تحريم الحيوان ، فلا يدخل غيره.

فإن قيل : فثم ما يحرم من الحيوان غير هذه كالموقوذة ، والمنخنقة ، والنطيحة ، وغير ذلك؟

فجوابه ما ذكر الحاكم : أنه يقع على جميع ذلك اسم الميتة ، وله حكمها ، فبين هاهنا على سبيل الجملة ، وهناك على سبيل التفصيل.

قال : وقيل : إنما عدا ما ذكر هنا محرم بعده ؛ لأن الأنعام مكية ، والمائدة مدنية ، فما عدى ما ذكر هنا تحريمه طار.

قال : وقيل : المعنى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ) مما كنتم تستبيحونه وتناولونه محرما إلا هذه.

فإن قيل : إذا حرم غير ما ذكر من هذه الأشياء كان ذلك نسخا لما اقتضت هذه من تحليله؟

٢٦٤

فجوابه : إن ذلك زيادة تحريم ، وليس بنسخ لما في الآية (١) ؛ لأنه غير مغير ، فصح تحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير ، وقد تعلق ابن عباس بالآية في تحليل الحمر الأهلية ، وعائشة في تحليل لحوم السباع ، وعكرمة في إباحة كل شيء سوى ما في الآية.

وعن الشعبي أنه كان يبيح لحم الفيل ، ويتلو هذه الآية ولا تعلق لجميعهم بالآية ؛ لأنه تعالى بين ما يحرم في تلك الحال.

قوله تعالى

(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) [الأنعام : ١٤٦]

النزول

قيل : إن العرب قالوا : إنما علمنا تحريم السائبة من أهل الكتاب ، فكذبهم الله ، والظفر قيل : أراد بذلك ما ليس بمتفرج الأصابع كالإبل ، والنعام ، والأوز ، والبط ، عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي.

وقيل : الإبل فقط ، عن ابن زيد ، وقيل : تدخل فيه جميع السباع ، وما يصطاد بظفره عن أبي علي ، وكل ذي مخلب من الطير ، وكل ذي حافر من الدواب ، حكاه القتيبي.

وقوله : (أَوِ الْحَوايا) قيل : أراد المباعر ، عن ابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومجاهد ، والسدي.

__________________

(١) من التحريم. قال في (ح / ص): (لا كلام أنه ناسخ للمفهوم من الآية ، وكأنه يصح نسخ المفهوم دون المنطوق ، كما هو مقرر في مظانه. (ح / ص).

٢٦٥

وقيل : الأمعاء التي عليها الشحم عن أبي علي ، وأو بمعنى الواو كقولهم : جالس الحسن أو ابن سيرين.

وقوله : (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) ، قيل : شحم الألية والجنب عن ابن جريح ، والسدي ؛ لأن شحم الألية على العصعص ، والعصعص عجب الذنب ، وهو عظمه ، يقال : إنه أول ما يخلق ، وآخر ما يبلى ، وقيل : الألية لا تدخل في الاستثناء ، عن أبي علي ، وفي هذا بحثان :

الأول : أن يقال : نحن متعبدون بشرائعهم ما لم تنسخ عنا فبم حلت هذه الأشياء لنا؟

جوابه : أنا إن قلنا : لا نتعبد بها إلا بدلالة فلا يلزم هذا ، وإن قلنا : نحن متبعدون بها ما لم تنسخ عنا فهذه الأشياء حلال لنا ؛ لأنه قد قام الدليل أن التحريم يخصهم ، وقيل : إنه نسخ بشريعة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقيل : بشرع المسيح عليه‌السلام.

البحث الثاني : إذا ارتكب يهودي هذه التي حرمت عليهم هل يجب علينا نهيه؟ ولا يجوز لنا تمكينه منها أم لا؟

قلنا : قد ذكرت مسألة تشبه هذه وهي إذا نكح من تحرم عليه لا علينا ، فقال الفقيه علي : لا ننهاه وفاقا (١).

وقال الفقيه حسن النحوي : ننهاه على مذهبنا (٢) خلافا للشافعي.

ويرد عكس هذا ، وهو أن يقال : هل لنا أن نمكنه وندعوه إلى ما أقر عليه ، وحرم علينا ، كالأكل في نهار رمضان (٣)؟ وهل يفترق الحال بين

__________________

(١) وفاقا بين السيدين المؤيد بالله ، وأبي طالب.

(٢) قال مولانا عليه‌السلام : وهو قوي ؛ لأنه لا حكم لشرعهم مع شرعنا ، فإقدامهم على ما يعتقدونه محرما منكرا قبيح فلزمنا إنكاره. (غيث) وقواه بعض المشايخ.

(٣) المختار : أنه يجوز الإطعام ، ولا يحرم ؛ لأنهم مقرون على الإفطار في رمضان ، وليس مثل التمكين من شرب الخمر.

٢٦٦

هذه الصور وبين أن ندعوه إلى شرب خمر ، ونمكنه منها؟ وقد ذكرت مسألة تقرب من هذه ، وهي إذا كان مع مسلم وديعة لذمي ، ومات هل يسلمها إلى ورثته (١) عند المسلمين ، أو إلى ورثته (٢) عند أهل الذمة؟

فقال المؤيد بالله ، والفقيه محمد بن يحيى بالأول (٣) ، وذكر الفقيه يحيى بن أحمد بالثاني ؛ لأن الذمة لهم اقتضت ذلك.

قوله تعالى

(قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام : ١٥١ ـ ١٥٢]

هذه الجملة قد اشتملت على إحدى عشرة نكتة ، وهي ثمراتها.

الأولى : قوله تعالى : (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) والمعنى : تحريم الشرك بالله ، فيلزم من ذلك وجوب إخلاص النية له تعالى ، وأن لا يتعلق له غرض بفعل العبادة ، سوى فعلها لله تعالى.

__________________

(١) أي : الذكر والأنثى.

(٢) يعني : الذكر دون الأنثى.

(٣) وصدره في البيان ، ذكره في السير في صلح الكفار.

٢٦٧

واختلف في تقدير الكلام في قوله تعالى : (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) فقيل : لفظة لا زائدة ، كقوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) وقيل : قد تم الكلام عند قوله : (ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ) وقوله : (عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا) ويكون إغراء ، وقيل : (أن) بمثابة أي ، فتكون مفسرة ، أي : لا تشركوا به.

وعن الزجاج : أنه يقدر أوصى ، فالتقدير (ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) أوصى (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) وقيل : التقدير : اتلوا ما حرم ربكم عليكم فعله وتركه ، فمما حرم عليكم فعله الشرك ، وقيل : غير ذلك.

الثانية : قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) قيل : لما كانت نعمة الوالدين تالية لنعمة الله تعالى في التربية قرن ذلك بالأمر بعبادة الله تعالى ، والنهي عن الإشراك ، وقد فرع على هذا فروع منها : وجوب نفقتهما مع الإعسار ، ولو كانا كافرين ، بخلاف سائر الأقارب.

قال الحاكم : والإحسان ما يخرجه عن حد العقوق ، ومثل هذا قوله تعالى في سورة لقمان : (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) وكان نزول آية لقمان في سعد بن أبي وقاص وأمه ، لما طلبته يرجع إلى الكفر ، وهذا في الحربيين ، فالسبب يقضي بلزوم نفقة الحربي على ولده المسلم.

وقيل (الفقيه يحيى بن أحمد) : هذا الإنفاق على الذمي لا على الحربي.

ومنها : أنه لا يحج إلا بإذنهما ، وكذا لا يخرج لجهاد ، ولا لطلب علم.

وهذه المسألة قد اختلف فيها ، فقال الشيخ أبو جعفر : يجوز الخروج من غير إذنهما ، وهكذا قال المنصور بالله.

٢٦٨

وقال الشافعي ، والأمير الحسين ، والإمام يحيى : لا يخرج إلا بإذنهما (١).

قال الإمام يحيى : إلا لطلب العلم ؛ لأنه ليس بمخوف.

ومنها : أنه يجب عليه أن يعف أباه على أحد قولي الشافعي ، واختاره الإمام يحيى ، والمذهب (٢) أنه لا يجب كإطعام العالي ولباس العالي.

قال الإمام يحيى : والنفقة لقوام الحياة المنقطعة ، والإعفاف لقوام الحياة الأبدية فوجب (٣).

ومنها : أنه لا يتولى قتل أبويه الكافرين إذا لم يخش منهما مضرة على مسلم (٤).

الثالثة : قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ) والإملاق : الفقر ، مثل الإفلاس ، وهذا خرج على العادة ، وإلا فهو محرم خشى الفقر أم لا ، وقد دلت على تحريم قتل الأولاد.

قال الحاكم : فيدخل في ذلك شرب الدواء لقتل الجنين.

قال الإمام يحيى : التحريم إذا نفخ فيه الروح دون إفساد النطفة ، والعلقة ، والمضغة قبل أن ينفخ فيها الروح.

__________________

(١) الخلاف حيث لم يتضررا ، ولا أخل بما يجب عليه من البر بحقهما من الإنفاق ونحوه ، وإلا لم يجز بالاتفاق ، كما في عبارة الأزهار ز وشرحه الغيث المدرار.

(٢) وهو المذهب ، وهو الذي في الأزهار.

(٣) وفي نسخة (ب) فيجب.

(٤) في الأزهار : لا يجوز إلا للدفع ، أو لئلا يحقد على من قتله ، ذكره في ذي الرحم ، ولعل الأب كذلك ، وفي الزهور قيل : أراد الذمي لا الحربي ، وكذا المستأمن ذكره الفقيه يحيى بن أحمد. بيان. وسيأتي في براءة في قوله تعالى : (لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ) الآية ما لفظه : وتجب نفقة الكافر للزوجية عند من جوزها ، وللأبوين الذميين. (ح / ص).

٢٦٩

وفي الأحكام : يجب على من انقطع حيضها أن توقي من الأودية ما يخاف على الجنين منها إذا كانت من ذوات البعول ، والعزل قد تقدم ذكره (١).

الرابعة : قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها).

الخامسة : قوله تعالى : (وَما بَطَنَ) وذلك مثل : (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) وقد تقدم.

والسادسة : قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) وهذا إجمال في المستثنى منه ، والمستثنى نفسه ، وقد بين بقوله (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، وزنى بعد إحصان ، وقتل نفس بغير حق» وفي هذا سمي المقتول باسم ما كان عليه أولا ، وبما بكان يوصف به أولا ؛ لأن عند القتل ليست بمحرمة ، فليس المستثنى متصلا في التحقيق ، وفي قوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) تأكيدا للزوم ما تقدم ، وفي قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تأكيد ثان.

السابعة : قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) قيل : إنما خص تعالى مال اليتيم بالذكر لكونه لا يدفع عن نفسه ، ولا عن ماله هو ولا غيره ، وكانت الأطماع في ماله أشد ، وفي الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ربه تعالى : «اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري».

__________________

(١) قد تقدم في قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) الآية طرفة من هذا المعنى ، فلعله يريد ذلك ، وذلك في البقرة بعد النصف ، وكذا في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) في الأنعام أيضا.

(٢) وفي نسخة ب (وقد تبين في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) الخ.

٢٧٠

وقوله تعالى : (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قيل : يعني : أنفع له ، وذلك تثميره وتنميته ، هكذا عن أبي علي ، وابن زيد ، وقيل : حفظه ، وقيل : أن يأخذه قرضا.

وقيل : ركوب دابته ، واستخدام عبده ، وقد ذكرنا طرفا فيما رخص فيه لولي اليتيم في قوله تعالى في سورة النساء : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ).

وقوله تعالى : (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) قيل : أراد به الاحتلام ، وبعد ذلك يدفع إليه ماله ، عن يحيى ين يعمر ، والشعبي ، وزيد بن أسلم ، وربيعة ، وهذا ظاهر مذهب الأئمة ، وقيل : ثلاثون سنة عن السدي.

وعن الكلبي : ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين.

وقيل : حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة.

قال الحاكم : وفي الآية حذف ، وتقديره : حتى يبلغ أشده ، ويؤنس منه الرشد في حفظ ماله ؛ لا أن بلوغ الأشد يكفي ، وهذا قول أبي حنيفة.

أما ظاهر المذهب فلا حجر بعد البلوغ الشرعي.

الثامنة والتاسعة : قوله تعالى : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) يعني : بالعدل.

وقوله تعالى : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) يعني : مما أخرج عن وسعه ، لم يؤاخذ به فلا يؤاخذ بالحبات ، وما لا يمكن الاحتراز منه.

العاشرة : قوله تعالى : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) أي : اصدقوا في مقالتكم ، وهذه اللفظة من الأمور العجيبة في عذوبة لفظها ، وقلة حروفها ، وجمعها لأمور كثيرة من الإقرار ، والشهادة ، والوصايا ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والفتاوى ، والأحكام ، والمذاهب.

٢٧١

ثم إنه تعالى أكد ذلك وبين أنه يلزم العدل في القول ولو كان المقول له ذا قربى ، وهي (١) كقوله تعالى : (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).

الحادية عشرة : قوله تعالى : (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) قيل : العهد الفرائض ، وقيل : ما أوجبه باليمين عن أبي علي ، وقيل : ما أمر به في هذه الآية.

وقيل : ما يوجبه المرء على نفسه ، وقيل : الكل مراد (٢) ، وعن ابن عباس هذه الآيات محكمة لم ينسخ منها شيء.

وقال كعب : أول التوراة هذه الآيات.

وقوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) تأكيدا آخر ، وقوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ) قيل : اتباعه باعتقاد صحته ، والعمل به ، وفي ذلك دلالة على تعليم القرآن ليمكن الاتباع ، لكن هو كسائر العلوم أنه فرض كفاية إلا ما يتعين على كل مكلف ، كتعلم ما لا تصح الصلاة إلا به ، فإنه يجب عليه.

قال الإمام يحيى : ويجب الارتحال لتعليم التكبيرة بالعربية لمن لا يحسن إلا بالفارسية ؛ لأن ذلك يبقى (٣) بخلاف السفر لطلب الماء.

وقال أبو علي : يجب على الآباء تعليم الأولاد القرآن ، وفيه تأويلات.

قوله تعالى

(يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها) [الأنعام : ١٥٨].

قيل : ذلك حالة الإلجاء.

__________________

(١) في ب (وهو كقوله تعالى ..).

(٢) وهو قوي. (ح / ص).

(٣) لعله يريد أنه يبقى في زمان متطاول. وقد تكون الكتابة (يتقى) لأنها غير منقوطة في النسخ التي بين يدي ، ومعناه أنه يمكن اتقاؤه بالتعلم ، بخلاف عدم الماء ، فإنه في مواطن لا يمكن اتقاؤه.

٢٧٢

وعن ابن مسعود وأبي هريرة مرفوعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هي طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض.

وقيل : طلوع الشمس من مغربها ، رواه جماعة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وعن الحسن مرفوعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «بادروا بالأعمال قبل ستة : طلوع الشمس من المغرب ، والدجال ، والدابة ، والدخان ، وخويصة أحدكم ـ أي : موته ـ وأمر العامة ـ يعني : القيامة ـ».

قوله تعالى

(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) [الأنعام : ١٥٩]

قيل : نزلت في الكفار ، ثم نسختها آية السيف ، عن السدي ، وقيل : نزلت في أهل البدع من هذه الأمة ، رواه أبو هريرة مرفوعا.

قوله تعالى

(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤]

يعني : في أمر الآخرة (١) ، فيبطل قول من افترى بأن أطفال المشركين يعذبون بكفر آبائهم ، ويلزم أن لا يعذب الميت ببكاء أهله ، حيث لا سبب له ، وقد تقدم (٢).

وأما في أمر الدنيا فقد خص هذا بحديث العاقلة ، وكذلك أسر أولاد الكفار ، ونحو ذلك.

__________________

(١) في الثعلبي (نسب هذا القول إلى مجاهد).

(٢) في قوله تعالى في المائدة (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ).

٢٧٣
٢٧٤

تفسير

سورة الأعراف

٢٧٥
٢٧٦

سورة الأعراف (١)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى

(ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) [الأعراف : ١١]

وقد تقدم طرف من الكلام على السجود لغير الله (٢) ، وقد قيل : أراد بالسجود هنا الخضوع ، وقيل : كان تحية ، وقيل : أراد به الاستقبال لآدم على وجه القبلة ، والسجود عبادة لله تعالى.

وقيل : السجود لله ، والممنوع أن يسجد لآدمي معتقدا أنه يستحق العبادة.

قوله تعالى

(وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) [الأعراف : ٢٢]

قيل : ذكر في القصة أن لباسهما من جنس الأظفار ، عن سعيد بن جبير.

وقال وهب : من نور كان يحول بينهما وبين النظر ، ولم يكن أحدهما رأى عورة صاحبه قبل ذلك.

قال الحاكم : وقد استدل قوم بالآية على وجوب ستر العورة ، وأنه كان في شريعة آدم عليه‌السلام.

__________________

(١) فيها تسع وعشرون آية.

(٢) في قوله تعالى في أول البقرة : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ).

٢٧٧

قال القاضي : لا دليل في الآية على الوجوب ؛ لأنه ليس فيها إلا أنهما فعلا ذلك.

قال الأصم : في الآية دليل على أنهما كرها التعري ، وإن لم يكن لهما ثالث ، ففي ذلك دليل على قبح التعري (١) ، وإن لم يكن مع المتعري أحد إلا للحاجة.

واعلم أن الكلام في شيئين :

الأول : جواز نظر أحد الزوجين إلى صاحبه ، وهذا جائز نص عليه القاسم ، وهو قول أصحاب أبي حنيفة ، وأحد وجهي أصحاب الشافعي ، وقد قال القاسم : ما أباحه الله من ذلك أكثر ، وقد يحتج لهذا بقوله تعالى في سورة البقرة : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) والنظر من جملة المباشرة ، وبقوله تعالى في سورة النساء : (وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) والنظر يدخل في ذلك ، وأحد وجهي أصحاب الشافعي : لا يجوز ، واحتجوا بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النظر إلى فروج النساء يورث الطمس».

قلنا : أراد فروج الأجنبيات.

وعن عائشة : ما رأيت منه ولا رأى مني.

قال القاسم : يكره النظر إلى باطن فرج امرأته ، وعلل بأن ذلك يؤدي إلى النفرة ، وفي كلامه إشارة أنه لا يكره النظر إلى ظاهره.

الشيء الثاني : كشف العورة خاليا ، فقال أهل المذهب ، وأحد قولي الشافعي : إنه جائز مع الكراهة.

وقال الشافعي في قوله الآخر ، واختاره الإمام يحيى : لا يجوز ؛ لأن في الحديث أنه قيل : له عليه‌السلام : أرأيت لو كان أحدنا خاليا؟ فقال : «إن

__________________

(١) وسيأتي مثل هذا في قوله تعالى : (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما).

٢٧٨

الله أحق أن يستحى منه» وهذا كما ذكر الأصم في استدلاله بفعل آدم وحوى.

أما كشف العورة بين الزوجين قال الحاكم : فحلال طلق (١).

قوله تعالى

(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [الأعراف : ٢٩]

هذه ثلاثة أمور مأمور بها :

الأول : القسط ، قيل : هو العدل ، عن مجاهد ، والسدي.

وقيل : التوحيد عن الضحاك ، وقيل : لا إله الله عن ابن عباس ، وقيل : جميع الطاعات عن أبي مسلم. قال الحاكم : وهو الوجه الثاني.

قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف : ٢٩]

قيل : أراد توجهوا إلى قبلة كل مسجد في الصلاة على الاستقامة ، عن مجاهد والسدي ، وابن زيد ، وقيل : إلى الكعبة عن أبي علي ، وأكثر المفسرين ، وقيل : بالإخلاص لله لا تريدوا غيره ، عن الربيع.

وقوله تعالى : (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي : وقت كل سجود ، أو مكان كل سجود.

الثالث : قوله تعالى : (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) وقد تكرر الأمر بالإخلاص.

__________________

(١) في شمس العلوم : هو طلق ـ بكسر الفاء ـ أي : حلال ، ومثله في الفصول في بحث المباح.

٢٧٩

قوله تعالى

(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأعراف ٣١ ـ ٣٢]

النزول

قيل : نزلت في الذين طافوا بالبيت عراة ، عن ابن عباس ، وطاوس ، وجماعة.

وقيل : كان بنو عامر يطوف الرجال منهم بالبيت بالنهار عراة ، والنساء عراة بالليل ، وإن طاف أحد وعليه ثوب نزع منه ، فنزلت. عن جماعة من المفسرين.

وعن علي بن موسى القمي ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي : أن أناسا من كندة كانوا يفعلون ذلك فنزلت.

وعن الأصم : كان مشركوا العرب يطوفون بالبيت عراة فنزلت ، وإنما طافوا عراة كراهة أن يطوفوا في ثوب أصابوا فيه الذنوب.

وقيل : تفاؤلا أن يخرجوا من ذنوبهم كما خرجوا من الثياب ، فأمر الله بالتستر.

قال الكلبي : وكانوا لا يأكلون من الطعام إلا قوتا ، ولا يأكلون دسما في أيام حجهم ، فقال المسلمون : يا رسول الله نحن أحق أن نفعل ذلك فنزلت الآية.

وقيل : كانوا إذا حجوا واعتمروا حرموا الشاة عليهم ، وما يخرج منها من اللبن ، واللحم ، والشحم ، فنزلت الآية ، عن ابن زيد ، والسدي.

٢٨٠