تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٣

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٣

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٩٥٧

وهيأنا لهم قرناء فى الدنيا (فَزَيَّنُوا لَهُمْ) يقول فحسنوا لهم كقوله : «... كَذلِكَ زُيِّنَ (١) ...» يقول حسن (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) يعنى من أمر الآخرة وزينوا لهم التكذيب بالبعث والحساب والثواب والعقاب أن ذلك ليس بكائن (وَ) زينوا لهم (ما خَلْفَهُمْ) من الدنيا فحسنوه فى أعينهم ، وحببوها إليهم حتى لا يعملوا خيرا (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) يعنى وجب عليهم العذاب (فِي أُمَمٍ) يعنى مع أمم (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعنى من قبل كفار مكة (مِنْ) كفار (الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) من الأمم الخالية (إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) ـ ٢٥ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعنى الكفار (٢) (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) ...... إلى ثلاث آيات ، هذا قول أبى جهل وأبى سفيان لكفار قريش قالوا لهم إذا سمعتم القرآن من محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأصحابه فارفعوا أصواتكم بالأشعار والكلام فى وجوههم ، حتى تلبسوا عليهم قولهم فيسكتون ، فذلك قوله : (وَالْغَوْا فِيهِ) بالأشعار والكلام (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) ـ ٢٦ ـ يعنى لكي تغلبونهم فيسكتون ، فأخبر الله ـ تعالى ـ بمستقرهم فى الآخرة ، فقال : (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً) يعنى أبا جهل وأصحابه (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ٢٧ ـ من الشرك (ذلِكَ) العذاب (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ) يعنى أبا جهل وأصحابه (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) لا يموتون (جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا) يعنى بآيات القرآن (يَجْحَدُونَ) ـ ٢٨ ـ أنه ليس من الله ـ تعالى ـ وقد عرفوا أن محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ

__________________

(١) سورة يونس : ١٢ ، وتمامها (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).

(٢) كذا فى أ ، ف.

٧٤١

صادق فى قوله ونزل فى أبى جهل بن هشام وأبى بن خلف (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ ...) الآية (١) (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) لأنهما أول من أقاما على المعصية من الجن إبليس ، ومن الأنس ابن آدم قاتل هابيل رأس الخطيئة (نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) يعنى من أسفل منا [١٣٥ ب] فى النار (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) ـ ٢٩ ـ فى النار ، ثم أخبر عن المؤمنين فقال : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ) فعرفوه (ثُمَّ اسْتَقامُوا) على المعرفة ولم يرتدوا عنها (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) فى الآخرة من السماء وهم الحفظة (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا «وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ») (٢) ـ ٣٠ ـ وذلك أن المؤمن إذا خرج من قبره ، فينفض رأسه ، وملكه قائم على رأسه يسلم عليه ، فيقول الملك للمؤمن أتعرفنى؟ فيقول : لا. فيقول : أنا الذي كنت أكتب عملك الصالح فلا تخف ولا تحزن وأبشر بالجنة التي كنت توعد ، وذلك أن الله وعدهم على السنة الرسل ـ فى الدنيا ـ الجنة (٣) ، وتقول الحفظة يومئذ للمؤمنين (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ونحن أولياؤكم اليوم : (وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها) يعنى فى الجنة (ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) ـ ٣١ ـ يعنى ما تتمنون ، هذا الذي أعطاكم الله كان (نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) ـ ٣٢ ـ ، قوله : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) يعنى التوحيد (وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

__________________

(١) سورة فصلت : ٤٠ وتمامها (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

(٢) (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) : ساقطة من أ.

(٣) أى أن الوعد بالجنة كان فى الدنيا على ألسنة الرسل.

٧٤٢

ـ ٣٣ ـ يعنى المخلصين يعنى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قوله : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ») (١) وذلك أن أبا جهل كان يؤذى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وكان النبي (٢) مبغضا له يكره رؤيته فأمر بالعفو والصفح يقول إذا فعلت ذلك (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ) يعنى أبا جهل (كَأَنَّهُ وَلِيٌ) لك فى الدين (حَمِيمٌ) ـ ٣٤ ـ لك فى النسب الشفيق عليك ، ثم أخبر نبيه ـ عليه‌السلام ـ : (وَما يُلَقَّاها) يعنى لا يؤتاها يعنى الأعمال الصالحة العفو والصفح (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) على كظم الغيظ (وَما يُلَقَّاها) يعنى لا يؤتاها (إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) ـ ٣٥ ـ نصيبا وافرا فى الجنة فأمره الله بالصبر والاستعاذة من الشيطان فى أمر أبى جهل (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) يعنى يفتننك فى أمر أبى جهل والرد عنه (مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) يعنى فتنة (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) بالاستعاذة (الْعَلِيمُ) ـ ٣٦ ـ بها ، نظيرها فى «حم» المؤمن «... إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ (٣) ...» ، وفى الأعراف (٤) أمر أبى جهل.

(وَمِنْ آياتِهِ) أن يعرف التوحيد بصنعه وإن لم تروه (اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ)

__________________

(١) (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : ساقط من أ

(٢) «النبي» : من ف ، وهي ساقطة من أ.

(٣) سورة غافر : ٥٦ ، وتمامها (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

(٤) يشير إلى الآية ٢٠٠ من سورة الأعراف وهي : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

٧٤٣

يعنى الذي خلق هؤلاء الآيات (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) ـ ٣٧ ـ فسجد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والمؤمنون يومئذ ، فقال كفار مكة عند ذلك : بل نسجد للات والعزى ومناة ، يقول الله ـ تعالى ـ : (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) [١٣٦ أ] عن السجود لله (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) من الملائكة (يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) ـ ٣٨ ـ يعنى لا يملون من الذكر له والعبادة وليست لهم فترة ولا سآمة (وَمِنْ آياتِهِ) أن يعرف التوحيد بصنعه وإن لم تروه (أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) متهشمة غبراء لا نبت فيها (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ) يعنى على الأرض المطر فصارت حية فأنبتت و (اهْتَزَّتْ) بالخضرة (وَرَبَتْ) يقول وأضعفت النبات ، ثم قال : (إِنَّ الَّذِي أَحْياها) بعد موتها (لَمُحْيِ الْمَوْتى) فى الآخرة ليعتبر من يشك فى البعث (إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٣٩ ـ من البعث وغيره ، قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا) يعنى أبا جهل يميل عن الإيمان بالقرآن ـ بالأشعار والباطل (١) (لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا) يعنى أبا جهل ، وأخبر الله ـ تعالى ـ بمستقره فى الآخرة فقال : (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ) يعنى أبا جهل خير (أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) يعنى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم قال لكفار مكة : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) هذا وعيد (إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ـ ٤٠ ـ من الشرك وغيره (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعنى أبا جهل (بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) يعنى به القرآن حين جاءهم وهو أبو جهل وكفار مكة (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) ـ ٤١ ـ يقول وإنه لقرآن منيع من الباطل ، فلا يستذل ، لأنه كلام الله (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ)

__________________

(١) كذا فى أ ، ف. والمراد يترك الإيمان بالقرآن وينشغل بالأشعار والباطل.

٧٤٤

يقول لا يأتى القرآن بالتكذيب بل يصدق هذا القرآن الكتب التي كانت قبله : التوراة والإنجيل والزبور ، (١) ثم قال : (وَلا) يأتيه الباطل (مِنْ خَلْفِهِ) يقول لا يجيئه (٢) من بعده كتاب يبطله فيكذبه بل هو (تَنْزِيلٌ) يعنى وحى (مِنْ حَكِيمٍ) فى أمره (حَمِيدٍ) ـ ٤٢ ـ عند خلقه ، ثم قال : (ما يُقالُ لَكَ) يا محمد من التكذيب بالقرآن أنه ليس بنازل عليك (إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) من قومهم من التكذيب لهم أنه ليس العذاب بنازل (٣) بهم يعزى نبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ليصبر على الأذى والتكذيب (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) يقول ذو تجاوز فى تأخير العذاب عنهم إلى الوقت حين سألوا العذاب فى الدنيا وإذا جاء الوقت (وَذُو عِقابٍ) فهو ذو عقاب (أَلِيمٍ) ـ ٤٣ ـ يعنى وجيع كقوله : (... إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ ...) (٤) إن كنتم تتوجعون ، قوله : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) وذلك أن كفار قريش كانوا إذا رأوا النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يدخل على يسار أبى فكيهة اليهودي ، وكان أعجمى اللسان غلام عامر بن الحضرمي القرشي يحدثه [١٣٦ ب] قالوا : ما يعلمه إلا يسار أبو فكيهة ، فأخذه سيده فضربه ، وقال له : إنك تعلم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال يسار : بل هو يعلمني ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) يقول بلسان العجم (لَقالُوا) لقال كفار

__________________

(١) الجملة مكررة فى أ.

(٢) فى أ : «لا يجبه».

(٣) فى أ : «نازل» ، ف : «بنازل».

(٤) سورة النساء : ١٠٤ ، وتمامها : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).

٧٤٥

مكة : (لَوْ لا فُصِّلَتْ) يقول هلا بينت (آياتُهُ) بالعربية حتى نفقه ونعلم ما يقول محمد (ءَ أَعْجَمِيٌ) (١) : ولقالوا إن القرآن أعجمى أنزل على محمد (وَ) وهو (عَرَبِيٌّ قُلْ) نزله الله عربيا لكي يفقهوه ولا يكون لهم علة ، يقول الله ـ تعالى ـ : (هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) (٢) (هُدىً) من الضلالة (وَشِفاءٌ) لما فى القلوب للذي فيه من التبيان ، ثم قال : (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) بالآخرة يعنى لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال (فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) يعنى ثقل فلا يسمعون الإيمان بالقرآن (٣) (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) يعنى عموا عنه يعنى القرآن فلم «يبصروه» (٤) ولم يفقهوه (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ـ ٤٤ ـ إلى الإيمان بأنه غير كائن لأنهم صم عنه وعمى وفى آذانهم وقر ، قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) يقول أعطينا موسى التوراة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) يقول فكفر به بعضهم (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) وهي كلمة الفصل بتأخير العذاب عنهم إلى أجل مسمى يعنى يوم القيامة يقول لو لا ذلك الأجل (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) يعنى بين الذين آمنوا وبين الذين اختلفوا «وكفروا» (٥) بالكتاب ، لو لا ذلك الأجل لنزل بهم العذاب فى الدنيا (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) يعنى من الكتاب (مُرِيبٍ) ـ ٤٥ ـ يعنى أنهم

__________________

(١) فى الجلالين : (أ) قرآن (أعجمى و) نبى (عربي) استفهام إنكار منهم ، بتحقيق الهمزة الثانية وقلبها ألفا بإشباع ودونه.

(٢) (هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) : ساقطة من أ ، ومن ف ، ومكتوب فى حاشية ف.

(٣) كذا فى أ ، ف ، ويكون تقديره : (فلا يسمعون «الدعوة» إلى الإيمان بالقرآن)

(٤) فى الأصل : «يبصرون».

(٥) فى أ : «وكفروهم» ، وفى ف : «وكفروا».

٧٤٦

لا يعرفون شكهم ، ثم قال : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ) العمل (فَعَلَيْها) يقول إساءته على نفسه (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ـ ٤٦ ـ (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) وذلك أن اليهود قالوا للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أخبرنا عن الساعة ، فإن كنت رسولا كما زعمت علمتها وإلا علمنا أنك لست برسول ، ولا نصدقك ، قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ «لا يعلمها إلا الله أرد علمها إلى الله ، فقال الله ـ عزوجل ـ للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (١) ـ فإن كنت «رددت» (٢) علمها ، يعنى علم الساعة إلى الله فإن الملائكة والخلق كلهم ردوا علم الساعة يعنى القيامة إلى الله ـ عزوجل ـ (وَ) يعلم (ما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها) يعنى من أجوافها يعنى الطلع (وَ) يعلم (ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى) ذكرا أو أنثى «سويا وغير سوى» (٣) يقول (وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) يقول لا تحمل المرأة الولد ولا تضعه إلا بعلمه (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ) يقول أسمعناك كقوله : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها ...) (٤) يقول سمعت لربها (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) ـ ٤٧ ـ [١٣٧ أ] يشهد بأن لك شريكا فتبرءوا يومئذ من أن يكون مع الله شريك ، يقول (وَضَلَّ عَنْهُمْ) فى الآخرة (ما كانُوا يَدْعُونَ) يقول يعبدون يقول «ما عبدوا فى الدنيا (مِنْ قَبْلُ» وَظَنُّوا) (٥) يعنى وعلموا (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) ـ ٤٨ ـ يعنى من فرار من

__________________

(١) ما بين القوسين «...» من ف : وليس فى أ.

(٢) فى أ : «ردت».

(٣) فى أ ، ف : «سوى وغير سوى».

(٤) سورة الانشقاق : ٢.

(٥) من ف ، وفى أ : «ما عبدوا (من قبل) فى الدنيا».

٧٤٧

النار (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) يقول لا يمل الكافر (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) يقول لا يزال يدعو ربه الخير والعافية (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ) يعنى البلاء وشدة (فَيَؤُسٌ) من الخير (قَنُوطٌ) ـ ٤٩ ـ من الرحمة ، ثم قال : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا) يقول ولئن آتيناه خير وعافية (مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) يعنى بعد بلاء وشدة أصابته (لَيَقُولَنَّ هذا لِي) يقول أنا أحق بهذا ، يقول : (وَما أَظُنُ) يقول ما أحسب (السَّاعَةَ قائِمَةً) يعنى القيامة كائنة ، ثم قال الكافر : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي) فى الآخرة إن كانت آخرة (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) يعنى الجنة كما أعطيت فى الدنيا يقول الله ـ تعالى ـ (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا) من أعمالهم الخبيثة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) ـ ٥٠ ـ يعنى شديد لا يقتر عنهم ، وهم فيه مبلسون ، ثم قال : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ) بالخير والعافية (أَعْرَضَ) عن الدعاء فلا يدعو ربه (وَنَأى بِجانِبِهِ) يقول وتباعد بجانبه عن الدعاء فى الرخاء (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) بلاء أو شدة أصابته (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) ـ ٥١ ـ يعنى دعاء كبير يسأل ربه أن يكشف ما به من الشدة فى الدعاء ويعرض عن الدعاء فى الرخاء (قُلْ) يا محمد لكفار مكة : (أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ) هذا القرآن (مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) وذلك أنهم قالوا للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ما هذا القرآن إلا شيء ابتدعته من تلقاء نفسك أما وجد الله رسولا غيرك وأنت أحقرنا وأنت أضعفنا ركنا وأقلنا جندا ، أو يرسل ملكا ، إن هذا الذي جئت به لأمر عظيم ، يقول الله : (مَنْ أَضَلُ) يقول فلا أحد أضل (مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) ـ ٥٢ ـ يعنى فى ضلال طويل ، ثم خوفهم فقال : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا) يعنى عذابنا (فِي الْآفاقِ) يعنى فى البلاد ما بين اليمن والشام ، عذاب قوم عاد ، وثمود ، وقوم لوط كانوا

٧٤٨

تمرون عليهم ، ثم قال : (وَ) نريهم العذاب (فِي أَنْفُسِهِمْ) فهو القتل ببدر (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) يعنى أن هذا القرآن «الحق» (١) من الله ـ عزوجل ـ (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ) «شاهدا» (٢) أن هذا القرآن جاء من الله ـ عزوجل ـ (أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ٥٣ ـ كقوله فى الأنعام : «... قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ (٣) ...» (أَلا إِنَّهُمْ فِي) [١٣٧ ب] (مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ) يعنى فى شك من البعث وغيره (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) ـ ٥٤ ـ.

***

__________________

(١) فى أ : «لحق» ، وفى ف : «الحق».

(٢) فى أ : «شاهد» ، وفى ف : «شاهدا».

(٣) سورة الأنعام : ١٩.

٧٤٩
٧٥٠

سورة الشّورى

٧٥١
٧٥٢

(٤٢) سورة الشّورى مكّيّة

وآياتها ثلاث وخمسون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ

٧٥٣

الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٢) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ

٧٥٤

وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣) وَما تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١٤) فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٥) وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ

٧٥٥

الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢) ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٤) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦) وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨)

٧٥٦

وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥) فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ

٧٥٧

فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣) وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤) وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (٤٥) وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ (٤٨) لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠) وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ

٧٥٨

إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣))

٧٥٩
٧٦٠