تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٣

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٣

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٩٥٧

ـ عزوجل ـ (سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) والتبديل من العمل السيء إلى العمل الصالح (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما كان فى الشرك (رَحِيماً) ـ ٧٠ ـ به فى الإسلام فأسلم وحشي ، وكان وحشي «قد قتل» (١) حمزة بن عبد المطلب ـ عليه‌السلام ـ يوم أحد ، ثم أسلم ، فأمره النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فخرب مسجد المنافقين ، ثم قتل مسيلمة الكذاب باليمامة على عهد أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ فكان وحشي يقول أنا الذي قتلت خير الناس ، يعنى حمزة ، وأنا الذي قتلت شر الناس ، يعنى مسيلمة الكذاب ، فلما قبل الله ـ عزوجل ـ توبة وحشي ، قال كفار مكة : كلنا قد عمل عمل وحشي فقد قبل الله ـ عزوجل ـ [٤٧ ب] توبته ولم ينزل فينا شيء (٢) فأنزل الله ـ عزوجل ـ فى كفار مكة (٣) (... يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ (جَمِيعاً ...) (٤)) فى الإسلام ، يعنى بالإسراف الذنوب العظام الشرك والقتل والزنا ، فكان بين هذه الآية «... وَلا يَقْتُلُونَ (٥) النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ...» إلى آخر الآية (٦) ، وبين الآية التي فى النساء «... ومن يقتل مؤمنا معتمدا فجزاؤه جهنم ...» (٧) إلى آخر الآية ، ثماني سنين (وَمَنْ تابَ) من الشرك (وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً)

__________________

(١) فى ا ، ز : قتل ، فجعلها «قد قتل».

(٢) كذا فى ا ، ز ، ل.

(٣) فى أ : فى كفار مكة ، ز : فى سورة الزمر.

(٤) فى ز : («جميعا ...» إلى آيات). والآية ٥٣ من سورة الزمر.

(٥) فى ا ، ز : ولا تقتلوا.

(٦) سورة الفرقان : ٦٨.

(٧) سورة النساء : ٩٣ وتمامها : «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً».

٢٤١

ـ ٧١ ـ يعنى مناصحا لا يعود إلى نكل الذنب (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) يعنى لا يحضرون الذنب يعنى الشرك (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) ـ ٧٢ ـ يقول إذا سمعوا من كفار مكة الشتم والأذى على الإسلام (مَرُّوا كِراماً) معرضين عنهم ، كقوله ـ سبحانه ـ : «وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ (١) ...» (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) يعنى والذين إذا وعظوا بآيات القرآن (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) ـ ٧٣ ـ يقول لم يقفوا عليها صما لم يسمعوها ولا عميانا لم يبصروها كفعل مشركي مكة ولكنهم سمعوا وأبصروا وانتفعوا به (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) يقول اجعلهم صالحين فتقرأ عيننا بذلك (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) ـ ٧٤ ـ يقول واجعلنا أئمة يقتدى بنا فى الخير (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) ـ ٧٥ ـ نظيرها فى الزمر ـ «... لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ (٢) ...».

قال أبو محمد : سألت أبا صالح عنها ، فقال : قال مقاتل : «اجعلنا نقتدي بصالح أسلافنا ، حتى «يقتدى بنا من بعدنا (٣)» ، (بِما صَبَرُوا) على أمر الله ـ عزوجل ـ (وَيُلَقَّوْنَ) (٤) (فِيها تَحِيَّةً) يعنى السلام ثم قال : (وَسَلاماً) يقول وسلم الله لهم أمرهم وتجاوز عنهم ، ويقال (٥) التسليم من الملائكة عليهم (خالِدِينَ فِيها)

__________________

(١) سورة القصص : ٥٥.

(٢) سورة الزمر : ٢٠.

(٣) فى أ : يقتدى بنا بعدنا ، وليست فى ز.

(٤) فى أ : يلقون.

(٥) فى أ : ويقول ، ز : ويقال.

٢٤٢

لا يموتون أبدا (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا) فيها (وَمُقاماً) ـ ٧٦ ـ يعنى الخلود (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ) يقول ما يفعل بكم (رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) يقول لو لا عبادتكم (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، يعد كفار مكة (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) ـ ٧٧ ـ يلزمكم العذاب ببدر ، فقتلوا وضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم وعجل الله ـ تعالى ـ بأرواحهم إلى النار فيعرضون عليها طرفي النهار.

٢٤٣
٢٤٤

سورة الشّعراء

٢٤٥
٢٤٦

(٢٦) سورة الشعراء مكية

وآياتها سبع وعشرون ومانتان

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٦) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩) وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (١١) قالَ رَبِّ إِنِّي

٢٤٧

أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (٢٢) قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧) قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨) قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠) قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (٣٢) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣) قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ

٢٤٨

إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ (٣٥) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢) قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩) قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (٥٥)

٢٤٩

وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (٥٦) فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤) وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦٨) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)

٢٥٠

رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣) وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ (٨٨) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (٩١) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٩٨) وَما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٠٤) كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١)

٢٥١

قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (١٢٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٢٢) كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٣١) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣٥) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧) وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً

٢٥٢

وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٤٥) أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (١٥٢) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤) أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ

٢٥٣

مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧) قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩) فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥) كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩)

٢٥٤

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢) فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦)

٢٥٥

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧))

٢٥٦

سورة الشعراء (*)

سورة الشعراء مكية ، غير آيتين فإنهما مدنيتان أحدهما قوله ـ تعالى ـ : «أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ (١) (آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ ...» (٢) الآية. والأخرى قوله ـ تعالى ـ : «والشعراء يتبعهم الغالون (٣)».

وبعض أهل التفسير يقول : إن من قوله ـ تعالى ـ : (وَالشُّعَراءُ ...) إلى آخرها وهن أربع آيات (٤) مدنيات. والله أعلم بما أنزل (٥).

__________________

(*) المقصود الإجمالى للسورة :

اشتملت سورة الشعراء على الآتي :

ذكر القسم ببيان آيات القرآن ، وتسلية الرسول عن تأخر المنكرين عن الإيمان ، وذكر موسى وهارون ومناظرة فرعون الملعون ، وذكر السحرة ، ومكرهم فى الابتداء وإيمانهم وانقيادهم فى الانتهاء وسفر موسى بنى إسرائيل من مصر وطلب فرعون إياهم ، وانفلاق البحر وإغراق القبط ، وذكر الجبل ، وذكر المناجاة ودعاء إبراهيم الخليل ، وذكر استغاثة الكفار من عذاب النيران ، وقصة نوح ، وذكر الطوفان ، وتعدى عاد ، وذكر هود ، وذكر عقوبة ثمود ، وذكر قوم لوط وخبثهم ، وقصة شعيب ، وهلاك أصحاب الأيكة لعبثهم ، ونزول جبرئيل على النبي بالقرآن العربي وتفصيل حال الأمم السالفة الكثيرة وأمر الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بإنذار العشيرة وتواضعه للمؤمنين ، وأخلائه اللينة وبيان غواية شعراء الجاهلية ، وأن العذاب منقلب الذين يظلمون فى قوله : (... وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) : ٢٢٧.

وسميت سورة الشعراء لاختتامها بذكرهم فى قوله : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) : ٢٢٤.

__________________

(١) «لهم» : ساقطة من الأصل.

(٢) سورة الشعراء : ١٩٧ وتمامها : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ».)

(٣) سورة الشعراء : ٢٢٤.

(٤) الأربع آيات الأخيرة من سورة الشعراء هي ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧.

(٥) من «وبعض أهل التفسير ...» إلى هنا ، ساقط من ل وهو من أ ، وليس فى ز كذلك.

٢٥٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(طسم) ـ ١ ـ (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) ـ ٢ ـ يعنى ـ عزوجل ـ ما بين فيه من أمره ونهيه وحلاله وحرامه (لَعَلَّكَ) يا محمد (باخِعٌ نَفْسَكَ) وذلك حين كذب به كفار مكة منهم الوليد بن المغيرة ، وأبو جهل ، وأمية بن خلف ، فشق على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ تكذيبهم إياه فأنزل الله ـ عزوجل «لعلك باخع نفسك» يعنى قاتلا نفسك حزنا (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ـ ٣ ـ يعنى ألا يكونوا مصدقين بالقول بأنه من عند الله ـ عزوجل ـ نظيرها فى الكهف (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ ...)(إِنْ نَشَأْ) يعنى لو نشاء (نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ) يعنى فمالت (أَعْناقُهُمْ «لَها») يعنى للآية (خاضِعِينَ) ـ ٤ ـ يعنى مقبلين إليها مؤمنين بالآية (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ) يقول ما يحدث الله ـ عزوجل ـ إلى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من القرآن (إِلَّا كانُوا عَنْهُ) يعنى عن الإيمان بالقرآن (مُعْرِضِينَ) ـ ٥ ـ (فَقَدْ كَذَّبُوا) بالحق يعنى بالقرآن لما جاءهم يعنى حين جاءهم به محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا) يعنى حديث (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) ـ ٦ ـ وذلك أنهم حين كذبوا بالقرآن أوعدهم الله ـ عزوجل ـ بالقتل ببدر ، ثم وعظهم ليعتبروا فقال

٢٥٨

ـ عزوجل ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) ـ ٧ ـ يقول كم أخرجنا من الأرض من كل صنف من ألوان النبت حسن (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) يقول إن فى النبت لعبرة فى توحيد الله ـ عزوجل ـ أنه واحد (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) يعنى أهل مكة (مُؤْمِنِينَ) ـ ٨ ـ يعنى مصدقين بالتوحيد (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ـ ٩ ـ فى نقمته منهم ببدر «الرحيم» حين لا يعجل عليهم بالعقوبة إلى الوقت «المحدد لهم (١)» (وَإِذْ نادى رَبُّكَ) يقول وإذ أمر ربك يا محمد (مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ـ ١٠ ـ يعنى المشركين (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) (٢) واسمه فيطوس بأرض مصر وقل لهم : يا موسى ، (أَلا يَتَّقُونَ) ـ ١١ ـ يعنى ألا يعبدون الله ـ عزوجل ـ (قالَ) موسى : (رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) ـ ١٢ ـ فيما أقول (٣) (وَ) أخاف أن (يَضِيقُ صَدْرِي) يعنى يضيق قلبي (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) بالبلاغ (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) ـ ١٣ ـ يقول فأرسل معى هرون ، كقوله فى النساء : «... ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ... (٤)» يعنى مع أموالكم (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) يعنى عندي ذنب يعنى قتل النفس (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) ـ ١٤ ـ (قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا) لا تخافا القتل (٥) (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) ـ ١٥ ـ (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ ١٦ ـ كقوله ـ سبحانه ـ :

__________________

(١) فى ا ، ف : «إلى الوقت» وزدت «المحدد لهم» ليتضح المعنى.

(٢) فى ا ، ف : فرعون وقومه ، فعدلتها لتصحيح النص. كما أنها مكتوبة فى النسختين على أنها تفسير لا قرآن. ويترتب عليه ترك هذه الجملة بدون ذكر.

(٣) فى ف ، أ : بما.

(٤) سورة النساء : ٢.

(٥) فى أ : لا تخاف ، وفى ف : لا تخافا القتل. وجملة فاذهبا بآياتنا مكتوبة على الهامش فى ف ، ا.

٢٥٩

«فأتياه فقولا رسولا ربك (١)» يعنى نفسه (٢) وهرون رسولا ربك لقول (٣) فرعون أنا الرب والإله ثم انقطع الكلام. ثم انطلق موسى ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلى مصر وهرون بمصر فانطلقا كلاهما إلى فرعون فلم يأذن لهما سنة فى الدخول ، فلما دخلا عليه قال ، موسى لفرعون : «إنا» يعنى نفسه وهرون ـ عليه‌السلام ـ «رسول رب العالمين» (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) ـ ١٧ ـ إلى أرض فلسطين لا تستعبدهم فعرف فرعون موسى لأنه رباه فى بيته ، فلما قتل موسى ـ عليه‌السلام ـ النفس هرب من مصر فلما أتاه (قالَ) فرعون له : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) يعنى صبيا (وَلَبِثْتَ فِينا) يعنى عندنا (مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) ـ ١٨ ـ يعنى ثلاثين سنة (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) ـ ١٩ ـ (قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) ـ ٢٠ ـ يعنى من الجاهلين وهي قراءة ابن مسعود «فعلتها إذا وأنا من الجاهلين» (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ) إلى مدين (لَمَّا خِفْتُكُمْ) أن تقتلون (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) يعنى العلم والفهم (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ـ ٢١ ـ إليكم ، ثم قال لفرعون : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَ) يا فرعون تمن على بإحسانك إلى خاصة فيما زعمت وتنسى إساءتك (أَنْ عَبَّدْتَ) يقول استعبدت (بَنِي إِسْرائِيلَ) ـ ٢٢ ـ فاتخذتهم عبيدا لقومك القبط وكان فرعون «قد» قهرهم (٤) أربعمائة وثلاثين سنة ويقال وأربعين سنة ، وإنما كانت بنو إسرائيل بمصر حين أتاها يعقوب وبنوه وحشمه حين أتوا

__________________

(١) سورة طه : ٤٧.

(٢) هكذا فى ف ، وفى أ :

(٣) فى ف : يقول.

(٤) فى ف ، أ : وكان فرعون قهرهم. فزدت «قد».

٢٦٠