تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٣

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٣

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٩٥٧

سورة السجدة

٤٤١
٤٤٢

(٣٢) سورة السجدة مكّية

وآياتها ثلاثون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ

٤٤٣

مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١) وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ

٤٤٤

فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠))

٤٤٥
٤٤٦

سورة السجدة (*)

سورة السجدة مكية (١)

إلا آية واحدة نزلت بالمدينة فى الأنصار وهي قوله ـ تعالى ـ : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ ...) (٢) الآية.

وقال غير مقاتل : فيها ثلاث آيات مدنيات ، وهي قوله ـ تعالى ـ : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً ...) إلى قوله ـ تعالى ـ «... يكذبون» (٣) وعدد آياتها ثلاثون آية كوفية.

__________________

(*) مقصود السورة.

المقصود الإجمالى لسورة السجدة هو :

تنزيل القرآن ، وتخليق السماء والأرض ، وخلق الخلائق وتخصيص الإنسان من بينهم ، وتسليط ملك الموت على قبض الأرواح ، وإهانة العاصين فى القيامة ، وملء جهنم من أهل الإنكار والضلالة ، وسجود العباد فى أجواف الليالي خضوعا لربهم ، وأخبارهم بما ادخر لهم فى العقبى من أنواع الكرامة والتفريق بين الفاسقين والصادقين فى الجزاء والثواب فى يوم المآب ، وتسلية النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بتقرير أحوال الأنبياء الماضين ، وتقرير حجة المنكر بن للوحدانية ، وأمر الرسول بالإعراض عن مكافاة أهل الكفر وأمره بانتظار النصر بقوله : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) سورة السجدة : ٣٠.

(١) وفى المصحف (٣٢) سورة السجدة مكية.

إلا من آية ١٦ إلى آية ٢٠ فمدنية.

وآياتها ٣٠ نزلت بعد سورة المؤمنين.

(٢) آية : ١٦.

(٣) وهي الآيات ١٦ ، ١٧ ، ١٨.

٤٤٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(الم) ـ ١ ـ (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) يعنى القرآن (لا رَيْبَ فِيهِ) يعنى لا شك فيه أنه نزل (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ ٢ ـ جل وعز ـ لقولهم : (أَمْ يَقُولُونَ) أنه (افْتَراهُ) محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من تلقاء نفسه فأكذبهم الله ـ تعالى ـ (بَلْ هُوَ الْحَقُ) يعنى القرآن (مِنْ رَبِّكَ) ولو لم يكن من ربك لم يكن حقا وكان باطلا (لِتُنْذِرَ قَوْماً) يعنى كفار قريش (ما أَتاهُمْ) يقول لم يأتهم (مِنْ نَذِيرٍ) يعنى من رسول (مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد (لَعَلَّهُمْ) يعنى لكي (يَهْتَدُونَ) ـ ٣ ـ من الضلالة (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) يدل على نفسه ـ عزوجل ـ بصنعه (وَما بَيْنَهُما) يعنى السحاب والرياح والجبال والشمس والقمر والنجوم (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) قبل خلق السموات والأرض وقبل كل شيء (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ) (١) (مِنْ وَلِيٍ) يعنى من قريب ينفعكم فى الآخرة يعنى كفار مكة (وَلا شَفِيعٍ) من الملائكة (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) ـ ٤ ـ فيما ذكر الله ـ عزوجل ـ من صنعه فتوحدونه ، ثم قال ـ عزوجل ـ : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) يقول يفصل القضاء وحده (مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) فينزل به جبريل ـ صلى الله عليه ـ (ثُمَّ يَعْرُجُ) يقول ثم يصعد الملك (إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ) واحد من أيام الدنيا (كانَ مِقْدارُهُ) أى مقدار ذلك اليوم (أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) ـ ٥ ـ أنتم لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة ، عام فذلك مسيرة

__________________

(١) فى ا : من دون الله. وفى حاشية ا : الآية (دونه)

٤٤٨

ألف سنة كل ذلك فى يوم من أيام الدنيا (ذلِكَ) يعنى هذا الذي ذكر من هذه الأشياء (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) [٨٤ ب] (الْعَزِيزُ) فى ملكه (الرَّحِيمُ) ـ ٦ ـ بخلقه مثلها فى يس (... ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (١) ثم قال لنفسه ـ عزوجل ـ : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) يعنى علم كيف يخلق الأشياء من غير أن يعلمه أحد (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ) يعنى آدم ـ عليه‌السلام ـ (مِنْ طِينٍ) ـ ٧ ـ كان أوله طينا ، فلما نفخ فيه الروح صار لحما ودما (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) يعنى ذرية آدم ـ عليه‌السلام ـ (مِنْ سُلالَةٍ) يعنى النطفة التي تسل من الإنسان (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) ـ ٨ ـ يعنى بالماء النطفة ، ويعنى بالمهين الضعيف ، ثم رجع الى آدم فى التقديم فقال ـ تعالى ـ : (ثُمَّ سَوَّاهُ) يعنى ثم سوى خلقه (وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) ثم رجع إلى ذرية آدم ـ عليه‌السلام ـ فقال ـ سبحانه ـ : (وَجَعَلَ لَكُمُ) يعنى ذرية آدم ـ عليه‌السلام ـ بعد النطفة (السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) ـ ٩ ـ يعنى بالقليل أنهم لا يشكرون رب هذه النعم فى حسن خلقهم فيوحدونه. تقول العرب : «إنك لقليل الفهم» يعنى لا يفهم ولا يفقه.

(وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا) يعنى هلكنا (فِي الْأَرْضِ) وكنا ترابا (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) : إنا لمبعوثون خلقا جديدا بعد الموت يعنون البعث ويعنون كما كنا تكذيبا بالبعث (٢) نزلت فى أبى بن خلف ، وأبى الأشدين اسمه أسيد بن كلدة ابن خلف الجمحي ، ومنبه ونبيه ابني الحجاج يقول الله ـ عزوجل ـ (بَلْ) نبعثهم

__________________

(١) سورة يس : ٣٨ ، وفى ا : الرحيم.

(٢) من ا. وفى ز : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) يعنى هلكنا فى الأرض وكنا ترابا (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) بعد الموت يعنون البعث ونعود كما كنا تكذيبا بالبعث.

٤٤٩

نظيرها فى «ق والقرآن» (١) ثم قال : (هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) يعنى بالبعث (كافِرُونَ) ـ ١٠ ـ لا يؤمنون (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) يزعمون أن اسمه عزرائيل وله أربعة أجنحة جناح بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، وجناح له فى أقصى العالم من حيث تجيء الريح الدبور ، وجناح له فى أقصى العالم من حيث تجيء الريح الصبا ، ورجل له بالمشرق ، ورجله الأخرى بالمغرب ، والخلق بين رجليه ورأسه فى السماء العليا وجسده كما بين السماء والأرض ووجهه (٢) عند ستر الحجب (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) ـ ١١ ـ بعد الموت أحياء فيجزيكم بأعمالكم (وَلَوْ تَرى) يا محمد (إِذِ الْمُجْرِمُونَ) يعنى ـ عزوجل ـ كفار مكة (ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا) إلى الدنيا (نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) ـ ١٢ ـ بالبعث يقول الله ـ جل ثناؤه ـ : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا) يعنى لأعطينا (كُلَّ نَفْسٍ) فاجرة (هُداها) يعنى بياتها (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) يعنى وجب العذاب منى (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ـ ١٣ ـ يعنى من كفار الإنس والجن جميعا والقول الذي وجب من الله ـ عزوجل ـ لقوله لإبليس يوم عصاه فى السجود لآدم ـ عليه‌السلام ـ (... لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (٣) فإذا أدخلوا النار قالت الخزنة لهم : (فَذُوقُوا) العذاب (بِما نَسِيتُمْ) يعنى بما تركتم الإيمان ب (لِقاءَ) [٨٥ ا] (يَوْمِكُمْ هذا) يعنى البعث (إِنَّا نَسِيناكُمْ) تقول الخزنة إنا تركناكم فى العذاب (وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) الذي لا ينقطع (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ـ ١٤ ـ من الكفر والتكذيب (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا) يقول يصدق بآياتنا يعنى القرآن (الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها) يعنى وعظوا بها يعنى بآياتنا القرآن

__________________

(١) سورة ق : ١.

(٢) فى ا : ونحو وجهه. ز : ووجهه.

(٣) سورة ص : ٨٥.

٤٥٠

(خَرُّوا سُجَّداً) على وجوههم (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) وذكروا الله بأمره (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) ـ ١٥ ـ يعنى لا يتكبرون عن السجود كفعل كفار مكة حين تكبروا عن السجود (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) نزلت فى الأنصار «تتجافى جنوبهم» يعنى كانوا يصلون بين المغرب والعشاء (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً) من عذابه (وَطَمَعاً) يعنى ورجاء فى رحمته (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) من الأموال (يُنْفِقُونَ) ـ ١٦ ـ فى طاعة الله ـ عزوجل ـ ثم أخبر بما أعد (١) لهم ، فقال : ـ عزوجل ـ (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ) فى جنات عدن مما لم تر عين ، ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب قائل (مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ١٧ به (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) وذلك أن الوليد بن عقبة بن أبى معيط من بنى أمية أخو عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ من أمه قال لعلى بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ : اسكت فإنك صبي ، وأنا أحد منك سنانا ، وأبسط منك لسانا ، وأكثر حشوا فى الكتيبة منك. قال له على ـ عليه‌السلام ـ : اسكت فأنت فاسق. فأنزل الله ـ جل ذكره ـ : «أفمن كان مؤمنا» يعنى عليا ـ عليه‌السلام (كَمَنْ كانَ فاسِقاً) يعنى الوليد (لا يَسْتَوُونَ) ـ ١٨ ـ أن يتوبوا من الفسق ، ثم أخبر بمنازل المؤمنين وفساق الكفار فى الآخرة ، فقال ... سبحانه ـ : (أَمَّا الَّذِينَ) (٢) (آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ) فى الآخرة (جَنَّاتُ الْمَأْوى) مأوى المؤمنين ويقال مأوى أرواح الشهداء (نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ١٩ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) يعنى عصوا يعنى الكفار (فَمَأْواهُمُ) يعنى ـ عزوجل ـ فمصيرهم (النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ) وذلك أن جهنم

__________________

(١) فى ا : ما أعد.

(٢) فى ا : «فأما الذين».

٤٥١

إذا جاشت ألقت الناس فى أعلى النار فيريدون الخروج فتتلقاهم الملائكة بالمقامع فيضربونهم فيهوى أحدهم من الضربة إلى قعرها وتقول الخزنة إذا ضربوهم (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ـ ٢٠ ـ بالبعث وبالعذاب بأنه ليس كائنا ثم قال ـ عزوجل ـ : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ) يعنى كفار مكة (مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) يعنى الجوع الذي أصابهم فى السنين السبع بمكة حين أكلوا العظام والموتى والجيف والكلاب عقوبة بتكذيبهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم ـ قال ـ [٨٥ ب] : (دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) يعنى القتل ببدر وهو أعظم من العذاب الذي أصابهم من الجوع (لَعَلَّهُمْ) يعنى لكي (يَرْجِعُونَ) ـ ٢١ ـ من الكفر إلى الإيمان (وَمَنْ أَظْلَمُ) يقول فلا أحد أظلم (مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) يقول ممن وعظ بآيات القرآن (ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) عن الإيمان (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) ـ ٢٢ ـ يعنى كفار مكة نزلت فى المطعمين والمستهزئين من قريش انتقم الله ـ عزوجل ـ منهم بالقتل ببدر ، وضربت الملائكة الوجوه والأدبار ، وتعجيل أرواحهم إلى النار (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) يقول أعطينا موسى ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ التوراة (فَلا تَكُنْ) يا محمد (فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) يقول لا تكن فى شك من لقاء موسى ـ عليه‌السلام ـ التوراة فإن الله ـ عزوجل ـ ألقى الكتاب عليه يعنى التوراة حقا (وَجَعَلْناهُ هُدىً) يعنى التوراة هدى (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) ـ ٢٣ ـ من الضلالة (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ) يعنى من بنى إسرائيل (أَئِمَّةً) يعنى قادة إلى الخير (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) يعنى يدعون الناس إلى أمر الله ـ عزوجل ـ (لَمَّا صَبَرُوا) يعنى لما صبروا على البلاء حين كلفوا بمصر ما لم يطيقوا من العمل فعل ذلك بهم باتباعهم موسى على دين الله ـ عزوجل ـ قال ـ تعالى ـ : (وَكانُوا بِآياتِنا) يعنى بالآيات التسع (يُوقِنُونَ)

٤٥٢

ـ ٢٤ ـ بأنها من الله ـ عزوجل ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) يعنى يقضى بينهم يعنى بنى إسرائيل (يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ) من الدين (يَخْتَلِفُونَ) ـ ٢٥ ـ ثم خوف كفار مكة فقال ـ تعالى ـ : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) يعنى يبين لهم (كَمْ أَهْلَكْنا) بالعذاب (مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ) يعنى الأمم الخالية (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) يقول يمرون على قراهم يعنى قوم لوط ، وصالح وهود ، عليهم فيرون هلاكهم (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) يعنى لعبرة (أَفَلا يَسْمَعُونَ) ـ ٢٦ ـ الوعيد بالمواعظ ، ثم وعظهم ليوحدوا فقال ـ سبحانه ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) يعنى الملساء ليس فيها نبت (فَنُخْرِجُ بِهِ) بالماء (زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ) ـ ٢٧ ـ هذه الأعاجيب فيوحدون ربهم ـ عزوجل ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ) يعنى القضاء وهو البعث (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ ٢٨ ـ وذلك أن المؤمنين «قالوا إن لنا يوما» (١) نتنعم فيه ونستريح فقال كفار مكة : متى هذا الفتح إن كنتم صادقين؟ يعنون النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وحده ، تكذيبا بالبعث بأنه «ليس بكائن» (٢) فإن كان البعث حقا صدقنا يومئذ فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ (قُلْ) يا محمد (يَوْمَ الْفَتْحِ) يعنى القضاء (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) بالبعث لقولهم للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إن كان البعث الذي تقول حقا صدقنا يومئذ ، فذلك قوله [٨٦ أ] ـ عزوجل ـ «يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا بالبعث» (٣) لقولهم إن كان ذلك اليوم حقا صدقنا

__________________

(١) من ز ، وفى أ : قالوا لنا يوم.

(٢) فى ا : ليس كائن.

(٣) كذا فى ا ، ز. وأعتقد أن أصله ـ بالبعث إيمانهم.

٤٥٣

(وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) ـ ٢٩ ـ يقول لا يناظر بهم العذاب «حتى يقولوا» (١) فلما نزلت هذه الآية أراد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يرسل «إليهم فيجزيهم وينبؤهم» (٢) فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ يعزى نبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلى مدة (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ) بهم العذاب يعنى القتل ببدر «إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ ـ ٣٠ ـ العذاب» (٣) يعنى القتل ببدر فقتلهم الله وضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم وعجل الله أرواحهم إلى النار ثم إن آية السيف نسخت الإعراض (٤).

__________________

(١) «حتى يقولوا» : من ا ، وليست فى ز.

(٢) فى ا : «فيجزيهم وينبؤهم» وليست فى ز.

(٣) فى ز : «إنا منتظرون» بهم العذاب.

(٤) ليست حقيقة النسخ واقعة هنا ، فالإعراض كان فى مكة ، والسيف كان فى المدينة ، فهو من باب المنسأ الذي تأخر الأمر به إلى وقت الحاجة إليه.

٤٥٤

سورة الأحزاب

٤٥٥
٤٥٦

(٣٣) سورة الأحزاب مدنية

وآياتها ثلاث وسبعون

٤٥٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣) ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥) النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦) وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨)

٤٥٨

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩) إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ

٤٥٩

فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً (٢٠) لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣) لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤) وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ

٤٦٠