تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٣

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٣

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٩٥٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) ـ ١ ـ يعنى ـ عزوجل ـ صفوف الملائكة (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) ـ ٢ ـ الملائكة يعنى به الرعد ، وهو ملك اسمه الرعد يزجر السحاب بصوته يسوقه إلى البلد الذي أمر أن يمطره ، والبرق مخاريق من نار يسوق بها السحاب ، فإذا صف السحاب بعضه إلى بعض سطع منه نار فيصيب الله به من يشاء وهي الصاعقة التي ذكر الله ـ عزوجل ـ فى الرعد (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) ـ ٣ ـ يعنى به الملائكة وهو جبريل وحده ـ عليه‌السلام ـ يتلو القرآن على الأنبياء من ربهم ، وهو ، الملقيات ذكرا ، يلقى الذكر على الأنبياء ، وذلك أن كفار مكة قالوا يجعل محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الآلهة إلها واحدا فأقسم الله بهؤلاء الملائكة (إِنَّ إِلهَكُمْ) يعنى أن ربكم (لَواحِدٌ) ـ ٤ ـ ليس له شريك ، ثم عظم نفسه عن شركهم فقال ـ عزوجل ـ : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) يقول أنا رب ما بينهما من شيء من الآلهة وغيرها (وَ) أنا (رَبُّ الْمَشارِقِ) ـ ٥ ـ «يعنى» (١) مائة وسبعة وسبعين مشرقا فى السنة كلها ، والمغارب مثل ذلك ، (٢) ثم قال : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) لأنها أدنى السماء من الأرض وأقربها

__________________

(١) «يعنى» : من ل ، وليست فى أ ، ومع كونها ساقطة من أففيها : «(رب المشارق) مائة وسبعة وسبعين «أى بالنصب» ، ولا يتأتى ذلك إلا بعد كلمة : «يعنى».

(٢) فى أزيادة هي : «قال أبو محمد هذه قمرية لأن السنة فى حساب الأهلة ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما» ، وليست فى ل ، وبها تحريف وأخطاء فى أ.

٦٠١

(بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) ـ ٦ ـ وهي معلقة فى السماء بهيئة القناديل (وَحِفْظاً) يعنى «زينة» (١) السماء بالكواكب (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) ـ ٧ ـ متمرد على الله ـ عزوجل ـ فى المعصية (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) يعنى الملائكة وكانوا قبل النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يسمعون كلام الملائكة (وَيُقْذَفُونَ) ويرمون (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) ـ ٨ ـ من كل ناحية (دُحُوراً) يعنى طردا بالشهب من الكواكب ، ثم ترجع الكواكب إلى أمكنتها (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) ـ ٩ ـ يعنى دائم للشياطين من يستمع منهم ، ومن لم يستمع عذاب دائم فى الآخرة والكواكب تجرح ولا تقتل ، نظيرها فى تبارك (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ ، وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) (٢) (إِلَّا مَنْ خَطِفَ) من الشياطين (الْخَطْفَةَ) يخطف من الملائكة (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) ـ ١٠ ـ من الملائكة الكواكب ، «يعنى بالشهاب الثاقب» (٣) «نارا» (٤) مضيئة. كقول موسى : «... (أَوْ آتِيكُمْ) (٥) بِشِهابٍ قَبَسٍ (٦) ...» يعنى «بنار (٧)» مضيئة ، فيها تقديم (٨) قال ـ جل وعز ـ : (فَاسْتَفْتِهِمْ) يقول سلهم : (أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً) نزلت

__________________

(١) «زينة» : زيادة اقتضاها السياق ليست فى النسخ.

(٢) سورة تبارك : ٥ ، وفى أ : نظيرها فى تبارك «إنا زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ...» الآية ، وفيه خطأ فى الآية ، فالصواب (وَلَقَدْ زَيَّنَّا) بينما قال : «انا زينا».

(٣) فى أ : «يعنى الثاقب» ، وفى ل : «يعنى الشهاب الثاقب».

(٤) فى أ ، ل : «نار».

(٥) فى أ : (آتيكم) ، وفى ل : (أو آتيكم)

(٦) سورة النمل : ٧.

(٧) فى أ ، ل : «نار». والأنسب : «بنار».

(٨) أى تقدم ذكرها فيما سبق من التفسير.

٦٠٢

فى أبى الأشدين واسمه أسيد بن كلدة بن «خلف» (١) «الجمحي» (٢). وإنما كنى [١١٠ أ] أبا الأشدين لشدة بطشه وفى «ركانة» (٣) بن عبد يزيد بن هشام ابن عبد مناف يقول سل هؤلاء أهم أشد خلقا بعد موتهم لأنهم كفروا بالبعث (أَمْ مَنْ خَلَقْنا) يعنى خلق السموات والأرض وما بينهما والمشارق ، لأنهم يعلمون أن الله ـ جل وعز ـ خلق هذه الأشياء ، ثم أخبر عن خلق الإنسان فقال ـ جل وعز ـ : (إِنَّا خَلَقْناهُمْ) يعنى آدم (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) ـ ١١ ـ يعنى لازب بعضه فى البعض فهذا أهون خلقا عند هذا المكذب بالبعث من خلق السموات والأرض وما بينهما والمشارق ، ونزلت فى أبى الأشدين أيضا (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً) بعثا بعد الموت (أَمِ السَّماءُ بَناها) (٤) ثم قال ـ جل وعز ـ : (بَلْ عَجِبْتَ) يا محمد من القرآن حين أوحى إليك نظيرها فى الرعد (وَإِنْ تَعْجَبْ) من القرآن : «فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ (٥) ...» فاعجب من قولهم بتكذيبهم بالبعث ، ثم قال ـ جل وعز ـ (وَيَسْخَرُونَ) ـ ١٢ ـ يعنى كفار مكة سخروا من النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حين سمعوا منه القرآن ، ثم قال : (وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ) ـ ١٣ ـ وإذا وعظوا بالقرآن لا يتعظون (وَإِذا رَأَوْا آيَةً) يعنى انشقاق القمر بمكة فصار نصفين (يَسْتَسْخِرُونَ) ـ ١٤ ـ سخروا فقالوا هذا عمل السحرة ، فذلك قوله

__________________

(١) فى أ : «يخلف» ، وفى ل : «خلف».

(٢) «الجمحي» : من ل ، وليست فى أ.

(٣) «ركزته» فى أ : «نكاية» ، وفى ل : «ركانة».

(٤) سورة النازعات : ٢٧ وهي : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها).

(٥) سورة الرعد : ٥ وتمامها : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

٦٠٣

ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (١) ـ ١٥ ـ نظيرها فى «اقتربت الساعة» (٢) (... وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (٣) (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا «تُراباً») (٤) (وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ـ ١٦ ـ بعد الموت (أَوَ) يبعث (آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) ـ ١٧ ـ قالوا ذلك تعجبا ، يقول الله ـ عزوجل ـ لنبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (قُلْ) لكفار مكة : (نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) ـ ١٨ ـ وأنتم صاغرون ، ثم أخبر عنهم ـ عزوجل ـ : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) صيحة واحدة من إسرافيل لا مثنوية لها (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) ـ ١٩ ـ الى البعث الذي كذبوا به فلما نظروا وعاينوا البعث ذكروا قول الرسل ان البعث حق (وَقالُوا) (٥) (يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ) ـ ٢٠ ـ يوم الحساب الذي أخبرنا به النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فردت عليهم الحفظة من الملائكة (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) (٦) يوم القضاء (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ـ ٢١ ـ بأنه كائن (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا) الذين أشركوا من بنى آدم (وَأَزْواجَهُمْ) قرناءهم من الشياطين الذين أظلوهم وكل كافر مع شيطان فى سلسلة واحدة (وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) ـ ٢٢ ـ (مِنْ دُونِ اللهِ) يعنى إبليس وجنده نزلت فى كفار قريش نظيرها فى يس (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ ...) الآية (... أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ...) (٧) يعنى إبليس وحده (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ) يعنى ادعوهم

__________________

(١) (وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) : ساقطة من أ.

(٢) سورة القمر : أ.

(٣) سورة القمر : ٢ وتمامها : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ).

(٤) فى أ : «ترابا ...» الآية.

(٥) فى أ : «فقالوا».

(٦) فى أ : الآية ، ولم يذكر بقينها.

(٧) سورة يس : ٦٠ وتمامها : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).

٦٠٤

إلى طريق (الْجَحِيمِ) ـ ٢٣ ـ [١١٠ ب] ، والجحيم ما عظم الله ـ عزوجل ـ من النار (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (١) ـ ٢٤ ـ فلما سيقوا إلى النار حبسوا فسألهم خزنة جهنم ألم تأتكم رسلكم بالبينات؟ قالوا : بلى ، ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين يقول الخازن : (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) ـ ٢٥ ـ نظيرها فى الشعراء «... هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ (٢) ...» يقول الكفار ما لشركائكم الشياطين لا يمنعونكم من العذاب يقول الله ـ عزوجل ـ لمحمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) ـ ٢٦ ـ للعذاب (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) ـ ٢٧ ـ يتكلمون (قالُوا) (٣) : قال قائل من الكفار لشركائهم الشياطين : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) ـ ٢٨ ـ يعنون من قبل الحق ، نظيرها فى الحاقة (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) (٤) بالحق وقالوا للشياطين أنتم زينتم لنا ما نحن عليه فقلتم إن هذا الذي نحن عليه هو الحق (قالُوا) قالت لهم الشياطين : (بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ـ ٢٩ ـ مصدقين بتوحيد الله ـ عزوجل ـ (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) من ملك فنكرهكم على متابعتنا (بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ) ـ ٣٠ ـ عاصين ، ثم قالت الشياطين : (فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا) يوم قال لإبليس : (... لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ ...) (٥) الآية (إِنَّا لَذائِقُونَ) ـ ٣١ ـ (فَأَغْوَيْناكُمْ) يعنى أضللناكم عن الهدى (إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) (٦) ـ ٣٢ ـ ضالين يقول الله ـ عزوجل ـ : (فَإِنَّهُمْ

__________________

(١) فى أ : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ) وليس بهم «مسؤلون».

(٢) سورة الشعراء : ٩٣.

(٣) «قالوا» : ساقطة من أ.

(٤) سورة الحاقة : ٤٥ ، وفى أ : الآية.

(٥) سورة ص : ٨٥ ، وتمامها (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ).

(٦) (إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) : ساقط من أ.

٦٠٥

يَوْمَئِذٍ) للكفار والشياطين (فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) ـ ٣٣ ـ (إِنَّا كَذلِكَ) (١) (نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) ـ ٣٤ ـ ثم أخبر عنهم فقال ـ جل وعز ـ : (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) ـ ٣٥ ـ يتكبرون عن الهدى نزلت فى الملأ من قريش الذين مشوا إلى أبى طالب ، فقال لهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : قولوا لا إله إلا الله تملكون بها العرب وتدين لكم العجم بها ، (وَيَقُولُونَ) (٢) (أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) ـ ٣٦ ـ فقال ـ جل وعز ـ : (بَلْ جاءَ بِالْحَقِ) يعنى محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : جاء بالتوحيد (وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) ـ ٣٧ ـ قبله (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) ـ ٣٨ ـ يعنى الوجيع (وَما تُجْزَوْنَ) فى الآخرة (إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ـ ٣٩ ـ فى الدنيا من الشرك ، جزاء الشرك النار ، ثم استثنى المؤمنين فقال : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) ـ ٤٠ ـ بالتوحيد لا يذوقون العذاب ، فأخبر ما أعد لهم فقال ـ جل وعز ـ : (أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ) ـ ٤١ ـ يعنى بالمعلوم حين يشتهونه يؤتون به ، ثم بين الرزق فقال ـ تبارك وتعالى ـ : (فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ) ـ ٤٢ ـ (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ـ ٤٣ ـ (عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) ـ ٤٤ ـ «فى الزيارة» (٣) (يُطافُ عَلَيْهِمْ) يعنى يتقلب عليهم بأيدى الغلمان الخدم (بِكَأْسٍ) يعنى الخمر (مِنْ مَعِينٍ) ـ ٤٥ ـ [١١١ أ] يعنى الجاري (بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) ـ ٤٦ ـ (لا فِيها غَوْلٌ) لا غائلة عليها يرجع منها الرأس كفعل خمر الدنيا (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) ـ ٤٧ ـ يعنى يسكرون فتنزف عقولهم كخمر الدنيا (وَعِنْدَهُمْ

__________________

(١) فى أ : الآية ، ولم تذكر بقية الآية.

(٢) فى أ : «قالوا».

(٣) فى أ : فى الزيادة.

٦٠٦

قاصِراتُ الطَّرْفِ) حافظات النظر من الرجال غير أزواجهن لا يرون غيرهم من العشق ، ثم قال ـ جل وعز ـ : (عِينٌ) ـ ٤٨ ـ يعنى حسان الأعين ثم شبهن (١) ببياض البيض الذي الصفرة فى جوفه ، فقال : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) ـ ٤٩ ـ (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (٢) (يَتَساءَلُونَ) ـ ٥٠ ـ أى أهل الجنة حين يتكلمون ، يكلم بعضهم بعضا يقول : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) ـ ٥١ ـ وذلك أن أخوين من بنى إسرائيل اسم أحدهما فطرس والآخر سلخا ورث كل واحد منهما عن أبيه أربعة آلاف دينار ، فأما أحدهما فأنفق ماله فى طاعة الله ـ عزوجل ـ ، والمشرك الآخر أنفق ماله فى معصية الله ـ عزوجل ـ ومعيشة الدنيا ، وهما اللذان (٣) ذكرهما (٤) الله ـ عزوجل ـ فى سورة الكهف (٥).

__________________

(١) فى أ : شبهم.

(٢) فى أ : (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ...) الآية.

(٣) فى أ : الذي ، وفى ل : اللذان.

(٤) فى أ : ذكر ، وفى ل : ذكرهما.

(٥) تبدأ فصتهما من الآية ٣٢ ـ ٤٣ من سورة الكهف ، حيث يقول ـ سبحانه ـ : «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً ، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً ، وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً ، وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً ، قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ، وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً ، فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً ، أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً ، وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً» وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً».

٦٠٧

فلما صارا إلى الآخرة أدخل المؤمن الجنة ، وأدخل المشرك النار ، فلما أدخل الجنة المؤمن ذكر أخاه ، فقال لإخوانه من أهل الجنة : (إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) يعنى «صاحب» (١) (يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) ـ ٥٢ ـ بالبعث (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) ـ ٥٣ ـ يعنى «المحاسبين» (٢) فى أعمالنا ثم (قالَ) المؤمن لإخوانه فى الجنة : (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) ـ ٥٤ ـ إلى النار فتنظرون منزلة أخى فردوا عليه أنت أعرف به منا ، فاطلع أنت ، ولأهل الجنة فى منازلهم كوى فإذا شاءوا نظروا إلى أهل النار (فَاطَّلَعَ) المؤمن (فَرَآهُ) فرأى أخاه (فِي سَواءِ) يعنى فى وسط (الْجَحِيمِ) ـ ٥٥ ـ أسود الوجه أزرق العينين مقرونا مع شيطانه فى سلسلة (قالَ) المؤمن : (تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) (٣) ـ ٥٦ ـ لتغوين فأنزل منزلتك فى النار (وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي) يقول لو لا ما أنعم الله على بالإسلام (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) ـ ٥٧ ـ النار ، ثم انقطع الكلام ، ثم أقبل المؤمن على أصحابه فقال : (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) ـ ٥٨ ـ عرف المؤمن أن كل نعيم معه الموت فليس بتام (إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى) التي كانت فى الدنيا (٤) (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (٥) ـ ٥٩ ـ فقيل له «إنك لا تموت فيها» (٦) فقال عند ذلك : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ـ ٦٠ ـ ثم انقطع كلام المؤمن ، يقول الله ـ عزوجل : (لِمِثْلِ هذا) النعيم الذي ذكر قبل هذه الآية فى قوله : «أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ

__________________

(١) كذا فى أ ، وفى ل : «صاحب».

(٢) «المحاسبين» من أوليست فى ل.

(٣) ما بين القوسين «...» : ساقط من أ.

(٤) فى أ : الآية.

(٥) ما بين القوسين «...» : من ل ، وليس فى أ.

(٦) كذا فى أ ، ل والأنسب : «إنك لا تموت فيها ولا تعذب».

٦٠٨

معلوم (١)» (فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) ـ ٦١ ـ فليسارع المسارعين يقول الله ـ عزوجل : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً) للمؤمنين (أَمْ) نزل الكافر (شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) ـ ٦٢ ـ وهي النار للذين استكبروا عن لا إله إلا الله حين أمرهم [١١١ ب] النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بها ، ثم قال ـ جل وعز ـ : (إِنَّا جَعَلْناها) يعنى الزقوم (فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) ـ ٦٣ ـ يعنى لمشركي مكة منهم عبد الله ابن الزبعرى ، وأبو جهل بن هشام ، والملأ من قريش الذين مشوا إلى أبى طالب ، وذلك أن ابن الزبعرى قال : إن الزقوم بكلام اليمن التمر والزبد. فقال أبو جهل : يا جارية ، ابغنا تمرا وزبدا ، ثم قال لأصحابه : تزقموا من هذا الذي يخوفنا به محمد. يزعم أن النار تنبت الشجر والنار تحرق الشجر ، فكان الزقوم فتنة لهم ، فأخبر الله ـ عزوجل ـ أنها لا تشبه النخل ، ولا طلعها كطلع النخل ، فقال ـ تبارك وتعالى ـ : (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ) تنبت (فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) ـ ٦٤ ـ (طَلْعُها) تمرها (كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) ـ ٦٥ ـ (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها) من ثمرتها (فَمالِؤُنَ مِنْهَا) من ثمرها (الْبُطُونَ) ـ ٦٦ ـ (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً) يعنى لمزاجا (مِنْ حَمِيمٍ) ـ ٦٧ ـ يشربون على إثر الزقوم الحميم الحار الذي قد انتهى حره (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ) بعد الزقوم وشرب الحميم (لَإِلَى الْجَحِيمِ) ـ ٦٨ ـ وذلك قوله ـ عزوجل ـ : «يطوفون بينها وبين حميم آن» (٢) (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا) وجدوا (آباءَهُمْ ضالِّينَ) ـ ٦٩ ـ عن الهدى (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) ـ ٧٠ ـ يقول «يسعون (٣)» فى مثل أعمال آبائهم (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ) قبل أهل مكة (أَكْثَرُ

__________________

(١) سورة الصافات : ٤١ ، وفى أ : (لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ).

(٢) سورة الرحمن : ٤٤.

(٣) فى أ : «يسمعون» ، وفى ل : «يسعون» ، وفى حاشية أ : «يسرعون ، محمد».

٦٠٩

الْأَوَّلِينَ) ـ ٧١ ـ من الأمم (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) ـ ٧٢ ـ رسلا ينذرونهم العذاب فكذبوا الرسل فعذبهم الله ـ عزوجل ـ فى الدنيا ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) ـ ٧٣ ـ يحذر كفار مكة لئلا يكذبوا محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فينزل بهم العذاب فى الدنيا ، ثم استثنى فقال ـ جل وعز ـ : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) ـ ٧٤ ـ الموحدين فإنهم نجوا من العذاب بالتوحيد (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) فى «اقتربت (١) ...» : «إنى مغلوب فانتصر» (٢١) وفى الأنبياء (٣).

فأنجاه ربه فغرقهم بالماء ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) ـ ٧٥ ـ يعنى الرب نفسه ـ تعالى ـ (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) ـ ٧٦ ـ الهول الشديد وهو الغرق (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ) ولد نوح (هُمُ الْباقِينَ) ـ ٧٧ ـ وذلك أن أهل السفينة ماتوا ولم يكن لهم نسل غير ولد نوح وكان الناس من ولد نوح ، فلذلك قال (هُمُ الْباقِينَ) فقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ سام أبو العرب ، ويافث أبو الروم ، وحام أبو الحبش (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ـ ٧٨ ـ يقول ألقينا على نوح بعد موته ثناء حسناء ، يقال له من بعده فى الآخرين خير ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) ـ ٧٩ ـ يعنى بالسلام الثناء الحسن الذي ترك عليه من بعده فى الناس.

__________________

(١) سورة القمر : ١.

(٢) سورة القمر : ١٠ وتمامها : (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ).

(٣) يشير إلى الآية ٧٦ ، من سورة الأنبياء وهي : (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).

٦١٠

(إِنَّا (١) كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ـ ٨٠ ـ هكذا نجزى كل محسن فجزاه الله ـ عزوجل ـ بإحسانه الثناء الحسن فى العالمين (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٨١ ـ يعنى المصدقين بالتوحيد (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) ـ ٨٢ ـ يعنى قوم نوح (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) ـ ٨٣ ـ يقول إبراهيم على ملة نوح ـ عليهما‌السلام ـ قال الفراء : إبراهيم من شيعته ـ محمد ـ عليهما‌السلام.

قال أبو محمد : سألت أبا العباس عن ذلك ، فقال : كل من كان على دين رجل فهو من شيعته ، كل نبى من شيعة إبراهيم صاحبه ، فإبراهيم من شيعة محمد ، ومحمد من شيعة إبراهيم ـ عليهما‌السلام ـ (إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ـ ٨٤ ـ يعنى بقلب مخلص من الشرك (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) آزر (وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ) ـ ٨٥ ـ من الأصنام (أَإِفْكاً) يعنى أكذبا (آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) ـ ٨٦ ـ (فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) ـ ٨٧ ـ إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره (فَنَظَرَ) إبراهيم (نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) ـ ٨٨ ـ يعنى الكواكب وذلك أنه رأى نجما طلع (فَقالَ) لقادتهم : (إِنِّي سَقِيمٌ) ـ ٨٩ ـ وهم ذاهبون إلى عيدهم (إِنِّي سَقِيمٌ) يعنى وجيع ، وذلك أنهم كانوا يعبدون الأصنام «كانت (٢)» اثنين وسبعين صنما من ذهب وفضة «وشبه (٣)» ونحاس وحديد وخشب وكان أكبر الأصنام عيناه من ياقوتتين حمراوين ، وهو من ذهب وكانوا إذا خرجوا إلى عيدهم دخلوا قبل أن يخرجوا فيسجدون لها ويقربون الطعام ثم يخرجون إلى عيدهم فإذا

__________________

(١) «إنا» : ساقطة من الأصل.

(٢) فى أ : «فكانت».

(٣) كذا فى أ ، ل.

٦١١

رجعوا من عيدهم فدخلوا عليها «سجدوا لها (١)» «ثم يتفرقون (٢)» فلما خرجوا إلى عيدهم اعتل إبراهيم بالطاعون ، وذلك أنهم كانوا ينظرون فى النجوم ، فنظر إبراهيم فى النجوم فقال : (إِنِّي سَقِيمٌ) ، قال الفراء : كل من عمل فيه النقص ودب فيه الفناء وكان منتظر للموت فهو سقيم. فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) ـ ٩٠ ـ ذاهبين وقد وضعوا الطعام والشراب بين يدي آلهتهم (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) إلى الصنم الكبير وهو فى (٣) بيت (فَقالَ) للآلهة (أَلا تَأْكُلُونَ) ـ ٩١ ـ الطعام الذي بين أيديكم (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) ـ ٩٢ ـ ما لكم لا تكلمون؟ ما لكم لا تردون جوابا ، أتأكلون ، أولا تأكلون ، (فَراغَ) يعنى فمال إلى آلهتهم «فراغ» (عَلَيْهِمْ) يعنى فأقبل عليها (ضَرْباً بِالْيَمِينِ) بيده اليمين «يكسرهم بالفأس فلما رجعوا من عيدهم ، (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) ـ ٩٤ ـ يمشون إلى إبراهيم يأخذونه بأيديهم ف (قالَ) لهم إبراهيم : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) ـ ٩٥ ـ وما تنحتون من الأصنام [١١٢ ب] (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) ـ ٩٦ ـ وما تنحتون من الأصنام.

قال أبو محمد : قال الفراء : (ضَرْباً بِالْيَمِينِ) الذي حلفها عليها ، فقال :«وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين» (٤). قال أبو محمد : حدثني هناد ، قال : حدثنا ابن يمان ، قال : رأيت «سفيان (٥)» جائيا من السوق بالكوفة ، فقلت : من أين أقبلت؟ قال : من دار الصيادلة نهيتهم عن بيع

__________________

(١) فى أ : «فسجدوا لها».

(٢) فى الأصل : «ثم يتفرقوا».

(٣) كذا فى أ ، ل.

(٤) سورة : الأنبياء : ٥٧.

(٥) فى الأصل : «سفيانا».

٦١٢

الداذي (١) وإنى لأرى الشيء أنكره فلا أستطيع تغييره فأبول دما رجع إلى قول مقاتل (قالُوا) (٢) (ابْنُوا لَهُ بُنْياناً) قال ابن عباس : «بنوا» (٣) حائطا من حجارة طوله فى السماء ثلاثون ذراعا ، وعرضه عشرون ذراعا (فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) ـ ٩٧ ـ فى نار عظيمة قال الله ـ عزوجل ـ فى سورة الأنبياء :

«... يا ناركوني بردا وسلاما على إبراهيم (٤)» ، «وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً (٥) ...» سوءا ، الآية وعلاهم إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ «وسلمه (٦)» الله ـ عزوجل ـ وحجزهم عنه فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى أهلكهم الله ـ عزوجل ـ فما بقيت يومئذ دابة إلا جعلت تطفئ النار عن إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ ، غير الوزغ كانت تنفخ النار على إبراهيم ، فأمر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بقتلها (فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) (٧) ـ ٩٨ ـ (وَقالَ) وهو ببابل (إِنِّي ذاهِبٌ) يعنى مهاجر (إِلى رَبِّي) إلى رضى ربى «بالأرض (٨)» المقدسة (سَيَهْدِينِ) ـ ٩٩ ـ لدينه وهو أول من هاجر من الخلق ومعه لوط وسارة فلما قدم «الأرض» (٩) المقدسة سأل ربه الولد ، فقال : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) ـ ١٠٠ ـ هب لي

__________________

(١) كذا فى أ ، والرواية كلها ليست فى ل.

(٢) «قالوا» : ساقطة من أ.

(٣) فى أ : «يقول» ، وفى ل : «بنوا».

(٤) سورة الأنبياء : ٦٩ وتمامها : (قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ).

(٥) سورة الأنبياء : ٧٠ ، وتمامها : (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ).

(٦) فى أ : «وسلمهم».

(٧) الآية ٩٨ ساقطة من أ ، ل ، هي وتفسيرها.

(٨) فى الأصل : «بأرض».

(٩) فى الأصل : «أرض».

٦١٣

ولدا صالحا ، فاستجاب له (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) ـ ١٠١ ـ يعنى عليم ، وهو العالم (١) ، وهو إسحاق بن سارة (٢).

__________________

(١) فى أ : وهو الغلام ، وفى ل : وهو العالم.

(٢) ذهب مقاتل إلى أن الذبيح إسحاق ، والمشهور أنه إسماعيل ، وفى كتاب بصائر ذوى التمييز للفيروزآبادي أنه إسماعيل وقد مر بك فى أول السورة «المقصود الإجمالى لسورة الصافات» أن الذبيح إسماعيل ، فى رأى الفيروزآبادى وجمهور المفسرين ، ويرجحه أن الله بشر إبراهيم بإسحاق بعد ذكر قصة الذبح فدل على أن المبشر به غير الذبيح. وقد عنى الطبري فى تفسيره لهذه الآية بتحقيق الذبيح فقال : واختلف أهل التأويل فى المفدى من الذبح من ابني إبراهيم فقال بعضهم : هو إسحاق ، وقال بعضهم : هو إسماعيل.

وأورد الطبري أدلة الفريقين فى أربع صفحات هي الصفحات ٥١ ـ ٥٤ من الجزء الثالث والعشرين.

«قال أبو جعفر» : وأولى القولين بالصواب فى المفدى من ابني إبراهيم ـ خليل الرحمن ـ على ظاهر التنزيل قول من قال هو إسحاق لأن الله قال : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) سورة الصافات : ١٠٧ فذكر أنه فدى الغلام الحليم الذي بشر به إبراهيم حين سأله أن يهب له ولدا صالحا من الصالحين فقال : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) فإذا كان المفدى بالذبح من ابنيه هو المبشر به وكان الله ـ تبارك اسمه ـ قد بين فى كتابه أن الذي بشر به هو إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب فقال ـ جل ثناؤه ـ :

(وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) سورة هود : ٧١ وكان فى كل موضع من القرآن ذكر تبشيره إياه بولد فإنما هو معنى به إسحاق كان بيتا أن تبشيره إياه بقوله (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) فى هذا الموضع نحو سائر أخباره فى غيره من آيات القرآن ...

وقد ذهب الأستاذ سيد قطب إلى أن الذبيح هو إسماعيل كما يرجح سياق السيرة والسورة.

ورجح النسفي فى تفسيره أن الذبيح هو إسماعيل قال النسفي :

(والأظهر أن الذبيح إسماعيل وهو قول أبى بكر وابن عباس وابن عمر وجماعة من التابعين ـ رضى الله عنهم ـ لقوله ـ عليه‌السلام ـ أنا ابن الذبيحين أحدهما جده إسماعيل والآخر أبوه عهد الله.

وعن الأصمعى أنه قال : سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح؟ فقال : يا أصمعى أين عزب عنك عقلك؟ ومتى كان إسحاق يمكنه وإنما كان إسماعيل بمكة وهو الذي بنى البيت مع أبيه والنحر بمكة ... والمسألة كما ترى فيها خلاف بين المفسرين والمرجح لدى أن الذبيح هو إسماعيل ـ عليه‌السلام ـ وقد نقل النيسابوري فى تفسيره عددا من الحجج على أن الذبيح هو إسماعيل لا إسحاق وكان الزجاج يقول الله أعلم أيهما الذبيح.

٦١٤

(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ) مع أبيه (السَّعْيَ) المشي إلى الجبل (قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ) لنذر كان عليه فيه يقول إنى أمرت فى المنام (أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) فرد عليه إسحاق («قالَ يا أَبَتِ (١)» افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) وأطع ربك فمن ثم لم يقل إسحاق لإبراهيم ـ عليهما‌السلام ـ افعل ما رأيت ، ورأى إبراهيم ذلك ثلاث ليال متتابعات ، وكان إسحاق قد صام وصلّى قبل الذبح (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ـ ١٠٢ ـ على الذبح (فَلَمَّا أَسْلَما) يقول أسلما لأمر الله وطاعته (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) ـ ١٠٣ ـ وكبه لجبهته ، فلما أخذ بناصيته ليذبحه عرف الله ـ تعالى ـ منهما الصدق ، قال الفراء فى قوله ـ عزوجل ـ : «ماذا ترى»؟ مضموم التاء قال : المعنى ما «ترى» من الجلد والصبر على طاعة الله ـ عزوجل ـ ، ومن قرأ «ترى» أراد إبراهيم أن يعلم ما عنده من العزم ، ثم هو ماض على ذبحه ، كما أمره الله ـ عزوجل ـ [١١٣ أ] رجع إلى مقاتل (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) فى ذبح ابنك ، وخذ الكبش («إِنَّا كَذلِكَ (٢)» نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ـ ١٠٥ ـ هكذا نجزى كل محسن فجزاه الله ـ عزوجل ـ بإحسانه وطاعته ، العفو عن ابنه إسحاق ، ثم قال ـ عزوجل ـ : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) ـ ١٠٦ ـ يعنى النعيم المبين حين عفا عنه وفدى بالكبش («وَفَدَيْناهُ (٣)» بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) ـ ١٠٧ ـ ببيت المقدس الكبش اسمه رزين وكان من الوعل رعى فى الجنة أربعين سنة قبل أن يذبح (وَتَرَكْنا) وأبقينا (عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ـ ١٠٨ ـ الثناء الحسن يقال له من بعد موته فى الأرض ، فذلك قوله ـ عز

__________________

(١) (قالَ يا أَبَتِ) : ساقطة أ.

(٢) فى أ : الآية ، ولم يذكر بقيتها.

(٣) «وفديناه» : ساقطة من أ.

٦١٥

وجل ـ : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) ـ ١٠٩ ـ «يعنى (١)» بالسلام الثناء الحسن ، يقال له من بعده فى أهل الأديان ، فى الناس كلهم ، (كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٢) ـ ١١٠ ـ (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) ـ ١١١ ـ يعنى المصدقين بالتوحيد (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا «مِنَ الصَّالِحِينَ») (٣) ـ ١١٢ ـ يقول وبشرنا إبراهيم بنبوة إسحاق بعد العفو عنه (وَبارَكْنا عَلَيْهِ) على إبراهيم (وَعَلى إِسْحاقَ «وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما») (٤) إبراهيم وإسحاق (مُحْسِنٌ) مؤمن (وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ) يعنى المشرك (مُبِينٌ) ـ ١١٣ ـ (وَلَقَدْ مَنَنَّا) أنعمنا (عَلى مُوسى وَهارُونَ) ـ ١١٤ ـ بالنبوة وهلاك عدوهما (وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما) بنى إسرائيل (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٥) ـ ١١٥ ـ (وَنَصَرْناهُمْ) (٦) على عدوهم (فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) (٧) ـ ١١٦ ـ لفرعون وقومه (وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ) ـ ١١٧ ـ «يقول أعطيناهما التوراة» (٨) «المستبين» يعنى بين «ما فيه (٩)».

__________________

(١) «يعنى» : ساقطة من أ.

(٢) (كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) : ساقطة من أ.

(٣) «من الصالحين» : ساقطة من أ.

(٤) فى أ : «ومن ذريته» ، وفى حاشية أ : الآية «ذريتهما».

(٥) (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) : ساقطة من أ.

(٦) فى أ : الآية.

(٧) (فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) : ليست فى أ.

(٨) جملة «يقول أعطيناهما التوراة» من ل ، وليست فى أ.

(٩) فى أ : «ما فيها» ، وفى ل : «ما فيه».

٦١٦

(وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ـ ١١٨ ـ دين الإسلام (وَتَرَكْنا عَلَيْهِما «فِي الْآخِرِينَ») (١) ـ ١١٩ ـ «أبقينا (٢)» من بعدهما الثناء الحسن يقال لهما بعدهما ، وذلك قوله ـ عزوجل ـ : (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) ـ ١٢٠ ـ يعنى بالسلام الثناء الحسن (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ـ ١٢١ ـ هكذا نجزى كل من أحسن (٣) (إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (٤) ـ ١٢٢ ـ (وَإِنَّ إِلْياسَ) «بن فنحن (٥) (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ـ ١٢٣ ـ (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ) ـ ١٢٤ ـ يعنى ألا تعبدون (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) أتعبدون ربا بلغة اليمن «الإله (٦)» يسمى بعلا وكان صنما من ذهب ببعلبك بأرض الشام فكسره إلياس ، ثم هرب منهم (وَتَذَرُونَ) عبادة (أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) ـ ١٢٥ ـ فلا تعبدونه (اللهَ رَبَّكُمْ) (٧) (وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) ـ ١٢٦ ـ (فَكَذَّبُوهُ) (٨) فكذبوا إلياس النبي ـ عليه‌السلام ـ (فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) ـ ١٢٧ ـ النار ، ثم استثنى (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) ـ ١٢٨ ـ يعنى المصدقين لا يحضرون النار (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (٩) ـ ١٢٩ ـ (سَلامٌ عَلى «إِلْ ياسِينَ») (١٠) ـ ١٣٠ ـ يعنى بالسلام الثناء الحسن والخير الذي

__________________

(١) «فى الآخرين» : ساقطة من أ.

(٢) فى أ : «أبقينا» ، وفى ل : «يقول وأبقينا».

(٣) فى أزيادة : (المؤمنين) يعنى المصدقين.

(٤) (إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) : ساقطة من الأصل وتفسيرها.

(٥) فى أ : «فنحن» ، وفى ل : «فحمى».

(٦) فى أ ، ل : «آلهة».

(٧) (اللهَ رَبَّكُمْ) الآية فى أ ، ولم تذكر بقيتها.

(٨) فى أ : (فكذبوه) إلياس.

(٩) (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) : ساقطة من أ.

(١٠) فى أ : «الياسين».

٦١٧

ترك عليه فى الآخرين («إِنَّا (١)» كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ـ ١٣١ ـ هكذا نجزى كل محسن («إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا (٢)» الْمُؤْمِنِينَ) ـ ١٣٢ ـ المصدقين بالتوحيد.

قال الفراء عن حيان الكلبي «إل ياسين» يعنى به النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، فإذا قال (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) فالمعنى سلام على آل محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، وآل (٣) [١١٣ ب] كل نبى من اتبعه على دينه ، وآل فرعون من اتبعه على دينه ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ «أدخلوا آل فرعون اشد العذاب (٤) ...» ، رجع إلى مقاتل ، (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ـ ١٣٣ ـ أرسل إلى سدوم ، ودامورا ، وعامورا ، وصابورا أربع مدائن كل مدينة مائة الف (إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ) ـ ١٣٤ ـ يعنى ابنتيه «ريثا ، وزعوثا» (٥) ثم استثنى امرأة ، فقال ـ جل وعز ـ : (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) ـ ١٣٥ ـ يعنى فى الباقين فى العذاب ، (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) (٦) نظيرها فى الشعراء «... الآخرين (٧)» ثم أهلكنا بقيتهم بالخسف والحصب (وَإِنَّكُمْ) يا أهل مكة (لَتَمُرُّونَ «عَلَيْهِمْ (٨)» مُصْبِحِينَ) ـ ١٣٧ ـ (وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) ـ ١٣٨ ـ على القرى نهارا وليلا غدوة وعشية إذا انطلقتم إلى الشام إلى التجارة (وَإِنَّ يُونُسَ) وهو ابن متّى من أهل نينوى (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ـ ١٣٩ ـ

__________________

(١) «انا» : ساقطة من أ.

(٢) (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا) : ساقطة من أ.

(٣) فى أ : تكررت «وآل» مرتين.

(٤) سورة غافر : ٤٦.

(٥) فى أ : زيتا وزعونا ، وفى ل : «ريثا وزعوتا» ، وفى ف : «ريثا وزعونا».

(٦) (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) : ساقط من الأصل.

(٧) سورة الشعراء : ١٧٢ ، وتمامها (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ).

(٨) بقية الآية ١٣٧ ، والآية ١٣٨ ، ساقطتان من الأصل.

٦١٨

كان من بنى إسرائيل (إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) ـ ١٤٠ ـ الموقر من الناس والدواب «فساهم» وذلك أنه دخل السفينة فلف رأسه ونام فى جانبها فوكل الله ـ عزوجل ـ به الحوت ، واسمها اللخم فاحتبست سفينتهم ولم تجر ، فخاف القوم الغرق ، فقال بعضهم لبعض : إن فينا لعبدا مذنبا. قالوا : له وهو ناحيتها يا عبد الله من أنت؟ ألا ترى «أنا (١)» قد غرقنا؟ قال : أنا المطلوب أنا يونس بن متى فاقذفوني فى البحر. قالوا : نعوذ بالله أن نقذفك يا رسول الله ، فقارعهم ثلاث مرات كل ذلك يقرعونه. فقالوا : لا ، ولكن نكتب أسماءنا ، ثم نقذف بها فى الماء ففعل ذلك ، فقالوا : اللهم إن كان هذا طلبتك «فغرق اسمه ، وخرج أسماءنا» (٢) فغرق اسمه «وارتفعت» (٣) أسماؤهم ، ثم قالوا الثانية : اللهم إن كنت إياه تطلب فغرق «أسماءنا (٤)» وارفع اسمه فغرقت أسماؤهم ، وارتفع اسمه ، ثم قالوا الثالثة : اللهم إن كنت إياه تطلب فغرق اسمه وارفع أسماءنا ، فغرق اسمه وارتفعت أسماؤهم ، فلما رأوا ذلك ثلاث «مرات (٥)» أخذوا بيده ليقذفوه فى الماء ، ولم يكن أوحى الله إلى الحوت ماذا الذي يريد به؟ فلما قذف أوحى إلى الحوت ـ وليس بينه وبين الماء إلا شبران ـ لي فى عبدى حاجة إنى لم أجعل عبدى لك رزقا ، ولكن جعلت بطنك له مسجدا فلا تحسرى له شعرا وبشرا ، ولا «تردى (٦)» عليه طعاما ولا شرابا ، قال ، فقال له الماء والريح : أين أردت أن تهرب ، من الذي يعبد فى السماء والأرض ،

__________________

(١) «أنا» : من ل ، وليست فى أ.

(٢) ما بين القوسين «...» : من ل ، وليست فى أ.

(٣) فى أ : وارتفعت ، وفى ل : وخرجت.

(٤) فى أ : «أسماؤنا» ، وفى ل : «أسماؤنا».

(٥) «مرات» : من ل ، وليست فى أ.

(٦) فى ل : «تردى» ، وفى أ : «تزدرى».

٦١٩

فوالله إنا لنعبده ، وإنا لنخشى أن يعاقبنا. وجعل يونس «يذكر (١)» الله ـ عزوجل ـ ، ويذكر [١١٤ أ] كل شيء صنع ولا يدعوه فألهمه الله ـ جل وعز ـ عند الوقت (٢) فدعاه ففلق دعاءه البحر والسحاب فنادى بالتوحيد ، ثم نزه الرب ـ عزوجل ـ أنه ليس أهل «لأن (٣)» يعصى ، ثم اعترف فقال :«... لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين».

(فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) (٥) ـ ١٤١ ـ يعنى فقارعهم فكان من المقروعين المغلوبين (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) ـ ١٤٢ ـ يعنى استلام إلى ربه قال الفراء : ألام الرجل إذا استحق اللوم وهو مليم ، وقال أيضا : وليم على أمر قد كان منه فهو ملوم على ذلك ، رجع إلى قول مقاتل. (٦)

(فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ) قبل أن يلتقمه الحوت (مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) ـ ١٤٣ ـ يعنى من المصلين قبل المعصية وكان فى زمانه كثير الصلاة والذكر لله ـ جل وعز ـ فلو لا ذلك (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) عقوبة فيه (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ـ ١٤٤ ـ الناس من قبورهم (٧) (فَنَبَذْناهُ) ألقيناه (بِالْعَراءِ) يعنى البراري من

__________________

(١) فى أ : «يذكر» ، وفى ل : «يدعو».

(٢) كذا فى أ ، ل. ولعل المراد عند الوقت المستجاب فيه الدعاء.

(٣) فى أ ، وفى ل : «أن».

(٤) سورة الأنبياء : ٧٨.

(٥) من ل ، وليست فى أ.

(٦) هذا دليل قاطع على أن التفسير فى أ ، ل وجميع النسخ لمقاتل وليس لهذيل بن حبيب ، كما ذهب إلى ذلك الدكتور يوسف العش ، ثم إن جميع النسخ متشابهة إلى حد كبير فكيف نقول هذه لمقاتل وتلك لهذيل بن حبيب؟.

(٧) كذا فى أ ، ل ، والمراد إلى يوم يبعث الناس من قبورهم ، فلا يجوز أن يقال يبعثون الناس من قبورهم ، إلا على لغة أكلونى البراغيث وهي لغة ضعيفة.

٦٢٠