الوصائل إلى الرسائل - ج ١٤

آية الله السيد محمد الشيرازي

الوصائل إلى الرسائل - ج ١٤

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة عاشوراء للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7263-14-7
ISBN الدورة:
964-7263-04-X

الصفحات: ٤٠٠

ونظير هذا كثير ، مثل أنّه علم اجمالا بحصول التوكيل من الموكّل ، إلّا أنّ الوكيل يدّعي وكالته في شيء ، والموكّل ينكر توكيله في ذلك الشيء ، فانّه لا خلاف في تقديم قول الموكّل لأصالة عدم توكيله فيما يدّعيه الوكيل ، ولم يعارضه أحد : بأنّ الأصل عدم توكيله فيما يدّعيه الموكّل أيضا.

وكذا لو تداعيا في كون النكاح دائما أو منقطعا ،

______________________________________________________

(ونظير هذا كثير ، مثل أنّه علم اجمالا بحصول التوكيل من الموكّل ، إلّا أنّ الوكيل يدّعي وكالته في شيء) كشراء الجارية التي قد اشتراها (والموكّل ينكر توكيله في ذلك الشيء) أي : في شراء الجارية المشتراة ويدّعي انعقد وكلّه ـ مثلا ـ في شراء العبد الذي لم يشتره بعد ، فإذا اختلفا (فانّه لا خلاف في تقديم قول الموكّل).

وإنّما يقدّم قوله (لأصالة عدم توكيله) أي : توكيل الموكّل (فيما يدّعيه الوكيل) هنا : من شراء الجارية ، وأثر هذا الأصل هو : ان الجارية لا تنتقل عن مالكها إلى الموكّل ، والثمن لا ينتقل من الموكّل إلى مالك الجارية (و) هذا الأصل سالم من المعارض حيث (لم يعارضه أحد : بأنّ الأصل عدم توكيله فيما يدّعيه الموكّل أيضا) أي : كما كان الأصل عدم توكيله فيما يدّعيه الوكيل ، وحيث لم يعارضه به أحد لا يتساقطان ، وذلك لأن ما يدّعيه الوكيل : من توكيله في شراء الجارية ـ مثلا ـ هو محل الابتلاء ، لأنّه اشتراها للموكّل وهو ينكر توكيله فيه ، فيترتب عليه الأثر ، وأمّا ما يدّعيه الموكّل : من توكيله في شراء العبد ، فليس محل الابتلاء ، لأنّه لم يشتره بعد ، فلا يترتب عليه أثر سواء وقع التوكيل أم لم يقع التوكيل.

(وكذا لو تداعيا) ـ مثلا ـ الرجل وزوجته (في كون النكاح دائما أو منقطعا ،

٢٤١

فانّ الأصل عدم النكاح الدائم من حيث أنّه سبب للارث ، ووجوب النفقة والقسم.

ويتّضح ذلك بتتبّع كثير من فروع التنازع في أبواب الفقه.

______________________________________________________

فانّ الأصل عدم النكاح الدائم من حيث أنّه سبب للارث ، ووجوب النفقة والقسم) ومعنى القسم : هو عبارة عن المبيت عندها ليلة من كل أربع ليال ، وغير ذلك من أحكام الدوام.

هذا ما يظهر من المصنّف ، لكن لا يبعد أن يقال : بأن الأصل عدم النكاح المنقطع ، حيث ان المنقطع يحتاج إلى قيد زائد ، وهو : الوقت ، فإذا شككنا في هذا القيد الزائد كان الأصل عدمه ، فيكون النكاح دائما ، كما ذكرنا تفصيل ذلك في كتاب النكاح من «الفقه» (١).

(ويتّضح ذلك) الذي صوّره المصنّف في الصورة الرابعة لتعارض الأصلين : من عدم التساقط لجريان أحد الأصلين فقط وهو الذي له أثر شرعي ، دون الآخر الذي ليس له أثر شرعي ، يتّضح (بتتبّع كثير من فروع التنازع في أبواب الفقه) كما قد تقدّم من المصنّف أمثلة لذلك في التنبيهين : السادس والسابع من تنبيهات الاستصحاب ، والتي منها : ما لو ادّعى الجاني الذي جرح شخصا : ان المجني عليه قد شرب سما فمات به ، فلا دية عليه لموته وإنّما الذي عليه هو دية جرحه فقط ، وادعى الولي : انّه مات بسراية الجراحة ، فعلى الجاني الدية الكاملة لقتل النفس فانّه يقدّم قول مدّعي عدم السراية ، لأن الأثر وهو هنا عدم ضمان كامل الدية مختص بأصالة عدم السراية ، ولا أثر لأصالة عدم شرب السم ، فيجري الأصل

__________________

(١) ـ راجع موسوعة الفقه : ج ٦٢ ـ ٦٨ للشارح.

٢٤٢

ولك أن تقول بتساقط الأصلين في هذه المقامات ، والرجوع إلى الاصول الأخر الجارية في لوازم المشتبهين.

إلّا أنّ ذلك إنّما يتمشّى في استصحاب الامور الخارجيّة ،

______________________________________________________

في الأوّل دون الثاني.

هذا ، ولا يخفى : ان مسألة التداعي إنّما نظر إليها المصنّف من زاوية جريان الاستصحاب وعدم جريان الاستصحاب فقط ، وإلّا فالبحث فيها مفصّل مذكور في الأبواب الخاصة بها.

(ولك أن تقول بتساقط الأصلين في هذه المقامات ، و) ذلك بناء على اعتبار الأصل المثبت ، ثم (الرجوع إلى الاصول الأخر الجارية في لوازم المشتبهين) إذ بناء على حجية الأصل المثبت يتعارض ـ مثلا ـ أصل عدم النكاح الدائم ذي الأثر الشرعي وهو : عدم الارث ، مع أصل عدم النكاح المنقطع ذي الأثر العقلي وهو : كون النكاح دائما فالارث ، فيتساقط الأصلان ويرجع إلى عدم الارث ، علما بأن في مسألة التنازع الدائر بين كون النكاح دائما أو منقطعا ثلاثة أقوال :

الأوّل : انّه من قبيل التداعي ، فيحلف كل على نفي ما يدّعيه الآخر ويسقط عنه ما يدّعيه الآخر.

ثانيها : تقديم قول مدّعي الانقطاع باستصحاب عدم لوازم الدائم من النفقة والارث والقسم وغيرها.

ثالثها : تقديم قول مدّعي الدوام ، لأن الأصل عدم تقييد العقد بالأجل ، ومن المعلوم : ان الأصل اللفظي مقدّم على الأصل العملي.

(إلّا أنّ ذلك) أي : التساقط بناء على اعتبار الأصل المثبت على ما عرفت (إنّما يتمشّى في استصحاب الامور الخارجية) أي : في الموضوعات ، كالنكاح

٢٤٣

أمّا مثل أصالة الطهارة في كلّ واجدي المني ، فانّه لا وجه للتساقط هنا.

______________________________________________________

وعدمه ، والتوكيل وعدمه ، والسراية وعدمها (أمّا) في الأحكام الشرعية (مثل أصالة الطهارة في كلّ) واحد من (واجدي المني ، فانّه لا وجه للتساقط هنا).

وعليه : فإنّ المستصحب إذا كان من الموضوعات الخارجية ، كعدم التوكيل ، وعدم النكاح ، وعدم السراية ، على ما سبق من الأمثلة التي ذكرناها آنفا ، فانّه يجوز الحكم بالتساقط ، وامّا إذا كان المستصحب من الأحكام الشرعية ، كطهارة كل واحد من واجدي المني فلا يصح الحكم بالتساقط ، والفارق بين الامور الخارجية والامور الشرعية هو : عدم اختلاف النتيجة في الامور الخارجية ، واختلافها في الامور الشرعية.

مثلا : لو قلنا بتساقط الأصلين في الامور الشرعية ، كما لو قلنا به في مثال واجدي المني لزم الرجوع إلى قاعدة الاشتغال بالصلاة ، بينما لو عمل كل واحد منهما بما يخصّه من استصحاب طهارته ، فلا يجب عليه الغسل حتى تشتغل ذمته بالصلاة ، والمفروض هنا عدم لزوم مخالفة عملية من اجراء الأصل ، ومعه فلا داعي إلى التساقط ، فيعمل كل واحد منهما بأصله ويبني على عدم جنابته.

وأمّا بالنسبة إلى الامور الخارجية : فيجوز فيها التساقط ، لاتحاد نتيجة كل من التساقط ، والعمل بالأصل الذي له أثر شرعي منهما ، فانّه ـ مثلا ـ لو حكم بجريان أصالة عدم النكاح الدائم فقط دون أصالة عدم النكاح المنقطع ، ترتب عليه أثره الشرعي : من عدم الارث والقسم وما أشبه ذلك ، وكذلك يكون لو حكم بجريانهما وتساقطهما ، فان المرجع حينئذ يكون أيضا هو : أصالة عدم الارث والقسم وما أشبه ذلك.

وإنّما قال بجواز التساقط في الامور الخارجية ، ولم يقل بوجوب التساقط فيها ،

٢٤٤

ثمّ لو فرض في هذه الأمثلة أثر لذلك الاستصحاب الآخر ، دخل في القسم الأوّل ، إن كان الجمع بينه وبين الاستصحاب مستلزما لطرح علم اجمالي معتبر في العمل ،

______________________________________________________

لأنّه لا يمكن المخالفة العملية للعلم الاجمالي في هذه الموارد ، فيجوز الاكتفاء فيها بالأصل الذي له أثر شرعي دون الآخر ، وقد ذكرنا تفصيل التداعي في «الفقه» بأن له صورا : لأنهما إمّا لهما شهود ، أو يحلفان ، أو لأحدهما شهود دون الآخر ، أو أحدهما يحلف دون الآخر ، أو لا شهود لأحدهما ولا حلف ، وحيث إنّ المسألة فقهية ندعها لموضعها.

(ثمّ لو فرض في هذه الأمثلة أثر لذلك الاستصحاب الآخر) الذي فرض انّه لا أثر له لخروجه عن محل الابتلاء ـ مثلا ـ (دخل في القسم الأوّل) المستلزم للمخالفة العملية القطعية ، المحكوم فيه بالتساقط ، وذلك فيما (إن كان الجمع بينه) أي : بين جريان الأصل في الآخر (وبين الاستصحاب مستلزما لطرح علم اجمالي معتبر في العمل) كما إذا أراد كل واحد من واجدي المني الاقتداء بالآخر ، أو أراد شخص ثالث الاقتداء بهما في صلاة واحدة أو في صلاتين ، وذلك بناء على ان الطهارة عند الامام لا تكفي للمأموم ، وإنّما يلزم على المأموم احراز طهارة الامام ولو بالأصل ، فانّه حينئذ لو أجرى المأموم أصالة الطهارة في حق نفسه وفي حق إمامه معا في المثال الأوّل ، أو في حق إماميه معا في صلاة واحدة أو صلاتين في المثال الثاني ، لزم مخالفة خطاب : «لا تصلّ جنبا» أو خطاب : «لا تصل مع جنب» فيتساقط الأصلان حينئذ ويرجع إلى الاحتياط بترك الائتمام ، أو الاحتياط بالاغتسال معا.

هذا ، ولا يخفى ان ما ذكره المصنّف هنا : من انّه لا يجوز اجراء الأصل فيما إذا

٢٤٥

ولا عبرة بغير المعتبر ، كما في الشبهة غير المحصورة ؛ وفي القسم الثاني إن لم يكن هناك مخالفة عمليّة لعلم إجمالي معتبر.

فعليك بالتأمّل في موارد اجتماع يقينين سابقين مع العلم الاجمالي من عقل أو شرع ، أو غيرهما

______________________________________________________

ترتب الأثر على الاستصحاب الآخر أيضا ، بل حكم فيهما بالتساقط ، إنّما يتم في الشبهة المحصورة ، لا في الشبهة غير المحصورة ، وذلك لما تقدّم : من انّه لا عبرة بالعلم الاجمالي في غير المحصورة ، فلا يلزم الاجتناب عن أطرافها ، بل يجري الأصل في جميع الأطراف إمّا مطلقا ، أو في جميع الأطراف إلّا بقدر ما يستلزم العلم بالمخالفة العملية ، وحيث ذكرنا سابقا تفصيله فلا حاجة إلى اعادته.

وإلى هذا المعنى أشار المصنّف بقوله : (ولا عبرة بغير المعتبر) من العلم الاجمالي ، وذلك (كما في الشبهة غير المحصورة) فانّه يجري الأصل في كل أطرافها ، أو في غير ما يستلزم المخالفة القطعية من الأطراف لعدم اعتبار العلم الاجمالي فيها (و) أيضا كما (في القسم الثاني) ممّا يجري فيه الأصلان معا مع وجود العلم الاجمالي ، وهو ما جعله المصنّف الصورة الثالثة ، وذلك فيما (إن لم يكن هناك مخالفة عمليّة لعلم إجمالي معتبر) وإلّا لم يجر فيه شيء من الاصول ، لأن جريانها ينافي العلم الاجمالي المعتبر.

إذن : (فعليك بالتأمّل في موارد اجتماع يقينين سابقين مع العلم الاجمالي) المخالف لهما ، سواء كان هذا العلم الاجمالي بالمخالفة ناشئا (من عقل ، أو شرع ، أو غيرهما) أي : غير العقل والشرع كالحس ـ مثلا ـ.

أمّا العقل : فهو كما في مسألة التوكيل واختلاف الموكّل مع الوكيل ، فإنّه يؤدّي إلى التناقض من التوكيل وعدمه في آن واحد ، والتناقض محال عقلا فيكون المانع

٢٤٦

بارتفاع أحدهما وبقاء الآخر.

والعلماء ، وإن كان ظاهرهم : الاتفاق على عدم وجوب الفحص في اجراء الاصول في الشبهات الموضوعيّة ، ولازمه : جواز اجراء المقلّد لها

______________________________________________________

من جريان الأصل هنا هو العقل.

وأمّا الشرع : فهو كما في مسألة الوضوء والكرّ المتمّم بماء طاهر ، فان الماء النجس المتمّم كرا بماء طاهر ، إذا توضّئ فيه ، حصل الشك للعلم الاجمالي الناشئ من حكم الشارع بنجاسة الماء الأوّل وتنجيسه للماء الثاني الطاهر الذي تمّم به الكر ، فانّه لو لا حكم الشارع هذا لجرى الاستصحابان : طهارة الماء الثاني ونجاسة الماء الأوّل ، فالمانع من جريان الأصل هنا هو : الشرع.

وأمّا الحس : فهو كما لو رأى ـ مثلا ـ بعينيه وقوع نجاسة في أحد الإناءين ، فإنّ المانع من جريان الأصل هنا هو : الحس.

وعليه : فالمانع من جريان الأصل هو العلم الاجمالي (بارتفاع أحدهما) أي : أحد الأصلين (وبقاء الآخر) ولكن بشرط أن يكون العلم الاجمالي منجّزا ومعتبرا على لما عرفت.

هذا (والعلماء ، وإن كان ظاهرهم : الاتفاق على) وجوب الفحص في اجراء الاصول في الشبهات الحكمية ، وعلى (عدم وجوب الفحص في اجراء الاصول في الشبهات الموضوعيّة) إلّا انّه قد ذكرنا سابقا : بأن هذا الاتفاق غير تام في الشبهات الموضوعية ، لاختلاف الحكم فيها من حيث وجوب الفحص وعدمه حسب اختلاف الشبهات الموضوعية.

(و) كيف كان : فانّه على فرض عدم وجوب الفحص في اجراء الاصول في الشبهات الموضوعية يكون (لازمه : جواز اجراء المقلّد لها) أي : للاصول

٢٤٧

بعد أخذ فتوى جواز الأخذ بها من المجتهد ، إلّا أنّ تشخيص سلامتها عند الاصول الحاكمة عليها ليس وظيفة كلّ أحد.

فلا بدّ إمّا من قدرة المقلّد على تشخيص الحاكم من الاصول ، على غيره منها ، وإمّا من أخذ خصوصيّات الاصول السليمة عن الحاكم من المجتهد ،

______________________________________________________

العملية في الشبهات الموضوعية ، وذلك (بعد أخذ فتوى جواز الأخذ بها) أي : الأخذ بهذه الاصول العملية (من المجتهد) فيجوز للمقلد حينئذ اجراء الاصول في الشبهات الموضوعية على فرض عدم وجوب الفحص فيها (إلّا أنّ تشخيص سلامتها) أي : سلامة هذه الاصول (عند الاصول الحاكمة عليها) ومعرفة الحاكم من المحكوم ، يجعل اجراء الأصل في الشبهات الموضوعية كالشبهات الحكمية التي يجب فيها الفحص خاصا بالمجتهد ، إذ الفحص (ليس وظيفة كلّ أحد) بل هو وظيفة المجتهد ، ولذلك لا يجوز للمقلد أن يجري الأصل في الشبهات الموضوعية كالحكمية ، مع احتمال ان يكون هناك أصل حاكم على هذا الأصل ، أو أصل معارض لهذا الأصل بصور التعارض الأربع ، وذلك لأنّه لا يعرف ما ذا يصنع فيها (فلا بدّ) حينئذ لاجراء المقلّد ، الأصل من أحد أمرين :

أولا : (إمّا من قدرة المقلّد على تشخيص) الأصل (الحاكم من الاصول ، على غيره منها) أي : من الاصول الاخرى ، حتى يتمكن من تشخيص انّه لا حاكم على هذا الأصل الذي يريد اجراءه.

ثانيا : (وإمّا من أخذ خصوصيّات) ومشخّصات (الاصول السليمة عن الحاكم) عليها (من المجتهد) الذي يقلّده ، حتى لا يقع في المخالفة عند اجراء الاصول العملية في الشبهات الموضوعية.

٢٤٨

وإلّا فربّما يلتفت إلى الاستصحاب المحكوم من دون التفات إلى استصحاب الحاكم.

وهذا يرجع في الحقيقة إلى تشخيص الحكم الشرعي ، نظير تشخيص حجيّة أصل الاستصحاب وعدمها.

عصمنا الله وإخواننا من الزلل في القول والعمل ، بجاه محمّد وآله المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.

______________________________________________________

(وإلّا) بأن لم يكن هو قادرا على التشخيص ، ولا آخذا للمشخّصات من المجتهد (فربّما يلتفت إلى الاستصحاب المحكوم من دون التفات إلى استصحاب الحاكم) وذلك كما إذا وقع ثوب مسبوق بالنجاسة في ماء قليل طاهر ، فانّه لو استصحب طهارة الماء هنا بلا التفات منه إلى استصحاب نجاسة الثوب الحاكم على استصحاب طهارة الماء وقع في المخالفة العملية.

(وهذا) الذي ذكرنا انّه من وظائف المجتهد وان كان يبدو انّه من تشخيص الموضوع الخارجي ، إلّا انّه (يرجع في الحقيقة إلى تشخيص الحكم الشرعي ، نظير تشخيص حجيّة أصل الاستصحاب وعدمها) أي : عدم حجيّته ، فكما انّه ليس من شأن المقلّد تشخيص الحكم الشرعي ، فكذلك ليس من شأنه تشخيص حجيّة أصل الاستصحاب ، ولا تعيين الأصل الحاكم من المحكوم ، فليس إذن أمثال هذه الامور من الامور الموضوعية الخارجة عن وظيفة المجتهد (عصمنا الله وإخواننا من الزلل في القول والعمل ، بجاه محمّد وآله المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين) و «سبحان ربّك ربّ العزة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين».

٢٤٩
٢٥٠

الوصائل

الى

الرسائل

خاتمة

في التعادل والتراجيح

٢٥١
٢٥٢

خاتمة

في التعادل والترجيح

______________________________________________________

(بسم الله الرحمن الرحيم)

(الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين الى يوم الدين).

وبعد :

(خاتمة : في التعادل والتراجيح).

اعلم أن المراد من التعادل هو : تساوي الدليلين ، وذلك بأن يكون كل منهما معادلا للآخر يعني : بأن لا يوجد في أحدهما مرجّح بحيث يوجب الأخذ به دون الآخر ، والمراد من التراجيح هو : بأن يوجد في أحدهما مرجّح بحيث يوجب الآخذ به وتقديمه على الآخر الذي لا مرجّح فيه.

هذا ، وحيث أن التعادل لا يكون الّا واحدا ، والترجيح يكون بمرجّحات متعدّدة ، جاء المصنّف بلفظ الأوّل مفردا ، فقال : «التعادل» وبلفظ الثاني جمعا ، فقال : «التراجيح».

وإنّما جاء بلفظ التعادل من باب التفاعل دون المفاعلة لانّ التفاعل اولا وبالذات للدلالة على التساوي في الزمان ، بخلاف المفاعلة فانّه ليس كذلك ، فاذا قال ـ مثلا ـ ضارب زيد عمروا ، كأن معناه : أنه ضرب أحدهما اولا ثم ضرب الثاني ، بينما التعادل إنّما يكون في زمان واحد لا في زمانين.

وإنّما جعل المصنّف مسئلة التعادل والتراجيح خاتمة مع أنها من المسائل الاصولية ، لأنه بها ختم المسائل ، لا لأنها خارج عن المسائل ، فقوله : «خاتمة» هنا ليس من قبيل قولهم في الكتاب : مقدمة ومسائل وخاتمة ، بل من قبيل :

٢٥٣

وحيث إنّ موردهما الدليلان المتعارضان ، فلا بدّ من تعريف التعارض وبيانه.

وهو لغة : من العرض ، بمعنى الاظهار وغلب في الاصطلاح على تنافي الدليلين وتمانعهما

______________________________________________________

(وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (١) ، وقال : «خاتمة» مع تاء التأنيث باعتبار تقدير المسألة ، مثل قولهم الرهن واثقة الدين ، باعتبار لفظ العين المقدّر في الكلام.

(وحيث إنّ موردهما) أي مورد التعادل والتراجح ، (الدليلان المتعارضان) والمراد بالمتعارضين هو : أن يكون أحدهما باطلا في الواقع ، لكن لا نعلم بأن أيهما الباطل؟ وهذا التعارض في قبال التزاحم وهو : ان يكون كلاهما حقا واقعا لكن المكلّف لا يتمكن من أدائهما معا ، كانقاذ الغريقين ، وحينئذ. (فلا بدّ من تعريف التعارض وبيانه) علما بأن المراد من قوله : «وبيانه» إمّا عطف بيان ، وإمّا ان يراد به المصداق ، فيكون المراد بالتعريف في قوله : «تعريف التعارض» بيان حقيقة التعارض وماهيته.

(وهو) أي التعارض لغويّ واصطلاحي ، فإنّه (لغة من العرض) بمعناه الوصفي المصدري لا بمعناه الاسمي الذي هو مقابل الطول ، فيكون حينئذ (بمعنى : الاظهار) فكأنّ كل واحد من الدليلين يظهر نفسه على الآخر حتى يغلبه.

هذا هو معناه اللغويّ ، وأما معناه الاصطلاحي ، فكما قال : (وغلب في الاصطلاح على تنافي الدليلين وتمانعهما).

__________________

(١) ـ سورة الاحزاب : الآية ٤٠.

٢٥٤

باعتبار مدلولهما.

ولذا ذكروا : إنّ التعارض تنافي مدلولي الدليلين على وجه التناقض أو التضادّ.

وكيف كان : فلا يتحقّق إلّا بعد اتّحاد الموضوع ،

______________________________________________________

من قبيل : «ثمن العذرة سحت» (١) و «لا بأس ببيع العذرة» (٢) فإن كل واحد منهما يمنع عن العمل بالآخر ، لأن مضمونه مخالف لمضمون الآخر.

وإنّما يكون التمانع بين الدليلين.

(باعتبار مدلولهما) ومفهومهما ، لا باعتبار لفظهما ، لوضوح : أن لفظهما ليس يمتنع احدهما عن الآخر ويمنعه ، وبعبارة اخرى : التمانع بالعرض ، لا بالذات (ولذا) أي : لاجل ما ذكرناه : من أن التمانع باعتبار المدلولين وعرضيا وليس ذاتيا.

(ذكروا إنّ التعارض) هو : (تنافي مدلولي الدليلين على وجه التناقض) بأن يكون أحدهما ايجابيا والآخر سلبيا ، كما لو قال : صلّ الجمعة ، ولا تصلّ الجمعة ، فانه يكون فيهما تناقض (أو التضادّ) بأن يكون أحدهما ضدا للآخر ، كما لو قال : صلّ الظهر ، ثم قال : صلّ الجمعة ، فيكون بينهما تضاد.

(وكيف كان :) فانّه سواء عرّف التعارض بما ذكرناه أو بغيره (فلا يتحقّق إلّا بعد اتحاد الموضوع) في المتعارضين ، وذلك كما إذا قال أحد الدليلين : أكرم العالم ، وقال الآخر : لا تكرم العالم ، أو قال أحد الدليلين : أكرم العالم ، وقال الآخر : أهن العالم.

__________________

(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٧٢ ب ٢٢ ح ٢٠١ ، الاستبصار : ج ٣ ص ٥٦ ب ٣١ ح ٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ١٧٥ ب ٤٠ ح ٢٢٢٨٤.

(٢) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٢٢٦ ح ٣ ، الاستبصار : ج ٣ ص ٥٦ ب ٣١ ح ١ وح ٣ ، تهذيب الاحكام : ج ١ ص ٣٧٢ ب ٢٢ ح ٢٠٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٧ ص ١٧٥ ب ٤٠ ح ٢٢٢٨٥.

٢٥٥

وإلّا لم يمتنع اجتماعهما.

ومنه يعلم أنّه لا تعارض بين الاصول وما يحصّله المجتهد من الأدلّة الاجتهاديّة ، لأنّ موضوع الحكم في الاصول ، الشيء بوصف أنّه مجهول الحكم ، فالحكم بحليّة العصير ـ مثلا ـ من حيث انّه مجهول الحكم وموضوع الحكم الواقعي ، الفعل من حيث هو.

______________________________________________________

(وإلّا) بأن لم يكن اتحاد الموضوع فيهما (لم يمتنع اجتماعهما) كما اذا قال : صلّ ولا تشرب الخمر.

(ومنه) أي : ممّا ذكرناه : من لزوم اعتبار اتحاد الموضوع في المتعارضين (يعلم أنّه لا تعارض بين الاصول) العملية (و) بين (ما يحصّله المجتهد من الأدلة الاجتهاديّة) وقد مرّ سابقا بيان ذلك في أواخر بحث الاستصحاب.

وإنّما لا تعارض بينهما (لأنّ موضوع الحكم في الاصول) العملية هو : (الشيء بوصف أنّه مجهول الحكم ، فالحكم بحلية العصير ـ مثلا ـ) إنّما هو (من حيث أنه مجهول الحكم) أي : انّ موضوع العملية الشك (و) عدم العلم ، وقد قال الشارع : «لا تنقض اليقين بالشك» (١) وقال : «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» (٢) و «كل شيء حلال حتى تعرف أنه حرام» (٣) بينما (موضوع الحكم الواقعي) هو (الفعل من حيث هو) لا من حيث أنه مجهول الحكم ، فالعصير العنبي ـ مثلا ـ قد يكون موضوعا للحلّ فيما لو كان مشكوكا ، فالحكم بما هو مشكوك حلال ، وقد يكون نفسه موضوعا للحرمة فيما لو كان حرام واقعا ، فالحكم بما هو عصير حرام

__________________

(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٣ ص ٣٥١ ح ٣ ، تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ١٨٦ ب ٢٣ ح ٤١ ، الاستبصار : ج ١ ص ٣٧٣ ب ٢١٦ ح ٣ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢١٧ ب ١٠ ح ١٠٤٦٢.

(٢) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ٢٨٥ ب ١٢ ح ١١٩ ، مستدرك الاحكام : ج ١ ص ١٩٠ ب ٤ ح ٣١٨.

(٣) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٣١٣ ح ٤٠ (بالمعنى) وقريب منه ح ٣٩ والمحاسن : ص ٤٩٥ ح ٥٩٦.

٢٥٦

فاذا لم يطّلع عليه المجتهد ، كان موضوع الحكم في الاصول باقيا على حاله ، فيعمل على طبقه.

واذا اطّلع المجتهد على دليل يكشف عن الحكم الواقعي ، فان كان بنفسه يفيد العلم صار المحصّل له عالما بحكم العصير ـ مثلا ـ فلا يقتضي الأصل حلّيته ، لأنّه إنّما اقتضى حليّة مجهول الحكم.

______________________________________________________

من حيث هو ، ومعه لا تعارض.

وعليه : (فاذا لم يطّلع عليه) أي : على الحكم الواقعي (المجتهد) بأن شك في أن الحكم الواقعي للعصير ـ مثلا ـ ما هو؟ (كان موضوع الحكم في الاصول) العملية ، وهو كما في المثال : العصير من حيث أنه مجهول الحكم (باقيا على حاله ، فيعمل على طبقه) أي ؛ على طبق ذلك الحكم الثابت للاصول العملية من البراءة وغيرها.

هذا إذا لم يطّلع المجتهد على الحكم الواقعي (وإذا اطّلع المجتهد على دليل يكشف عن الحكم الواقعي) كما اذا ورد دليل يقول : العصير العنبي حرام ـ مثلا ـ (فإن كان) ذلك الدليل الاجتهادي (بنفسه) أي لا بواسطة دليل آخر يدلّ على حجيّته (يفيد العلم) للمجتهد كالخبر المتواتر ، والخبر المحفوف بالقرائن القطعية ، والاجماع المحصّل ، وما أشبه ذلك (صار) ذلك المجتهد (المحصّل له) أي المحصّل للدليل الكاشف عن الحكم الواقعي للعصير (عالما بحكم العصير ـ مثلا ـ) ومعه (فلا يقتضي الأصل حلّيته ، لأنّه) أي : الاصل (إنّما اقتضى حليّة مجهول الحكم) وقد صار هذا معلوم الحكم ، فخرج بذلك عن موضوع الأصل لأن موضوع الأصل العملي ـ على ما عرفت ـ هو : بالشيء المجهول الحكم ، وهذا شيء معلوم الحكم.

٢٥٧

فالحكم بالحرمة ليس طرحا للأصل ، بل هو بنفسه غير جار وغير مقتض ، لأنّ موضوعه مجهول الحكم وإن كان بنفسه لا يفيد العلم ، بل هو محتمل الخلاف ، لكن ثبت اعتباره بدليل علميّ.

فإن كان الأصل ممّا كان مؤدّاه بحكم العقل ، كأصالة البراءة العقليّة والاحتياط والتخيير العقليين ،

______________________________________________________

وعليه : (فالحكم بالحرمة ليس طرحا للاصل ، بل) الأصل (هو بنفسه غير جار وغير مقتض) لأنه كما عرفت لا جهل ، والأصل إنّما يكون في مورد الجهل وذلك كما قال : (لأنّ موضوعه) أي : موضوع الأصل هو : (مجهول الحكم) ومن المعلوم : إنّ التواتر ، أو الاحتفاف بالقرينة القطعية ، أو الاجماع المحصّل المقطوع به ، معلوم الحكم ، وبذلك يرتفع موضوع الاصل.

هذا إن كان الدليل الاجتهادي بنفسه يفيد العلم (وإن كان) الدليل الاجتهادي (بنفسه) لو لا دليل آخر يدلّ على حجيته (لا يفيد العلم ، بل هو محتمل الخلاف ، لكن ثبت اعتباره بدليل علميّ) كما في الخبر الواحد فانه يحتمل كونه مخالفا للواقع إلّا أن الأدلة الدالة على حجيّته من الكتاب والسنة والاجماع والعقل جعلته حجة ، بحيث يكون معنى حجيته : ألغ احتمال الخلاف فيه.

وعليه : (فإن كان الأصل) المقابل لهذا الدليل الذي هو الخبر الواحد على ما في المثال (ممّا كان مؤدّاه بحكم العقل) فحسب (كأصالة البراءة العقليّة) المبتنية على «قبح العقاب بلا بيان» ، فإن البراءة هذه هو حكم العقل في مورد الشك في التكليف (و) كأصالتي (الاحتياط والتخيير العقليين) فإنّ الاحتياط هو حكم العقل في مورد الشك في المكلّف به ، كما أن التخيير هو حكم العقل فى مورد الشك الدائر بين المحذورين ، وذلك كما اذا شك في أنه هل حلف على ترك

٢٥٨

فالدليل وارد عليه ورافع لموضوعه ، لأنّ موضوع الأوّل عدم البيان ، وموضوع الثاني احتمال العقاب ، ومورد الثالث عدم الترجيح لأحد طرفي التخيير ، وكلّ ذلك مرتفع بالدليل الظني.

وإن كان مؤدّاه من المجعولات الشرعيّة ، كالاستصحاب ونحوه ، كان ذلك الدليل حاكما على الأصل ، بمعنى أنّه يحكم عليه

______________________________________________________

الوطي أو فعل الوطي؟ (فالدليل) العلمي من الخبر الواحد (وارد عليه) أي : على هذا الأصل العقلي من البراءة أو الاحتياط ، أو التخيير (ورافع لموضوعه) فانّه مع الخبر لا موضوع لهذه الاصول الثلاثة العقلية ، وأن الموضوع لها (لأنّ موضوع الأوّل) أي : البراءة العقلية : (عدم البيان ، وموضوع الثاني) أي : الاحتياط العقلي : (احتمال العقاب) ، (ومورد الثالث) وهو التخيير العقلي : (عدم الترجيح لأحد طرفي التخيير ، و) من المعلوم : انّ (كلّ ذلك مرتفع بالدليل الظني) المعتبر ، فإنّ مؤدّى الخبر وإن كان ظنا لا قطعا ، لكنه ظن معتبر وحجّة.

هذا إن كان مؤدّى الأصل بحكم العقل (وإن كان مؤدّاه من المجعولات الشرعيّة : كالاستصحاب ونحوه) ممّا يكون حجّة بحكم الشرع كالبراءة الشرعية المستندة الى : «رفع ... ما لا يعلمون» (١) وكالاحتياط الشرعي المستند الى : «احتط لدينك» (٢) (كان ذلك الدليل) الظني المعتبر من الخبر الواحد (حاكما على الأصل) الشرعي من هذه الاصول المذكورة ، وحكومة الدليل هنا (بمعنى أنه) أي : الدليل الظني المعتبر (يحكم عليه) أي : على الاصل الشرعي المذكور

__________________

(١) ـ وسائل الشيعة : ج ١٥ ص ٣٦٩ ب ٥٦ ح ٢٠٧٦٩ ، الخصال : ص ٤١٧ ح ٢٧ ، تحف العقول : ص ٥٠ ، التوحيد : ص ٣٥٣ ح ٢٤ ، الاختصاص : ص ٣١.

(٢) ـ الامالي للطوسي : ص ١١٠ ح ١٦٨ ، الامالي للمفيد : ص ٢٨٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٦٧ ب ١٢ ح ٣٣٥٠٩.

٢٥٩

بخروج مورده عن مجرى الأصل ، فالدليل العلمي المذكور وإن لم يرفع موضوعه ، أعني الشكّ ، إلّا إنّه يرفع حكم الشكّ ، أعني الاستصحاب.

______________________________________________________

(بخروج مورده) أي : مورد ذلك الدليل المعتبر (عن مجرى الأصل) الشرعي ، فإن «الأصل الأصيل حيث لا دليل».

إذن : فمورد الدليل الظني المعتبر خارج عن مجرى الأصل الشرعي : من البراءة ، والاحتياط ، والاستصحاب ، وذلك لأنّ البراءة الشرعية تقول : «رفع ... ما لا يعلمون» (١) والخبر يقول : «هذا ممّا لا يعلمون».

ومن الواضح : إنّ العلم والعلمي في نظر العقل والشرع سواء من حيث رفعه : «لا يعلمون» وكذا الاحتياط الشرعي فانّه يقول : «احتط لدينك» (٢) فيما لو كان يحتمل الحكم ، والخبر يقول : لا حكم ، وهكذا الاستصحاب الذي هو أصل شرعي ، فانه يقول : «لا تنقض اليقين بالشك» (٣) والخبر يقول : «لا شك».

وعليه : (فالدليل العلمي المذكور) من الخبر الواحد على ما في المثال (وإن لم يرفع موضوعه) أي : وإن لم يكن كالخبر المتواتر المورث للعلم يرفع موضوع الأصل الشرعي (أعني) بموضوع الأصل الشرعي (الشكّ) لأن الشك في الحكم الواقعي مع الخبر الواحد المورث للظن باق وجدانا (إلّا إنّه يرفع حكم الشك ، أعني : الاستصحاب) وكذلك البراءة والاحتياط الشرعيين ، فإن الدليل الظني المعتبر من الخبر الواحد يرفع حكم الشك في الاصول الشرعية المذكورة ،

__________________

(١) ـ الاختصاص : ص ٣١ ، الخصال : ص ٤١٧ ح ٢٧ ، تحف العقول : ص ٥٠ ، التوحيد : ص ٣٥٣ ح ٢٤ ، وسائل الشيعة : ج ١٥ ص ٣٦٩ ب ٥٦ ح ٢٠٧٦٩.

(٢) ـ الامالي للطوسي : ص ١١٠ ح ١٦٨ ، الامالي للمفيد : ص ٢٨٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٦٧ ب ١٢ ح ٣٣٥٠٩.

(٣) ـ الكافي (فروع) : ج ٣ ص ٣٥١ ح ٣ ، تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ١٨٦ ب ٢٣ ح ٤١ ، الاستبصار : ج ١ ص ٣٧٣ ب ٢١٦ ح ٣ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢١٧ ب ١٠ ح ١٠٤٦٢.

٢٦٠