الوصائل الى الرسائل - ج ٨

آية الله السيد محمد الشيرازي

الوصائل الى الرسائل - ج ٨

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة عاشوراء للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7263-08-2
ISBN الدورة:
964-7263-04-X

الصفحات: ٤٠٠

١
٢

٣

٤

والثاني : كما إذا حصل الشكّ باحتمال وجود النقيض لما قام عليه الدليل الشرعيّ احتمالا مستندا إلى بعض الأسباب المجوّزة ، كما إذا كان مقتضى الدليل الشرعيّ إباحة شيء وحلّيّته ، لكن يحتمل قريبا بسبب بعض تلك الأسباب أنّه ممّا حرّمه الشارع.

ومنه جوائز الجائر ، ونكاح امرأة بلغك أنّها أرضعت معك الرضاع المحرّم ولم يثبت شرعا.

______________________________________________________

(والثاني) : أي : مورد الاحتياط المستحب فهو (كما اذا حصل الشك) في الحكم (باحتمال وجود النقيض لما قام عليه الدّليل الشّرعي) بأن كان هناك دليل شرعيّ على الحليّة ونحتمل وجود دليل آخر على الحرمة ، وانّما نحتمل هذا (احتمالا مستندا الى بعض الأسباب المجوّزة) للاحتمال عقلا (كما اذا كان مقتضى الدّليل الشرعيّ) من مثل : «يد المسلم» ، «وسوق المسلمين» ، ونحوهما (اباحة شيء وحليته ، لكن يحتمل قريبا) نقيضه (بسبب بعض تلك الأسباب) المجوزة (انّه ممّا حرّمه الشارع) علينا.

(ومنه : جوائز الجائر) فانّ مقتضى يده : الملكية سواء كان مسلما أو كافرا ، اذ يد الكافر أيضا أمارة على ملكيته ، ولذا يجوز لنا الاشتراء من الكفار اذا لم نعلم ان يدهم يد غصب ونحوه ، فيحل للأخذ ما أعطاه الجائر جائزة أو هبة أو ما أشبه ذلك ، ولكن من الواضح : انّه يحتمل فيه عقلا كونه ممّا أخذه من الناس غصبا ، أو رشوة ، أو نهبا ، أو ما أشبه ذلك ، ممّا يعتاده الجائرون.

(ونكاح امرأة بلغك انّها أرضعت معك الرّضاع المحرّم) بان كانت اختك من الرضاعة رضاعة جامعة لشرائط التحريم (و) لكن (لم يثبت شرعا) انّها اختك من الرضاعة ، وذلك لعدم شهادة عدلين أو ما أشبه ذلك ، ممّا يوجب الاثبات

٥

ومنه أيضا الدليل المرجوح في نظر الفقيه.

أمّا إذا لم يحصل ما يوجب الشكّ والرّيبة ، فانّه يعمل على ما ظهر له من الأدلّة وإن احتمل النقيض في الواقع ولا يستحبّ له الاحتياط ،

______________________________________________________

الشرعيّ ، فانّ من الواضح : انّه يحل نكاحها بمقتضى أصالة عدم الرضاع المحرّم ، لأنها كانت محللة ونشك في رضاعها الرضاع المحرّم ، فالأصل عدم رضاعها كذلك وانّ احتملنا الحرمة من جهة الرضاع الكامل ، فانّ الشارع لم يوجب لنا الاحتياط في أمثال هذه الشبهات الموضوعية.

وكهذين المثالين : ما لو اشترينا اللحم من مسلم ، أو من سوق المسلمين ، أو وجدناه في أرضهم حيث يحكم بحليته وانّ احتملنا حرمته بسبب عدم جريان الشرائط في تذكيته ، أو احتملنا انّه لحم غير محلل كلحم الأرنب ونحوه.

(ومنه) أي : من الثاني الذي يستحب الاحتياط فيه (أيضا : الدليل المرجوح في نظر الفقيه) كما اذا دلّ خبر صحيح علي حلية شيء ، وخبر آخر ضعيف بنظر الفقيه على حرمته ، فانّه يجوز له الافتاء والعمل طبق الخبر الأوّل الدال على الحلية وانّ استحب له الاحتياط في الفتوى والعمل ، لكن اذا أفتى بالاحتياط يجب انّ لا يفتي بالاحتياط الوجوبي ، بل يفتي بالاحتياط الاستحبابي ـ كما هو واضح ـ.

(أمّا اذا لم يحصل ما يوجب الشك والرّيبة) بأن لم يكن هناك منشأ عقلائي لاحتمال الحرمة اطلاقا ، وانّ كان احتمال وهمي عليه (فانه يعمل على ما ظهر له من الأدلة) على الحلية (وان احتمل النقيض) للحلية بأن احتمل الحرمة (في الواقع) لكن مثل هذه الاحتمالات الوهمية لا يعتنى بها عقلا ولا شرعا (ولا يستحب له الاحتياط) بمجرد هذا الاحتمال الموهوم

٦

بل ربما كان مرجوحا لاستفاضة الأخبار بالنهي عن السؤال عند الشراء من سوق المسلمين».

ثم ذكر الأمثلة للأقسام الثلاثة لوجوب الاحتياط ، أعني اشتباه الدليل وتردّده بين الوجوب والاستحباب وتعارض الدليلين وعدم النصّ ، قال : «ومن هذا القسم ما لم يرد فيه نصّ من الأحكام التي لا يعمّ به البلوى

______________________________________________________

(بل ربما كان) الاحتياط (مرجوحا) وذلك (لاستفاضة الأخبار بالنهي عن السؤال) عن الحلية وعن توفر الشرائط (عند الشراء من سوق المسلمين) (١).

هذا (ثم ذكر) المحدّث البحراني (الأمثلة للأقسام الثلاثة لوجوب الاحتياط) ممّا يشمل الشبهة الوجوبية ايضا ، و(أعني) : من الاقسام الثلاثة ما يلي :

أوّلا : (اشتباه الدليل) بمعنى : اجماله (وتردده بين الوجوب والاستحباب).

ثانيا : (وتعارض الدليلين).

ثالثا : (وعدم النّص).

ثمّ (قال : ومن هذا القسم) أي : القسم الذي يجب فيه الاحتياط ممّا يشمل الشبهة الوجوبية والشبهة التحريمية (ما لم يرد فيه نصّ من الأحكام) بأن لم يكن هناك نص على الوجوب في الشبهة الوجوبية ، ولا نصّ على التحريم في الشبهة التحريمية ، وهذا ظاهر في انّ المحدّث البحراني يقول بوجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبية الناشئة من فقد النصّ ، فانّ ما لم يرد فيه نص من الأحكام (التي لا يعمّ به البلوى) يجب فيه الاحتياط.

__________________

(١) ـ الحدائق الناظرة : ج ١ ص ٦٨.

٧

عند من لم يعتمد على البراءة الأصليّة ، فانّ الحكم فيه ما ذكرنا ، كما سلف» ، انتهى.

وممّن يظهر منه وجوب الاحتياط هنا المحدّث الأسترآباديّ ، حيث حكي عنه في الفوائد المدنية أنّه قال : «إنّ التمسّك بالبراءة الأصليّة إنّما يجوز قبل إكمال الدين.

______________________________________________________

أما ما يعم به البلوى فيستصحب البراءة الاصلية ، لأنه لو كان عام البلوى ولم يرد فيه نص على الوجوب أو على التحريم ، دل عدم النص على أن الشارع لا يريد فيه حكما الزاميا ، ومن ذلك يظهر عرفا : انّه مباح للمكلّف.

لكن تخصيص وجوب الاحتياط بصورة عدم عموم البلوى ، إنّما هو (عند من لم يعتمد على البراءة الأصليّة) وهم الأخباريون ، أما من يعتمد على البراءة الأصليّة وهم الاصوليون فانهم يجرون البراءة ، سواء كان الحكم المشكوك فيه ممّا يعم به البلوى ام ممّا لا يعم به البلوى؟ (فانّ) ما لا يعم به البلوى يكون (الحكم فيه ما ذكرنا) : من الاحتياط والتوقف (كما سلف (١) ، انتهى) كلام المحدّث البحراني.

(وممّن يظهر منه وجوب الاحتياط هنا) أي : في الشبهة الوجوبية من جهة عدم النص المعتبر (: المحدّث الاسترابادي حيث حكي عنه في) كتابه (الفوائد المدنية انّه قال : انّ التمسك بالبراءة الأصليّة انّما يجوز قبل اكمال الدين) فانّ في زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل نزول آية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ

__________________

(١) ـ الحدائق الناظرة : ج ١ ص ٧٠.

٨

وأمّا بعد تواتر الأخبار بأنّ كلّ واقعة يحتاج إليها الى يوم القيامة فيها خطاب قطعيّ من الله فلا يجوز قطعا.

وكيف يجوز وقد تواترت عنهم عليهم‌السلام ، وجوب التوقّف فيما لا يعلم حكمه معلّلين بأنّه بعد أن كملت الشريعة لا تخلو واقعة عن حكم قطعيّ وارد من الله تعالى ،

______________________________________________________

نِعْمَتِي ، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (١) اذا لم يعرف مسلم حكما من الأحكام ، وانه هل هو واجب أو لا؟ او هل هو محرم أو لا؟ يجوز له التمسك بالبراءة الأصليّة.

(وأمّا بعد تواتر الأخبار بأن كلّ واقعة يحتاج إليها الى يوم القيامة فيها خطاب قطعي من الله) كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما من شيء يقرّبكم الى الجنة ويبعّدكم عن النار الّا وقد أمرتكم به ، وما من شيء يقرّبكم الى النار ويبعّدكم عن الجنة الّا وقد نهيتكم عنه» (٢) (فلا يجوز) العمل بالبراءة الأصليّة (قطعا) بلا ريب.

(وكيف يجوز وقد تواترت عنهم عليهم‌السلام وجوب التّوقف فيما لا يعلم حكمه؟) ممّا هو شامل للشّبهة الوجوبية والشبهة التحريمية (معللين بانّه بعد ان كملت الشّريعة لا تخلو واقعة عن حكم قطعي وارد من الله تعالى) فاللازم البحث والفحص عنه ، فانّ ظفرنا به علمنا به ، وانّ لم نظفر به وجب علينا التوقف والاحتياط.

__________________

(١) ـ سورة المائدة : الآية ٣.

(٢) ـ مستدرك الوسائل : ج ١٣ ص ٢٧ ب ١٠ ح ١٤٦٤٣ وقريب منه في الكافي (اصول) : ج ٢ ص ٧٤ ح ٢ ووسائل الشيعة : ج ١٧ ص ٤٥ ب ١٢ ح ٢١٩٣٩ وبحار الانوار : ج ٧ ص ٩٦ ب ٤٧ ح ٣.

٩

ومن حكم بغير ما أنزل الله تعالى (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ.)

ثم أقول : هذا المقام ممّا زلّت فيه أقدام أقوام من فحول العلماء ، فحريّ بنا أن نحقّق المقام ونوضّحه بتوفيق الملك العلّام ودلالة أهل الذكر عليهم‌السلام.

فنقول : التمسّك بالبراءة الأصليّة إنّما يتمّ عند الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح الذاتيّين ،

______________________________________________________

هذا (و) قد قال سبحانه : انّ (من حكم بغير ما أنزل الله تعالى (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)) (١) ، ونص الآية : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٢) وفي آية أخرى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٣).

وفي آية ثالثة : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤).

إذن : فمن يعمل بالبراءة الاصلية في واقعة يكون ممّن لم يحكم بما أنزل الله ، أو حكم بغير ما أنزل الله.

قال المحدّث الاسترابادي في تتمة كلامه السابق : (ثمّ أقول : هذا المقام) أي : مقام التمسك بالبراءة الأصليّة في الشبهة الوجوبية أو التحريمية (ممّا زلّت فيه اقدام أقوام من فحول العلماء فحريّ) أي : جدير وحقيق (بنا أن نحقق المقام ونوضحه بتوفيق الملك العلّام ، ودلالة أهل الذكر عليهم‌السلام) ممّا ورد منهم من الأخبار (فنقول) : ان (التمسّك بالبراءة الأصليّة) في الشبهتين الوجوبية والتحريمية (انّما يتم عند الاشاعرة المنكرين للحسن والقبح الذّاتيين) فليس

__________________

(١) ـ الفوائد المدنية : ص ١٣٨.

(٢) ـ سورة المائدة : الآية ٤٤.

(٣) ـ سورة المائدة : الآية ٤٥.

(٤) ـ سورة المائدة : الآية ٤٧.

١٠

وكذلك عند من يقول بهما ولا يقول بالحرمة والوجوب الذاتيّين ، كما هو المستفاد من كلامهم عليهم‌السلام ، وهو الحقّ عندي.

______________________________________________________

عندهم في الأشياء حسن ذاتي ولا قبح ذاتي (وكذلك عند من يقول بهما) أي : بالحسن والقبح الذاتيين (ولا يقول بالحرمة والوجوب الذاتيين) أي : يقول : لا تلازم بين الحسن والوجوب ولا بين القبح والحرمة (كما هو) أي : عدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع (المستفاد من كلامهم عليهم‌السلام) حيث قالوا : «انّ دين الله لا يصاب بالعقول (١) ، وانّه لا شيء أبعد من دين الله من العقل» (٢) (وهو الحق عندي).

أقول : هنا ثلاثة مذاهب :

الأوّل : انّه لا حسن عقلا ولا قبح كذلك في الأشياء ، بل الحسن ما حسّنه الشارع والقبح ما قبّحه الشارع ، وهذا مذهب الأشاعرة من العامة.

الثاني : انّ في الأشياء حسنا وقبحا ولكن الأحكام الشرعية لا تتبع الحسن والقبح ، بل الأحكام تابعة لارادة المولى ، فمن الممكن أن يكون في الشيء حسن ويحرّمه الشارع ، أو قبح ويوجبه الشارع ، وهذا مذهب جماعة من المعتزلة.

الثالث : انّ هناك حسنا وقبحا ، وانّ الأحكام تابعة للحسن والقبح ، للملازمة بين حكم الشرع وحكم العقل ، فانّه كلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل ، وكلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ، وهذا هو مذهب الشيعة الإمامية.

__________________

(١) ـ مستدرك الوسائل : ج ١٧ ص ٢٦٢ ب ٦ ح ٢١٢٨٩ ، كمال الدين : ص ٣٢٤ ح ٩ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٣٠٣ ب ٣٤ ح ٤١ (بالمعنى).

(٢) ـ وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٩٢ ب ١٣ ح ٣٣٥٧٢ ، بحار الانوار : ج ٩٢ ص ٩١ ب ٨ ح ٣٧ وص ٩٤ ح ٤٥ (بالمعنى).

١١

ثمّ على هذين المذهبين إنّما يتمّ قبل إكمال الدين لا بعده

______________________________________________________

ثم قال المحدّث الاسترابادي : انّه على القول الأوّل ، يمكن أن يقال بالبراءة في الشبهة الحكمية ، اذ لما لم يرى العقل حسنا ولا قبحا في شيء فمن أين يحتمل التكليف الالزامي الوجوبي أو التحريمي حتى يحتاط فيه؟ ، وعلى القول الثاني ، يمكن القول بالبراءة أيضا ، اذ لا تلازم بين حكم الشرع وحكم العقل ، فمن الممكن أن يكون الشيء حسنا ولا يوجبه الشارع ، أو قبيحا ولا يحرّمه الشارع.

أمّا على القول الثالث : فلا يمكن القول بالبراءة ، بل يلزم القول بالاحتياط لاحتمال العقل في مورد الشبهة : حسّنها أو قبّحها ، فيلزم أن يحتاط فيها.

هذا ، لكن انا الاسترابادي أقول بالقول الثاني ، فانّه وانّ كان مقتضاه : البراءة ، الّا اني أقول : انّ ذلك قبل اكمال الدين ، أما بعد اكماله حسب الآيات والرّوايات في زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا بد من الاحتياط وذلك لوجود الحكم الواقعي قطعا ، ولكن حيث لا نعلمه يلزم علينا الاحتياط لئلا نخالف الحكم الواقعي بسبب اجراء البراءة.

والى مذهبه هذا اشار بقوله : (ثمّ على هذين المذهبين) أي : مذهب من ينفي الحسن والقبح الذاتيين ، ومذهب من يقول بالحسن والقبح الذاتيين ، لكنه يقول لا ملازمة بين حكم الشرع وحكم العقل (إنّما يتمّ) التمسك بالبراءة الأصليّة في الشبهات الحكمية الوجوبية والتحريمية (قبل اكمال الدّين لا بعده).

وانّما يتم قبله لا بعده لأن كثيرا من الوقائع قبل اكمال الدين لم ينزل الله به حكما شرعيا ، فكان من الممكن أن نقول بانتفاء الحرمة واقعا في الشبهة الحكمية التحريمية ، أو بانتفاء الوجوب واقعا في الشبهة الحكمية الوجوبية ، لكن بعد

١٢

إلّا على مذهب من جوّز من العامّة خلوّ الواقعة عن حكم.

لا يقال : بقي هنا أصل آخر ، وهو أن يكون الخطاب الوارد في الواقعة موافقا للبراءة الأصليّة.

لأنّا نقول : هذا الكلام ممّا لا يرضى به لبيب ،

______________________________________________________

اكمال الدين والنص على ذلك في القرآن الحكيم : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١) والتصريح من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بانّه «ما من شيء يقرّبكم الى الجنة ...» (٢) الى آخر الحديث المتقدّم ، فقد جعل الله تعالى الحكم الشرعي لجميع الوقائع وأنزله على الرسول فلا يمكن أن نقول بانتفاء الحرمة أو الوجوب واقعا ، بل اللازم علينا الاحتياط حتى لا نخالف ذلك الحكم الواقعي على تقديره (الّا على مذهب من جوّز من العامة خلو الواقعة عن حكم) وهذا ما لا نقول به نحن.

(لا يقال : بقي هنا أصل آخر) غير أصل البراءة ـ الذي لا نقول به نحن ـ ونتيجته هو البراءة أيضا (وهو :) أي : هذا الأصل الآخر (أن يكون الخطاب الوارد في الواقعة موافقا للبراءة الأصليّة) فانا نقول : انّ للتتن حكما لكن مع ذلك لا يلزم الاحتياط لاحتمال أن يكون حكم التتن في الواقع الاباحة والحليّة ، فمجرد وجود الحكم للتتن في الواقع لا يستلزم انّ يكون ذلك الحكم : التحريم ، بل من الممكن أن يكون : الاباحة ، فمن أين يلزم الاحتياط؟.

(لأنا نقول : هذا الكلام) وهو أصل التطابق بين البراءة والحكم الواقعي (ممّا لا يرضى به لبيب) فمن أين أن حكم التتن في الواقع : الحل ، حتى تكون البراءة

__________________

(١) ـ سورة المائدة : الآية ٣.

(٢) ـ مستدرك الوسائل : ج ١٣ ص ٢٧ ب ١٠ ح ١٤٦٤٣ ، بحار الانوار : ج ٧٠ ص ٩٦ ب ٤٧ ح ٣ ، وقريب منه في الكافي (اصول) : ج ٢ ص ٧٤ ح ٢ ووسائل الشيعة : ج ١٧ ص ٤٥ ب ١٢ ح ٢١٩٣٩.

١٣

لأنّ خطابه تعالى تابع للمصالح والحكم ، ومقتضيات الحكم والمصالح مختلفة ـ إلى أن قال : ـ هذا الكلام ممّا لا يرتاب في قبحه ، نظير أن يقال : انّ الأصل في الأجسام تساوي أن نسبة طبائعها إلى جهة السفل والعلو ،

______________________________________________________

موافقة لذلك الحكم الواقعي؟ وذلك (لأن خطابه تعالى تابع للمصالح والحكم).

ثمّ انّ قوله : «الحكم» جمع حكمة ، والفرق بين المصلحة والحكمة : انّ المصلحة يقصد بها في مثل هذا المقام : المصلحة في ذات الشيء مثل : مصلحة وجوب غسل الميت لتطهيره من نجاسته بالموت ، والحكمة في قبال المصلحة اذ انّها تطلق بملاحظة الامور الخارجية لا بملاحظة ذات الشيء ، مثل غسل جسد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجريان السنة (١) أي : لضرب القانون مع انّه طاهر مطهر حيّا وميتا ، وبهذا التعليل علّل عليّ عليه‌السلام غسل الرسول بعد موته مع انّه طاهر مطهر.

(و) من المعلوم : انّ (مقتضيات) بصيغة اسم المفعول (الحكم والمصالح مختلفة) فلا دليل على انّ حكم التتن في الواقع : الحل ، حتى نقول بأصالة تطابق الواقع مع البراءة الأصليّة ، فانّه قد تقتضي الحكمة أو المصلحة الوجوب فلا يمكن اجراء البراءة ، وقد تقتضي الحكمة والمصلحة الحرمة فلا يمكن اجراء أصل البراءة ايضا (الى أن قال : هذا الكلام ممّا لا يرتاب في قبحه) أحد ، والمراد بهذا الكلام : التطابق بين البراءة والحكم الواقعي في كلّ مورد شبهة.

وعليه : فهذا الكلام (نظير أن يقال : انّ الأصل في الأجسام تساوي نسبة طبائعها الى جهة السّفل والعلو) أي : أن الاجسام بطبيعتها لا ميل لها الى جانب

__________________

(١) ـ وسائل الشيعة : ج ٢ ص ٤٧٧ ب ١ ح ٢٦٩١ وفيه «وذا سنة».

١٤

ومن المعلوم بطلان هذا المقال.

ثم أقول : هذا الحديث المتواتر بين الفريقين المشتمل على حصر الامور في الثلاثة ، وحديث «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ، ونظائرهما ، أخرج كلّ واقعة لم يكن حكمها بيّنا عن البراءة الأصليّة وأوجب التوقّف فيها.

______________________________________________________

السفل ولا الى جانب العلو ، فهي لا تميل الى أحد الجانبين (ومن المعلوم : بطلان هذا المقال) لوضوح : انّ الجسم اذا كان خفيفا كان مائلا الى العلو كالنار والبخار واذا كان ثقيلا كان مائلا الى السفل كالحجر والمدر وكذلك في المقام فانّ الفعل انّ اشتمل على المصلحة وجب ، أو المفسدة حرم ، فلا يمكن أن يقال : انّه لا حكم في الواقع حتى يجري أصل البراءة في كلّ شبهة حكمية وجوبية أو تحريمية.

قال المحدّث المذكور : (ثمّ أقول هذا الحديث المتواتر بين الفريقين المشتمل على حصر الامور في الثلاثة) أي : في حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك (١) (وحديث : «دع ما يريبك الى ما لا يريبك» (٢) ونظائرهما) من أخبار الاحتياط والتوقف قد (أخرج كلّ واقعة لم يكن حكمها بيّنا) اخراجا (عن البراءة الأصليّة ، وأوجب التوقف فيها) أي : في كلّ واقعة.

وعليه : فحاصل «أقول» في قول المحدّث المذكور هو : انّه وانّ سلّمنا تطابق أصل البراءة مع الحكم الواقعي في الشبهتين : الوجوبية والتحريمية ، لكنا نقول :

__________________

(١) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٨ ح ١٠ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٠٢ ب ٢٢ ح ٥٢ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٦ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.

(٢) ـ غوالي اللئالي : ج ١ ص ٣٩٤ ح ٤٠ ، الذكرى : ص ١٣٨ ، الغارات : ص ١٣٥ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٦٧ ب ١٢ ح ٣٣٥٠٦ وص ١٧٠ ب ١٢ ح ٣٣٥١٧ ، كنز الفوائد : ج ١ ص ٣٥١.

١٥

ثمّ قال ، بعد أنّ الاحتياط قد يكون في محتمل الوجوب وقد يكون في محتمل الحرمة : «إنّ عادة العامّة والمتأخّرين من الخاصّة جرت بالتمسّك بالبراءة الأصليّة ، ولما أبطلنا جواز التمسّك بها في المقامين ، لعلمنا بأنّ الله أكمل لنا ديننا وعلمنا بأنّ كلّ واقعة يحتاج إليها ورد فيها خطاب قطعيّ من الله خال عن المعارض ،

______________________________________________________

ان الشارع رفع هذا الأصل بايجابه التوقف في الشبهات.

(ثمّ قال بعد) بيان (انّ الاحتياط قد يكون في محتمل الوجوب وقد يكون في محتمل الحرمة :) انّه يلزم علينا استثناء موردين من وجوب الاحتياط ، لأن الاحتياط لا يلزم في مورد يوجد فيه خبر قوي السند ظاهر في الندب ، وكذلك لا يلزم في مورد يوجد فيه خبر ضعيف السند دال على الوجوب ، وذلك لأن الخبر في المورد الأوّل ظاهر في عدم الوجوب والخبر حجّة ، والخبر في المورد الثاني وانّ كان ظاهرا في الوجوب ، الّا انّ ضعف سنده مانع عن العمل به ، فيعمل في مورده بحديث الحجب ، ويقال أن وجوبه محجوب عنّا ، فالحكم بالوجوب موضوع عنا.

ثمّ قال : (انّ عادة العامة والمتأخرين من الخاصة) ويريد المحدّث الاسترابادي بالمتأخرين : الاصوليين (جرت بالتمسك بالبراءة الأصليّة) في الشبهة الحكمية التحريمية والوجوبية (ولما أبطلنا جواز التمسك بها) أي : بالبراءة الأصليّة (في المقامين) : من محتمل الوجوب ومحتمل الحرمة (لعلمنا بأنّ الله أكمل لنا ديننا ، وعلمنا بأنّ كلّ واقعة يحتاج اليها ورد فيها خطاب قطعي من الله خال عن المعارض).

وإنّما قال : «خال عن المعارض» لانّه اذا كان في مورد خبران متعارضان

١٦

وبأنّ كلّ ما جاء به نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مخزون عند العترة الطاهرة عليهم‌السلام ، ولم يرخّصوا لنا في التمسّك بالبراءة الأصليّة ، بل أوجبوا التوقّف في كلّ ما لم يعلم حكمه ، وأوجبوا الاحتياط في بعض صوره ، فعلينا أن نبيّن ما يجب أن يفعل في المقامين ، وسنحقّقه فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

______________________________________________________

لم يكن من الله سبحانه وتعالى فيه بيان لنا.

(و) كذا لعلمنا (بأن كلّ ما جاء به نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مخزون عند العترة الطاهرة عليهم‌السلام) وانّ لم يصل الينا فقد قال عليّ عليه‌السلام : علّمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الف باب من العلم يفتح لي من كلّ باب ألف باب» (١) (ولم يرخصوا) عليهم‌السلام (لنا في التمسك بالبراءة الأصليّة ، بل أوجبوا التّوقف) والاحتياط بقولهم : «فانّ الوقوف عند الشّبهة خير من الاقتحام في الهلكة» (٢) (في كلّ ما لم يعلم حكمه) فلا يجوز لنا أن نحكم بشيء (وأوجبوا الاحتياط) في العمل (في بعض صوره) أي : صور الشك ، كما في صورة الشك في الحكم سواء كانت الشبهة وجوبية أو تحريمية ، بخلاف صورة الشك في الموضوع ، حيث انّ الأخباريين يرون عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الموضوعية وجوبية كانت أو تحريمية.

إذن : (فعلينا أن نبيّن ما يجب أن يفعل في المقامين) أي : مقام محتمل الوجوب ومقام محتمل الحرمة في الشبهة الحكمية (وسنحقّقه فيما يأتي إن شاء الله تعالى).

__________________

(١) ـ الخصال : ج ٢ ص ٦٤٧ ، تاريخ ابن كثير : ج ٧ ص ٣٦٠ ، تاريخ ابن عساكر : ج ٢ ح ١٠٠٣ ، بحار الانوار : ج ٢٢ ص ٤٦٢.

(٢) ـ كما جاء في رواية الزهري والسكوني وعبد الأعلى انظر الكافي (اصول) : ج ١ ص ٥٠ ح ٩ ، المحاسن : ص ٢١٥ ح ١٠٢ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٥٥ ب ١٢ ح ٣٣٤٦٥ وكما جاء في موثقة سعد بن زياد انظر تهذيب الاحكام : ج ٧ ص ٤٧٤ ب ٣٦ ح ١١٢ ، وسائل الشيعة : ج ٢٠ ص ٢٥٩ ب ١٥٧ ح ٧٣.

١٧

وذكر هناك ما حاصله : «وجوب الاحتياط عند تساوي احتمالي الأمر الوارد بين الوجوب والاستحباب ولو كان ظاهرا في الندب بنى على جواز الترك.

وكذا لو وردت رواية ضعيفة بوجوب شيء وتمسّك في ذلك بحديث : «ما حجب الله علمه» ، وحديث «رفع التسعة» ،

______________________________________________________

ولا يخفى : انّ كلام المحدّث الاسترابادي من قوله قبل أسطر : «بعد انّ الاحتياط قد يكون ...» تكرار لما سبق منه ، وانّما أعاده المصنّف مقدمة لذكر الموردين السابقين : مورد ضعف السند في الخبر الدال على الوجوب ، ومورد ضعف الدلالة في الخبر القوي السند الذي استثناهما المحدّث الاسترابادي من وجوب التوقف والاحتياط.

ثمّ الى هذا الاستثناء أشار المصنّف بقوله : (وذكر) المحدّث الاسترابادي (هناك) أي : في كتابه : الفوائد المدنية (ما حاصله : وجوب الاحتياط عند) اجمال الدليل بمعنى : (تساوي احتماليّ الأمر الوارد بين الوجوب والاستحباب) وهذا يجب فيه الاحتياط (و) أمّا (لو كان) الدليل (ظاهرا في الندب بنى على جواز التّرك) أي : ترك الاحتياط في مورده لأنّ الظواهر حجّة عند الاسترابادي (وكذا) يبنى على جواز الترك (لو وردت رواية ضعيفة بوجوب شيء) وهذان مورد الاستثناء (وتمسّك في ذلك) أي : في عدم الاحتياط في مورد الخبرين : الخبر الضعيف السند ، أو الضعيف الدلالة (بحديث : «ما حجب الله علمه) عن العباد فهو موضوع عنهم» (١) (وحديث : «رفع التسعة») حيث قال

__________________

(١) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ١٦٤ ح ٣ ، التوحيد : ص ٤١٣ ح ٩ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٦٣ ب ١٢ ح ٣٣٤٩٦ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٢٨٠ ب ٣٣ ح ٤٨.

١٨

قال : وخرج عن تحتهما كلّ فعل وجوديّ لم يقطع بجوازه بحديث التثليث».

أقول : قد عرفت فيما تقدّم في نقل كلام المحقق قدس‌سره ، أنّ التمسّك

______________________________________________________

النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رفع عن أمّتي تسع : ما لا يعلمون ...» (١) الى آخره.

ثمّ (قال) المحدّث الاسترابادي : (وخروج عن تحتهما) أي : خرج من عموم حديث «الحجب» وحديث «الرفع» (كلّ فعل وجودي) مشتبه الحرمة أي : (لم يقطع بجوازه).

فلا يقال : أنّ عموم حديث الحجب وحديث الرفع شامل للشبهة التحريمية ، فكيف تقولون أنتم الاخباريون بوجوب الاحتياط فيها؟ لأنا نقول : بأن الشبهة التحريمية خارجة عن تحت الحديثين المذكورين (ب) سبب (حديث التثليث) (٢) المتقدّم حيث جاء فيه : «انّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ حكمه الى الله ورسوله» (٣).

انتهى كلام المحدّث الاسترابادي.

(أقول :) أن البراءة التي يتمسك بها مشهور الاصوليين ليست هي البراءة الاصلية كما تصوره المحدّث الاسترابادي ، بل هي أصل تعبدي وحكم ظاهري معناها : القطع بنفي تنجّز التكليف وان ثبت واقعا ، وقد استدلوا لها بقبح العقاب بلا بيان ، فانّه كما (قد عرفت فيما تقدّم في نقل كلام المحقق قدس‌سره : انّ التمسك

__________________

(١) ـ تحف العقول : ص ٥٠ ، التوحيد : ص ٣٥٣ ح ٢٤ ، الخصال : ص ٤١٧.

(٢) ـ الفوائد المدنية : ص ١٣٨ وص ١٦١.

(٣) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٨ ح ١٠ ، تهذيب الأحكام : ج ٦ ص ٣٠٢ ب ٢٢ ح ٥٢ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٦ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.

١٩

بأصل البراءة منوط بدليل عقليّ هو قبح التكليف بما لا طريق إلى العلم به.

وهذا لا دخل له لاكمال الدين وعدمه ، ولكون الحسن والقبح أو الوجوب والتحريم عقليّين أو شرعيّين في ذلك ، والعمدة فيما ذكره هذا المحدّث من أوّله إلى آخره تخيّله أنّ مذهب المجتهدين التمسّك بالبراءة الأصليّة لنفي الحكم الواقعيّ ولم أجد أحدا يستدلّ بها على ذلك.

______________________________________________________

بأصل البراءة منوط بدليل عقلي هو : «قبح التكليف بما لا طريق الى العلم به») وذلك لقبح العقاب بلا بيان ، فاذا كان العقاب بلا بيان قبيحا والمفروض انّه لم يصل البيان الى المكلّف كان له أن يجري البراءة.

(وهذا) الدليل الذي ذكره المحقّق للبراءة وتبعه عليه غيره (لا دخل له لاكمال الدين وعدمه ، ولا لكون الحسن والقبح ، أو الوجوب والتحريم عقليين أو شرعيين) على ما ذكره المحدّث الاسترابادي ، اذ كلّ هذه الامور لا ربط لها (في ذلك) الذي ذكره الاصوليون من البراءة.

(و) حينئذ لا يكون كلام المحدّث الاسترابادي مربوطا بمسألة البراءة ، ولا ردا على المشهور اذ (العمدة فيما ذكره هذا المحدث من أوله الى آخره : تخيّله أنّ مذهب المجتهدين : التمسك بالبراءة الأصليّة لنفي الحكم الواقعي) حيث قال في عبارته المتقدّمة : «لعلمنا بأن الله أكمل لنا ديننا ، وعلمنا بأنّ كلّ واقعة يحتاج اليها ورد فيها خطاب قطعي من الله خال عن المعارض ، وبأنّ كلّ ما جاء به نبيّنا مخزون عند العترة الطاهرة» (ولم أجد أحدا يستدل بها) أي بالبراءة (على ذلك) أي : على نفي الحكم واقعا ، فانّ الاصوليين لا يريدون نفي الحكم واقعا ، وانّما يقولون : نتمسك بالبراءة لأنه حكم ظاهري قرّره العقل والشرع.

٢٠