وهب ان القرآن الكريم قال : ان زكريا طلب الولد لمجرد المحافظة على أن لا يرث مواليه أمواله فليس للكتابي أن يتفوه بالاعتراض على ذلك ويجعله خطيئة ينزه منها زكريا ، فإن زكريا مهما كان لا يكون أكمل ولا أبر ولا أعرف من ابراهيم خليل الله ، وهذه توراتهم تفصح عن انه جرى من ابراهيم في الحرص على الارث ما هو أشد من هذا ، حيث ذكرت ان الله جل اسمه قال لابراهيم : لا تخف يا ابرام انا ترس لك اجرك كثير جدا ، فقال ابرام : أيها السيد الرب ما ذا تعطيني وابن ملك بيتي هو اليعازر الدمشقي وقال ابرام : انك لم تعطني نسلا وهو ذا ابن بيتي وارث لي «تك ١٥ ، ١ ـ ٤».
ودع عنك ما في هذا الكلام من الرد على الله واحتقار عطاياه وأجره الكثير الموعود به مما عدا الولد الوارث للمال حتى العطاء والأجر الكثير جدا في الآخرة.
وقال الله تعالى في سورة آل عمران في شأن مريم أم المسيح عليهالسلام ٣٢ (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).
فأنكر المتكلف «يه ٢ ج ص ٣٦» ان زكريا كان يكفل مريم متشبثا لإنكاره ذلك بأنها كانت بنت هالي أو عالي من نسل داود ، وأنكر على القرآن الكريم لأجل قول المفسرين بأن الله تبارك شأنه كان يأتيها بفاكهة الجنة متشبثا بدعوى ان الجنة ليست محل أكل وشرب بل هي محل التسبيح والتقديس وكل تنعماتها روحية ، واستند في ذلك الى دعوى قول المسيح اجمالا ولم يذكره ولم يشر الى محله ، ثم قال ان هذه الاقوال مأخوذة من خرافات المسيحيين.
قلت : ان انجيل المتكلف يصرح بأن امرأة زكريا كانت من بنات هارون ، وانها نسيبة مريم ـ أي شريكتها في النسب ـ «لو ١ ، ٥ و ٣٦» ، ومقتضاه ان مريم هي من بنات هارون أيضا لأن أنساب بني اسرائيل كانت على ما يقال محفوظة متمايزة بحسب أسباطهم ، ولم يذكر الإنجيل ان مريم كانت بنت عالي أو هالي ، وإنما ذكر لوقا في نسب يوسف انه ابن هالي ، «لو ٣ ، ٢٣» ، ولكن بعضهم حاول أن يرفع التناقض الكثير بين متى ولوقا في نسب