القسم الثالث في اختلاف كتب العهدين في التاريخ
ولنذكر من ذلك مقامين :
الأول : قد جاء في الأناجيل في طرد النسب ما لفظه «شالح ابن قينان ابن ارفكشاد» «لو ٣ ، ٣٥ و ٣٦» فوافق التوراة السبعينية في زيادة قينان بين ارفكشاد وشالح» ، وخالف بذلك العبرانية والسامرية.
والمتكلف حاول التخلص من هذه الورطة فارتبك في التخليط ، وقال «يه ٣ ج ص ٢١٢» ، ذهب البعض الى ان موسى لم يذكره «أي قينان» لكي تكون الأجيال من آدم الى نوح عشرة ، ومن نوح الى ابراهيم عشرة لتكون أعلق بالأذهان.
قلت : ان الوحي وموسى عليهالسلام لم يكونا ليشوّها وجه التاريخ المسلسل ويهملا حقيقة قينان وتاريخه ويجعلا ذلك عثرة في سبيل التصديق بالوحي ، كل ذلك ليصفّا الآباء صفا شطرنجيا ، إذن قل كيف أقدم سبعون من علماء اليهود المنتخبين من الملة فزادوا قينان وخالفوا إرادة الوحي وموسى وكيف احتفل بترجمتهم عامة اليهود والمسيح والتلاميذ والأجيال القديمة من النصارى ، ولما ذا اقدم هؤلاء على تغيير وضع التوراة ونقض غرض الوحي وموسى ، ولما ذا رضي لهم قومهم واحتفلوا بترجمتهم ، أفلا تفهم من هذا ان اليهود لا يتوقفون عن العبث بكتب الوحي إذا حسن في أهوائهم بل يكون هذا العبث رائجا مقبولا في الملة.
ثم قال المتكلف : وذهب البعض إلى ان ارفكشاد كان أبا لشالح طبيعيا ، ولقينان شرعيا.
قلت : أظن هذا التوجيه ممن تقدمت الدنيا بكشفه عن هذا الغيب ، وليت شعري إذا كان قينان ابنا شرعيا ، فلما ذا أقحمته الترجمة السبعينية في سلسلة النسب والمواليد وجعلته مولودا من ارفكشاد ووالدا لشالح فتلاعبت بالتوراة وشوّهت التاريخ وشوشت التقويم بذكرها مقدار عمر قينان عند ما ولد شالح ، وكيف رضيت لهم الملة ذلك وقبلت منهم ذلك ، مع انه تلاعب بكتاب