أو تقول مثل ما قال المتكلف في هذا المقام ، فهذه الذبيحة هي لتأييد العهد الذي عقده الله مع ابراهيم فكانت عادة اليهود بل الامم أيضا عند ابرام عهد يذبحون الذبيحة إشارة الى ان من ينكث العهد يحل به سيف العدل الإلهي ، فالمولى سبحانه وتعالى تفضل وأعطاه هذه العلامة لتأييد العهد وتثبيت إيمانه وان الله سينجز ما وعده به.
إذن فهل حصل العلم بعقد الميثاق وتثبيت العهد بهذه العادة الاممية بسبب اشارتها التى جعلها سيف العدل الإلهي حوالة على الناكث؟ أم لم يحصل؟ ولما ذا يحصل فإن من لا يصدق بوعده لا يؤتمن على الوفاء بعهده.
والتوراة لم تذكر حصول العلم بواسطة هذا العهد ، ولعلها تقول أن قانون الفداء لم يترك وثوقا بمراقبة سيف العدل الإلهي ، إذ لعل العدل والقداسة وبغض الخطيئة والنكث للعهد تكون سببا لأن يكون ابراهيم فاديا وإن استعفى فيحمل عليه قصاص الناكث للعهد غفرانك اللهم جل شأنك وتعاليت عما يقولون.
ثم اعترض المتكلف على حديث الطيور في الآية الكريمة ودلالتها على حياتها واجتماع أوصالها بعد التفرق ، فقال : هذه الأقوال ليست من الأغلاط الفاحشة بل من الخرافات الخارجة عن حد المعقول.
قلت : إن كان لك إلمام بمعرفة أحوال المتكلف فأبن لي عن منشأ هذا الكلام هل هو هذيان مبرسم ، أو نفثة باح بها كامن الإلحاد وإنكار المعاد وقدرة الله ، وانطواء الاعتقاد على ان عود الأجسام والتئامها بعد تفرق أجزائها خارج عن حد المعقول ، وكيف يكون ذلك والمتكلف والمرسلون الامريكان يدّعون انهم أتباع المسيح الذي هو والعهد الجديد أيضا يحتجان على وقوع القيامة وعود الأجسام بعد تفرقها ، وينوهان بقدرة الله ، وهم يدعون انهم رسل الدين المسيحي لا رسل «داروين».
وقال الله جل اسمه في سورة الانعام ٧٤ : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).