اسماعيل وأولاده كان في برية سينا أو أرض كنعان أو ما يقاربها وإلا فإن أوضح الحجج التاريخية دالة على ان مسكن اسماعيل هي مكة ، وهو تسالم الأجيال المتسلسلة المتصلة المشتمل كل جيل منها على ألوف عديدة من الناس المختلفين في النسب المتشاجرين في المفاخرات.
ولعل ما تأتي إن شاء الله تتمة لهذا المقام عند ذكرنا لنسب رسول الله «ص».
وأما قول المتعرب ان التوراة تقول في موضع ثالث انه ـ أي اسماعيل ـ لما مات أبوه أتى فدفنه في مغارة المكفلية.
فيكفي في قمع أباطيله بيان ما فيه من التحريف القبيح ، الذي هو العمدة في زبرج الباطل ، وذلك ان لفظ «اتى» التي يموه بها أمره إنما هي زيادة على التوراة ، فانّ لفظها في شأن ابراهيم. وانضم الى قومه ، ودفنه اسحاق واسماعيل ابناه في مغارة المكفلية «تك ٢٥ ، ٨ و ٩».
رسالة هود الى عاد ، وصالح الى ثمود ، وشعيب
«الى مدين. وشئون هؤلاء»
وقد اقتص الله جل شأنه في القرآن الكريم شيئا من أنباء هؤلاء حسبما تقتضيه الموعظة والتذكير (١).
ولكن المتكلف والمتعرب لأجل ان توراتهما التي عرفت حالهما لم تذكر من ذلك شيئا تحاملا ببواعثهما على قدس القرآن الكريم فيما ذكره في شأن هؤلاء.
وحاصل ما عند المتكلف في معرفته «يه ٢ ج ص ٤٨ و ٤٩» هو انه لم يرد في كتبه ان هودا كان نبيا ، وانه ارسل الى قومه وكذلك لم يرد ان قومه هم عاد ، وان الحق الذي لا مرية فيه انه لم يرسل الله بين عصر نوح وبين عصر ابراهيم ، ولم يرد في التوراة ولا في الإنجيل ان الله أرسل نبيا اسمه صالح إلى ثمود من قبائل العرب ، فإن جميع الأنبياء والمرسلين كانوا من الامة الإسرائيلية في أرض اليهود.
__________________
(١) سورة الاعراف ٦٣ ـ ٩٢ ، وهود ٥٢ ـ ٩٩ ، والشعراء ١٢٣ ـ ١٩٠ ، والحاقة ٤ ـ ٩ وغير ذلك.