فأين «سايل» وأشباهه عن صراحة التوراة في قولها ، وان حصلت أذية تعطي نفسا بنفس وعينا بعين وسنا بسن ويدا بيد ورجلا برجل وكيا بكي وجرحا بجرح ورضا برض «خر ٢١ : ٢٣ ـ ٢٦».
وإذا احدث إنسان في قريبه عيبا فكما فعل كذلك يفعل به كسر بكسر وعين بعين وسن بسن ، كما أحدث عيبا في الإنسان كذلك يحدث فيه «لا ٢٤ : ١٩ و ٢٠» لا تشفق عينك نفس بنفس عين بعين ، سن بسن ، يد بيد ، رجل برجل.
وهلم الخطب في المتعرب فمع انه لا يستطيع ان يجر ذيل تمويهه الواهي على مثل هذه التأويلات المرغمة للصراحة ، والتي تكشف بمخائلها وشمائلها عن عدوى داء الالحاد ، ونفوذ القول بالطبيعة العمياء ، ومع انه قد شوه وجه بصيرته جذام هذا الداء صار يندد ويتهكم على مفسري المسلمين في وصولهم الى مقاصد القرآن الكريم في بارع اسلوبه الجاري على محاسن اللغة العربية وبدائع فذلكاتها في البلاغة من حيث الحذف لما تهدي إليه نورانية المقام ، وتحكم بحذفه براعة الكلام ، وسيحلو لذوقك إذ يجلو لك البيان إن شاء الله عنه صدأ الشبهات والمغالطات.
عدم الفهم لما يلزم تفهمه
ولك العبرة أيضا في عدم التدبر للمسموع والتساهل في التثبت في فهمه كما ينبغي ، ولندرج لك من ذلك ما وقع فيه خواص النصارى ونذكره في موردين «الأول» ذكر انجيلهم والتاريخ انه قد شاع بين التلاميذ ونصارى عصرهم ان يوحنا ابن زبدى الانجيلي لا يموت ، وذلك لعدم تثبتهم في فهم ما حكي لهم عن المسيح «انظر يو ٢١ : ٢٠ ـ ٢٤».
ولعل المنشأ في ذلك هو ان الضلال قد أشاع في تلك الأيام ما قرف به انجيل يوحنا «١٣ : ٢٣ ـ ٢٦» قدس المسيح بأنه كان يحب يوحنا بحيث يجلسه في حضنه ويبوح له بأسراره ويتوسل التلاميذ إليه به ، وإذا خاطب المسيح يتكئ على صدره ، فتوهموا بهذه الوسوسة ان المسيح منحه الحياة الدائمة كما كان