وفيه أيضا ان التلاميذ سألوا المسيح عن علامة مجيئه وانقضاء الدهر فأعطاهم علامات بضيق وفتن وأضاليل وحذّرهم وذكر لهم ان مجيئه يكون بغتة ، وقال : وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس ، والقمر لا يعطي ضوئه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماء تتزعزع ويبصرون ابن الإنسان ـ أي المسيح ـ آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الاربع الرياح من اقصاء السماء الى اقصاها ، الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله ، السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول ، وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا ملائكة السماء الى أبي وحده ، «مت ٢٤ ، ٣ ـ ٣٧ ـ وانظر مر ١٣ ، ٣ ـ ٣٣ ، ولو ٢١ ، ٧ ـ ٣٤».
وقد اضطرب المتكلف وأمثاله في المراد من هذا الكلام ، فمرة قالوا : ان المراد من ذلك مجيء المسيح ورجوعه في آخر الزمان وقالوا ان المراد بالجيل الذي لا ينقضي حتى يكون هذا كله هو الامة اليهودية والقبيلة الإسرائيلية وانها لا تزال موجودة الى مجيء المسيح ، ولذا ترى الترجمة الكلدانية المطبوعة في نيويورك ذكرت بدل لفظ الجيل لفظ «هوجاج» ـ أي القبيلة ـ ومرة قالوا ان المراد من مجيء المسيح هو انتشار النصرانية ، والمراد من الجيل هو الطبقة من الناس ، ولذا ذكر في التراجم العبرانية بلفظ «دور» وفي الفارسية بلفظ «طبقه» ، وفي الإنكليزية والفرنساوية بلفظ «جنراشن» وان هذه الحوادث علامة لخراب بيت المقدس ولفظها كناية عن حادثة «انطوخيوس ابيغانس» ووقيعته ونكايته في اليهود.
وما وقعوا بهذا الاضطراب والتمحلات الواهية إلا من اضطراب الأناجيل ، فان متى ذكر هذه الامور جوابا لسؤال التلاميذ من المسيح عن مجيئه وانقضاء الدهر.
ولوقا ذكرها جوابا لسؤالهم عن وقت خراب الهيكل بيت المقدس ، ومرقس شوش الأمر وقرن الإشارة بأسباب الابهام والانحلال فلم يربط أطراف كلامه ، فانظر «يه ٢ ج ص ٢٣٠ ـ ٢٣٣».