«الثاني» اشتباه بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى في سورة النجم : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) ، وان جماعة من محققي المفسرين كصاحب الكشاف وأمثاله فسروا القاب فيه بالقدر ، وقالوا : ان المعنى قدر قوسين واتفق اللغويون على تفسير القاب بالقدر كالقيب والقاد والقيد ، واقل ابن ربيعة المخزومي في شأن ناقته.
قصرت لها من جانب الحوض منشأ |
|
جديدا كقاب الشبر او هي أصغر |
وقال آخر :
ولكن تنحى جنبة بعد ما دنا |
|
فكان كقاب القوس او هو أنفس |
نعم : زاد بعض اللغويين في معنى القاب ، وذكر انه يقال لما بين مقبض القوس وسيته فلكل قوس على هذا المعنى قابان فأوقع ذلك جماعة من المفسرين بالاشتباه فحملوا عليه قوله تعالى قاب قوسين ، والتجئوا في تكلفهم هذا إلى دعوى القلب وقالوا : ان المراد قابى قوس فأقلقوا اللفظ وتقلبوا في المعنى ، وشذوا عن النهج من دون حاجة تلجئهم ولا دليل يساعدهم ، ولو نحروا رشدا لتركوا اللفظ على رسله ، والمعنى على مرماه ، ولو ان لهم قلوبا لما استهواهم الاشتباه إلى دعوى القلب ، مع ان المعنى المستقيم قد ذكره اللغويون في غرة ذكرهم لمعنى القاب.
ولكن المتعرب اغتنم اشتباه هذه الشرذمة فرصة في الاعتراض على القرآن الكريم وأوهم في كلامه انه قول المفسرين بل المسلمين جميعا كما اوهم في كلامه انه لا معنى للقاب إلا ما يلزم منه أن يكون للقوس قابان ، وقال في الآية الكريمة : الوجه قابى قوس ، «انظر ذ ٧٣» ، شاهت الوجوه التي ما بلها الحيا.
«الثالث» اشتباه جماعة من المفسرين في تفسير قوله تعالى في سورة الكهف ٧٨ (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) ، فقالوا : ان وراء فيها بمعنى «امام ، وقدام» واستشهدوا لذلك بقوله تعالى في سورة المؤمنون ١٠٢ (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ، وقوله تعالى في سورة البروج ٢٠ : (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ). والمتعرب اغتنم هذا الاشتباه فرصة الاعتراض على القرآن ، فأعاب استعمال لفظة وراء بمعنى امام وقدام ، وأنكر كون ذلك من