بل يقال لنا : ان هذا التقدم في المعرفة قد اخذ امتيازه المتكلف «يه ١ ج ص ١١١».
وأيضا لو كان سفر القضاة تصنيف صموئيل لكان ينبغي أن يتم فيه تاريخ بني اسرائيل الى زمان التصنيف ، ولا يقطعه في أثناء المدة الفاصلة بينه وبين تاريخ سفر يوشع فيقطعه على حرب بني اسرائيل لقبيلة بنيامين مع ان بين هذا الحرب وبين موت صموئيل بمقتضى تقويم أهل الكتاب نحو ثلاثمائة وست وأربعين سنة ، ولا أقل من أن يكمل التاريخ الى حين تمليك شاول ، ولا يقطعه قبل ذلك بنحو ثلاثمائة وعشرين سنة ، وهذا كاف في نفي نسبته الى صموئيل فضلا عما ذكرناه.
سفرا صموئيل
«ورابعا» لو أعرضنا عن جميع ما ذكرناه في أسفار العهد القديم لقلنا يكفي كون المصنف لكتاب صموئيل الأول مجهولا ، فيجوز أن يكون ممن يجوز عليه أن يكون جاهلا بقصة طالوت وجيشه في ابتلائهم بالنهر ، ولا تغتر بتسمية الكتاب باسم صموئيل فتقول انه تصنيف صموئيل النبي كما زعم المتكلف جازما به «يه ٤ ج ص ١١٧» قائلا ان سفري صموئيل النبي نزلا عليه وهما معنونان باسمه ، فان هذا من الغلط الفاحش وذلك لأن اوّل الاصحاح الخامس والعشرين من صموئيل الأول يذكر موت صموئيل النبي ، واستمر بعد ذلك في سبعة اصحاحات يذكر الحوادث التي وقعت بعد موته الى حين موت شاول فكيف يكون الكتاب تصنيف صموئيل النبي.
وزد على ذلك ان سفر صموئيل الثاني كله في تاريخ ما وقع بعد وفاة صموئيل النبي بعدة سنين.
فاعتبر بهذا وتفطن الى ان بعض الناس لا يتحاشون عن الجزم بنسبة الكتاب الى النبي وإن خالف المعقول ، ولله عليك بهذا حجة.
وقال الله جل اسمه في سورة الأنبياء ٧٨ (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ ٧٩ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ