الكلدانيين وسكن في حاران «١ ع ٧ ، ١ ـ ٥» ، وعلى هذا فلا بد أن يكون عمره الشريف حينما ظهر الله واوحى إليه بالهجرة اقل من خمس وسبعين سنة بمقدار سكناه في حاران وزيادة ، وبالإيمان لما دعى اطاع ان يخرج «عب ١١ ، ٨».
ويكفي من صارحة ما ذكرناه عن العهد الجديد انه يلزم منه ان يكون ابراهيم مؤمنا بالله نبيا موحى إليه قبل ما يأتي الى حاران ، وانك لتعلم من هذا ان مثل صاحب الرسالة في جرأته على خليل الله ومخالفته لكتب دينه ليروج أضاليله وأباطيله «كمثل كلب الأكراد يعض الضيف وصاحب المنزل».
وكيف كان فالحنيف في العربية هو من كان على حقيقة التوحيد وعبادة الحق. قال الجارود بن بشر من عبد القيس ، وكان نصرانيا فاسلم طوعا :
فأبلغ رسول الله مني رسالة |
|
بأني حنيف حيث كنت من الأرض |
وقال حسان بن ثابت يخاطب أبا سفيان :
هجوت محمدا برا حنيفا |
|
أمين الله شيمته الوفاء |
وأما استشهاد المتعرب «ذ ص ٨١ س ١٤» بحكاية قول «بسطام» النصراني لأخيه «ان كررت يا بجاد فانا حنيف» ، فلا شهادة فيه وإن صحت الحكاية ، فإن مراد بسطام تهديد أخيه بترك النصرانية وتثليثها ، والقول بتوحيد الحنفاء ، فانهم كانوا يقاومون التثليث والسجود للأيقونات والصور كما يقاومون الوثنية الصريحة.
وقال الله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ٢ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً).
فاعترض عليه المتعرب «ذ ص ٨٢» حيث قال بعض المفسرين ان «هل» بمعنى «قد» فقال : انا لا نجد لها هذا المعنى في شيء من كلام العرب ، وقال قبل ذلك ان المتبادر الى الذهن من هذا انه سؤال منكر.
فنقول أولا : ان حقيقة الاستفهام هو طلب الفهم ، وإنما يعرف كونه استفهام تقرير او إنكار إذا دل الحال او المقال على ذلك ، فمن أفحش الغلط